الرسالة الأصلية كتبت بواسطة Black Legend
الإعجاب بالشيء جزء من الطبيعة البشرية , خصوصاً لكل ما هو جميل ورائع ...
المفترض أن يكون الإعجاب باليابان وكوريا (ومن قبله أوروبا و أمريكا), يشجّع الناس ويحفزها للإبتكار ولإيجاد حلول لمشاكلنا التي لا تنتهي ... السكن, المواصلات, الصناعات, التكنولوجيا .. الخ ... وطبعاً هذا كلنا ما نتمناه أن تصبح أمتنا العربي والإسلامية.
لكن ما يحدث عندنا هو هوس حب المظاهر والتباهي , تعلم اللغة اليابانية من أجل لفت انتباه الآخرين , يعني ايش مقطّع نفسك وعارف كم كلمة وكم مثل ياباني, السفر إلى اليابان لكي أُظهر للغير بأني ذهبت إلى اليابان واستعرض قدرتي الشرائية , واشتري كم مانجا وكم أنيم أصلي ومجسم Gundam و Code Geass...
الناس ماخذة فكرة أن اليابان صارت متطورة في يوم وليلة, مو 50 سنة, ولأننا ناس عجليين وما عندنا صبر, نكتفي بشراء السلع اليابانية من الأجهزة الكهربائية إلى السيارات .. وبعدها ندّعي اننا صرنا احنا كمان متطورين .. وعندما تفشل عملية "النسخ-اللصق" هذه , نلقي أخطاءنا على الغير , الناس حاقدة علينا , القضاء والقدر , المؤامرة ... الخ
عمره التطور ما ييجي باسلوب "نسخ - لصق" , بل أخذ كل ما يفيدنا وترك كل ما نهانا عنه الدين
المهم . نقطة الأهم والأخطر في رأيي , أن هذا الهوس الجنوني إلى حد التقديس , وبحكم أن وضع عالمنا العربي والإسلامي سيء جداً لتعقيدات كثيرة من أيام الاستعمار , سيزيد مما يسميه علماء النفس (عقدة العار) و (عقدة النقص) ...
وذلك بكراهيته لذاته وللبيئة المحيطة به وإعتبار أن كل ما يتعلق ببلده من عادات وتقاليد .. وأحياناً الدين (إذا كان ارتباط بالدين ضعيف) هو سبب التخلف والغباء الحاصل في أمته , ويصبح يعتبر كل ما ينتجه اليابان هو التقدّم والتطور والنهضة ... الخ ... ثم يطالب في النهاية بالإنسلاخ الكامل عن ثقافته.. وهنا يتعرض لمطب التناقض لذاته !
الآن نرى هنا في المنتديات من يعتبر أن العربية تعقيد لا داعي له, ولا يرى ضرورة في تعلم العربية ... لكنه في نفسه الوقت مستعد لتعلم اليابانية التي تتجاوز أبجديتها الألف حرف وتعقدات الكتابة بها والتعبير بواسطتها !!
يعلم بأن الثقافة اليابانية تحتوي على الأفكار الغريبة و الشاذة جداً, فمثلاً العنف الدموي و السادي , والجنس اللامبرر لهما, و أحياناً نظرة الإنسان للكون والهدف من الحياة ... ثم يقول بأن هذا فكرهم وهم أحرار , ونحن لا نأخذ منهم هذه الأفكار ... ولكنه في نفس الوقت يناقض نفسه بترجمة الأنمي والمانجا دون قطع اللقطات الخادشة للحياة أو العنيفة بشكل غير مبرر .. أو تحريف العبارات الكفرية ... ما شاء الله عليه , يترجم بكل إخلاص وأمانة !
ثم بالنسبة الادعاء بأنهم أصحاب المبادئ والقيم , الأخلاق اليابانية والغربية بشكل عام , هي غالباً أخلاق اقتصادية , أي تتعلق بمجال العمل والاقتصاد فقط, لكن إن أتينا مثلاً إلى الأخلاق الأدبية أو الإجتماعية فسترى اختلافاً 180 درجة...
وإلا لما رأينا هذا الشذوذ في التفكير هو الجنس أو العنف المفرط مثلاً .. والأسوأ أن هذا الفكر موجود لدى اليابانيين منذ القرون الوسطى , ويتم التعبير عنه في الأعمال الأدبية والفنية !!! .. وحتى أخلاقهم بالنسبة للعمل والإقتصاد لا تكاد تخلو من الفكر الدارويني, أي شريعة الغاب , القوي يغلب على الضعيف , business is business
مشكلتنا تكمن , إما أن نأخذ من اليابانيين كل شيء , أو لا شيء إطلاقاً .. وهذا برأيي تفكير في قمة الغباء !
نعم هناك الكثير من القيم اليابانية رائعة .. لكن الأروع أن هذه القيم حثّ عليها الإسلام , فلماذا لا نعيد تفعيل هذه القيم ونطبقها في كل حياتنا العامة بدلاً أن تكون محصورة في العبادات الخمس فقط ؟..
للأسف الكثير فهم برنامج أحمد الشقيري على أنه المزيد من التقديس لليابان وتقليد اليابان في كل شيء , والأغلب , كل شيء لا يفيدنا , فقط من أجل المظاهر
ومن يقول بأن الأولى أن نتحدث عن اللعنة التركية , فأجيبه أنها نفس الوضع , مثلها مثل اللعنة اليابانية والكورية ومن قبلها الأوروبية والأمريكية ...
مفهومنا عن التطور , هو كما قاله د.عبد الوهاب المسيري , نسخ كل ما عند الغرب من فلسفات ومبادئ وقيم حرفياً بكل أمانة صدق , ولصقه عندنا , دون التأكد من فائدته الحقيقية لنا !
نفس أساليب الإنبهار والإنقياد الأعمى ...
نفس التقديس للغير ... والمطالبة بالإنسلاخ عن الثقافة العربية باعتبارها سبب التخلف , مع أن الأولى إعادة تجديد الشريعة الإسلامية وإعادة تطبيقها في الحياة العامة بأكملها ...
نفس الأخطاء
المفضلات