بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:
:: مقدمة بخصوص موضوع المسابقة ::
عنوان المسابقة أراه قابل للتوسع إلى نقاط عدة فهو يشمل عدة كلمات وهي "الدين" وهي كلمة تستحق التوضيح والتفصيل .. وكلمة "العقل" او المنطق البشري وهو العنصر المستقبل للدين .. والعلاقة بين الدين والعقل .. بين الانسان وخالقه .. لذا فهو ليس عنواناً بسيطاً او محدداً للنقاش حوله فهو مترابط بنواحي عديدة ..
:
:: الدين والديانة ::
أحب أن أوضح أن الدين هو كالمنهج أو التعليمات التي "تنظم" العلاقة بين الإنسان ونفسه .. بين الانسان وخالقه .. وكذلك التعاملات بين الناس .. وهذا يمكن أن نسميه بالجانب "التطبيقي" .. وتتمثل في الفرائض كالصلاة والصيام .. والأوامر والنواهي "الحلال والحرام" .. هناك قواعد تنظيمية للزواج والميراث وغيرها ..
هناك جانب "إيماني" او عقائدي من الدين .. والذي يشير أن هناك خالق واحد لا شريك له .. خلق هذا الكون وجعلنا خلفاء فيه .. وأننا سنبعث بعد الممات ونحاسب على أعمالنا .. وهذه أمور "غيبية" لا نراها ونسميها "بالايمان" ..
على مر البشرية ظهر العديد من الرسل بأديان مختلفة .. كاليهودية والمسيحية وأخرها الإسلام .. ولكل دين كتاب منزل من السماء "الكتب السماوية" .. والتساؤل الذي قد يتبادر على ذهننا "لماذا لم ينزل الله الإسلام كدين إلا مؤخراً" ..
لكن الإجابة تكون أن الله أنزل "ديانة" واحدة .. وهي ديانة الإسلام .. منذ عهد آدم عليه السلام .. فالمسيحية واليهودية وغيرها أديان مختلفة لكنها "ديانة" واحدة وهي ديانة الإسلام ..
وكل دين كان موجه لأقوام معينة .. وكل دين أشار إلى رسول قادم يكمل مسيرة الرسالة .. وكان آخر الرسل والأنبياء هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..
لذا فنبينا محمد لم يأتي بديانة جديدة بل جاء بدين "متمم" لرسالة الخالق منذ بدأ خليقة البشر ..
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة/3
وهذه النقطة مهم فهمها لأن الكثير من المشككين يستغلونها ليوهموك أن المسيحية واليهودية والإسلام ديانات متنافسة ! لكن الحقيقة أنها ذات الديانة ..
وكلمة الإسلام هي صفة أكثر من كونها اسماً .. فهي تعني السلام والاستسلام أو التسليم لخالق هذا الكون ..
:
:: العقل والفطرة ::
وهب الله الإنسان حرية الاختيار والتصرف .. فبيدك الإيمان أو عدمه .. بيدك أن تفعل الخير او الشر .. والعقل هو الأداة التي من خلالها ستحلل وتقرر ما حولك ..
كذلك ستجد تساؤلات يمكن وصفها بتساؤلات "فطرية" أو عفوية تراودك .. لماذا خلقت ؟ وماذا تكون ؟ وما هذا العالم ؟ ومن صنعه ؟
وهنا على العقل أن يحلل هذه التساؤلات .. ويبحث عن الإجابة التي تروي شغفه وحيرته ..
هناك إجابات مصدرها البشر والخرافات والأساطير وحكايات الأجداد .. تجعلك تعيش طقوساً تغفل عقلك وتشغله أكثر من كونها تعطيك إجابات تريح قلبك ..
وهناك رحلة بين الشك واليقين ربما عليك أن تخوضها لتصل لنتيجة ترضي عقلك وتريح قلبك .. فهناك دائماً حقيقة واحدة هي الأمثل وعليك إيجادها ..
:
:: الشك .. الإلحاد ::
هل تعلم أن الإلحاد والتشكيك بوجود خالق قد يجعلك من أشد المؤمنين بخالق هذا الكون .. هذا ان كنت صادقاً مع نفسك وأحكمت عقلك بعيداً عن أهواء شخصية ..
بل الدين الإسلامي المتمثل بآيات القرآن الكريم يشير في كثير من آياته إلى التأمل والتفكر "أفلا يبصرون" "أفلا ينظرون" "أفلا يعقلون" ..
هل تعلم أن "الدين الإسلامي" يحترم العقل ..
كيف يحترمه ؟
يحترمه من خلال إعطاء أجوبة شافية لا تقدمه آراء أو ثقافات أو اساطير أخرى ..
وكلما شككت في بعض آياته وبحثت وتأملت سيصيبك المزيد من الاقتناع أنه من لدن حكيم عليم ..
:
:: الجهل بالدين يصنع ديناً جديداً ::
للأسف البعض ينظر للإسلام كدين يحرض على الإرهاب .. كدين يقيد النساء ويحتقر المرأة .. كدين عنصري ذو عادات وتقاليد محددة .. وكل هذا مبني عن الجهل والشائعات والانطباع السطحي ..
مع ان آيات القرآن واضحة .. ألا ان هناك من يسيئ تصويره لخدمه مصالح دنيوية .. فتتحول آيات الرحمة من خلال داعية إلى رسالة قتل واستباحة ؟!!
كذلك يتم الربط بين سلوكيات خاطئة لمسلمين ونسبها إلى آيات القرآن .. أو ربط الدين بالسياسة وجعل الإسلام شعار في حملة انتخابية .. مستغلاً جهل الناس في أمور دينهم ..
ولهذا أثناء قراءتك للقرآن ستجد ما يكفي من الآيات التي تدعو إلى التدبر والتحقق .. ستجده يخلوا من الكثير من الأفكار والتصرفات البشرية التي لا علاقة لها بمنهج الخالق ..
ستجده يخاطب البشر كلهم ولا يفرق بينهم .. وستجده يذخر بالاجابات الشافية ..
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (82) - النساء
:
:: التكاسل والتهرب والمصالح الشخصية ::
هناك من يتكاسل عن دراسة القرآن أو يتهرب من قضية الايمان .. فهو لا يريد ان يلزم نفسه بعبادات .. هو يكتفي انه يعيش حياة واحدة .. وهو حر باختياره ..
هناك من لا يريد ان يبحث في دين جديد غير الذي عهد عليه آباءه وأجداده حتى لا يفقد منصب أو مكانة اجتماعية .. وقرر الا يستجيب لتساؤلات عقله .. وأن يتجاهل الموضوع من الأساس ..
ان الخلل ليس في الإسلام فهو واضح في الوجود .. آيات وجود الخالق حولنا طوال الوقت .. ورسالته تشير إلى ذلك ..
لكن من قرر أغلاق قلبه عن الهداية فهذا "خياره" ..
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ غ– لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا غڑ أُولَظ°ئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ غڑ أُولَظ°ئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)
:
:: الاستمرار بالإلحاد صعب للغاية ::
من الصعب أن يستمر الألحاد للأبد ..
أيهما أسهل على العقل تقبل :
1- هذا الكون بدقة تصميمه خلق بالصدفة
2- لا بد ان هناك من صنع هذا الكون بهذا الابداع
:
ولو افترضنا أن الصدفة هي من صنعت الكون ؟ فمن صنع هذه الصدفة ؟ وماذا تكون هذه الصدفة تحديداً ؟
كذلك ألن ينتج عن هذه الصدفة ملايين الصدف الفاشلة والأكوان المشوهة ؟ هل تكون الصدفة بهذه الدقة ؟
هل يوجد مثال في الواقع على أي صدفة او بسيطة نتج عنها خلق جديد تماماً ؟
ستجد ان الالحاد يصعب على العقل تقبله .. وأنه إنكار للسؤال اكتر من كونه اجابه ..
:
:: القابض على العقل .. القابض على الدين ::
لا يتوقف العقل عن التفكير واثارة التساؤلات .. فكونك أسلمت واقتنعت لا يعني أنك لن تواجه مزيداً من الشكوك والتحديات .. وستحتاج أن تستمر في التعمق في شؤون دينك ..
هناك اختلافات وخلافات فقهية .. ومن هنا يأتي اجتهاد العلماء .. وفي اختلاف ديننا رحمة .. لكن ما يشوب بعض الآراء المبنية من الهوى او المصالح باسم الدين هي ما يجعلك كالقابض على عقلك ودينك .. فلو فقدت عقلك واتبعت الهوى والجهل ضاع دينك ..
او ستجد نفسك تطبق ديناً من ظاهره إسلامياً وفي باطنه يتعارض مع رسالة خالقك .. وهنا الكارثة ..
ولتجنب ذلك يحتاج الناس للتدبر في آيات القرآن وتحكيم العقل بعيداً عن الهوى اذا ما أصبحت الأمور مبهمة وضبابية ..
فالدين الإسلامي يتبع العقل .. والعقل بدوره يتبع الدين ..
فالدين الحق موجه للعقل الحق ..
:
والله ولي التوفيق =)
المفضلات