التكملة
وقفت بمحاذاة السور الذي في الدور الثاني من الجامعة وبقيت تنظر للطلاب في الطابق الأسفل وهي تتحدث مع نفسها قائلة في حزن:
ـ من المستحيل أن تكون مُحقة في كلامها.
وشعرت بـ "رينا" وهي تمسكها وتهمس في أذنيها قائلة:
ـ إنتظري هنا... سأذهب لأحضر لكِ شيئاً لتشربيه.
بينما كانت "رينا" في طريقها إلى الكافتيريا, توقفت أمام المكتبة, وفضلت الدخول لتلقي نظرةً إلى الداخل, كان هناك عدد قليل من الطلاب, وهي تتجول رأت "هنري" يضع الكتب على الرفوف ثم راقبته حتى أنتهى وسألته:
ـ هل أنت المسؤؤل هنا؟
أجابها وهو يبتسم:
ـ نعم... أحب الكُتب كثيراً لهذا أردت أن أكون المسؤؤل هنا.
عمى الصمت قليلاً أرجاء المكان فالجميع منسجمٌ في القراءة ثم قطعت "رينا" هذا الصمت بسؤالها:
ـ ما أسمك؟..
أجابها بكل لطف وهو يلتفت إليها:
ـ "هنري"... وأنتِ؟
شعرت ببعض الخجل وهي ترد عليه:
ـ "رينا".
قال لها بمرح:
ـ إسمٌ لطيف.
أصبح وجهها وردياً من شدة الخجل وقالت:
ـ شكراً لكـ.
في ذلك الوقت, كانت كلٌ من "ساكورا" و "ميمي" ينتظران على السور, وبعد مرور نصف ساعةٍ على ذهابها قالت "ساكورا" في ضجر:
ـ لقد تأخرت.
هزت "ميمي" رأسها وهي تقول بهدوء:
ـ صحيح... ربما بسبب الإزدحام.
فعلاً... لقد كان الإزدحام هائلاً أمام الكافتيريا وفي وسط كل تلك الضجة وقفت "رينا" مع "هنري" وقالت في ذهول:
ـ ما كل هذا؟
قال "هنري" مستغرباً:
ـ ربما أفقدهم الجوع صوابهم.
في إحدى الطاولات الموجود في الصالة المقابلة للكافتيريا, كان هناك شابان يقفان بجانب فتاة تجلس على كرسيها وتشرب العصير بكل هدوء بينما كان
أحدهن يتكلم بكل وقاحة وهو يضع يده على يدها المبسوطة على الطاولة ويقول:
ـ ما رأيك أن نصبح أصدقاء؟
أبعدت الفتاة "تينا" العصير وأرجعته على الطاولة وقالت:
ـ المعذرة, أنا لا أُصادق القذرين أمثالك يا هذا.
شعر الشاب بإحراج شديد أمام صديقه وقال في غضب:
ـ يالكِ من فتاةٍ وقحة.
وقفت "تينا" وهي تحمل عصيرها ثم تظاهرت بأنها ستأخذ حقيبتها من الأرض وأسقطت الكوب من يدها عن قصد فوقع على بنطال الفتى
وتلطخ منه فقال في إشمئزاز:
ـ ما الذي فعلته؟
أخفضت "تينا" حاجبيها وقالت في سخرية:
ـ أنا آسفة, لم أكن أقصد.
ثم حاول مد يده عليها وبحركةٍ سريعة رمت حقيبتها السوداء على وجهه بقوة وأسقطته على الأرض, وصمت الجميع ولم يسمع سوى صوت "تينا"
وهي تقول بكل ثقة:
ـ لن أسمح لك أبداً بالإقتراب مني, وإذا حاولت ذلك مجدداً تأكد بأنك سوف تندم.
حرك "هنري" شفتيه قائلاً في ذهول:
ـ يالها من فتاةٍ قوية.
ثم وجه كلامه إلى "رينا" بنفس النبرة:
ـ ألا تعتقدين ذلك؟
أتسعت عينا "رينا" وهي تقول:
ـ صحيح.
بعدها ظهرت على وجه "رينا" ملامح كمن نسي شيئاً مهماً وقالت في إرتباك:
ـ ياإلهي, لقد وعدت "ساكورا" بشراء عصيرٍ لها ولـ "ميمي"... لقد نسيت تماماً.
في نفس تلك اللحظة رفعت "ميمي" هاتفها النقال ونظرت إلى الساعة وتنهدت بعمق قائلة في إستياء:
ـ لقد مضت ساعةٌ على ذهابها.
إحترقت أعصاب "ساكورا" وضربت بيدها على السور وقالت في توتر:
ـ تباً, لم أعد أحتمل هذا.
وسمعت صوتاً لطيفاً بجانبها يقول في مرح:
ـ هذه العصبية لا تليق بفتاةٍ جميلة مثلك.
أدارت "ساكورا" عينيها لترى من يقف بجانبها, ورأت شاباً يقف في الجهة اليمنى من السور ويحدق بها بإبتسامةٍ صافية تعلو وجهه...
رفعت "ساكورا" عينيها وهي تقول:
ـ عفواَ؟.. . لكن من أنت؟
ضحك الشاب بمرح وقال بكل إحترام منحنياً أمامهما:
ـ المعذرة , لم أعرفكما على نفسي, أنا أدعى "روبرت".
لم تتمكنا "ميمي" و "ساكورا" من سماع آخر كلماته بسبب صوت الطائرة التي مرت من فوق المبنى الجامعي, ثم نظر "روبرت" للأعلى إلى تلك الطائرة
وقال بصوتٍ هادىء جداً:
ـ لقد عادت أخيراً.
وهبت نسمات هواءٍ قوية, وحرك شعره البني اللامع ثم همست "ميمي" بداخلها قائلة في تسائل:
ـ من ينتظر يا تُرى؟
وحدقت بوجهه قليلاً وعقدت حاجبيها ببطء وتابعت:
ـ لابد بأنه يعرف شخصاً وصل للتو إلى هذه المدينة.
بعدها بقليل رفع "روبرت" يده اليمنى ورسم إبتسامةً على وجهه وقال في سعادة:
ـ أراكما لاحقاً يا فتيات.
أخفضت "ميمي" عينيها وقالت في إعجاب:
ـ كم هو لطيف!
وفجأةً جاءت "رينا" مسرعة وهي تحمل كوبان من العصير في يدها ووقفت أمام كلٌ من "ساكورا" و "ميمي" ومدت يديها وهي تتنفس بصعوبة
وتقول في تعب:
ـ ـ آسفة على تأخري.. . لقد كُنت...
وسكتت حين رأت النار تشتعل في عيني "ساكورا" فأبتسمت "رينا" وقالت بإرتباك:
ـ لم أقصد أن أتأخر عليكما , لكن هناك ما دفعني للتأخر.
عقدت "ميمي" ساعديها على صدرها وقالت في تسائل:
ـ ما هو هذا الشيء؟
أجابتها وهي تفتح عصيرها:
ـ إنه موضوعٌ طويل... دعنا نذهب إلى القاعة لنرتاح قليلاً.
التكملة لاحقاً
المفضلات