مشاهدة النتائج 1 الى 7 من 7
  1. #1

    كيف للنفس أن تحيا دون رغباتها ؟!



    attachment
    attachment



    attachment


    كما للإنسان أن لا يمكنه الاستغناء عن عضوٍ من أعضاءه الجسدية ، كذلك النفسُ البشرية لا غنى لها عن صفاتها المُكوّنة
    لها ، إذ وُجدت بداخلها فطريًا ..


    فالنفس أشبهُ بإطارٍ للوحة فنيّة مرسومة يصونها زجاجٌ يشفّ عما مُزجَ بها من عديدِ ألوان الصفات والرغبات المتفاعلة و
    المختلطة ببعضها ، التي تحرّكُ الفرد وتشدهُ إليها فترشده لما هو بحاجةٍ إليه من طعام وشراب أو عواطف حبٍ وكره أو اجتماع
    وانعزال أو .... الخ ، فلو كانت لوحة فارغة لما سُميّت لوحةً فنيّة ! ولما جذبت الناظرَ إليها .. بمعنى لولا اجتماع تلك الصفات
    والرغبات بالنفس لمّا سُميّت نفسًا بشرية ! ولما شدّت الفرد إليها وحفزّته على أعماله وتصرّفاته وسلوكيّاته .


    بل تعلّقَ الفرد وتشبثه بالحياة نابعٌ من دواخل النفسِ ونزعاتها ، فمن داخلها ينبعثُ الأمل والرغبة في العمل ، ليسعَ
    الإنسانُ في الأرض باحثاً عن عمل جاهدًا لكسب المال ، ويثابر ويجتهد للسعيِ نحو النجاح حتى يرضيَ ذاته ويشبعَ رغباته ..


    لكن ماذا لو هبّت رياحٌ عاتية فجرفت اللوحة من مكانها وأسقطتها على الأرض ، فخرج عنها إطارُها وتهشّم زُجاجها
    حيثُ كان حاميًا لها من الملوّثات الخارجية كغبار وأتربةٍ وما شابه ذلك ؟

    حينها ستفقد اللوحة معنى قيمتها الكاملة ، وتتزحزح الورقة عن مكانها .. فإن لم تمسك بها في الحال لذهبت أدراج الرياح
    بعيدًا عن متناول يدك ومرمى بصرك .. كذلك نفسك إن جعلتها تنقادُ نحو هواها وتنصاع لرغباتها دون قيود ، فإن لم
    تمسك بزمامها ستكون عبدًا لها تنساقُ خلفها حائرًا مائرًا دون هدف ، ولَقادَتكَ نحو الظلام بعيدًا عن النور ..


    إنّ النفس مجبولة على الحركة وقد اُمرت بالسكون وهو ابتلاؤها.. ولكي تضبط نفسك وتُسكنها داخل حدودها التي تصنعها
    أنت ، فتُسيّرها لتنقادَ لك :
    عليك أولاً أن تعرف نفسك جيّدًا وما تريده بواسطة عقلك ، فكما مُنح الإنسان الرغبة في كيانه
    فقد وُهب أيضًا العقل في كيانه العلوي ، ليميّز به بين الرغبات وتدافُعِها .. فيما إن كانت ضرورية للحياة أو طبيعية غير
    ضرورية ، أو غير طبيعية أو ضرورية ! ومن هنا يتطلّب منك الموازنة بين علاقة الرغبة و الإرادة لا أن تكون آمالاً
    فقط .. فبرغم الترادف بين الرغبة والإرادة إلا أنّ هناك فرق بين الأمل الذي هو رغبة غير مرتبطة بالعمل و الجهد ، في
    حين أنّ الإرادة مرتبطة بالفعل و السعي قدمًا لتحقيق المُراد . لذلك فإنّ الإرادة هي أن يختار الإنسان الشيء المُراد تحقيقه
    ، و يَسْمى بكل قُوَاهُ للوصول إليه لكن شريطة أن يكون هذا الشيء المرغوب ملائم للواقع و قابل للتنفيذ هكذا نلاحظ أنّ
    كل فعل مريد هو فعل عاقل ملائم للواقع ، ولا يكون خارج إرادة الإنسان ، أما المتمنيات فتكون كثيرة و منها ما لا يَمُت
    للعقل أو المنطق بصلة كتمنّي عودة الميت إلى الحياة . وخلاصة القول تبقى الإرادة قوة أخلاقيةً و جهدًا متعقلاً و واعيًا
    في حين الرغبة هي نزوع طبيعي مرتبط بالتمني ، لذا تبقى الإرادة عاجزة عن تحقيقه .. وبناءً على ذلك تُعالج الرغبة
    بالإرادة باعتبار الإرادة رغبة قابلة للتحقيق .


    لذا فكبح جماح النفس وشهواتها لا يكون بمحقِ الرغبات ودحضها دون إظهارها بتاتًا ، فحين يشعرُ الفرد بخطأٍ في رغبة
    اجتاحتهُ وقام بكبتها داخلهُ واحدةً تلوَ الأخرى ، حينها تتكدسُ الرغباتُ بداخل النفس وتناقضاتها ويحتدمُ الصراعُ فيما بينها
    حتى تتحول إلى طاقةٍ تفجيرية دون سابقِ إنذار .. فتلفظ النفس القيود وتعمدُ إلى تحقيق كل ما كانت محرومة منه ، وبعدها
    تصبح نفس المرءِ روحًا ذابلة لا تعي طريق الخير والصلاح ..

    لقد جاء الإسلام مُنقذاً للنفس البشرية الجامحة والذات الإنسانية من براثنِ شر رغباتها وشهواتها ، فلم يمنعها من رغباتها
    إنّما أتى ليوجّهها إلى الاتجاه الصحيح .. ولم يأتي لتُوجّه حسب رغبات الناس بل وضع لها قوالب تُصب فيها فلا يحق
    لكائنٍ من كان أن يوجّه هذه الرغبات إلا بدليلٍ من الكتاب والسنة ، فالذي خلق النفسَ هو الأعلمُ بما يصلحُ لها .


    فقد وجّه البشر إلى السّعيِ للعمل فيما يُرضي الله سبحانه لكسبِ المال الحلال بعيدًا عن الحرام ، وشرع الزواج بين الذكر
    والأنثى ليسير المرءُ على الدربِ السليم ، ورغّب بالصدقة على الفقراء والمحتاجين ، ووضعَ قوانينَ لكفّ النفس البشرية
    عن تجاوز هواها والانجرافِ نحو تيّارِ رغباتها ! دون تفكيرٍ لما يتجاوزُ مصلحتها ويكونَ سببًا في دمارها !


    وما يساعد على ضبط مُقومّات الطبيعة البشرية المحافظة على الصلوات المكتوبة ، لقوله جلّ في عُلاه :

    { وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } . العنكبوت / 45

    كذلك فرضَ الله سبحانه وتعالى الصيامَ على المرء شهرًا كاملاً ليساعدَ على تهذيب النفس البشرية وتقويم رغباتها ،
    فجعل عليه أجرًا وثوابًا عظيمًا لمن نجح في إتمامه وأحكمَ قيودهُ على رغبات نفسه ..

    ولا ننسى استحضار الله سبحانه في نفس الواحد منّا ، فحين نستشعر مراقبة الله لنا تخجل أنفسنا من سوء رغباتها وتخشى
    عدله الإلهي وعظمته .. ففي تقوى الله تكمن تقوى القلوب ..


    وعلينا بالدعاء وسؤالَ اللهِ سبحانه أن يرزقنا الهدى والصلاح فيعيننا على طاعته وتقواه .. عن ابن مسعودٍ - رضي الله
    عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول:
    « اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعَفَافَ، وَالغِنَى ». رواهُ مسلم .

    وأخيرًا وليس آخرًا : بعيدًا عن اللوحة الفنيّة ، هل رأيت كيف تطفو السفينة على الماء ؟
    قلبُ المرءِ وهوى نفسهِ نحو دنياهُ أشبهُ بها ؛ حيث من الطبيعي أن ترى السفينة على الماء زاهيةً بمنظرها لينعكسِ بريقها
    على سطح الماء ، لكن من الخطر أن ترى الماء يغمرُ السفينة فيجتاحها رويدًا رويدا .. حتى تصل غارقة إلى أظلم
    أعماقه ، لذا كن أنت في قلب الدنيا .. ولا تجعل الدنيا في قلبك .



    attachment

    إن أخطأتُ في شيء فما هي إلا نفسي .. وإن أصبتُ فهو إلهامٌ من رب العالمين ..


    وأخيرًا .. أشكر NĿP على لمستها الجميلة فيما أبدعته من تصميم ..~

    .
    .




    اخر تعديل كان بواسطة » The Lord of Dark في يوم » 31-12-2015 عند الساعة » 18:44 السبب: إضافة وسام موضوع مميز.

    إن الأماني وسط فكري لم تزل .. خلف أحلامي يغطيها الكسل
    لكنني قررت أن
    أمضي بها .. وقل اعملوا تُجنى الأماني بالعمل
    attachment



  2. ...

  3. #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
    مرحبًا ميراج..
    ماشاء الله استمتعت كثيرًا بقراءة موضوعك..
    منسق افكار مترابطة مافي توهان xD

    لذا فكبح جماح النفس وشهواتها لا يكون بمحقِ الرغبات ودحضها دون إظهارها بتاتًا ، فحين يشعرُ الفرد بخطأٍ في رغبة
    اجتاحتهُ وقام بكبتها داخلهُ واحدةً تلوَ الأخرى ، حينها تتكدسُ الرغباتُ بداخل النفس وتناقضاتها ويحتدمُ الصراعُ فيما بينها
    حتى تتحول إلى طاقةٍ تفجيرية دون سابقِ إنذار .. فتلفظ النفس القيود وتعمدُ إلى تحقيق كل ما كانت محرومة منه ، وبعدها
    تصبح نفس المرءِ روحًا ذابلة لا تعي طريق الخير والصلاح ..
    حقيقة.

    وما يساعد على ضبط مُقومّات الطبيعة البشرية المحافظة على الصلوات المكتوبة ، لقوله جلّ في عُلاه :
    { وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } . العنكبوت / 45
    كذلك فرضَ الله سبحانه وتعالى الصيامَ على المرء شهرًا كاملاً ليساعدَ على تهذيب النفس البشرية وتقويم رغباتها ،
    فجعل عليه أجرًا وثوابًا عظيمًا لمن نجح في إتمامه وأحكمَ قيودهُ على رغبات نفسه ..

    ولا ننسى استحضار الله سبحانه في نفس الواحد منّا ، فحين نستشعر مراقبة الله لنا تخجل أنفسنا من سوء رغباتها وتخشى
    عدله الإلهي وعظمته .. ففي تقوى الله تكمن تقوى القلوب ..

    وعلينا بالدعاء وسؤالَ اللهِ سبحانه أن يرزقنا الهدى والصلاح فيعيننا على طاعته وتقواه .. عن ابن مسعودٍ - رضي الله
    عنه: أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول: « اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعَفَافَ، وَالغِنَى ». رواهُ مسلم .
    ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))[النازعات:40-41]

    بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ( 16 ) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ( 17 ) - سورة الأعلى .

    شكرًا ميراج على الموضوع .. حبيت التنسيق والخلفية كمان 3": ... شكرًا نلبوتشي على التصاميم الرهيبة 3":

    لازم الإنسان يضع هدف امامه ..وهو الوصول للجنة فنحن لسنا مخلدون في الدنيا بالطبع نخطئ لكن يجب ان نجاهد انفسنا على عدم المعصية وتكون الجنة هي هدفنا .
    اخر تعديل كان بواسطة » E V A. في يوم » 11-05-2015 عند الساعة » 01:11
    5c18db67d518696d79d11a41997ae470

  4. #3
    وعليكم السلآم ورحمة الله وبركآته ..
    موضوع رآئع وتنسيق جميل وتسلسل الأفكآر مميّز .. embarrassed
    صدقتي , نحن لم نُخلق لإتبآع رغبآت النفس بل لهدفٍ أسمى لآ يمكن بلوغه إلآ بإجتيآز هذه الرغبآت وتقويمهآ ..
    ومرآقبة الله في أفعآلنآ هي الأسآس في ذلك ..

    بوركَ طرحكِ المميّز وبانتظآر المزيد من إبدآعك .. embarrassed
    دمتي بود ..^ ^


    * سُبْحَآنَ اللهِ وَ بِحَمْدِهِ . . سُبْحَآنَ اللهِ العَظِيـمْ . . ~

  5. #4
    و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ~

    الموضوع جميل و طرحه رائع ،اعجبني تشبيه النفس باللوحة الفنية بما فيه من مشاعر و رغبات
    في الواقع قد يقع المرئ في شباك شهواته ،قد يتشقق ذاك الزجاج وهذا امر ليس بمستبعد
    فنحن بشر قد نخطئ ، قد نصيب ،وربنا اعلم بنا لذا جعل باب التوبة مفتوح
    و مما لا شك فيه ان الجميع لهم رغبات و امال غير واقعية ،خيالية بالاحرى ..
    لذا كما قلت يجب على الشخص ان يميز بين الصواب والخطأ، هذا ايضا ما يميزنا نحن البشر
    لكن ،ان لم يكن الشخص يعلم حقا ما يريد،فماذا يفعل !!، انا حقا لا اعلم ..
    .
    .

    تتميزين بمقالاتك الرائعة ماجي embarrassed كما تميزت نلب بتصاميمها المذهلة ..*^*

    دمت بحفظ الله ~
    ]~*~*~
    سبحان الله و بحمده ~سبحان الله العظيم
    من لا يعرف ستاروز ........ يعش أبد الدهر بين الحفر


  6. #5
    وعليكم السلام ..

    موضوع جميل ..

    استمتعت بقرائته ..

    وما لفت نظري :

    تشبيهاتك الرائعة ..وتشعر القارئ بروعه التصوير ..

    وكلماتك المتناسقة ..الهادئة
    واتمنى المزيد من موضوعاتك .

  7. #6
    لقد جاء الإسلام مُنقذاً للنفس البشرية الجامحة والذات الإنسانية من براثنِ شر رغباتها وشهواتها ، فلم يمنعها من رغباتها
    إنّما أتى ليوجّهها إلى الاتجاه الصحيح
    كتابة راااائعة جداً

    شكراً لك
    b72112a65182b5dae806e2b783323219
    ,


    ربي هب لي من لدنك رحمة وهيئ لي من أمري رشدا

  8. #7
    الـسلام علسكم ورحمة الله وبركاتة

    كـيفك اخى/اختي أن شا الله بخير

    كلـمات من الماس التقطتها من موضوعك

    وأسـقيتو نفسي بجمال الكلماتك

    ولا تـوجد كلماتك اكتبها الا اجمل الكلام في العالم

    لـذلك يقول الله في قرآن للنفس فازت بالجنان

    {}{يا ايتها النفس المطمئنة *ارجعي الى ربك راضية مرضية *فأدخلي في عبادي* وأدخلي جنتي }{}
    ✿استغفرك رب و اتوب اليك✿
    ✿✿✿
    ✿لا اله الا انت سبحانك ان كنت من الظالمين ✿
    :::::::::::::::::::

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter