من نافذتي .. في المنزل الريفي .. المطل على ذلك البستان.. كنت اختلس النظر اليك.. مع أولى لحظات الصباح .. تشرق الشمس لتبعث فيك الامل .. تخرجين من البيت الى ذلك البستان .. تتحسسين قطرات الندى التى تداعب اوراق الشجر .. ومن ثم تتجهين الى الازهار .. لتتحلي بنسيمها .. تبتسمين للناس مع ان الحزن يغمرك .. للحظات تتجهين بعينيك الى الافق ذلك اللذي يسلب عقلك لتمتد اللحظات الى دقائق .. وسرعان ما يعيدك الواقع الى عالمك الحقيقي .. حيث تصافح خديك دمعتان .. تجف مع نسيم ذلك البستان .. تركضين الى البيت لتستلقي على ذلك الكرسي الخشبي المتأرجح .. لتغمضي عينيك .. وتسترخي...
تمر الاشهر .. وهي على هذا الحال .. أجبرني التساؤل أن أقتفي اثر الأحداث في حياة هذه الفتاة .. لم تكن قصة حب عادية .. يبدو ان هذه الفتاة قد قاست الكثير ..
في يوم ما .. قابلت الفلاح المهتم بذلك البستان .. سألته اذا ما كان يعلم عن ما بداخل هذه الفتاة من الم .. وعنده وجدت للسؤال إجابة .. أن لهذه الفتاة محبوب كان يبادلها الحب .. عاشا الطفولة معا .. تقاسما الأفراح والأحزان .. أجبر الفتى على الرحيل للاتحاق بإحدى الكتائب العسكرية في احد ازمات الحرب .. وعدها بالرجوع .. طلب منها ان تترقب مجيئه .. انتهت الحرب .. ولم يعد المحبوب.. ولم يرد عنه اي خبر .. وهي منذ ذاك اليوم تستعيد ظله في صفحات ذكرياتها.. تقلب الصفحات.. لتمر على الكلمات ..و.. تهمس باسمه ..
باحد الايام وقفت عند النافذة في الوقت المعتاد اترقب اطلالتها الجميلة .. وعلى غير عادة .. ساد الصمت البيت..والبستان.. طال انتظاري.. شعور غريب شدني الى ذلك المنزل أسرعت نحو الباب اطرقه .. ولا احد يجيب .. سوي صدى طرقاتي.. مزق الصدى صوت الفلاح .. وكان صوتا حزينا .. لقد تعرضت الفتاة البارحة الى حادث مروري شنيع ..اودى بحياتها .. اعترف ..هزني الحادث .. امتلأت عيناي بالدموع .. حينها قال الفلاح.. بالامس كانت تحدثني عن سرها .. عن سر ذاك البستان .. عن الزهور.. قالت لي : يا عم اتذكر حين ساعدتني في زرع هذه الزهور ..ها هي قد كبرت.. لن استقبل المحبوب بزهرة واحدة .. زرعت له كل هذه الازهار .. له فقط .. في نسيمها اذكره واسمع همسه .. ارجوك ان تهتم بها ..
أحرقني الواقع بمرارة الالم .. كم كان حبها صادقا ..
مرت فصول السنة .. وأوراق الاشجار مشتاقة لتلك الانامل .. و الزهور .. باتت تترقب المحبوب بوصية المحب ..
اتمنى ان تحوز على اعجابكم ...
أخوكم ..
قــتـــــ الصمت ـــيــل
المفضلات