فوانيس مُضيئة تُنير ليالي لا تُنسى
بواسطة
في 19-06-2016 عند 16:59 (3437 الزيارات)
يأتينا ذلك الفانوس المضيئ ليُخيم علينا بطرقه أبواب بيتنا ،
و نحن نتسارع بـلهفة لنلبي طلب الطارق ،
و إذا بهِ يضيئ منزلنا نوراً و معه بُشارة بحلول رمضان شهر الخير و البركة ،
ليُجزينا تالياً بما في جُعبته من ثواب و إفطارٍ شهي لكل صائم ،
.
.
.
.
^
هل الإفطارالشهي يُعّد بدون مائدة ؟
طبعاً لا ، فـ مائدة رمضان ليست أي مائدة تُعّد في الأيام العادية ، فهي مكافئة و رزق من الله ،
لترسم الإبتسامة على مُحَيّا الصائم بعد نهارٍ مُضني و شاق مُثقل بالعمل الدوؤب .
أرى دائماً مائدتنا قبل موعد الإفطار ببضعٍ ساعات فارغة تقريباً !!
و تتكون من آنية ممتلئة بالتمر مغطى بغطاء و بجوارها أبريقٍ زجاجي من الماء يتخللها مكعبات
الثلج حتى لا يدفئ الماء بسهولة. لكن ما أن يبدأ الظلام بالبوزغ و الشمس بالغروب ، حتى نتسابق
بملئ تلك المائدة بالأطعمة من مختلف الأصناف .
و كما جَرت العادة أطباقنا الشعبية لها الأولوية و السّباقة في إنهاء تحضيرها : كالأرز الأبيض
المرشوش بـ مَرَق اللحم مع الخضروات المطهوة و نسميه ( صالونة اللّحم ).
تعدّ صالونة اللّحم من الأطباق الخليجيّة الأصيلة، التي تنتشر بشكل كبير بين العائلات حيث
إنّها تعتبر من الأكلات المرغوب فيها من قبل الكبار والصغار لما تتميّز به من طعم ومذاق بغاية الروعة،
و لهذا السبب انتشرت إلى جميع الدول العربية ولاقت الإستحسان و أصبحت من الأطباق الرئيسيّة على
المائدة العربيّة بشكل عام.
كذلك طبق ( الثريد ) الشعبي المخصص لـ شهر رمضان ، حيث في بلدنا لا نحّضر هذا
الطبق في الأيام الإعتيادية و إنما نحضره لأجل رمضان كـ نوع من العادات التقليدية التي توراثناها
من آبائنا حتى جيلنا هذا . و هي مكونة من خبر و لحم مرشوش بالمَرَق فوقه، رغم أنه لا فرق
لدي لو يقومون بتحّضيريه في الأيام العادية .
الجدير بالذكر إن هناك نوعان من الخبر الذي يمكننا استخدامه لأجل تحّضير هذه الوجبة على حسب
الرغبة ، الأول هو ( الخبز العادي ) أما الثاني هو ( خبر الرقاق ) و يختلف خبر الرقاق عن العادي
لإنه يحتوي على الزعفران و السكر مقارنةً بالخبر العادي الذي يحتوي على الملح .
( الهريس ) و هي عبارة عن لحم تم هرسه مع حبوب القمح و لا تٌضاف إليه أية بهارات
و نكتفي بـ رش الملح عليه . يعتبر القمح المكوّن الأساس في هذا الطبق، وهو مفيد لأنّ القمح
غني بمادّة الجلوتين الدبقين، والذي يعتبر مكوّناً أساساً في الكثير من الأكلات العربيّة و غيرها من
الوصفات الشعبيّة. إلّا أنّه له آثار سلبيّة في بعض الأحيان لا سيّما على الأفراد الذين يعانون من مشاكل
حساسية ضدّ القمح، و مشاكل الحموضة، و حرقان المعدة، و إنتفاخ الأمعاء، وبعض الآلام في القولون.
أما في طبق ( المضروبة ) يمكننا إستخدام اللحم أو الدجاج على حسب الرغبة ،
لكنها تُطبخ مع الأرز مع طحنه و ضربه حتى يصبح ليناً و أكثر سيولة .
هناك تشابه طفيف مع ( الهريس ) إلا إن الإختلاف يكمن في نوعية الحبوب المُستعملة للطهو و كذلك عند
إعداد ( المضروبة ) نستخدم فيها معجون الطماطم و بعض البُهارات أما الهريس يُطهى بدون إضافات
أو مُنكهات و نكتفي بإضافة الملح فقط .
ثم يأتي دور المٌقبلات و المشهيات من ورق العنب و السمبوسة و طبق الكبة في النهاية، كوّنها
الأسهل و الأسرع في التحضير، فـ هم يتركون تجهيزها كـ آخر الأطباق على مائدة الإفطار .
و لا أنكر أني ما زلتُ أتلهف لتناولها أكثر من الأطباق الرئيسية كَوَّنَها الأشهى و الألذ في نظري .
ماذا عن تنسيق المائدة و كيفية توزيعها يا أيها القارئ ؟
لن تتألق المائدة إلا بعد تنسيقها و ترتيبها بالطريقة الملائمة التي تزيد من شغف الصائم لإلتهام
تلك المائدة على أحر من الجمر و لكل أسرة طُرقها المُبتكرة .
لذا نُباشر بتوزيع الأطباق الرئيسية منفردة لكل شخص أما الأطباق الجانبية فـ نتركها مُبعثرة من كل جانب
و لا نشترط وضعها في مواضع محددة ، فـ تارةً تكوني بجوار صحوني و تارةً بعيدة عني في السُفرة.
لكن لا خوف علي من هذه الناحية، فـ موقعي في المائدة لا يتغير و أختار دائماً المقعد الأوسط
حتى يتسنى لي أكل ما ذل و طاب من الأطباق الجانبية دون أن أواجه صعوبة في البلوغ لها مهما
كانت بعيدة . أخيراً ، نضع أكواب الماء و المُشروبات في زواية المائدة و كذلك نضع بعض الملاعق
الإضافية في حال احتجنا لها .
من المشاهد الطريفة، إن جميعنا يحتفظ بموقعه المحدد اتجاه المائدة و كأننا فريق كرة قدم نسعى
للإلتزام بمواقعنا في الفريق حتى لا يتغير التشكيل المُتبع و نسجل الهدف المطلوب .
كثيراً ما أرى قطتي مستاءة قبل موعد الفطور و لا يسعها الإنتظار حتى نبداً !
لكن حتى عندما نبدأ ، تظل شاردة و مستاءة لأنها لم تحصل على ما ترغب به من قطع
الدجاج و تضطر لأكل اللحم على مَضَضٍ منها حتى يعود أخي من الخارج و يُعطيها ما ترغبه من
الدجاج كَوّنه يحتفظ بنصيبها من الدجاج لأجلها @.@ .
بعدها ، يأتي أبي لينادينا بحماسٍ و لهفة عن قُرب آذن المغرب ببعض دقائق معدودة
لكي نتجهز و نترك ما في أيدينا من أجهزة و هواتف ^^ .
و إذا بتلك المائدة قد اكتملت على السُفرة التي تجمعني مع أسرتي و كأن الدهر قد انقضى
و نحن نلهث لأجل هذه اللحظة الموعودة ، لكن أرى الأمر يستحق الإنتظار ، فهي ليست أي مائدة تتكرر
في الأيام التي لا نرى فيها الهلال بل هي مُزينة بحُلة رمضان و لياليه المُنيرة .
أبي في مائدته لا ينفك عن الحديث و يُعبر عن سعادته بالصياح أحياناً و دائماً يسألنا إذا ما أنهينا فطورنا
و أكلنا جيداً بعد الإفطار .أما أخوتي يتحدثون عن يومياتهم من الصيام و عن المواقف الطريفة التي
تحصل لهم في كل يوم . أما أمي تتابع الإستماع لأحاديث أبي و تتجاوب معه .
ليلتنا لم تنقضي بعد ، فـ مازلت الحلويات الشعبية تُساهم في إحياء الليلة
مثل اللقيمات و الخنفروش المُحلى .
هنا فيديو يُريك طريقة عملهما :
.
.
.
.
^
نختتم هذه الليلة بإقامة الصلوات و العبادات و تلاوة القرآن و الأدعية
ثم نُوديع تلك الفوانيس المُنيرة عند بلوغ الفجر و نستقبلها في الليلة التالية لكي تُنيرها بهجة
على كل مُسلم صائم أدى فريضته على أكمل وجه في سبيل الفوز برضى الله تعالى .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .....