.
.
[ لقد حان الوقت ، عليك أن تلاقينا هناك! عند كهف الجنيات! ]
هذا الصوت الخفي أيقظ هشام من نومه ، فجلس واجمًا لوهلة لا يدري إن كان ما سمعه حُلمًا أم حقيقة؟
لذا أسرع لينهض وينتعل حذائه و يتدثر بمعطفه القطني و يخرج نحو الكهف المقصود ، حاملاً بيده قنديلًا.
- لعله كابوس!
أخذ هشام يحدث نفسه و يفكر ...
و مع ذلك فهذه الأحاديث التي تجول في رأسه لم تلهه عن متابعة الطريق في الأزقه
الملتوية المؤدية إلى بوابة القرية السفلية
عندما اجتازها أخيرًا طالعته التلة الحمراء و هي غائمة في بنفسج السحر،
ليتطلّع للأفق من وراء القرية ، و هو يتلون بورد الصباح أرجوانا ممزوجاً بزرقة ساحرة .
تابع سيره نحو النهر الجاري و عبر إلى الضفّة الأخرى ليستوقفه منظرٌ آخر،
كان وادياً تظلّه الأشجار بينما يجري من تحته الماء و على الرغم من أنه علامات الهجران نالت
منه ما نالت، إلا أن نفس هشام تعلّقت بالنظر إليه و أطالت حتى تبيّن كهفاً مظلماً يقبع قُربه ..
سمع صوتا واهناً يصدر منه ، أرهف السمع ، و تأكد إنه الصوت ذاته الذي أيقظه من منامه
و لا شكّ ظل هشام حبيس مكانه لبرهة ، و الأفكار تزدحم في رأسه :
هل يتقدم ؟ أم يتراجع؟ هل يا تُراه أخطأ بالقدوم ؟ و عليه العودة ؟
تسارعت دقات قلبه ، قبل أن يتخذ قراره الحازم و يتقدم نحو الكهف ليدخله.
كان الكهفُ غريبًا، فقد بدا له كسماء في ليلة بهيمة الظُلمة، و على الرغم من ذلك فإنها
و بشكلٍ غريب تلمع بما لا حصر له من النجوم
نجوم ؟
بل لحظة، لم يدرك هشام كنه هذه الأشياء التي تلمع و تتحرك في الظلام ؟!
ليهتف صوتٌ قريب:
- إنه هو !! هذا هو!! انظروا !
حلق حشد كبير من الجنيات ذات الجناحين حول الصبي و الدهشة تعلوه .. عالم الجنيات الخفي !
قاطعته جنية ثلجيّة :
- أهلا لقد كنا بانتظارك ^.^
همس هشام و الدهشة قد حازت معالم وجهه :
- لـ .. لكن من أنتنّ؟! هل أنتنّ موجودات فعلًا ؟!
، و أخذ يدعك عينيه غير مصدق!
هتفت جنية ناريّة بعجل :
- نحنُ الجنيات! بناتُ هذا الكهف! نحن لم ننقرض بعد !
لم تكن صدمة هشام قد انتهت بعد إذ و كيف يمكن؟ و قد ظهر له شيء آخر .. مرمي في منتصف الكهف
حيث كان كتابًا أزرقًا كصفحة من بحر .. مزينٌ بنقش ذهبي مشع، قَرَأَ هشام عنوان الكِتاب :
على تِلال قِرْمزيّة يَتناثَر رَحيق الجنيات
قالت إحدى الجنيات دون أن تترك مجالًا لأية حديث:
- نحن .. بصراحة .. نريدك أن تساعدنا !
تفرّس هشام في كلماتها مستفهمًا، و ما هي إلا ثوانٍ حتى أفصحت عن ماهية المساعدة
إذ أكملت:
- اقرأ لنا هذا !
و أشارت بيدها الدقيقة اللامعة نحو الكتاب.
لم يفكر هشام و لم يرد .. و إنما تقدم بهدوء .. ليجلس على الأرض و يضع قنديله بجانبه
و هبّ ممسكًا ذلك الكتاب ... لينتشين الجنيات فرحًا و يتحلّقن حوله بلهفة !
.
.
المفضلات