.
.
إحنا فقرا ولا إيه ؟!
بينما أقرأ بلذة شديدة السيرة الذاتية الممتعة والطريفة للكاتب نبيل فاروق ! ,.تحدث في فترة من فترات
حياته عن فقره المدقع ! , بينما كان ينتقل بسفره الدائم بين مدينتي طنطا والقاهرة بشكل متكرر ,,
وهو _إذ كان يحكي ! _ كان يصل لنقطة تحول وتغير مسار حياته من طبيب يعيش في مرحلة الامتياز ويحلم
أحياناّ بشراء سجادة قيمة لخطيبته وهذا كان حلم صعب للغاية بالمناسبة ! ,, إلى أديب رائع بلغ قلوب وعقول الشباب بأسلوبه الممتع وثقافته العميقة !
عندما كان يحكي عن نقطة التحول يتحدث فألخص عنه سريعا أنه قد نشرت مسابقة في إحدى المجلات عن مسابقة
للروايات تنشر بها القصة الفائزة مع مكافأة للكاتب , وقد فاز بها وذهب
للمؤسسة ليأخذ مكافأة الرواية ! , فإذ به يفاجئ بتناقش الناشر معه على سلسلة روايات وليس محض جائزة ومن ثم
يعطيه في نهاية اللقاء مظروف متخم بالنقود ..!
ولا تسل عن بهجة الكاتب الكبيرة إذ وجد في تلك الأيام أول ورقة فقط من المظروف بفئة عشرون جنيهاّ وهي في تلك الأيام
مع المظروف المتخم بعشرات منها ! ثروة جعلته يظن بصدق أنه قادر على منافسة أوناسيس نفسه في مقدار ثرائه ! ..
ويتابع قصته بقوله أنه في تلك الظروف كان يستقل قطار المحطة الدرجة الثالثة ويتبع ساخراَ بأن الحصول على مقعد
فيها لم يكن يحتاج سوى للقفز والحصول على المقعد ومن ثم التشبث به حتى الموت ! ..
وهو أيضا عندما فتح المظروف وسعادته ما زالت في أوجها يسأل الموظف عن موعد قطار الدرجة الأولى لكي
يركبه فإذا بالموظف يخبره بأنه سينطلق قطار في حوالي ربع الساعة من الدرجة الثانية أو الثالثة ! ,
أما قطار الدرجة الأولى فسينطلق في حوالي الساعة الرابعة أي تقريبا بعد ثلاث ساعات ! . فإذا بالكاتب
يقرر الانتظار حتى الرابعة ليستقل قطار الدرجة الأولى ويقول معبرا بسخرية طريفة " عقد نفسيى بقى ! " ..
ويتابع قائلا أنه توجه للكافتيريا الخاصة بالقطار وطلب غداء ومن ثم عندما ركب القطار بدأت إحدى الموظفات
تجوب بالقطار معلنة عن الغداء لمن أراد ! فإذا به يعلق في صراحة أذهلتني أنه أصر على طلب وجبة أخرى من الغداء
قائلا " أيوة غدا .. احنا فقرا ولا إيه ؟! "
.
.
شيبسي كباب !
.
.
في مكان ما من الماضي ..! , كنت دوما أنتظر تلك اللحظات السعيدة التي أنام فيها غاضبة على الأغلب لأنني أول من سيؤول إلى سريره الصغير , بينما ينتظر في الغد مصروفه اليومي , هذا المصروف الكنز ! الذي لم يكن يتعدى في بداية ذهابي
متعثرة لأولى خطوات التعليم على الإطلاق الخمسون قرشاَ بأية حال ! , وكان هذا يكفيني بلا شك ! ..
نعم ..لا بد أن يكون ورقيا يلمع بشدة وجديد لكي تكتمل فرحتي ! , لقد صار هذا من نواميس الكون كما تعلم ..!
أتذكر أن أمي كانت تخاف بشدة من تلك النكهات الغريبة التي يحوي بعضها طعوم اللحوم والدواجن وكانت تحذرني منها
وكنت ولا زلت أذكر تلك الطعوم المحرمة علىَِ مثل الكباب أو الديك الرومي ..تصور !
لكننا مثل أي شيء جميل في هذا الكون نتغير .. ونكبر وبداخلنا تكبر تلك الرغبة الطفولية التي منعنا فيها مذ كنا صغاراّ ..
وهي التوق لأخذ ما حرمنا منه بغض النظر ما كان ذاك الشيء .. و إلى الآن لن تتصور كم أنا مدمنة لتلك الرقاقات المقلية ..
وبالأخص طعم الكباب !
.
.
أتصور أنه في حياتنا تعبر مثل تلك المواقف فنعبر بها نحن أيضاّ ..بل ونثب من فوقها غير آبهين بالعبرة التي فيها , أو المغزى
الذي نتصوره ونأخذه منها ! , فنحن نؤمن مع الكاتب أحمد خالد توفيق " التاريخ يعيد نفسه ! ,
لأن البعض يظن في كل مرة أنه سيتصرف بشكل مختلف ! " , ولأننا مقتنعون بأن التاريخ ! ما هو إلا انسان ممل عهدته ثابتاَ على عبر نفيد منها وتتكرر
بشكل دوري ! فما أظنني بحاجة لتكرار الأخطاء ولكن بالتعلم منها وتجنب ما عثرت فيه من قبل !
ولكنني أتساءل وأرى من حولي عقد نقص كثيرة ! , فالبعض لدية عقدة نقص من الانتقاد ! والبعض يملك عقدة نقص الغرب والأخيرة مضحكة ومؤسفة بذات الوقت !
ويتحدث بشكل مفصل عن هذا كتاب " ثقوب في الضمير " , الذي يصور العرب بشكل عام أنهم يشعرون من الغرب في أخصه " أمريكا " بالاستياء الشديد من تلونها
واختلاف معاييرها مع العرب واليهود وعدم نصرتها لهم بينما هم يتصورون هذا أحياناَ , وبين الانبهار بكل ما هو آت من تلك الحضارة هناك فهو يشعر أمامها
بالانهزامية التي تؤدي إما لمحاولات تغيير وطنه الحالي لنسخة طبق الأصل من تلك البلاد أو ربما يتصرف بشكل آخر ..!
لدى كل منا عقدة نقص يجعلها أشبه ببوابة إلى الجحيم , لا يجدر بك الاقتراب منها أو محاولة الضغط عليها بقصد أو بدون فأنت لن تتوقع ما سينالك منها
..ما سيجعل هذا الشخص في عينيك ليس إلا شيطان رجيم ! ..
أتساءل ما هي عقدة النقص التي بداخلك ؟ وهل هي محض واحدة ؟ أم عدة؟
هل تخجل من الاعتراف بكونك تحوي ولا شك واحدة منها على الأقل واحدة أم ستتظاهر
بتلقائية آسرة أنك لست سوى انسان طيب وهذه _بحق الله ! _ أكبر مشكلاتك بالحياة ! بينما أنت لا تنفك العيش مع الخونة ومنعدمو الضمير والأخلاق ؟ّ
.
.
توقفت هنا
المفضلات