وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
عُنوان الموضوع مبتكر وجميل، أهنئك عليه.
كأحد الذين ذاقو المُر من وراء التسابق في الشوارع بسرعات تصل إلى 260، أجد نفسي أقول أن الطائشين والمتهورين في القيادة (ما عندهم سالفة)، والحمدلله أني بدأت أعدل وضعي منذ فترة وبدأت ألحظ أنني لم أعد أنجذب لمثل هذه الأمور كما كنت سابقاً.
هنالك عدة أسباب تقف وراء هذا التهور وأنا قد جربتها كلها، أعددها وأبسطها كالتالي:
- الجهل: حيث أن السائق ليس لديه ثقافة قيادة كافية، فهو يظن أن مجرد إتقانه للقيادة كافٍ دون أن يعرف (الذوق) عندما يكون في الشارع. الأمر أشبه بأن أجلس وأحفظ كتاباً استعداداً لاختبار في الغد، ولكن دون أن أتدرب على صيغة الأسئلة: هل هي اختيارات متعددة؟ إجابات قصيرة؟ كتابة مقال مبسط؟ مقال معقد؟ نعم لدي كل المعلومات في رأسي ولكن أنا لا أعرف كيف ستكون صيغة الأسئلة، ولا أعرف كيف أفرغ ما برأسي في الورقة. تماماً مثل اللذين يتعلمون القيادة ويحصلون على رخصة قيادة للتو، يظنون أن مقدرتهم على السواقة كافية، ولكن السؤال هو هل يعرفون كيف يطبقون تلك المعرفة بالشكل الصحيح على الشارع؟ وهل يعلمون أن القيادة أخلاق قبل أن تكون إتقان؟
- اللامبالاة: فعلاً، أنا كنت لا مُبالياً في الماضي، لم أكن أعير للأمر أهمية كافية. نعم كنت أخاف أحياناً وأخفف من سرعتي إن أحسست أن الاستمرار في القيادة بسرعة جنونية سيقتلني، ولكن سرعتي بصفة عامة كانت مرتفعة (كأن أشعر أن 230 خطرة وأخفضها لـ 190، والحقيقة أن الاثنتان خطرتان! الأمر الذي جعلني أبتعد عن هذا الطريق هو كثرة الحوادث التي أراها من حولي، أرى أطفالاً يُيتمون بسبب طيش مراهق، أو أم تُرمل بسبب جهل فتى لم يستلم رخصة حتى الآن. ليس كافياً أن نخاف على أرواحنا، فنحن على الشارع مسؤولون عن أرواح بعضنا وهي في رقبتنا، أي (حركة مالها داعي) في الشارع قد تؤدي إلى ما لا نستطيع مسامحة أنفسنا عليه لاحقاً، فهنالك أطفال ونساء لا ذنب لهم بجهل الكثيرين.
- الانانية: كأن أظن أن الشارع ملكي، أو أن أقصى اليسار في الطريق السريع ملكي أنا ما دامت السرعة فيه أكبر من التي في المسارات اليمنى فأنا سأسرع فيه (على مزاجي)، ولكن لحظة! نعم مسموح بزيادة السرعة في أقصى اليسار ولكن هنالك حدود، وإن لم يردعك ذلك فالرادار لك بالمرصاد، وعبي عبي عبي الفاتورة إلى أن ينقسم ظهرك منها (لقد قسمت ظهري فعلاً).
- توفر السيارات السريعة والقوية: عن نفسي إذا سمعت صوت المحرك القوي والشرس لا أتمالك نفسي، لن أكذب، صوت زئير المحرك القوي يطرب أذني أكثر مما تفعل الموسيقى أحياناً. صوت التسارع وتبديل الغيار، تبديل المسارات على الشارع من اليمين لليسار ومن اليسار لليمين أثناء زيادة سرعة السيارة يشعرني كأنني بطل فيلم أكشن، لكنني في حقيقة الأمر وطوال هذا الوقت كنت بطل فيلم درامي حزين وقد يكون مرشحاً للأوسكار أيضاً.
- تطور السيارات التكنولوجي: هل سأل أحدٌ منا نفسه لماذا كثرت الحوادث في السنوات الأخيرة بينما هي ليست بنفس القدر قبل ذلك؟ الأمر غير محصور في ازدياد معدل الطيش واللامبالاة فقط، ولكن ألا تلاحظون أن السيارات تزداد قوة وسرعة عاماً بعد عام؟ هل كامري 1995 مثل كامري 2012 في القوة مثلاً؟ (مع أنني لا أحب هذه السيارة أبداً) ولا ننسى أن السيارات القديمة تحتوي على كمية كبيرة من الحديد المستعمل في تصنيع هيكلها، لذلك فهي أثقل وبالتالي أبطئ عند تزايد السرعة، الأمر الذي قد يجلب الملل للسائق، على عكس السيارات الحديثة فهي أغلبها (كرتون) وأخف بكثير لأنها من ألياف الكربون فتسارعها أكبر حتى لو كانت 4 سلندر (وبالتالي تكاليف الإنتاج أقل). الله يستر من 2020 و 2030، بكرة نلاقي كورولا 8 سلندر وعليها سستم وتيربو ههههههههههه.
============
سأنتقل للأسئلة حتى لا أطيل:
- مارأيك بنظام ساهر و هل ترى بأنه مجدي في ردع لاعبي البلايستيشن ؟!
لا يوجد لدينا ساهر في الإمارات لكن النظام نفسه، وأجد أن الشوارع ستصبح في فوضى من دونه، وأنا بصراحة أراه لحماية العوائل أكثر من الأفراد لأن تضررهم يسبب مرارة أكثر من فقد شاب واحد.
2- مارأيك بتحديد السرعة و إلى كم تقترحها ؟
لا توجد سرعة محددة، الأمر كله يعتمد على الشارع نفسه. البعض يظن أن اختيار سرعة الشارع يكون بشكل عشوائي وذلك جهل، فـ سرعة الشارع يتم تحديدها بعدة عوامل مثل عدد مسارات الشارع، مدى الازدحام فيه، ساعات الذروة فيه عندما يصل عدد السيارات إلى الحد الأقصى، ما السرعة المناسبة التي ستجعل الشارع يكون انسيابياً عندما يكون عدد السيارات عند رقم معين، وهكذا. مو كل من جا وناظر الشارع وطلع رقم من راسه وقال أنا أشوف إن 160 مناسبة للشارع، لا، في نظام ودراسة للموضوع قبل إنشاء أي شارع.
3- ماذا عن المبلغ المحدد للمخالفات ؟!
يعتمد حسب خطورة المخالفة وتأثيرها على باقي السيارات في الشارع، فمثلاً تجد مخالفة قطع الإشارة الحمراء لدينا في الإمارات 1000 درهم حسبما أذكر + حجز السيارة شهر + نقاط سوداء تسجل على لوحة السيارات بحيث لو وصلت الحد الأقصى وهو 24 يتم سحب السيارة وحجزها لمدة زمنية طويلة (أو حتى حجز رخصة القيادة لو تم تسجيل النقاط عليها عوضاً عن لوحة السيارة)، بينما مخالفة زيادة السرعة أقل شيء 300 درهم، ولو قارنا سنجد الأرقام منطقية، فأنا قد أتسبب بفاجعة مأساوية إذا قطعت الإشارة الحمراء والسيارات من الجهة الأخرى تسير في المسار الذي من المفروض أنني لا أقود فيه، تخيلو كم سيارة وكم شخص سيتضرر، وقارنوها بمخالفة زيادة السرعة.
5- ماسبب إستهتار الناس بأرواحهم رغم ذهابهم إلى المجهول بعده ؟!
ذكرت الأسباب في الأعلى بشكل مختصر، وعلى فكرة هنالك أسباب أخرى.
6- أذكر لنا تجربة بلدك في التقليل من السرعة و حفظ الأرواح في الطرقات
النظام المروري في الشوارع لدينا في الإمارات صارم ولا مجال للتلاعب به. هنا مثال على رادار السرعة الزائدة، فليس من الضروري أن يكون ثابتاً، انظري للصورة:
قد تجدين شرطياً واقفاً في الشارع ويعمل عمل الرادار ولكنه متحرك وهو ما نسميه بالقناص عندنا، أو قد تجدينه خلف شجرة أو بين الأسوار أو حتى في السيارة التي تسير بجانبك! ويعمل عمل الرادار في المناطق التي يظن البعض أن لا رادارت فيها وبالتالي يستطيع التسابق فيها على مزاجه.
هنالك محاولات لتشجيع الناس على عدم المخالفة أو حتى تخفيف الحزن الناتج من تراكم المخالفات ودفع مبالغ كبيرة من أجلها من خلال شيء كهذا:
==================
هذا ما لدي للآن، وأختم بقولي "احترم الشارع والشارع يحترمك ولا أحد يقرب منك"،
أشكرك مجدداً على الموضوع.
المفضلات