قَفصٌ مِنَ الثِقة أم بِذرةُ شك ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أُكرمتم مساءً أعزائي رواد الجادة
الثقة هي الضمان لأي تعامل سواءً كان مادياً كالتجارة والأعمال أو أدبياً واجتماعياً كدعم الأصدقاء وحفظ الأسرار , أما الشك فهو النقيض تماماً حيث ينشر المخاوف ويؤدي إلى نتائج مُخالفة بالعادة
الثقة شهادة ومسؤولية,
عندما تنال ثقةَ شخص فمن المفترض ان تشعر بقدرٍ من المسؤولية , فالثقة شهادة وإن لم تكتب على ورق لكن قيمتها تفوق كنوز الدنيا
عندما يستامنكَ أحد على أسراره او يلجأ إليك في لحظات ضعفه فأول ما تدركه انه اختارك لأنه يثق بك ويأمن انكَ لن تغدر به أو تستغل تلك الأسرار فيما يضره
عندما ياتي المريض إلى الطبيب فهو يستأمن ذلك الطبيب على حياته ويضع ثقته به , والأمر ذاته في التجارة حيث عليك الالتزام بتسديد المبالغ المستحقة عليك والإيفاء بالتزاماتك في مواعيدها دون تأخير ومعروف أن ثقة المساهمين كمثال لها تأثير كبير على ارتفاع او انخفاض مؤشرات السوق
الثقة هي أساس أي تحالف وفقدانها منبع للتوتر وقد ينتهي إلى النزاعات والحروب
الثقة هي قفص من الالتزام , قفصٌ ذهبي يمنعك من الغدر والخيانة والإخلال بالالتزامات لكنه قفص من خيارك
هو قفص بوسعِ الوالدين أن يزرعوه في قلوب أبنائهم , يمنحونهم الثقة ومساحة من الحرية مع النصيحة والتوجيه ورقابة عن بعد , وهو ما يمنح الأبناء شخصيتهم الخاصة ويعزز ما يُعرف بالرقابة الذاتية
لكن ما يحدث للأسف أن بعض الأباء او الأمهات يزرعون بذور الشك في نفوس أبنائهم , يرهبونهم بالمعاملة القاسية والتحذيرات والتهديدات قبل الكلمة الطيبة
إن أسوأ ما قد ينمو بين الأسرة الواحدة هو الشك بلا دليل , شك ينم عن افتراضات ومخاوف ليغدو وكأن الشك صار حقيقة !
إن شككت بإنسان وأظهرت له شكك به وفقدانك الثقة به فانت كمن يعطيه الضوء الأخضر لينفر منك وينفذ شكوكَ ومخاوفِك
أحياناً يمكننا بالثقة في الآخرين ومسامحتهم باستمرار إلى ان نغيرهم شيئاً فشيئاً وأن نزرع بهم الإحساس بالذنب وبالتالي نعطيهم فرصة لتصحيح أخطائهم والمضي قدماً نحو طريقٍ أفضل
يخلط البعض بين مفهومي الحذر والشك , وهذا خاطئ
فالحذر واجب طوال الوقت ويكون تحسباً للظروف المحيطة المفاجئة , اما الشك فغالباً يستهدف الشخص الذي نتعامل معه أو بعبارات أخرى اتهامه بالكذب أو المراوغة أو النفاق
فكمثال قد تتعامل مع تاجر أمين تثق به , لكن هذا التاجر خسر تجارته بسبب ظروف قهرية خارجة عن ارادته أو تعرض لحادث وهنا تكمن أهمية الحذر بوضع خطط بديلة أو تقليل الخسائر والتعاطف او الصبر على هذا التاجر
اما الشك فمثاله أنك تعتقد ان هذا التاجر ينوي في قرارة نفسه أن يأخذ مالك ولا يرده بنية السرقة وأكل الحقوق
بذور الشك لن تطرح سوى الشر,
فهي تجعلك في قلق دائم , وقد تدفعك للخوض في مشاعر سلبية أخرى ونفور من حولك
إن شككت بإنسان عزيز عليك فعليك ان تحسن الظن به وتمنحه ثقتك , عليك أن تتذكر فضائله معك , عليك ان تناقشه بهدوء وتسأله عن حاله قبل أن توجه اتهاماً جارحاً
وإن تأكدت شكوك وأصبحت يقيناً بعد دليل , فحاول أن تسال وتتفهم الوضع , حاول أن تسامح إن كان نادماً , حاول أن تمنحه تشجيعك ليمشي في طريق أفضل ويتجنب تكرار خطئه , ولا مانع أن تمنحه ثقتك من جديد يوماً ما
فالثقة بالنهاية شهادة ذات قيمة وقفص يقيد من تثق به لك لا يرتكب مزيداً من الأخطاء
فهل ستختار زرع بذور الشك أم انك ستبدأ بمنحِ أقفاصٍ من الثقة ؟
تقبلوا وِدي
بيلاداندي
اضافة رد مع اقتباس
المفضلات