,
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} سورة البقرة 34
لطالما علمونا في المدارس أن إبليس عليه لعنة الله هو من الشياطين أساسا ,
وأغلقوا الباب خلف تلك المقولة ,
لكن, هل إبليس فعلا من الشياطين بالأساس ؟
ذكر بن كثير :
ذكر السدي في تفسيره: عن أبي مالك عن أبي صالح عن بن عباس وعن مرة وعن بن مسعود وعن ناس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش, فجعل إبليس على ملك الدنيا, وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن, وإنما سموا الجن: لأنهم خزان الجنة. وكان إبليس مع ملكه خازنا, فوقع في صدره: إنما أعطاني الله هذا لمزية لي على الملائكة. وذكر الضحاك عن بن عباس: أن الجن لما أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء: بعث الله إليهم إبليس ومعه جند من الملائكة فقتلوهم, وأجلوهم عن الأرض إلى جزائر البحور.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
ثم إنه قد جاءت الكثير من الآيات تقرن إبليس بالملائكة, منها:
- وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لإدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين. (سورة البقرة 34)
- ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. (سورة الأعراف 11)
- وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا. (سورة الإسراء 61)
- وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى. (سورة طه 116)
فإذا كان الخطاب هنا للملائكة فقط, فلماذا يعاقب إبليس إذا لم يسجد؟
هذا ما يجيب عليه الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمة الله عليه إذ سئل السؤال التالي ::
قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف:50] هذه الآية توضح لنا أن الله عندما أمر الملائكة بالسجود لآدم ولم يسجد إبليس ، فكيف يؤاخذه الله - سبحانه وتعالى - على أمر لم يدخل إبليس في نطاقه لأنه ليس من الملائكة، ما دام إبليس من الجن وليس من الملائكة، فكيف يشمله أمر السجود؟
فكانت إجابته رحمة الله عليه كالتالي ::
العلماء لهم في هذا قولان: أحدهما: أنه من الملائكة، من طائفة يقال لهم الجن من الملائكة، ولهذا شمله الأمر، وحكم الله عليه بالبعد واللعنة لأنه عصى الأمر. والأمر الثاني: أنه كان معهم ، يتعبد معهم، وأنه خلق معهم ، وأمر معهم بأن يسجد ؛ لأنه كان معهم وقد صحبهم بالعبادة ، فلهذا ورد عليه الأمر معهم فعصى فعاقبه الله باللعنة والطرد بسبب عصيانه للأوامر الموجهة إليه، وإن كان ليس منهم عنصراً فهو منهم في العمل، فقد وجه إليه الخطاب والأمر معهم فعصى واستكبر ، فلهذا أصابته العقوبة ، وحلت عليه اللعنة، إما لكونه منهم ، وهم طائفة يقال لهم الجن، أو لأنه صار معهم وتلبس بأعمالهم وصاحبهم في أعمالهم وصدر الأمر إليه وإليهم جميعاً ، فلما وجه إليه الأمر معهم صار مستحقاً للعنة لعصيانه واستكباره ، وهذا أمر واضح ، والقولان مشهوران للعلماء، أحدهما أنه منهم، فلا إشكال في ذلك، والثاني أنه أبو الجن أو الجن المعروفين من الثقل الثاني ، وهو كآدم للإنس ، ولكنه صار مع الملائكة حين الأمر ، ووجه إليه الأمر معهم فصار مأموراً كما أنهم مأمورون ، فلهذا استحق اللعنة والطرد لاستكباره وعصيانه.
كما وقد ذكر بن كثير في كتابه ’البداية والنهاية’ أكثر من رواية واحدة تثبت أن إبليس أصله من الملائكة, منها ::
وقال محمد بن إسحاق: عن خلاد عن عطاء: عن طاوس عن بن عباس: كان اسم إبليس قبل أن يرتكب المعصية: عزازيل, وكان من سكان الأرض, ومن أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما, وكان من حي يقال لهم الجن.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
وروى بن أبي حاتم: عن سعيد بن جبير عنه: كان اسمه عزازيل, وكان من أشرف الملائكة من أولى الأجنحة الأربعة.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
وعن أسند عن حجاج عن بن جريج قال بن عباس: كان إبليس من أشرف الملائكة, وأكرمهم قبيلة, وكان خازنا على الجنان, وكان له سلطان سماء الدنيا, وكان له سلطان الأرض.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
وقال قتادة: عن سعيد بن المسيب: كان إبليس رئيس ملائكة السماء الدنيا.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
هذا ويوجد روايات تخالف الروايات السابقة في كون إبليس من الملائكة أساسا,
وترجح كونه من الشياطين في الأساس.
نذكر منها ::
وقال الحسن البصري: لم يكن من الملائكة طرفة عين, وإنه لأصل الجن, كما أن آدم أصل البشر.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
وقال شهر بن حوشب وغيره: كان إبليس من الجن الذين طردوهم الملائكة, فأسرهم بعضهم وذهب به إلى السماء. رواه بن جرير.
البداية والنهاية لإبن كثير
الجزء الأول, صفحة 55
باب خلق الجان وقصة الشيطان
كما لا ننسى ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز ::
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} سورة الكهف 50
كما رأيتم انقسم أهل العلم إلى قسمين,
قسم يرى بأن أصل إبليس من الشياطين,
وقسم يرى بأن أصله من الملائكة, وهو الأرجح والله أعلم ~!
والآن يفتح المجال للنقاشات,
لكن لدي تنبيه بسيط ::
من أراد الإستشهاد بحديث فليذكر رواة الحديث وسنده.
والسلام ~!
[/INDENT]
المفضلات