الصفحة رقم 2 من 4 البدايةالبداية 1234 الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 21 الى 40 من 65
  1. #21
    شكرا اخي

    الحقيقة انا احب ادرس المعارك والخطط والاراء السياسية
    شكرا على هذا الشرح ومخططات وخرائط القتال والمعارك
    وانا انتظر المزيد بعرف ما بتقصر

    شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
    يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
    معلقٌ أنا على مشانق الصباح
    و جبهتي بالموت محنية .. لأنني لم أحنها حياً


  2. ...

  3. #22
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة aaskh مشاهدة المشاركة
    شكرا اخي

    الحقيقة انا احب ادرس المعارك والخطط والاراء السياسية
    شكرا على هذا الشرح ومخططات وخرائط القتال والمعارك
    وانا انتظر المزيد بعرف ما بتقصر

    شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
    مشكورة أختي الكريمة على إطرائكي الطيب و أبلغ تحياتي للأحباء في فلسطين المحتلة . . . . . و أتمنى أن تستفيدي من المعلومات . . . . . و إن شاء الله تتحرر فلسطين من الصليبين الحاقدين . . . . . لأن فلسطين هي قضيتنا الأولى و الأخيرة .

    تحياتي للجميع

  4. #23
    28- الإنزال في جزيرتي تولاغي و غافوتو (( Tulagi & Gavutu Islands )) :-


    كانت طائرات الاستكشاف الأميركية و فئة من الحراس الاستراليين قد أكدوا أن المطار الياباني في جزيرة غوادالقنال سينتهي العمل فيه في بداية شهر أغسطس حدث ذلك في شهر يوليو من عام 1942م في الوقت الذي هاجم فيه اليابانيون جزيرة غينيا الجديدة تقريباً .

    و بما أن اليابانيين استولوا من قبل على جزيرة تولاجي القريبة من جزيرة غوادالقنال فقد بادروا إلى بناء مطار في جزيرة غوادالقنال من الجانب الآخر من المضيق .

    و هناك غادرت الفرقة الأولى للرماة الأميركيين التي يقودها الجنرال ألكسندر . و في 7/8/1942م هبط الرماة البحريون في جزيرة غوادالقنال و في الجزر المجاورة ، تولاغي ، غافوتو و تانامبوغو . و في يومين اثنين أتم 18000 ألف من الرماة احتلال ثلاث من الجزر . أما جزيرة غوادالقنال فقد جرت من أجلها معركة استمرت ستة أشهر .

    300px-TulagiBeachBlue
    جنود مشاة البحرية يثبتون أقدامهم على شواطيء جزيرة تولاغي .

  5. #24
    29- معركة غوادالقنال (( Guadalcanal )) :-


    في 7/8/1942م باشر الأميركيون قصفاً دام ثلاث ساعات على جزيرة غوادالقنال تحضيراً لأول إنزال بري ضخم ، بين الجزر الواقعة في أيدي اليابانيين .

    كان هناك ألفا ياباني على الجزيرة و معظمهم كانوا من عمال البناء المسالمين ، لم يقاوموا هجوماً شنه 11000 جندي من مشاة البحرية الأميركية .

    سيطر الأميركيون على جزءٍ من جزيرة غوادالقنال و على مدرجها بسهولة ، مع أن اليابانيون تفاجأوا بذلك الإنزال البحري ، إلا أنهم استجابوا بسرعة فأرسلوا الطائرات لمنع الأميركيين من جلب التعزيزات ، انسحبت كل السفن الأميركية المعرضة للهجوم في هذه المنطقة .

    استفاد اليابانيون من قواعدهم القريبة من جزر السالمون ، فقد دعمت بقواعد بحرية و جوية متقدمة في شمالي السالمون ، هذه القواعد كانت مركزاً هاماً من أجل المعارك الجوية و البحرية التي تجري حول غوادالقنال ، و أما في جو الجزيرة فقد كانت هدفاً لمعارك جوية رهيبة . لقد كانت المعركة الجوية في سماء جزيرة غوادالقنال قد جرت من أجل اعتراض النجدات و المؤن أو لتأمين وصولها .


    معارك بحرية قرب جزيرة غوادالقنال


    في صباح 9/8/1942م ، كان الأميرال الياباني غونوشي ميكاوا يقود سرباً مؤلفاً من خمس مدمرات ثقيلة و مدمرتين خفيفتين و طراداً واحداً في المضيق الذي يفصل بين جزيرة غوادالقنال و جزيرة سافو من أجل القضاء على عمليات النزول الأميركية التي نزلت على شواطيء جزيرتي سافو و غوادالقنال .

    كانت القوة اليابانية تحاول مهاجمة جزيرة سافو إلا أنها باءت بالفشل ، و بعد معركة بحرية رهيبة استطاعوا أن يغرقوا ثلاث مدمرات أميركية و مدمرة استرالية ، بعد ذلك عاد أسطول ميكاوا من حيث أتى . لكن البحرية الأميركية تصدت له بعد أن تكبدت خسائر فادحة .


    battmap
    الخريطة تبين المعارك البحرية التي دارت قرب جزيرة غوادالقنال و الخريطة الصغيرة على اليسار تبين جزر سليمان عن بعد ( السالمون ) .


    الصراع العنيف على جزيرة غوادالقنال


    اعتبرت معركة غوادالقنال هي أول هجوم أميركي معاكس في المحيط الهاديء . بعد أن عاد الأميرال الياباني ميكاوا من معركة جزيرة سافو و التي بسببها انسحب الأسطول الأميركي بعد أن أفرغ بعض حمولته و ترك الرماة البحارة الأميركيين لمصيرهم .

    هنا وجد الرماة البحارة أنفسهم أمام مهمة على مستواهم . لقد سيطروا على شريط ساحلي طوله 11 كلم و عمقه 6 كلم في جزيرة طولها 140 كلم و عرضها 40 كلم .

    و خلال أيام انتهى العمل في القطعة الثمينة من الأرض التي أطلق عليها اسم هندرسن نسبة للرائد هندرسن و هو طيار في وحدة بحرية قتل في الهجوم على حاملات الطائرات اليابانية في معركة ميداوي البحرية .

    لقد أصبحت هذه الأرض صالحة للعمليات الحربية . يبقى أن نرى أياً من الطرفين يستطيع أن يأتي بكمية أكبر من النجدات و المؤن لجيشه في جزيرة غوادالقنال . أما اليابانيون فقد كانوا يسيطرون في البداية على البحر و الجو . و لكن منذ أن أصبح مطار هندرسن صالحاً للعمل تغير الموقف . إن القاذفات المنقضة و المطاردات التابعة للبحرية الأميركية و القلاع الطائرة التابعة للجيش كانت سيدة الموقف حول جزيرة غوادالقنال أثناء النهار . أما الليل فكان لمصلحة اليابانيين . و أصبح في وسع الأميركيين أن ينزلوا أسلحةً و رجالاً دون أن يتكبدوا خسائر كبيرة خلال النهار كله و بالعكس بالنسبة لليابانيين فقد كانوا يمدون مواقعهم أثناء الليل .

    كان هناك قوات يابانية تفوق القوات الأميركية في عددها ، حيث كانت متمركزة خلف مطار هندرسن ، أصبح الرماة البحريين مهددين لأي هجوم من الأمام و من الخلف .


    الهجوم الياباني الانتحاري على مطار هندرسن


    إن أرض مطار هندرسن في جزيرة غوادالقنال كان دائماً موضع اهتمام الجميع . لقد كان بقاء الرماة البحارة الأميركيين في هذا المطار هو مسألة حيوية بالنسبة إليهم لأنه الوسيلة الوحيدة لضمان حماية جوية فوق الجزيرة ، أما اليابانيون فقد كانوا يعتقدون أن في وسعهم إلقاء الرماة البحارة الأميركيين إلى البحر فيما إذا استولوا على هذا المطار .

    لقد صُدم الأميركيون من ضراوة مقاومة اليابانيين ، ففي 28/8/1942م و بعد أسبوعين على الإنزال الأميركي في جزيرة غوادالقنال ، شن اليابانيون هجوماً انتحارياً بهدف استرجاع مطار هندرسن ، انسحب جنود مشاة البحرية إلى المطار و اختبأوا فيه ، و من هناك شارك ما تبقى من الرماة البحريين في معركة شرسة ، على الرغم من أن عدد اليابانيين كان يفوقهم بأربعة أضعاف ، سقط نحو ألف جندي ياباني ، حيث قللت الإستخبارات البحرية الأميركية من قدرة القوات اليابانية على القتال ، في إحدى المعارك واجه 700 جندي من مشاة البحرية الأميركية ألفي جندي ياباني .

    فقد تشبث الرماة البحريون الأميركيون في المطار رغم المدفعية التي كانت تصليهم ناراً حامية ابتداءاً من البوارج حتى المدافع و مروراً بالطائرات و بذلك تقدم اليابانيون بقوة و أصبحوا يشرفون على المرتفعات المحيطة بالمطار .



    الخريطة تبين جزيرة غوادالقنال و مراحل العمليات الهجومية القتالية للقوات اليابانية .


    معارك دموية في قمة إيدسون


    لقد سميت معركة غوادالقنال بعملية ( كاكتوس ) . لقد كانت معركة غوادالقنال من أشد معارك الباسيفيك و أكثرها غموضاً ، وكان على الأميركيين أن يقاتلوا فيها اليابانيين و أخطار الطبيعة أيضاً .

    عندما غادرت الفرقة الأولى للرماة البحريين للنزول في جزيرة غوادالقنال ، كانت المقاومة ضعيفة ، لم يلبث اليابانيون حتى ضاعفوا مقاومتهم فأصبحت عنيفة شديدة و مع أن أياً من الجانبين لم يحرز نصراً تاماً .

    غادرت السفن الأميركية المعرضة للهجوم و التي هزمت في معركة جزيرة سافو البحرية ، تاركةً الرجال الباقين على الجزيرة في موقفٍ صعب ، كما تعرضت الجزيرة لقصفٍ ليلي من السفن اليابانية و هجمات انتحارية على مطار هندرسن .

    كان على مشاة البحرية الأميركية أن يدافعوا عن جزيرة غوادالقنال بموارد ضئيلة جداً ، أصيب ثمانية آلاف رجل بداء الملاريا ، و لكن ثلاثة فقط ماتوا بسببها ، حارب اليابانيون المرض أيضاً ، و لكن بسبب نقص الأدوية توفي تسعة آلاف رجل .

    في 2/9/1942م بدأ اليابانيون بقصف المواقع الأميركية في جزيرة غوادالقنال عن طريق السفن الحربية اليابانية .

    و بعد يومين شن اليابانيون هجوماً انتحارياً واسع النطاق عن طريق القمم الجبلية القريبة من مطار هندرسن حيث كان اليابانيون مهرة جداً في إصابة الهدف ، لم يكن عدد قوات مشاة البحرية كافياً لشن هجومٍ مضاد ، و كان عليهم تحمل عمليات القصف و الاحتلال ، لقد قضى بعض الرماة البحارة الأميركيين 19 يوماً في الغابات .
    خاض اليابانيون و الأميركيون أعنف المعارك في قمة إيدسون ، إحدى القمم الجبلية القريبة من مطار هندرسن ، في شهر سبتمبر .

    في البر خاض الرماة البحريون مواجهات و معارك قاسية و قد تنافس المراسلون الحربيون في وصف هذه المعارك الرهيبة ، فتحدثوا طويلاً عن كثافة النيران و الأوبئة و أمراض المناخ الإستوائي و التذابح العجيب بين الجنود الأميركيين و اليابانيين و اشتباكات الدبابات و فنون من البطولة و الشجاعة و الخوف و الضجر و الوحدة في الغابات الإستوائية الرهيبة حيث تشيع ظلمة دائمة .

    و يؤكد أحد المراسلين الحربيين و هو يتحدث عن تلك الأيام القاسية : (( إن المتعادين من الجنود كانوا في بعض الأوقات يتواجهون عن قرب في الليل و النهار ، أما في الليل فإن أحد الفريقين يسمع همسات الفريق الآخر و وشوشاته و أما في النهار فإن مظاهر القسوة الرهيبة تحول الجنود إلى مجانين أو أنصاف مجانين ، يضاف إلى ذلك البرد و الحرارة و الوحل و القذر و البرغش و أنواع مختلفة من الحشرات و الألوف من الجثث التي تخشبت عبر الوديان و الجبال و السهول ، و قد يصاب الأحياء من الجنود بحالة من الإعياء و الرهق بحيث أنهم كانوا يتمنون أن يكونوا بين الأموات )) .

    و يضيف آخر : (( إن الآلام التي تكبدها الأميركيون و المتاعب التي واجهوها هي أشد كثيراً من الخسائر في الأرواح )) .



    DeadJapaneseSoldier
    ridge
    مئات القتلى اليابانيين قضوا في الهجوم على قمة إيدسون .


    عودة إلى هجمات اليابانيين على مطار هندرسن


    كاد اليابانيون عدة مرات أن يستولوا على المطار و أن يحطموا طائراته و مستودعات الوقود فيه و مدرجاته وورشات الإصلاح و إن كانوا قد دخلوا فيه و أحدثوا بعض التخريبات ، لقد واجه الأميركيون عدواً يفضل الانتحار على الاستسلام .

    و بعد الهجمات التي قام بها اليابانيون خلال شهري أغسطس و سبتمبر توقفوا على مشارف مطار هندرسن بعد معارك رهيبة ، فليس بعيداً عن المنطق و الواقع أن نفسر البطولات الخارقة التي قام بها الرماة البحريون للدفاع عن مطار هندرسن و التي كانت تحدث في بعض الأوقات على أنها الوسيلة الوحيدة التي كان يتخلص بها الجندي الخائف المتعب من حياته البائسة آنذاك .

    لكن اليابانيون تابعوا معركتهم للسيطرة على الجزيرة التي لم تسقط كلياً ، إلا بعد أن احتلها الأميركيون بنحو عام .

    لقد أطلق الأميرال الياباني ريزو تناكا أسطوله الكبير من الطرادات و ناقلات الجند في الفترة من 12 إلى 15/11/1942م ، وسط جزر السالمون لغرض إرهاق الأميركيين و تموين الجيش الياباني البري في جزيرة غوادالقنال و تدعيمه . لكن القاذفات و المدمرات الأميركية هاجمت سفن تناكا أثناء عودتها فأمطرتها بالقنابل و شنت هجوماً عنيفاً على القوات اليابانية الهابطة فكبدتها بعض الخسائر .

    لقد كان عدد السفن المغرقة لدى الطرفين كبيراً بحيث أن الرماة أطلقوا على المياه المجاورة لجزيرة غوادالقنال اسم ( الخليج ذو الأعماق الفولاذية ) .


    Image22
    رسمة إحدى الجنود الأميركيين و هو يصف المعركة في يوم 27/9/1942م و هي إحدى عمليات الكوماندوز الأميركي خلف خطوط العدو التابعة للكتيبة الأولى و تعدادها 500 جندي .


    يتبع

  6. #25
    تابع . . .


    إخلاء القوات اليابانية من الجزيرة


    الحالة في جزيرة غوادالقنال أن الطرفين قد أصيبا بخسائر كبيرة ، إن الفترة الطويلة التي قضاها الطرفان و التي استمرت من شهر أغسطس 1942م إلى شهر يناير 1943م قد تخللتها معارك كبيرة في بر الجزيرة ، فقد تعرض اليابانيون و الرماة البحريين لخسائر دامية خلال معارك قاسية سجلت أسماؤها في التاريخ العسكري : معارك مطار هندرسن ، قمة إيدسون و نهر ماتانيكو .

    حينما نقلت إلى الرماة البحريين الأميركيين نجدات جديدة من المشاة كان على رأسها القائد الأميركي الجديد ألكسندر باتش الذي وكلت إليه قيادة كل القوات البرية بينما أقيل الأميرال الأميركي غورملي ليأتي مكانه الأميرال الأميركي وليم بول هالسي .

    قام المشاة و الرماة البحريون الأميركيون بهجوم منذ نهاية شهر يناير عام 1943م حتى بداية شهر فبراير من ذلك العام و انتهى بإنسحاب اليابانيين من الجزيرة الذي جاء بمثابة الفرج للأميركيين .

    هكذا لم يبق أمام اليابانيين سوى الموت أو الإستسلام أو الإنسحاب . لقد اختار بعضهم الكفاح حتى الموت ، و اختار آخرون القيام بحملات انتحارية و هم ينشدون النشيد الإمبراطوري دون أن يطمحوا إلى أي غرض غير الموت بنار الأميركيين ، و كان بعض الجنود اليابانيين يحرقون أنفسهم أحياء إنفةً من الإستسلام ، و كانوا يستميتون في قتالهم و في دفاعهم عن مواقعهم إلى حد التصميم على الانتحار إذا جاز التعبير .

    في النهاية قام الأميرال الياباني تناكا و اقتحم الحصار الذي ضربه الأميركيون في بحر جزر السالمون من حوله و استمرت المحاولة ثلاث ليالٍ من 7 إلى 9/2/1943م فنجح نجاحاً باهراً في نقل 16000 ألف ياباني من جزيرة غوادالقنال ، و انتهت المعركة و سقطت جزيرة غوادالقنال بأيدي الأميركيين .

  7. #26

    30- العملية الزرقاء (( Opeartion Blue )) :-

    بدأ الهجوم الألماني الذي أطلقوا عليه العملية الزرقاء و كان مضمون هذا الهجوم هو غزو بلاد القرم و القوقاز ، ففي بداية شهر يوليو عام 1942م وصلت جيوش المحور إلى حوض الدون . إنه الجيش الأول المدرع ثم السابع عشر و الثالث الرومانيان .

    فقد تقدمت قوات المحور و اخترقت جبهة القوات السوفياتية و وصلت إلى مشارف مدينة روستوف ، ثم هاجم جنود المحور المدينة و استطاعوا السيطرة عليها بعد قتال شرس ، و بهذا الهجوم استرجعت مدينة روستوف و اتجهت جيوش المحور نحو الشمال .


    أطول حصار في التاريخ الحديث


    بدأ أطول حصار عرف في العصور الحديثة على مدينة ليننجراد . لقد كتب لهذا الحصار أن يستمر 29 شهراً و أن يسبب وفاة 900000 ألف إنسان من سكان المدينة و عدتهم ثلاثة ملايين . و في أواخر سنة 1941م أمر هتلر بإبادة هذه المدينة من على وجه الأرض . كتب هتلر يقول : (( في هذه الحرب المصيرية لا نملك أي مبرر للحفاظ حتى على قسم من سكانها )) . و انتشرت المجاعة في المدينة ، الإعاشة كانت تقل في كل يوم ، و أصبح الجرحى يموتون نظراً لعدم توفر العلاج .

    و بذلك زادت نسبة الوفيات بسبب قلة التغذية و في بعض الأيام بلغت الوفيات اليومية 4000 آلاف . و مع ذلك استمر شعب لنينغراد يقاوم و يقاوم حتى نهاية الحصار .

    wwii_photo_0088
    شبح الموت يخيم على مدينة ليننجراد .


    هكذا أصبحت الحياة جحيماً في المدينة الباسلة . القنابل الألمانية التي كانت تتساقط لم تكن تستهدف مواقع عسكرية فحسب بل كانت تنفجر في الشوارع بينما صفوف طويلة من المدنيين تقف ساعات طويلة أمام المخابز للحصول على الإعاشة اليومية ، كما توقفت المصانع و محطات الطاقة عن العمل بسبب نقص الوقود ، و قد أضيف إلى هذا العوز و الحرمان قساوة الشتاء البارد و رعب المجاعة و كان الناس يسقطون موتى على قارعة الطريق .

  8. #27
    31- معركة علم حلفا (( Alam Halfa )) :-


    علم المارشال رومل بنية البريطانيين على الهجوم و قرر المبادرة به أولاً و لكنه فشل بسبب نقص الإمدادات نتيجة جهود الحلفاء لقطع خطوط الدعم ، أقام المارشال رومل حركة تمويهية نحو الشمال لإنهاء عدوه ، لقد شن هجوماً قاسياً من الجنوب باتجاه منطقة علم حلفا ، كان المارشال رومل و رجاله واثقين من أنفسهم و توقعوا أنهم سيخترقون الصحراء وصولاً إلى القاهرة و قناة السويس لخنق القوات البريطانية .

    بدأ الهجوم بعد لحظات من منتصف الليل ، و تقع هذه المنطقة في شمال أفريقيا بالقرب من منطقة العلمين في مصر ، ففي ليلة 30/31 من شهر أغسطس عام 1942م تحركت قوات المحور للهجوم على المواقع الجنوبية من الجبهة البريطانية .

    و لكن البريطانيين كانوا مستعدين لأي حركة و بعد أن اجتازت هذه القوات حقول الألغام ارتطمت بحاجز قوي من الألغام البريطانية و لم تكن قوات المحور تعلم بوجود هذه الألغام و كان البريطانيون يدافعون عن مواقعهم بعنادٍ غريب ، في النهاية استطاع المهندسين و المشاة تحت حماية مدافع المحور فتح ممرات خلال الحاجز البريطاني تراجع الهجوم الألماني بسبب حقول ألغام بريطانية مخفية ، ففقد المارشال رومل عنصر المفاجأة .

    لقد شعر المارشال الألماني رومل أن منطقة علم حلفا هي مفتاح منطقة العلمين ، فطلب من قائد سلاح الجو الألماني تركيز هجوم جوي شديد على هذه المنطقة لما لها من الأهمية . و بعد أن جرت معركة ضارية في هذه المنطقة استطاعت قوات المحور بعد أن أجبرت على التقدم نحو مواقع بريطانية متقدمة و بعد تعرضها لهجمات جوية كثيفة من جانب الحلفاء ، تمت السيطرة على المنطقة و في اليوم الثالث أنهى الطيران الملكي البريطاني الهجوم الألماني المتداعي لكن قوات المحور ما لبثت حتى ثبتت بها .

    halfat
    الخريطة تبين هجوم قوات المحور على منطقة علم حلفا .

  9. #28

    أحبُّ التاريخ كثيراً ..

    وهذه الحرب تستحق التأريخ ، ولأنها كانت "عالمية" يجب على الجميع الدراية بها ، والبحث عن أسبابها ومخططاتها ونتائجها ، ما من أحد خارج الدائرة في زمننا هذا - كما أعتقد .

    أشكرك يا عزيزي .

  10. #29
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الولــد مشاهدة المشاركة

    أحبُّ التاريخ كثيراً ..

    وهذه الحرب تستحق التأريخ ، ولأنها كانت "عالمية" يجب على الجميع الدراية بها ، والبحث عن أسبابها ومخططاتها ونتائجها ، ما من أحد خارج الدائرة في زمننا هذا - كما أعتقد .

    أشكرك يا عزيزي .
    شكراً لك أخي الكريم على المشاركة . . . . و أهلاً بك أخاً و صديقاً في منتدى مكسات الطيبة . . . . . و نورت منتدانا .

    تحياتي للجميع

  11. #30
    32- معركة ستالينغراد (( Stalingrad )) :-


    مدينة ستالينغراد مدينة سوفياتية ، جرت فيها أعنف المعارك في الحرب العالمية الثانية ، تميزت معركة ستالينغراد بالذبح الجماعي لمئات و آلاف الجنود من الطرفين .

    في خريف عام 1942م قرر هتلر تسلم زمام الجيوش التي تهاجم الاتحاد السوفياتي شخصياً لعدم رضاه عن نتائج الجبهة الشرقية .

    أمر هتلر قواته بالإستيلاء على ستالينغراد و عبور نهر الفولغا ، شعر أن ضربة ستالينغراد قد تزعزع معنويات الشعب السوفياتي . و خصصت هذه المهمة للجيش السادس الألماني و هو من أقوى الجيوش الألمانية كفاءة و أوفرها سلاحاً و جزء من الجيش الرابع المدرع ، بقيادة المارشال الألماني فون باولوس المتزمت المعروف بشدة بأسه ، يتمتع بشهرة الضابط الحيسوب الدقيق مع التفكير الواضح و القدرة على التحليل و العرض حتى أنه اعتبر بين زملائه نموذجاً للجندي الحديث . لم يرتدع هتلر من واقع الحرب ، فبدلاً من العاصمة السوفياتية أراد أن يسيطر على المدينة التي حملت إسم خصمه ، نجاحٌ رمزيٌ بدل النصر .

    بادر قائد القوات السوفياتية إلى إقالة الجنرال لوباتين و عين مكانه جنرالاً آخر آتياً من شرق الاتحاد السوفياتي و هو يحمل أمراً واحداً فقط : الاحتفاظ بستالينغراد أو الموت . إنه الجنرال جوكوف .

    أطلق السلاح الجوي الألماني حملة قصف عنيفة و مدمرة فوق مدينة ستالينغراد في شهر سبتمبر ، و مع الندرة النسبية التي ظهرت في الطيران الألماني ، سمحت للسوفيات بأن يحتفظوا بسيل المؤن و النجدات .


    الهجوم السوفياتي الإنتحاري


    في منتصف شهر سبتمبر عمِد الألمان إلى دك المدينة ، فبدأت المدفعية الثقيلة بشن قصفٍ مستمرٍ و مكثف حيث رشقت المدينة المدمرة بصلياتٍ متتالية من القذائف الشديدة الإنفجار ، و تحت دوي المدافع بدأ مشاة الجيش السادس الألماني تدعمهم دبابات الجيش المدرع الرابع بالتقدم نحو ستالينغراد من الغرب و الجنوب ، و كان هدفهم محاصرة قلب المدينة للسيطرة على المرتفع المشرف على نهر الفولغا و بالتالي الحيلولة دون وصول نجدة من الشرق ، و خلال ثلاثة أيام شق الجيش السادس الألماني طريقه عبر ستالينغراد باتجاه النهر مرغماً المدافعين السوفيات على التراجع إلى خطوطٍ أقصر و أقصر ، غير أنه بحلول 16/9/1942م تورط الألمان في قتال مدن مهلكة ، إذ كان يجب تطهير الشوارع بيتاً بيتاً و البيوت غرفةً غرفة .

    مع إصرار السوفيات على القتال ، دارت معارك رهيبة في شوارع المدينة و بين البيوت و في داخل المصانع الممتدة إلى شمال المدينة الكبيرة في النهاية استطاعت الفرقة الأولى لفرق الـ ( SS ) الحرس الخاص أن تحقق إرادة هتلر في احتلال مدينة ستالينغراد ، حيث كانت السمعة المرعبة التي اكتسبتها قوات الـ ( SS ) الحرس الخاص بسبب شجاعتها و سعة الحيلة في أوقات الشدة .

    USAPzelma2
    القتال من بيت إلى بيت و من غرفة إلى غرفة .


    في بداية شهر سبتمبر بدا أن معركة ستالينغراد قد انتهت و لكن انفجار المعارك في منتصف شهر سبتمبر أدى إلى الاستيلاء على الأحياء الجنوبية للمدينة بعد الهجمات السوفياتية الانتحارية ، يقول الجنرال الألماني ملينتن عن الهجمات السوفياتية الانتحارية : (( الواقع أن هجوم المشاة السوفياتي شيء مخيف رهيب ، إن موجات طويلة رمادية من الرجال تتدفق بينما تتردد في الفضاء صرخات وحشية لا يحتملها من المدافعين غير أصحاب الأعصاب الفولاذية ... )) .

    Stalingrad-fighting-1942
    أحد هجمات السوفيات الانتحارية على إحدى المواقع الألمانية في ستالينغراد


    ussr1
    جنود سوفياتيون يخوضون معارك وحشية عنيفة داخل مدينة ستالينغراد


    أصبحت النقاط المنيعة و المرتفعات الاستراتيجية مسارح لقتالٍ ضارٍ لم يسبق له مثيل و غالباً ما كانت السيطرة عليها تتبدل عدة مرات بين الطرفين المتصارعين ، لم يكن بإمكان السوفيات الانسحاب عن طريق نهر الفولغا و لم تتمكن سوى قوارب قليلة من عبور النهر من الشرق حيث جلبت الذخيرة و التعزيزات و أخذت معها عند العودة الجرحى .

    لقد كان الرجال السوفياتيين الذين ليس لديهم أسلحة كانوا يذهبون إلى جبهة القتال و يأخذون أسلحة القتلى ، جرى القتال في الشوارع و بين الأبنية ، حيث كان ينتقل الصراع من بيت إلى بيت و من شارع إلى شارع . و كانت الأيام من 13 إلى 20/9/1942م من أقسى الأيام التي عاشتها ستالينغراد فقد قذف الألمان بثقل قواتهم في محاولة لاجتياح المدينة و الوصول إلى نهر الفولغا حيث اخترقوا حدود مدينة ستالينغراد ، و لكن السوفيات كانوا يدافعون بضراوة عن بعد 300 مترٍ من نهر الفولغا كانوا يحصلون على المؤن أما الألمان فلا ، و أدى دفاع السوفيات العنيد إلى ضعف قوة الجيش السادس الألماني التي استنزفت قدراته ، و استمر الصراع المرير بعد ذلك .


    Stalingrad-07
    الألمان يردون بهجومٍ مضاد .


    الدفاع عن مدينة ستالينغراد


    في منتصف شهر سبتمبر قام السوفيات بهجومين انتحاريين كبيرين بقوات الجيشين الـ 62 و 64 . و منذ ذلك الوقت بدأ الصراع الذي لا مثيل له من أجل تحرير مدينة ستالينغراد و تدمير القوات الألمانية .

    لقد احتفظ السوفيات بقطاع وعر عند ضفة نهر الفولغا كان يحميهم من المدفعية الألمانية و يسمح للنجدات بالتسلل ليلاً إليهم . و قد كان عملاً عظيماً أن تحتفظ القيادة السوفياتية بسيل المؤن و الذخائر و الرجال عبر النهر في مثل وضعها البالغ الصعوبة ، و بذلك وضع الجيش السوفياتي الذي يجب أن يصمد أمام ضغط عشر فرق عدوة .

    في 3/10/1942م دارت معارك عنيفة عند مصانع المدينة ، و لجأ السوفيات إلى مئات المداخل و المخارج في المصانع الأربعة بالإضافة إلى تحصنهم بالمستودعات و مع ذلك فقد استمر الألمان في هجومهم .


    m11_stalingrad-N1942
    الخريطة تبين مدينة ستالينغراد و تبادل الهجمات بين الألمان و السوفيات


    ستالينغراد مدينة الموت و الانتصار


    الواقع في ستالينغراد ، هاجم المدافعون ، فدافع المهاجمون عن أنفسهم ، أساء هتلر تقدير عزيمة عدوه ، و يروي لنا فنريخ باهر أحد الضباط الألمان الذين قاتلوا في ستالينغراد يقول : (( تدخل هتلر بقتال الشوارع ، كانت لديه خريطةٌ بمقياس 10000/1 في مقره ، و القرار الدقيق عن كيفية التقدم نحو شركةٍ ما و عن السيطرة على مصنعٍ معين كان يأخذه هتلر من على بعد 1000 كلم )) .

    بحلول شهر نوفمبر كان قد تم احتلال 90 % من المدينة و أصبحت المعابر على النهر في مرمى نيران المدفعية و المدافع الرشاشة الألمانية و مع ذلك كان السوفيات يواصلون القتال بإستماتة .

    BurningCity
    صورة إحدى ضواحي مدينة ستالينغراد و قد دمرها القصف الألماني عن بكرة أبيها .


    لقد وصلت معركة الإستنزاف نهايتها في 9/11/1942م ، في ذلك الوقت اتخذ القتال صفة بالغة العنف ، و أخذ الجانبان يقاتلان بهمجيةٍ و تعصبٍ شديدين . لقد تحول كل مصنع و مبنى إلى حصن كبير ، حتى المجاري لم تسلم من المعارك و كثيراً ما دار الصراع للإستيلاء على بناء أو شارع أياماً عديدة و هو ينتقل مرات بين أيدي الطرفين المتصارعين و غالباً ما كانت الجبهة هي المنزل المجاور ، كان الألمان يتحدثون بمكبرات الصوت يحثون الجنود السوفيات على الاستسلام مذكرين الجنود السوفيات بوحشية ستالين و أن الألمان جاءوا لتحريرهم ، لكن السوفيات كانوا مستمـرين في القتـال .

    و أيقن الألمان أن أي حجر في ستالينغراد لن يصبح في حوزتهم إلا مقابل سيل دماء . في النهاية اضطر الألمان للإنتقال للدفاع ، و إيقاف جميع أعمالهم الهجومية ، بعد أن استنزفت كل قواتهم و بعد أن قاموا بهجومٍ جديد في بداية شهر نوفمبر في محاولة للوصول إلى نهر الفولغا لكن هذا الهجوم لم يفلح .

    و كانوا قد خسروا آلاف الرجال و أكثر من ألف دبابة و ألفي مدفع هاون و 1400 طائرة . و بذلك فإنهم خسروا كل احتياطيهم من القوى و الوسائط في حين كان الإتحاد السوفياتي قد جهز قوات إحتياطية ضخمة لتنفيذ الهجوم المضاد العام ( هجوم الشتاء ) .
    اخر تعديل كان بواسطة » Boss Master في يوم » 29-04-2007 عند الساعة » 13:02

  12. #31
    نتابع معكم معركة ستالينغراد الضارية على الجبهة الشرقية . . . .


    الهجوم السوفياتي المعاكس


    لما استولى النازيون على حقل النفط القوقازي اتضح أنه نصرٌ فارغ ، كان السوفيات قد طبقوا سياسة الأرض المحروقة ، فقوبلة توقعات هتلر النفطية بفشلٍ ذريع .

    بدأت معركة ستالينغراد كحادثةٍ جانبية من الاستراتيجية الكبرى ، لكن سرعان ما اتضح أنها معركةٌ حاسمةٌ على الجبهة الشرقية و قد أخذ المارشال الألماني فون مانيشتاين يتوسل إلى هتلر للمزيد من التعزيزات من القوقاز .

    لقد انهارت ستالينغراد و تحولت إلى خرائب و احتل الألمان تسعة أعشارها ، و دارت معارك رهيبة بين كل شارعٍ و بيتٍ و مصنع ، و تعالت فيها سحب الغبار و الدخان المصحوبة بأصوات إطلاق النار المستمر ، لقد أصاب التعب و الإعياء كلا الطرفين ، لقد تحولت مدينة ستالينغراد إلى مصيدةٍ كبرى بالنسبة للألمان ، فكلما دفعوا إليها بمزيد من القوات للإستيلاء عليها كلما عرضوا أجنحة جيشهم لخطرٍ أكبر .

    و في منتصف شهر نوفمبر و بعد إيقاف الهجوم الألماني و استنزافه ، كان الجنرال السوفياتي جوكوف يحشد قواته شمالي المدينة لشن هجومٍ مضاد .

    نضجت خطة الهجوم التي استمر وضعها أكثر من أربعة أشهر ، و تم خلالها بحث موقف القوات الألمانية بصورة دقيقة مع ما تملكه من القوى النارية ، و حشد لتنفيذ الهجوم ما يحتاجه .

    و في الوقت التي امتدت فيه المعارك الشديدة على طول مدينة ستالينغراد كان السوفيات يحشدون القوات لشن هجومٍ معاكس ضد أجنحة الجيش الألماني المستنزفة بصورةٍ متزايدة .

    في 20/11/1942م قام الجيش السوفياتي بهجوم معاكس عنيف ، و سارت عمليات الهجوم بنجاح ، وسط مقاومات ضارية ، و أعمال قتالية عنيفة ننقل فيما يلي وصفاً له لأحد الذين شهدوا ذلك اليوم : (( في نصف الليل ، بدأ الثلج يسقط ، ميزان الحرارة سجل 6 درجات تحت الصفر . الرؤية غير ممكنة إطلاقاً ، الطقس رهيب حقاً ، الجنرال ( شتاء ) يقف مرة أخرى إلى جانب الجيش السوفياتي .

    و فجأة يتردد صوت النفير و تبدأ المعركة . كانت الساعة تدق الرابعة عند الصباح . ( إله الحرب ) كما كان يسمي ستالين المدفعية أطلق أصداء طبوله ، 800 مدفع خلال 4 ساعات بقيت تبصق اللهب و الحديد فوق مواقع دول المحور . و حيث كانت تسقط القنابل ترتفع الرمال و الجسور الخشبية و شظايا الصخور إلى الفضاء ، حصون صغيرة تتفتت و كأنها قصور من الورق ، ينابيع من التراب تنبثق من الأرض . جدار اللهيب الأحمر و الحديد كان يتنقل فوق المنطقة .

    في هذا الريف المقمر كان يلد حصاد غريب من نبات الفطر الملتهب بألوانه الفاقعة . أغصان و أقدام و قطع من الخشب و جثث و بقايا معدنية و بنادق و قطع من الطين و فصائل من الجنود و سريا و أفواج بل فيالق كانت كلها مدفونة تحت الثلج و تحت الوحل أو مقذوفة إلى الفضاء . إن منطقة طولها 3 كلم قد أصبحت فريسة لجحيم رهيب .

    و في الساعة الثامنة وصلت الدبابات . الهواء يحفل بضجيج المحركات و اصطكاك الفولاذ . إن الرعب الرهيب الذي كان كامناً حتى ذلك الوقت قد بدأ يصعد بصورة بالغة .

    الدبابات السوفياتية كانت تتقدم في موجات على صورة الإستعراض الإحتفالي . قنابل يدوية مضادة للدبابات أحدثت ثغرات في الجوانح و الجوانب . مئات من الدبابات أصبحت بقايا مشلولة يصعد منها الدخان ؛ مئات أخرى منها تحولت إلى فتات بسبب الألغام أو تحت ضرب القنابل . ثغرات واسعة كانت تبدو في صفوف السوفيات و لكنهم كانوا يتقدمون باستمرار . السوفيات كانوا يندفعون نحو الهنغاريين و الإيطاليين و الرومانيين الذين كانوا يدافعون عن شمال المدينة ، و اخترقوا صفوفهم بينما كانت تساندهم قوات مدرعة من سيبيريا و مدفعية مركزة . ثلاثة جيوش سوفياتية تسير في الشمال و الجنوب
    )) .

    زحف أكثر من مليون جندي سوفياتي و 894 دبابة و 1115 طائرة إلى مدينة ستالينغراد في كماشته العسكرية ، إلا أن معدلات التقدم كانت أبطأ مما كان متوقعاً ، و ذلك بسبب المقاومة الضارية للقوات الألمانية ، غطت أولى ثلوج الشتاء ساحة المعركة ، أقامت المدفعية السوفياتية مناورة لمحاصرة الألمان من شرقي نهر الفولغا المتجمد ، حرك السوفيات دباباتهم و شاحناتهم و إمداداتهم و انضمت إليهم مجموعة من 50000 ألف فارس قوقازي ، في النهاية استطاعت الجيوش الثلاثة إحكام طوق الحصار حول التجمع الرئيسي للقوات الألمانية العاملة في منطقة ستالينغراد ، و ذلك في 23/11/1942م .

    و ظهر للقادة السوفيات أن ثمة خطيئة فادحة و خطيرة قد ارتكبت ، ذلك أن معلومات استطلاع الجبهات المشاركة في الهجوم ، و كذلك هيئات استطلاع الأركان العامة ، قد حددت قوة التجميع الألماني ، الذي كان يقوده المارشال الألماني فون باولوس ، في حدود 85000 – 90000 ألف مقاتل ، في حين ظهر أنه كان يزيد على 300000 ألف مقاتل . و كذلك الأمر بالنسبة للوسائط القتالية و المدفعية و الدبابات و الأسلحة الأخرى ، و التي قدرت بأقل مما هو متوافر بنسبة كبيرة .

    و لكن و على الرغم من تلك الخطيئة ضيق الجيش السوفياتي الحصار على المدينة ، عزل الجنود الألمان وحدهم تحت أنقاض ستالينغراد لم يكن أمام الجيش الألماني أي فرصة حيث وزعت الطلقات المتبقية على حصص عند بعض الجنود الألمان ، التزم الجنود بعدد محدد من الطلقات ما جعل مهامهم أكثر صعوبة ، كما أنهم لم يكونوا مجهزين جيداً لاستقبال الشتاء القارس ، و يقول فينسينز غريسمر أحد الجنود الألمان في ستالينغراد : (( قيل لنا استمروا ، و حتى كتبوا في المناشير ( اصمدو يا رجال و الفوهرر سوف يخرجكم ) ، و في ذلك الوقت لم أكن أنا فقط من تساءل عما إذا كان بإمكان الفوهرر إخراجنا أو إذا ما كان يدري ماذا يفعل ، مزاج القائد كان اليأس و الشك في صحة كل شيء )) .


    مخطط ساتورن


    في 24/12/1942م نفذ مخطط ساتورن و هو تجزئة القوات الألمانية المحاصرة و تدميرها ، و ذلك بتنفيذ ضربات متلاقية من الاتجاهات المتعاكسة ، فانتقل جيش الحرس الثاني و الجيش الـ 51 السوفياتيان للهجوم .

    قامت القوات السوفياتية بمهاجمة التجمع الألماني المحاصر حيث شن السوفيات هجوماً صاروخياً واسع النطاق على الألمان المحاصرين ، بعد أن أتم السوفيات محاصرة المدينة ، أطبق الحصار السوفياتي بثبات و أمكن بعد خمسة أيام من الصراع المرير تدمير و تجزئة عدد كبير من القوات الألمانية المحاصرة .

    ثم اجتاح السوفيات آخر مهبطٍ للطائرات في أيدي الألمان ، فقطعوا بذلك آخر حلقة وصلٍ ضعيفة بين الجيش السادس الألماني و العالم الخارجي .


    استسلام الجيش السادس الألماني


    لقد حاولت الطائرات الألمانية أن ترسل المؤن إلى الجيش السادس الذي يحاصره السوفيات ، لكن جهودها باءت بالفشل أمام الطقس السيء و المدافع المضادة للطائرات و المطاردات السوفياتية ، كان دعم الجيش الألماني من الجو مستحيلاً بسبب سوء المناخ ، لم يوفر الجسر الجوي إلا جزء بسيط من المؤن ، ففي 10/1/1943م هاجم السوفيات المطارات الألمانية في مدينة ستالينغراد و أمكن لهم تدميرها ، و هكذا تسمر الجيش السادس الألماني في مكانه دون أن يتزود بما يكفيه من الذخيرة و الوقود و الطعام حيث عانى نقصاً في الذخيرة بسبب خسارة خطوط الإمداد و غياب الدعم الجوي . و مع ذلك فقد قاتل باستبسال شديد .

    و بعد مقاومات عنيفة و يائسة قسم الجيش السادس الألماني إلى قسمين ثم استسلم المارشال الألماني فون باولوس مع 90000 ألف مقاتل ألماني منهكين متعبين و جائعين وقعوا أسرى في يد المهاجمين السوفيات و بإستسلامه كان المارشال فون باولوس يرغب في إنقاذ البقية من جيشه من إبادةٍ شبه مؤكدة .


    russesprisonniersstalingrad
    جنود أسرى ألمان وقعوا في يد القوات السوفياتية .

  13. #32

  14. #33
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة asa3500 مشاهدة المشاركة
    شكرا لك على مجهودك

    و الله ييوفقك
    العفو و مشكور على المرور .

    تحياتي للجميع

  15. #34
    الفصل ( 12 ) : المعركة المصيرية عام 1942م

    في شمال أفريقيا دخل الحلفاء في معارك واسعة النطاق ، كانت المعارك في الصحراء الغربية معارك يائسة للطرفين و موضوع الصراع مئات الأميال المربعة من الصحراء ، كان على البريطانيين أن يفوزوا ، فلو هزموا لن يخسروا مصر و الشرق الأوسط فحسب و إن حصل ذلك فعلى الأرجح سيفوز الألمان في الحرب .

    و لمدة عامين ينجح الفيلق الأفريقي الألماني في كسب إعجاب أعدائه و حلفائه على حدٍ سواء لما أبداه من مثابرةٍ و شدة مراس حيث لم تنتصر قوات رومل في أفريقيا على البريطانيين و حسب بل استولت على أكثر من ألف ميلٍ من الصحراء الأفريقية الشمالية ، يقول ديستي : (( كان تأمين الوقود لدباباته و شاحناته عاملاً حاسماً على الدوام تمتد بين مدينتي طرابلس و بنغازي حوالي 500 أو 600 ميل لذلك كان عليه قطع مسافاتٍ هائلة من دون أن يتوافر له ما يكفي من الوقود ، فاستولى رومل على مخزون النفط البريطاني في أغلب الأحيان معتبراً إياه محطات وقودٍ على الطريق )) ، في مرحلةٍ ما تألفت 85% من آليات رومل من غنائمهم من العربات ، كان يزعجه عدم تلقي هذه الموارد نفسها من المسئولين عن مخزون الوقود .

    لقد خاض الفيلق الأفريقي بقيادة المارشال رومل سلسلةً من المعارك الناجحة و تمكن من إجبار الإنجليز على التقهقر إلى الوراء و وصل على بعد 60 كلم من الاسكندرية في مصر ، و إلى الجنوب من خطوط الحلفاء الدفاعية في العلمين كانت هناك رمالٌ ناعمة يتعذر اجتيازها حالة دون قيام أي محاولةٍ ألمانيةٍ للإلتفاف ، و لم تحرز الهجمات المباشرة أي تقدم ، كان رومل أشبه بإسطورةٍ على ساحة المعركة لكن من دون نفط بات عاجزاً بكل بساطة ، فأدرك بأن الأوضاع أصبحت تتحول ضده و أخذ يعاني من نقصٍ حاد في المؤن و شارفت الذخائر و الوقود على النفاذ ، يقول آخر : (( في نهاية المطاف سافر رومل إلى أوروبا للقاء هتلر شخصياً في مقر قيادة الدكتاتور عند الجبهة السوفياتية ، توسل إلى هتلر من أجل المزيد من النفط ، لكنه لم ينل إلا الوعود و عصا المارشال )) .

    عندما كانت الطائرات البريطانية تعترض قوافل المحور التموينية المتجه إلى شمال أفريقيا شعر الحلفاء آنذاك أن في وسعهم المبادرة إلى ضرب الألمان ، و في وقتٍ قصيرٍ جداً هاجم الحلفاء خطوط المحور لكن المارشال رومل كان خصماً عنيداً و استمر القتال في الصحراء الغربية ، إذ كانت القوة الجوية قد انضمت إلى القتال .

    شارك الجنود في معارك خط الغزالة و طبرق و بير حكيم ، أما منطقة العلمين في مصر ، كانت تعني مصير الامبراطورية البريطانية و لهذا استعد الطرفان لأعنف المعارك و أشدها ضراوة في الصحراء ، فقد أخذ الصراع بين الطرفين شكل الصراع المصيري ، و لم يكن غريباً أن يصل الصراع إلى ذروة عنفه و قمة شدته .

  16. #35

  17. #36
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة black-evil مشاهدة المشاركة
    يعطيك العافية على هذا الموضوع الرائع
    الله يعافيك و شكراً على المرور .

    تحياتي للجميع

  18. #37

  19. #38
    اشكرك يا أخي على هذا الموضوع الرائع الذي توصله الا من يهتم بالتاريخ ويعرف قيمتة

  20. #39
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة New Mr.Bean مشاهدة المشاركة
    شكرا Thanks boom booom gooood gooood gooood gooood gooood gooood gooood gooood gooood
    شكراً يا مستر بيين على المشاركة المعبرة .


    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة black-evil مشاهدة المشاركة
    اشكرك يا أخي على هذا الموضوع الرائع الذي توصله الا من يهتم بالتاريخ ويعرف قيمتة
    مشكور أخي العزيز على مشاركتك المتواصلة و أتمنى أن تكون دائماً معنا .

    تحياتي للجميع

  21. #40
    33- معركة العلمين (( El Alamein )) :-


    العلمين هي اسم لقرية صغيرة في مصر قائمة على بعد 90 كلم من الاسكندرية .

    كان لدى البريطانيين موطيء قدم قوي في شمال أفريقيا و كانوا مجهزين جيداً تألف جيشهم من 150000 ألف جندي تحت قيادة الجنرال البريطاني برنارد مونتغمري .

    كان الجنرال مونتغمري قد خطط لإعادة تنظيم قواته و دحر سيطرة المارشال رومل على شمال أفريقيا ، لقد استطاع الحلفاء أن يمنحوا قائدهم مونتغمري تفوقاً ساحقاً في الطائرات و الدبابات و المدافع . لقد أصبح في حوزته 1000 دبابة مقابل 600 للعدو . و كان عدد طائراته ضعف عدد الطائرات العدوة . أما مدفعيته فقد كانت متفوقة إلى حد بعيد .

    alameinbattle3
    الجنرال البريطاني مونتغمري قائد الجيش الثامن البريطاني .


    لما كان الوقود ينقص من رومل فقد اضطر إلى التوقف ، في المقابل كان البريطانيون ينعمون في بحرٍ من النفط ، بخلاف رومل كان مونتغمري جنرالاً حذراً يرفض التوغل في حربٍ من دون موارد وافرة بين يديه ، لم يستمد نفطه من الشرق الأوسط فحسب بل من أعماق أميركا أيضاً ، و هي مصادر غزيرةٌ و يعتمد عليها .

    خطط الجنرال مونتغمري لهجومٍ خاص من أجل إبعاد دبابات المارشال رومل و فسح الطريق لعملية تورتش التي تهدف إلى اجتياح منظم لشمال أفريقيا على يد الحلفاء ينفذ بعد أسبوعين من بداية معركة العلمين ، لم يتوقع المارشال رومل أي هجوم بريطاني قبل شهر نوفمبر فعاد إلى ألمانيا كي يخضع لعلاج طبي طاريء .

    خلال سفر رومل رد مونتغمري بهجومٍ مضاد و في 23/10/1942م و بعد أن بدأت نيران المدفعية الحليفة تقترب من خطوط المارشال رومل منطلقة من 800 قطعة ثقيلة و خفيفة أطلقت نيرانها ، انتقل الجنرال مونتغمري إلى الهجوم .

    كانت خطوط رومل محمية بما كان يسميه هو نفسه ( حدائق الجحيم ) و هي حقول من الألغام و مجموعة من الأسلاك الشائكة سلطت عليها نيران كثيفة رهيبة . و لم يكن في العلمين أي مجال للقيام بمناورات جانبية . لقد كان على الجيش أن يهاجم المواقع الدفاعية من الأمام .

    هرع المارشال رومل عائداً إلى شمال أفريقيا بسرعة و أطلق هجوماً مضاداً لإستعادة المواقع التي خسرها ، و يبدي الإيطاليون مقاومةً شديدة و تتمكن الهجمات الألمانية المعاكسة من إيقاف الهجوم الأول و الثاني و تندلع معارك شرسة لمدة أسبوع حيث شهد الأسبوع الأول من الهجوم قتالاً موضعياً مريراً ، و استبسل الألمان في الدفاع عن مواقعهم برغم نقص العتاد و تفوق البريطانيين في العدد و بسبب نقص حاد في الوقود و الذخيرة في صفوف قوات المحور ، دمر قصف الحلفاء الموحد اتصالات جبهة المحور الأمامية و أصاب حقول ألغام رومل و بذلك تمكن مشاة الحلفاء من اختراق خطوط دفاع المحور الأساسية . و بعد 12 يوم مرت من معارك عنيفة ، انتصر الحلفاء لكن الثمن كان باهظاً ، فقد أسر 14000 ألف جندي و قتل أكثر من 13000 ألف رجل ، استطاع الجنرال البريطاني مونتغمري أن يخترق خطوط العدو و أن يطلق بعد ذلك دباباته في الثغرة التي أحدثها و يروي لنا الملازم أول سمول أحداث المعركة الضارية ، و هو من الذين شاركوا في المعركة : (( إنه شيء غريب حقاً فأنا لم أعد أتذكر كيف بدأ هذا الأمر . في فترة من الفترات وجدت نفسي منبطحاً على بطني في وسط الصحراء . و في فترة أخرى كنت أتنزه بكل هدوء وإلى يميني صف طويل من الرجال الذين يتقدمون متفرقين كما لو كنا في حفلة راقصة ...

    battle3
    المارشال الألماني رومل و قد بقي عاجزاً بسبب قلة الإمدادات .


    و أدركت فجأة أنني أحمل عصاي تحت ذراعي . و كان في نيتي أن أتركها في مركز القيادة و أن أستبدلها ببندقية . و ضحكت في نفسي و أنا أفكر بأنني أمشي نحو العدو و ليس معي غير مسدس (( عيار 38 )) و تسع طلقات . و لكن فات الأوان إذ لم يعد في وسعي أن أفعل شيئاً . فإذا حدث أن أحد الجنود قد أصبح خارج المعركة فسأستعمل بندقيته . و سألت نفسي : ألا يمكن أن أكون هذا الجندي ! و في هذه الحالة لن تكون لي حاجة لأية بندقية . و في هذه الفترة سمعت ضجة جديدة كانت تطغى على ضجيج المدافع و انفجارات القنابل .. لقد كان رصاص الرشاشات من طراز بريدا و سباندو يبدو أمامي و كأنه باقات وردٍ رهيبة على بعد عشرين متراً منا .

    كان علينا أن نصل إلى مواقع العدو الأولى . و سألت مرافقي كم اجتزنا من الأرض فكشر عن أسنانه و قال لي لقد فقدت كل قدرة على العد . و سمع صوت جديد و غليظ تبعه صوت دقيق (( لقد كنا نحن هدف هذين الصوتين : إنها قنابل مدافع الهاون التي كانت تسقط فوقنا )) . و سمعت رجلاً يقف إلى يميني و هو يقول (( أوه ! ، يا رب يا إلهي ! )) و رأيته يتعثر ثم يسقط . و صرخ الميجر ( أي الرائد ) مرة أخرى . و لم يكن في وسعي أن أسمع ما يقوله و لكن سريته كانت مشتبكة مع العدو . سياج من الأسلاك الحديدية كان ينتصب في طريقي و يرتفع هذا السياج ( أي الشبك ) حتى صدري . و قفزت فوق السياج بينما كان الرقيب الذي يتبعني يقفز هو أيضاً . و انبثق نوري قوي أعماني تبعه عصف هوائي شديد أصابني في مؤخرة رأسي . و اختفى الرقيب .

    و ما زلت أذكر أنني قد سألت نفسي بعد ذلك عما دفعني إلى القفز فوق السياج . و الواقع أن وجود فكرة لغم لم تخطر في بالي أبداً . و رحنا نركض دون أن يصدر إلينا أمر بالركض . و كان إلى يساري عريف يطلق نار رشاشه من طراز برن و قد أسنده إلى خاصرته .. و سألت نفسي هل كان يطلق ناره حقاً على شيءٍ أمامه . و فجأة رأيت رأساً و كتفين ترتفع فوق الأرض . و بما أنني كنت قد تجاوزت هذا المشهد عدت إلى الوراء ثم أطلقت ثلاث طلقات من مسدسي و عدت أركض للحاق بالآخرين .

    6014
    جنود بريطانيون في حالة هجوم مستمر في معركة العلمين الثانية .


    و تفرق صف الجنود إلى فئات صغيرة كل واحدة منها تقاتل على حدة بينما بقي مرافقي إلى جانبي .. و سألت نفسي عما إذا كان معي حين أطلقت النار . ثم رأيت رجالاً في أحد الخنادق . كانوا وقوفاً و أيديهم فوق رؤوسهم و يرددون صوتاً لم أفهم منه شيئاً و لفتت نظري ثيابهم القذرة التي لم تكن على مقاسهم . و ابتسمت كيف أنني توقفت عند مثل هذه الجزئية في مثل هذا الوقت الرهيب . إلى يساري و خلفي كان بعض الرتباء من الجنود يحاصرون بعض الأسرى و يدفعونهم إلى التجمع . و أشهرت مسدسي باتجاه الرجال الذين كانوا يقفون أمامي و طلبت إليهم الإلتحاق بالآخرين . و كان هناك جندي إيطالي كاد الرعب يقتله يدور حول نفسه و يداه فوق رأسه ثم يصرخ بكل قوته . و كان الرجال الذين أشرت عليهم باللحاق برفاقهم قد بدأوا يخرجون من الخندق حينما سمعت صوتاً يقول (( انتبه )) .. شيء قاس شديد أصاب طرف حذائي ثم قفز بعيداً عني . و حدث انفجار كاد يعميني .. و تراجعت إلى الوراء و أنا أتعثر و أحمي عيني بعضدي . هل كنت جريحاً ! و خفضت بصري ، و أنا أنتظر أن أرى الدم يسيل و لكنني لحسن الحظ لم أر شيئاً .

    alamein
    جنود الحلفاء يتقدمون في المعركة .


    و أحسست براحة عظيمة ، لقد نجوت من الأذى . و بحثت عن الرقيب الذي كان يرافقني فعرفت أنه قتل . لقد رأيته متمدداً على جانبه متقوقعاً على نفسه و هو يزمجر من الألم . لقد أصبحت ساقه مزيجاً من العظم و اللحم .

    و أدركت ما حدث فإن جندياً من العدو كان من الخندق و يداه مرتفعتان انتهز الفرصة و رمانا بقنبلة يدوية . و اصطدمت القنبلة بطرف حذائي بينما كان الرقيب كان ينبهني ثم انفجرت القنبلة بالقرب منه . و شاع في نفسي غضب شديد و رحت أسب و أشتم أولئك القذرين الذين يجلسون عند زاوية من الخندق ! و رحت أطلق النار عليهم أولاً و ثانياً و ثالثاً ثم فرغ المشط و نسيت تعبئته مرة أخرى . فألقيت مسدسي بعيداً بعنف شديد و انتزعت بندقية الرقيب و اتجهت إلى الأمام . إنني ما أزال أذكر أن جنديين عدوين كانا منكمشين على نفسيهما في قاع الخندق . و قتلت آخرين بحربة البندقية و عدت من حيث أتيت . كان هدوئي قد عاد إلى نفسي و بدأت أبحث عن مسدسي و أنا أقول في نفسي أن المشادة ستكون عنيفة مع خازن الأسلحة إذا لم أبرر له ضياع سلاحي . و توقفت النيران و تبينت أمامي بغموض بعض التجمعات من حولي ، و في هذه الفترة تماماً ارتفعت صرخة و تردد صدى طلق ناري . و قيل لي أن رجلاً كان قد خرج من الخندق العدو و كان على أهبة أن يطلق النار علي فأدركه أحد جنودي بطلق ناري )) . كانت هذه إحدى القصص الحقيقية لأحد الضباط الإنجليزيين في معركة العلمين ، لقد ضحى رومل بكل ما بقي لديه من وقود و بالأسلحة الثانوية الصغيرة بما في ذلك المشاة الإيطاليين ، الضعيفوا التسليح ، لكنه مدح فرقة آريتي الإيطالية و قال (( لقد قاتلت بشجاعة كبيرة و قد خسرنا في آريتي أقدم زملائنا الإيطاليين الذين كنا نطلب منهم دائماً العمل أكثر مما يستطيعون أن يفعلوه بتسليحهم الضعيف
    )) . فكانت هذه من أعنف المعارك التي شارك فيها رومل ثم انسحب إلى خط العقيلة و فتح الطريق أمام زحفٍ بريطانيٍ مدرع عبر سهول شمال أفريقيا .


    alamein
    استسلام بعض جنود قوات المحور في المعركة بسبب نقص الوقود .


    El%20Alamein%20map%20WM
    خريطة معركة العلمين و يظهر بها الخط الدفاعي لقوات المحور على الجبهة و هجمات القوات الحليفة عليها .

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter