مشاهدة النتائج 1 الى 5 من 5

المواضيع: ازرق باهت

  1. #1

    ازرق باهت

    التفاؤل الذي يشعر به الآن، جاء بعد أن انحلت عقدة من عقد حياته الوظيفية ظن انها لا تحل ابدا.
    وكذا... فإن استمتاعه بهذا التفاؤل دفعه ليسير في عصر هذا اليوم لملاقاة حبيبته... باب جنته.
    *****
    مر على احد الأسواق الشعبية ليأتي لها بما يحلي به فمها ، فوزن عند بائع الحلوى الشعبية قليل مما تشتهيه غاليته، وكان له ان يستكثر لولا خوفه على صحتها.
    دخل عليها بعد أن استقبلته خادمتها متهلل الوجه يريد أن يبادرها بالسعادة قبل أن تملا عينيه بفرحتها بما اتاها به ، فوجد عندها خالته وكان قد مضى زمن منذ لقاؤهما فحيته وحياها وازداد سروره ففاضت سعادة امه بما لا يسعه المكان ولكن تحمله القلوب.

    جلس متكأً منشرح الصدر يبادل سيدتي الفؤاد بكل صنف من عذب الكلام، و استعلم من خالته عن كل خبر يدركه لسانها فيجيبه في نفس الوقت و اللحظة... وإذ احس بالفتور يتسلل إلى احاديثهم هدر بصوت يخرج من صدره :

    _ كنتما تتحدثان قبل أن أدخل عليكما في أمر ما ؛ فلما دخلت قطعتماه والان بعد أن اعلمتني مشكورة بكل أحوال الاهل والاحباب أرى أن تكملي (السالفة) فقد مضى وقت منذ رأيت امي مهتمة بحديث واخشى انكما تنتظراني لأذهب حتى تكملاها!
    وجال بعينيه نصف المغمضتين في وجههما الذي ما زادته تجاعيد الزمان الا حبا في قلبه وغلاة.

    تبادلت الاختان نظرات نسائية فما كان من أمه الا زفرت تنهيدة وهي تفتح كفيها كمن لا حيلة له :
    _ والله يا محبوبي الغالي ما كنا نتحدث الا في أمور الخطبة والزواج؛ فقد حضرت خالتك لقاء ما وحدث ان سمعت ما سمعته...
    وانهت كلامها على عجالة تريد أن تثبت له سلامة موقفها من قراره بترك الزواج ، فتبسم لها ونقل عينيه إلى خالته و ينقل ابتسامته على الجانب وهو يقلب في مسبحته :
    _ أراني اليوم متفائل فلا امانع الاستماع إلى بقية سالفتك فلعلي اضحك قليلا او أجد فيه ما يثير اهتمامي.
    وضحك مسروراً لضحكاتهما الساخرة وكأنه يدعوهما ليشاركنه لعبة قد خسرتاها مع انفصالاته الماضية . وكأنه يتوق لربح جديد وهو يشرح لهما كيف ان الوقت اختلف والخلق فسد والزواج مشروع على شفا جرف هار.

    توهجت عينيه وخالته تسرد له عن بدايات اللقاء الذي ذهبت اليه وتحكي له عما سمعته ، ثم يجيبها "اه النساء تبذل مزيد من الجهود لمحاربة العنوسة". وكلما ناكفها بجملته هذه ومشتقاتها زادت في تزيين قولها والتوسع في سردها، فكان يمدد ساقيه في جلسته وكأنه في جلسة سمر، وكانت تحرك يديها وكأنها في محاضرة ، فلا يزيد عن ان يرفع حاجبه او يمط شفتيه وهي لا تكتفي عن إعادة الكلام حتى غشي على امه لفرط ما ضحكت.

    _ كلام في كلام يا خالتي وعندما يجد الجد ويأتي وقت الزواج الحق تقلب هذه المرأة كل كلامها وتسأل عن حقوقها المادية.
    _ يا ولدي لا اخالفك في قولك فما خسرته انت خسر مثله شباب العائلة الباقين، ولا ادعي ان بنات هذا الزمان كمثل زماننا تستحق هذا الإنفاق.
    ولكن... ما اسعدني في هذا اللقاء الا امرأة قامت في ختام الندوة فقالت كلام أعجبني وطرب له قلبي.


    وضع هو فنجانه أرضاً ثم مال نحوها و زفر :
    _ فلماذا كل ما مضى من كلام... هاتي هذا الذي طرب له قلبك.
    وعاد يعتدل في جلوسه بعد أن قبّل يد امه التي كانت تناوله فنجانه وقد صبت فيه القهوة.

    _ الحقيقة فكرت في خطبتها لفلان وجئت استشير اختي في هذا، وكنت احب ان يعدد بها احد أولادي لولا خوفي من فساد حياتهم بسخط زوجاتهم.
    _ اسمحي لي... عبيد النساء لا عتق لهن.
    ولولا ان خالته هزت راسها توافقه لذهبت شهقة امه بعقلها، الا انها لما رأت اختها توافقه سكنت وامسكت بيد اختها التي امعنت النظر في وجهه وقالت له بمكر لا خبث فيه :
    _ وكنت سأقول لأمك انها امرأة لا تليق الا برجل مثلك.
    ورفعت حاجبيها لترمي امه بنظرة "حسنا وقلتها".
    اما هو فقد جلس قائما كمن يريد أن يهم بالنهوض ومد يده يرفع شماغه بخبرة :
    _ تتفقان علي.
    أمسكت به جنته وقالت له دون أن ترجوه :
    _ هي قالت إنها كانت ستقول لكنها كانت تستشيرني في الذهاب لزيارتها لان فلان انت تعرف كيف هن حريم بيته!
    و زادت خالته و عيناها تضحكان :
    _ خير العارفين.
    قهقه وهو يستقيم معتدلاً ليضع الشماغ فوق هامته ثم عاد ليجلس بعد أن عدل هندامه...
    _ طيب بما انك قررتي ان تخطبيها لي اولاً قبل أن تفكري بفلان او غيره، اخبريني كيف تبدو؟
    _ نظيفة
    رفع حاجبيه وابتسم ابتسامة واسعة قبل أن يضحك منتعشاً
    _ نظيفة!
    _ نعم... لديها مظهر نظيف.


  2. ...

  3. #2
    اكتسب وجهه ملامح جدية ساهمت حدة ملامحه في استحضارها فتابعت خالته وهي تنقل انظارها بينه وبين اختها وتسند كفها على فخذها.
    _ انا أعجبني كلامها والله، وكانت تتحدث صادقة وتؤنب الفتيات ولكن بقول ما اعرف كيف اصفه لك، لكنها واضحة صريحة ولطيفة، فما رأيت في الحاضرات من نفرت من قولها رغم شدته... وتحدثت في حقوق الزوج حديثا تربيت عليه انا وامك وجدتك.
    صفق بيده :
    _ وكيف دريتي انها متاحة للزواج.
    _ سألتها عما إذا كانت تعرف بيت مناسب للخطبة وتعرف انت خلال حديثنا عرفت بأنها لا زوج لها.
    مسح على ذقنه وهز راسه مستحسنا الإجابة ثم قام عن المجلس وودعهما... فالغد لا يحتمل التأخير فثمة حصاد وفير يسر الخاطر ينتظره بعد شهور من الصبر والانتظار.
    *****
    البارحة أهداها الحلوى واليوم يفكر بأن يهديها ظرف ممتلئ بالمال.
    وقف في المكتبة يتأمل المظاريف... ثمة مظروف ازرق باهت أعجبه و لكنه أصغر من أن يستوعب كمية المال الذي خطط لإسعادها به ؛ فقلب عينيه ليجد مظروف اكبر منه وأكثر سماكة.
    اللون يروقه بشدة وثمنه لن يضيف الكثير في صندوق حساب المكتبة لذا تناوله ووضعه أعلى المظروف المزخرف بلون احمر داكن.

    بعد أن انتهى من تهيئة هديته لسيدة قلبه أغلق المظروف الأحمر الداكن ووضعه في كيس هدايا بداخله باقة منسقة...لقد أدرك منذ نبوغ شبابه انها أغلى امرأة في حياته ، وهي الوحيدة التي تستحق كل فنون الود والحب والاحترام .
    سرح بنظره قبل أن يبادر في تعديل شماغه ومن خلف نظارته الشمسية فكر كثيرا كيف تهاوت زيجاته الماضية أمام صموده على ثبات مقامها في قلبه
    نعم... احبها اكثر منك... نعم ، هي أهم منك... طبعا فهي باب الجنة...
    فكر فيها وهي تسعى لتزويجه مرة ثانية!
    الا تخاف من فقدانه كما فقدت خالته بر أبنائها، ان تنسى ملامحه كما نست جاراتها ملامح أبنائهن!
    هاته النسوة النبيلات الطيبات اللواتي خسرن معركتهن أمام جموع من الدمى الفاتنة الفارغة.

    تنفس بهدوء ورائحة عطره المخزن في صندوق السيارة تتغلغل داخل رئتيه ؛ فتحه ليخرج كرت الاهداء الذي كتبه البارحة حتى يختم به باقة الورد.
    مظروفي الأزرق الصغير الظريف، لأي شيء سأحتاجك ؟
    رفعه عن حجره ثم دفعه داخل صندوق سيارته واقفل عليه بإحكام داخل سحابة من العطر المعتق.

  4. #3
    كاميليا العشق؟!
    أهلا وسهلا!
    أطلت الغياب يا أختي!

    كيف حالك؟ embarrassed

    قبل يومين كنت أضع روايتكِ الأولى في الحسبان كي أعيد قراءتها بإذن الله!

    مرحبا بك من جديد embarrassed
    سأعود إن شاء الله بعد قراءة ما كتبتِه
    اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمد

    sigpic348259_3

    أسباب في غاية القصر والبساطة للكتابة للمؤلف أحمد مشرف:
    https://drive.google.com/file/d/0B-LfJc_YRsHobjVQcTh1UHl3dkE/view

  5. #4
    مرحبا مرة أخرى embarrassed

    قصة بطابع عربي! هذه مفاجأة!
    أرجو أن تكمليها فأنا حقا في حالة من الفضول للتكملة! embarrassed

    لم أعد أذكر أسلوبك القديم تماما لكن الوصف هنا حميم وعاطفي للغاية.. نوعا ما أحسست بمبالغة في العاطفة، وفي ذات الوقت أوصلتِ شعور البطل وشدة حبه لأمه!

    في العلاقات تكون المقارنة بين فرد وآخر ظالمة، فامتلاك عدد كبير من الأصدقاء -على سبيل المثال- لا يعني أن الشخص مهمل لعائلته وأقاربه ويوجه مل حبه لرفاقه! (قابلتُ فعلا امرأة كانت ترى أن ارتباط ابنها مع أصدقاء يعني أنه سوف يرميها في الشارع! tired)

    لذا أتساءل الآن إن كان البطل قد ألقى به حظه العاثر مع فتيات حاولن منافسة أمه في مكانتها أم أن المشكلة فيه هو؟! أهو الشخص الذي يهمش زوجته معتقدا أن هذا نوع من البر بوالدته؟!


    على أية حال.. في انتظاركِ دوما

  6. #5
    ما كتبت هذه أجمل
    attachment
    في منتدى نور وهداية
    مكسات


بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter