الصفحة رقم 1 من 9 123 ... الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 1 الى 20 من 168
  1. #1

    المدونات الأسطورية : أرض التنانين ] عالم فانتازي خرافي [

    السلام عليكم
    بناءً على نصيحة أحد أصدقائي , أخبرني بأن انشر روايتي هنا
    فها أنا ألبي رغبته و أضع أولي فصول روايتي ..
    ********

    [center][size="4"]الفصل الأول : دايسكي


    تثاءب ( دايسكي) على مهل وهوعلى فراشه أزرق اللون , فنهض و عدل من جلسته و أرح ظهره على وسادة قطنية و أخذ يغمض عينيه كأنه يحاول الأمساك بأذيال حلم رحل عنه , نال ضوء النهارالمنسل من بين فراغات النافذة إلى عينيه فتأوه , ثم أعتادت حدقتاه الوضع , فنظر من حوله , فوجد كل شئ فى حجرته كما هو , لم تلمسه يد أثناء نومه فوجد بعض كتب ( أحكام أيتورنا ) ملقية بأهمال متعمد على أرضية الحجرة , ثم تجد بعض الأكواب الفارغة تحت الطاولة وقد كستها طبقات عدة من الغبار تخبرك عن عدد السنين التى قضتها فى موضعها هذا دون أن تتحرك ساكناً و تنظر لك فى عناد واضح كأنها لا تنوى الرحيل من مكانها هذا , ناهيك عن تلك الجوارب التى تصاعدت الراوئح منها تشمئز منها الفئران , بالرغم من كل هذه القذارة إلا أنها كانت حجرة فاخرة جداً من حجرات قصرعظيم .
    برقت عينا ( دايسكى ) الزرقاون لبرهة حينما شاهدت إنعكاسها على المرآة التى تحتل معظم الجانب الأيمن من حجرته ,, أغمض (دايسكي ) عيناه مرة أخرى ليتذكر ذلك الحلم الذى قضى ليله يعيشه كان يبدو كمن يحاول الحفاظ بقطرات الماء بين كفيه أو كالذى يريد تأمل الشمس دون أن يذهب بصره لاحت إبتسامة صغيرة على وجهه .. بلى لقد تذكر ذلك الحلم .. كان يحلم بأشياء غريبة و عجيبة .
    كان أيضاَ يعرف أنه لم يرها قط أو قرأ أو سمع عنها شئ كانت مجهولة بالنسبة لعالمه وكان هذا ما يؤرقه .. كيف تأتى هذه الأشياء إلى أحلامه , يتذكر أول مرة حينما حلم بالكاد كان يحلم , فهذه الأشياء لم تربطها صلة بالأحلام اللهم أنها تأتيك أثناء النوم , كانت تشبه الرؤيا , كان يرى الأبواب العظيمة الست التى تحيط بالقرية التى لم تفتح نهائياَ قد فتحت على مصرعيها , و أن هناك ما يبدو بظلال ست أشخاص واقفين كلاً منهم أمام بوابة ثم يفعلون أمراً ما لايدرك كنهه , فيستيقظ من نومه شبه فزعاً ومدهوشاَ كثيراَ , كان هذا الحلم هو بمثابة القطرة الأولى لغيث الأحلام الذى غرق فيه بعد ذلك , فى البدء كان يعتقد أنها كوابيس تأتيه نتيجة لرهبته الأولى من القرية ولكنها كانت تعاوده بأستمرار و أماكن أخرى غريبة لم يرها فى قريتها التى يعلم كل سنتيمتر فيها , او حتى فى كتب أيتورنا , فقد كان العالم كله كما يعتقد هو و بقية أهل القرية أجمعين بأن أيتورنا هة العالم بأكمله وما من أحياء أخرين غيرهم , كانت كل هذه الأحلام غريبة جداَ ولكن الحلم الأكثر غرابة ورهبة فى نفس ( دايسكي) هو أنه كان أكبر سناً عما يبدو عليه و يرى نفسه يتسلل إلى القبور , ثم يقف أمام قبر معين وكان النقش عليه هو :


    (( هنا يرقد جثمان العزيز ديسكي ))

    توفى فى 16 نوفمبر 2007


    حينما كانت تقع عيناه على كلمة توفى تنقبض عضلات قلبه و تكاد تقف من الفزع والهلع ,, أما ما كان يقلقه جداَ هو تاريخ وفاته يوم 16 نوفمبر 2007 أى بعد تسع سنوات فهو الأن فى السابعة من عمره بالأحرى طفل صغير ينبغى له أن يحيا كبقية الأطفال الأخرين و إلا تساوره هذه الكوابيس المزعجة منذ نعومة أظافره , لذلك بعقله الصغير توصل إلى شئ مهم جداً ألا وهو أن يدون هذه الأحلام فى مدونة خاصة لهذه الأحلام أو الرؤيا التى يراها , وكما يحدث فى كل صباح حينما يستيقظ من نومه , وقف ( دايسكي) من مجلسه وهو لم يفق بعد من النوم و إن كان ينبغى أن يكون يقظَ بسبب الكوابيس التى تساوره ولكنه كان قد تعود على ذلك فأصبح لا يفزع كثيراً , فإذ به يترنح قليلاً , ثم يعتدل فى وقفته و يمسك بكرسى خفيف الوزن يبعد عنه خطوتين و يحركه تجاه المكتب فيقف عليه تمهيداً لأن يقف على المكتب و من ثم يرفع الكرسى إلى سطح المكتب ليقف عليه , ثم حرك يديه إلى أعلى فحرك قطعة خشبية فى السقف تعلن عن وجود فراغ بالأعلى , يمسك الحائط بيديه اليسرى لتحافظ له توازنه حتى لا يسقط من هذا الأرتفاع بينما تنقب يديه اليمنى ذات اليمين وذات اليسار فى التجويف عن شئ ما و إذ بها تخرج بكتيب صغير يبدو نظيفاً على عكس مصدره يدون فيه أحلامه , عاد ( ديسكي) إلي فراشه بعد أن أعاد الكرسى إلى موضعه و جلس القرفصاء و أخذ يكتب تفاصيل حلمه الجديد بسرعة كأنه لا يعانى نسيان التفاصيل كباقى الخلق , ولا غرابة فى أنه يكتب فى هذه العمر الصغيرة فهو قد تعلم الكتابة وهو فى الخامسة من عمره وذلك أيضاَ ليس بالشئ المثير فقد خاب ظن الجميع به فأطفال قرية ( أيتورنا ) يتعلمون القراءة والكتابة وهم فى عامهم الرابع .. على أية حال هو لا يكترث لأيتورنا وقوانينها و توجيهاتها فى الغالب بل كان يتمرد أحياناَ على هذه القوانين والتوجيهات و كان هذا يثير أعصاب عائلته و يضعهم فى موقف يسخر منه البعض نظراَ لأن عائلته أحدى أعرق العائلات النبيلة بقرية ( أيتورنا ) عائلة (جيفانى ) ,, ففى قرية أيتورنا أربعة عائلات يطلق عليهم مسمى عائلة نبيلة وهم عائلات (بيدان ) و ( ميكلسون) و (فارم ) بالأضافة إلى عائلة ( دايسكي ) ,, و مفاهيم النبل فى قرية أيتورنا تتحدد بعدد القرون التى قضتها العائلة فى كنف ( قرية أيتورنا ) ,, ومدى خدمتهم و ؤلاءهم لها , وهناك أيضاَ العائلات الصغيرة المنضمة للقرية منذ قرنين أو ثلاثة وهم أسفل الهرم الأجتماعى . وكان كل هذا لا يثير ( دايسكي) فهو يرى أن مفهوم النبل فى ذلك الوضع مجرد هراء و شئ زائف , فقد كان يرى فى النبل فى أن يكون للفرد شئ مميز وفريد لا يمتلكه أحد غيره شئ يتمنى الجميع الحصول عليه ولكنهم مع رغبتهم الشديدة هذه لا يقدرون على أنتزاعه من صاحبه , كان هذا تفكير الصغير ( دايسكي ) عن النبل , ولم يكن يعرف أن هناك أصناف شتى من النبل فى هذا الكون سيقابل .
    تجاوزت الساعة الحادية عشر صباحاَ بقليل , ستبدأ دراسة اليوم الجديد فى الثانية عشر , لم يكن يكترث للدراسة فقد سأم منها , يراها مملة و عقيمة وبالرغم من ذلك فهو مميز فيها جداَ فهو يرى فى ذلك أنه سيجعله نبيلاَ بعض الشئ .
    أن تكون طفلاَ ومن عائلة نبيلة يكون معنى ذلك أن تكون طفلاَ مدللا َ ,, تأتى الخادمة برفق ومعها صينية تكتظ بالفطائر و كوب عملاق من العصير المنعش ,, ولكن ( دايسكي) يحب أن يشذ عن القاعدة دائماَ , فمرات نادرة ما تدخل مربيته ( سيدنى) لتوقظه وتجده نائم ..ها هى تفتح الباب فيلمحها ( دايسكي) ويقول مازحاَ : صدقينى لن تجدينى نائماَ
    فأبتسمت ( سيدنى) و قالت مشاكسة : هذا ليس معناه أنني سأكف عن المحاولة
    فأجاب (دايسكي) قبل أن يشرب العصير : سنرى . فقالت ( سيدنى) : حسناَ .. حسناَ هلم أفطر جيداَ لا أريد أن توبخنى سيدتى على نحافتك هذه .
    فقال (دايسكي) بلهجته الطفولية : حسناً .. حسناً سألتهم كل ما يقع تحت يدى , وما حال والدتى اليوم؟
    كانت سيدنى قد تعودت على سماع هذا السؤال يومياَ منذ أن جائت للعمل بهذا القصر و خصوصاَ بعد أن أصبحت مربية ديسكي فكانت تقول دوماَ دون صدق : بخير حال اليوم يا سيدى , تحسنت عن الأمس . كان ( دايسكي ) هو الأخر يعلم أن سيدنى لا تصدق فى قولها ولكنه كان يخدع شعوره بأن حال والدته يتحسن كل يوم , فبعد وفاة والده تدهورت صحة والدته نهائياَ حتى باتت لا تخرج من غرفتها إلا لماماَ خصوصاَ بعد أن نال منها مرض السرطان اللعين و بالرغم مما كانوا يملكوه من مال ونفوذ إلا أنه لا يوجد دواء لذلك المرض العضال فى قرية أيتورنا بمعنى أخر لا يوجد دواء فى العالم لداءها - هكذا خدعوا - تابع (دايسكي) سؤاله اليومى : والتؤام هل هم بخير حال ؟
    ضحكت ( سيدنى) وقالت : أشقياء كدأبهم يا سيدى و جدك يجلس معهم الأن , و الآن تابع غذاءك و أرتدى ملابسك - أين وضعتها ؟! - تنظر حولها - تصيح قائلة : ياللهول .. ماهذا ؟ كيف يحدث ذلك و أنا هنا ؟ ما هذه القذارة ؟.. رباه , أكواب من العصر الحجرى غزتها الفطريات , تحركت بسرعة لتنظف الحجرة فأوقفها ( دايسكي) قائلاَ : لا لا تفعلى ذلك يا سيدنى , لا أريدك أن تنظفى الحجرة الأن
    . حينما أعود سأجعلك تنظفيها ولكن لا تفعلى ذلك الأن . - ولكن أنظر سيدى .. ماذا لو جاءت سيدتى لترى ذلك ستطردنى على الفور . هكذا قالت سيدنى , فأبتسم ( دايسكي) بتهمكم وقال : صدقينى لن تفعل ذلك و الأن أرحلى فهناك أشياء لا أريد أن يلمسها أحد غيرى .
    قالت (سيدنى ) : أمرك سيدى ,, ولكن دعنى أأخذ تلك الأكواب المتسخة , أنت تعلم أنا لا أقدر على رؤية القذارة أتركها هكذا . - فقال ( دايسكي) متأففاَ : حسناً خذيها و أرحلٍ
    فتحركت سيدنى لتقوم بأمر سيدها واخذت خلسةَ جوارب متعفنة . فقال (دايسكي) : لقد رأيت ذلك.
    اخر تعديل كان بواسطة » *Kyuubi Mimi* في يوم » 17-09-2013 عند الساعة » 21:15 السبب: يُغلق طلباً من صاحب الموضوع
    0


  2. ...

  3. #2
    ***********
    ترك (دايسكي) الطعام كما هو على الصينية مخالفاَ للوعد الذي أبرمه منذ قليل ل(سيدني) وأرتدي ملابسه بشئ من الإهمال , فهو لا يحب أن يكون كل شئ منظماَ ويسير وفقا للقواعد لذلك تجده دائماَ خارجاَ عن المألوف , ناهيك عن عدم تمشيطه لشعره نهائياَ وقد بات ذلك الأمر قاعدة لم يعد أحد يجادله فيه بالرغم من أن شعره لونه أحمر ناري وارثه عن جده يتألم مصففو الشعر لرؤيته بهذه الوضعية .. أنتهي (دايسكي) من ارتداء ملابسه وخرج من غرفته وأغلق الباب من خلفه , لم يكتف بذلك فحسب بل أنه أخرج مفتاح غرفته من بين جيوبه الثلاث وأحكم إغلاقها , فهو لا يأمن أحد على دخول غرفته
    بالرغم من أن جميع من بالقصر أقسم على ألا يدخل غرفته دون علم مسبق منه إلا انه كان متشككاَ دوماَ .
    عبر الردهة بخفة وعرج إلى حجرة أخويه التوأم , وكان التؤأم موضع عجب في نفس (دايسكي) .. هما أشياء بلا شك بالرغم من أنهم لم يتجاوزوا الثالثة من العمر ألا أنهم اقتنصوا بجدارة لقب أشقياء العائلة .. طرق الباب في نعومة , فلم يرد أحد فزاد من طرقه ,لم يرد احد أيضاَ , فأستغرب ( دايسكي) فمنذ دقائق قليلة أخبرته (سيدني) بأن جده في صحبتهما ,, فتح الباب بدون إذن , فوجد منظر غريب و مرعب في آن واحد , كان جده يقف أمام التوأمان اللذان بدا نائمين كملائكة فيوسا على عكس وصف (سيدنى) لحالهما , لم يكن ذلك الغريب , بل ما كان يفعله جده , فقد كان يبدو مظهره مرعبا على عكس طبيعته , كان يمسك عصا غريبة بالأحرى كانت ملتصقة به ويخرج منها دفقات صفراء مكونة دائرة تحيط بالتؤام ثم بدأت تتسلل إلى جسدهما وتختفي بمجرد أن تلامسهما, وما أن أنتهي الأمر حتى سقط الجد مرهقاً على أقرب المقاعد إليه , وبدا ينهج كأنه قد مارس مجهود بدني شاق وفجأة قفز فزعاً منتبهاَ لأول مرة لوجود (دايسكي) الذي غرق في بحر من الذكريات التي أكتسبها منذ أن أكتسب الوعي , يحاول أن يفهم ماذا حدث ؟.. ولكنه كان واثقاَ من أنه رأى شئ ما مثل هذا من قبل , شئ مختلف عما كان يصدر من التوأمين منذ ميلادهما , حاول الجد أن ينطق بكلمة , ولكن لم يسعفه (دايسكي) الذي تحدث بشرود : أهلاَ جدي ,, لقد جئت لأعطى التوأم هدية عيد الميلاد .. لقد تأخرت على المدرسة , سوف أعود سريعاَ .
    بدا ( دايسكي ) مخدراً تماماً وهو يتحدث ولكنه كان يدرك شئ ما.. شئ ما واثق من أنه سيحدث .. سوف يموت يوم 16 نوفمبر 2007 , لأنه قد رأى ما حدث للتوأمان في أحد أحلامه ,, لابد وان يتحدث إلى جده حينما يعود .. هناك شئ غريب لا يدرك كنهه يشعر به .. شئ غامض
    *************

    تجاهل ( دايسكي ) الأمر ووضعه جانباً إلى أن يعود إليه فيما بعد , وهذا ليس بروداًَ , ولكن ببساطة لقد توصل (دايسكي) في سنه الصغيرة هذه أنه ما من شئ يستحق الشعور بالدهشة أو الاهتمام في هذا العالم لمدة طويلة ,قد تكون فلسفة متطرفة بعض الشئ ولكن (دايسكي) أمن بفلسفة (فيدا) المحظورة , ويعود هذا إلى أن ديسكي يشعر بالملل من كل شئ من حوله .. ملل لا يطاق , قابلته (مارى) عند بوابة القصر و أعطته حقيبته , فأخذها وعبر حديقة القصر متمهلاً .. كان يفكر كيف سيصل إلى المدرسة ؟! ... بلى , فهذه طريقته للقضاء على الملل ,, أيذهب إلى المدرسة من خلال الشارع الرئيسي , أم عن طريق نهر (العين الزرقاء) , أم من خلال أكثر الطرق خطورة , طريق منحدرات جبل (سوميلازا) , في النهاية أستقر على الطريق الأخير , ذلك الطريق الذي يخشى الجميع من السير من خلاله .قد تبدو جبال (سوميلازا) من بعيد فاتنة وساحرة تكسوها رقع بيضاء من الثلج مخالفة بذلك أبسط قواعد الطبيعة , ولكن هذه هي قرية ( أيتورنا) كل شئ فيها غريب ومثير إلى حد الملل , بالرغم من أن هذا الجبل يقع في منتصف القرية , ويبدو كالفم الذي يخرج منه لسانه و لسانه هو نهر (العين الزرقاء ),إلا أنه لا أحد يعرف مطلقاًَ من أين تأتى هذه المياه , و إن خمن البعض أن مصدرها باطن الأرض , ولكن هذه هي قرية ( أيتورنا) لا احد يعلم أسرارها إلا هي فقط .
    كان جبل ( سوميلازا) منطقة محظورة جداً , ولا أحد يعلم السبب أو حاول اكتشافه , ولكن من يشغل باله بمعرفة السبب لتكون هذه المناطق محظورة عليهم , أقترب (دايسكي) من الكهف الوحيد بالجبل وكذلك اللافتة التي تقول (( محظور عليك أيها المواطن الأيتورنى القدوم إلى هنا , أيتورنا تراك فلا تخالفها )) .
    منذ عام تقريباً أكتشف ( دايسكي) هذا الطريق للذهاب إلى المدرسة , وكذلك منذ عام أيضاً أدرك مدى كذب وتلفيق هذه اللافتة فهو مرات عدة سار على هذا الطريق ولم تستطع (أيتورنا) الإمساك به , و كان ذلك غريباً بالنسبة له , ف( أيتورنا) قليلاً ما تتركه و شأنه إذا خالف أي قانون من قوانينها خصوصاً بعد هجومه المستمر على قرية (أيتورنا) ..فجأة خرجت أضواء مبهرة من الكهف , كانت تضيئه كما تضئ القنابل ساحات الحروب , أو كالشهب التي تضئ ظلام السماء ,أرتجف ( دايسكي) وسريعاً ما تملكه الخوف , فهذه أول مرة يحدث معه شيئاً كهذا , قال لنفسه : ( تباً هل أحست بي قرية (أيتورنا), تباً لا أريد مشاكل معها الآن ) , ثم ركض بسرعة أوخذ يركض حتى عرق وتساقطت منه أمطار العرق على الطريق ,وما أن وصل إلى الممر الذي ينتهي عند المدرسة حتى توقف وأخذ يعبأ الهواء أطنانا, ولكنه ضحك عالياً لأنه نجا من هذا المأزق .. وهنا تساءل ديسكي لأول مرة لماذا جبل سوميلازا محظور ؟!..شعر بالفضول الشديد تجاه هذا الأمر وبدأ يفكر جدياً في القيام به .. ذلك الأمر الذي هبط على رأسه حينما رأى الكهف الموجود بجبل سوميلازا لأول مرة ألا وهو : ماذا لو أن كل الأماكن التي رآها في أحلامه هي تلك الأماكن المحظورة في قرية ( أيتورنا) التي لم يدخلها أحد قط من ساكني القرية على مر القرون الأيتورنية السابقة .. ماذا تخبي ؟ ما هي أسرارها ؟!
    كان الفضول قد تملك منه أخيراً وعزم على اقتحام الأماكن المحظورة , ولكنه فقط ينتظر الوقت المناسب .
    ******
    من البعيد القريب ظهر مبنى مدرسته الذي من ضخامته حجب رؤية ما خلفه , كانت هي المدرسة الوحيدة بقرية أيتورنا , و إذا نظر إليها مهندس معماري لقال أنها قلعة تعود إلى العصور الوسطي بأبراجها السابع الشاهقة وبواباته البالغة الضخامة التي لم تستعمل من قبل .
    فجأة ظهرت (هانا) إمامه فكاد يسقط مغشياَ عليه حباً و فزعا, فهو منذ أن رآها سقط في حبها وحتى هذه اللحظة لم يستطع التحدث بتلقائية إمامها.. ذلك الشعور الذي يعرفه جيداً التلميذ حينما يقف إمام أستاذه , هو الذي يضعفه من الحديث معها ,, كانت هناك عوائق كثيرة لتقف في وجه ( دايسكي) إذا أعلن حبه و ارتباطه ب(هانا) فهي من عائلة (شيراز) وهي ليست بالعائلة النبيلة بل أنها تقع في الطبقة قبل الأخيرة في الهرم الإجتماعى الأيتورني , بالإضافة إلى أن أغلب أسرتها تعمل في أملاك عائلة ديسكي , والعائق الذي لا يعترف به ديكي مطلقاً هي أنها تكبره بثلاثة أعوام , وهذاسيجعل منه مغفلاً و أخرقاً إذا قام بذلك , وما سيلقيه من سخرية من جميع أترابه و موضع استنكار عائلته , بالرغم من كل هذه العوائق إلا أنه لم يضعه في الحسبان لأنه خارج عن المألوف , ولكنه متردد من أمرها هي..تابعها بمهل وهو يراقب خطواتها في ثوبها الفضي اللامع كأنها أحد آلهة(كديم) , توقفت فجأة عن الحركة , ففعل ديسكي المثل , ولكنها دارت ناحية ديسكي الذي بدا محموماً ويتصبب عرقاً .
    قالت : أنت يا صغير ماذا تفعل ؟
    لبرهة تناسى (دايسكي) من يحدث وعاودته غطرسته الأرستقراطية التي ورثها عن عائلته فقال و انفه في السماء : من هو الصغير يا فتاة . أنظرِ إلى شأنك ومع من تتحدثي .. ماذا هناك ؟ , تريدين إقناعي بأنني أغازلك , سيكون ذلك طفولياً فطريقنا واحد , هبِ إنني كنت أفعل ذلك – أي مغازلتك – ما الذي سيحدث ؟! هل هناك عقوبة في أحكام (أيتورنا) علي ما فعلته ؟ عاودي النظر في الأمر .. ما أنت إلا فتاة متحذلقة متعنتة تتعب الآخرين . بهتت ( هانا ) ولم تستطع الرد علي قول (دايسكي) الذي كان صاعقاً عليها فقد كانت تريد أن تمازح ذلك الأحمق الذي يتبعها كل يوم في أي مكان تذهب إليه حتى لو كان بيت (ديورنا) , فإذا بجينات عائلته تتملكه ويثور متغطرساً على كلمة (صغير) .. كم أنا حمقاء ! مالي أنا وأؤلئك الملاعين الصغار .. هكذا حدثت نفسها , ثم أدارت ظهرها ل(دايسكي) وتابعت السير في حنق وغضب مكظوم ,, بينما كان (دايسكي) يقف من خلفها وقد صار وجهه في تورد وجوه الموتى , و أخذ يلعن لسانه الذي تفوه بما لا ينبغي له التفوه ولكن صاح لسانه : انتظري , أنا لم أقصد قول ذلك ,, توقفي أرجوك .
    فتوقفت ( هانا) ونظرت إلي (دايسكي ) في فضول غضب متصنع ممزوج بالفضول .. أخيراً جاء هذا المعتوه ليتحدث فقالت : ماذا هناك؟
    فقال (دايسكي) : أنا أسف عن سلوكي هذا , أتسمح لي .
    فأومأت هانا برأسها وصار الاثنان معاً إلى حيث القلعة
    *****

    دخل الاثنان معا إلى المدرسة و افترقا إلى أماكن حضورهما و دروسهما , ولكن كان حالهما مختلف فبدا كلاهما سعيداً وودت قلوبهما أن تقفز من مكانها , لقد كانوا على موعد.
    كانت هناك ابتسامة صغيرة مرسومة على وجه (دايسكي) ولم تخفت لبرهة مما كان يوحى للآخرين أنه قد أصيب بالبلاهة , أو أنه صار أكثر حماة عن الأمس , وذهب البعض إلي أنه قد أصيب بالجنون , ولكن لو عرفوا مع من كان منذ قليل لصار الأمر واضح بلا برهان أو واضح كبتلات الأزهار للنحل .
    صعد (دايسكي) الدرج ولكن ما أن وصل إلى نهايته حتى أقفل الطريق عليه , كان ولد ضخم البنية على عكس عمره الصغير فهو يشبه صغير الخرتيت وكان يتقمص دور الفتى المتنمر بإتقان
    قال(دايسكي) بلهجة حازمة وقاطعة لا تخشى ذلك المتربص : أبتعد عن طريقي يا(دينيكس ) , وإلا ...... قاطعه ( دينيكس ) بلهجة ساخرة : و إلا ماذا ؟ هل ستشكوني إلى أباك .. أوه صحيح نسيت انه توفي , أم أن ما سمعته صحيح .. لقد أختفي أليس كذلك ؟تلاشى لم يعد له وجود .. شعر ديسكي بألف ضربة برق تهشم رأسه , شعر و كأن قلبه الذي اتخذ من الرقة والحب حياة له قد تهشم وتحول إلى ذرات وفوتونات , أو كطائر العنقاء الذي سقط صريعاً, ولكن لم يدم ذلك طويلاً , عاد الغضب إليه من جديد على هيئة عنقاء سوداء من رماد العنقاء الصريعة , و أمسك ب(دينيكس) بقوة لم يحلم بها من قبل , ورفعه إلى السقف وكأنه كيس معبأ بالهواء على عكس ما هو ظهر من أطنان من الشحم , فصعق (دينيكس) و اخذ يولول , ويحرك قدميه بعصبية كأنه بذلك سيستطيع الإفلات من قبضتا (دايسكي) الذي بدا في طور أخر لم ير من قبل , ولكن حدث أمر غر متوقع , بالرغم من أن مظهر (دايسكي) في هذه الحالة لا يوحى إلا بالثأر من هذه الإهانة وعيناه الحمروان كدماء (بيتادس) إلا أن هذه المشاعر اختفت فجأة وهدأت ثورات براكين قلبه وصدره , ولم يعد قادراً على حمل (دينيكس) أكثر , كان بالفعل خرتيت أو صغير الحيتان فسقط من قبضة ديسكي ولم يصدق ما حدث فقفز فرحاً بنجاته وجرى بعيداً عن ديسكي ثم صاح بعل صوته : (( أنت غريب الأطوار يا دايسكي ) – اللعنة هذا الشعور , هذه الدماء التي تجري في عروقي ,, عيناى , لماذا أشعر بأنني قد مررت بهذا من قبل.
    كان ديسكي يحدث نفسه وهو يسير بدون أن ينتبه لطريقه , ملايين الأسئلة تطرح في ذهنه وتختفي وملايين أخر غيرها تطرح وتختفي ,كان تائهاَ بحر الأسئلة ولكنه كان يريد الإجابة عليها وبكل تفصيلة , كان يعرف من سيجيبه عليها .
    - (( أنتبه )) لم يستطع ديسكي أن يمنع اصطدامه بمدرسه (فيدل) الذي نبه إلى ذلك , كان يسير بلا وعى فقال متأسفاً : أسف يا أستاذي لقد كنت .......
    قاطعه المدرس قائلاً : لا داعي للتفسير , لقد وقع الأمر , هيا أسرع إلى الفصل , أنا لن أسمح لك بالدخول من بعدي
    عاد (دايسكي) إلى طور المشاكسة وقال : ولكني سأرافقك يا أستاذ , سندخل معاً
    لم يمنع الأستاذ( فيدل) من ظهور ابتسامة صغيرة على ثغره لسرعة بديهة (دايسكي) .. كان يراه أنجب تلاميذ المدرسة على الإطلاق , ومتحرر عن عائلته كثيراً وكان يتوقع منه أمور عظيمة
    ******************* [/size][/center]

    >> إلي اللقاء مع الفصل الثاني
    0

  4. #3
    مرحباااا
    القصة مرررررررة روعه
    استنى الفصل الثاني
    0

  5. #4
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة meroni مشاهدة المشاركة
    مرحباااا
    القصة مرررررررة روعه
    استنى الفصل الثاني
    اهلاً اختي
    بإذن الله قريباً
    biggrin
    0

  6. #5
    السلام عليكم

    أخي أسلوبك رائع والواحد متحمس للرواية جدا بداية رائعة

    عندي إستفسار بسيط

    يعني إيه أيتورنا تنظر إليهم أليست مدينة؟ يعني كيف المدينة تراقب من يعيشون فيها؟
    I am your true destiny

    attachment
    0

  7. #6
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة lPhantom_Devill مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم

    أخي أسلوبك رائع والواحد متحمس للرواية جدا بداية رائعة

    عندي إستفسار بسيط

    يعني إيه أيتورنا تنظر إليهم أليست مدينة؟ يعني كيف المدينة تراقب من يعيشون فيها؟
    أهلاً أخي
    سعيد برأيك حقاً smile
    ,
    بالنسبة لأستفسارك
    هي قرية فعلاً و شخص في نفس الوقت
    لو لاحظت ستجدني حينما اشير إلي القرية أقول قريبة آيتورنا ,
    ولكن حينما أتحدث عنها كشخص أقول آيتورنا فحسب .
    آيتورنا هي صاحبة القرية وحاكمتها , وفي نفس الوقت جعلت من اسم القرية على اسمها tongue
    0

  8. #7

    الفصل الثاني : الجد الذي يعرف الكثير ج1

    الفصل الثاني : الجد الذي يعرف الكثير


    كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة مساءً , وبالرغم من ذلك كانت الشمس تبدو ساطعة في فراغ السماء اللامتناهي , أستيقظ (دايسكي) من إغفاءته , وقد لاحظ أن نور الشمس يغمر القرية حتى الآن فلم يندهش فهو قد تعود على ذلك منذ الصغر , يذكر في أحدى المرات تقريباَ منذ عامين حينما ظلت الشمس قابعة في كبد السماء لثلاث أيام وليال متتالية مخالفة بذلك كل نواميس الكون وكأنها لا تدور حول الشمس واقفة ثابتة , كانت لتشبه الالكترونات السالبة التي تدور حول النواة الموجبة ولكن لم يكن للالكترونات القدرة على الوقوف دون الانجذاب و الاندماج إلي النواة على عكس قرية(أيتورنا) , وكان هذا ما يميزها .. أنها رقية خورقية لا تتأثر بالقوانين – هكذا كانت تبدو لقاطنيها ولكن لا أحد يعلم- في تلك الآونة لم يكن هناك ملجأ لأهل قرية (أيتورنا) سوى ذلك المحيط العظيم الذي يحيط بالقرية فكانوا يقضون أغلب أوقاتهم على شواطئه للقضاء على لهيب الشمس الحارق .
    مارس (دايسكي) عادته المحببة بعد الاستيقاظ من كل غفوة .. يغفل عينيه مرة وثانية , وفجأة نهض فزعاَ .. لقد تذكر كل شئ .. تذكر ذلك الموقف الغريب الذي حدث مع (دينيكس) وتذكر أيضا ما حدثً في صباح اليوم حينما توجه إلي حجرة التوأم ليمنحهم هدية عيد ميلادهم فرأى جده يمارس عمل غريب و مريب بالتوأمين.
    نهض (دايسكي) و أرتدي ملابسه علي عجل وخرج من حجرته باحثاً في أرجاء القصر عن جده , أصطدم بخادمته (سيدني) فقالت : رويدك يا سيدي , ما الأمر ؟ أتبحث عن شئ قد ضاع منك ؟!
    بدا (دايسكي) منزعجاَ , كان هذا ما ينقصه أن يعطله أحدهم فقال في حنق : أبحث عن جدي
    فقالت (سيدني) : هكذا الأمر إذاَ , أن السيد (جيفاني) في الحديقة يقوم بتأملاته اليومية
    قال (دايسكي) : آه .. يا لي من أحمق ,أنا أعرف أنه يفعل ذلك كل يوم . فقالت (سيدني) مشاكسة : لأنك تعجلت الأمر , ولم تفكر جيداً قال (دايسكي) بغضب : حسنا.. حسناً , أبتعدي عن طريقي . تعجبت (سيدني) من فعل (دايسكي) , فهو لا يقوم بذلك عادةَ , فهي مربيته , توترت ( سيدني) قليلاَ و تساءلت عن سبب معاملة دايسكي لها هكذا ,, هل فعلت شئ خاطئ ؟!
    ,, ولكنها سريعاً ما نبذت هذه الأفكار السيئة من تفكيرها وهدأت من روعها بأن (دايسكي) منزعج جداً , و استنتجت أن هذا الأمر يحيط بالسيد ( جيفاني) ,, إذاً مادام الأمر بعيداً عنها وعن عملها فهي لن تهتم بالأمر .
    ******
    لاحظ ( دايسكي) جده يجلس في مكانه المعتاد على تلك الأريكة المريحة ذات اللون الليموني وتتناثر الورود و الأزهار اليانعة من أسفلها مطلقة مزيج من عطور الطبيعة تسمو بالروح بنما أشجار البرتقال و بقية أشجار الفاكهة الأخرى تظلل على الأريكة ملطفة من حدة الشمس , وتتنقل الفراشات بينهما في خفة ونشاط بينما تغرد البلابل أعزب الألحان , وفى منتصف هذا المشهد أندمج السيد (جيفاني)
    فيه , فصار جزء من الوجود يتأثر به ويؤثر فيه يجلس متأملاً كل هذا الجمال من حوله ومن إمامه تمر مياه النهر الزرقاء .
    كان يحظى بلحظات جميلة تمتع النفس وتثير الغبطة في أنفس من يراه , وبالرغم من رغبة (دايسكي) الشديدة في محادثته إلا أنه لم يشأ أن يوقظه من تأملاته, ولكن يبدو أن الجد قد لاحظ أخيراً وجود دايسكي فأشار إليه بأن ينضم إليه و يشاركه الحديث بالرغم من أن عيونه كان يشوبها شيئاً من الحذر فقال الجد بسخرية لاذعة : ها أنت متأنق كعادتك .
    أدرك دايسكي أن جده يحاول كسر الجمود فيما بينهما بقوله الساخر , فهو لم يكن متأنق بتاتاً فحاول الابتسام وقال بنفس السخرة وهى أحدي الخصال التي ورثها عن هذا الجد : و أنت تحظى بفردوسك اليومي . فقهقه الجد وقال : إذاً كلاً منا يستمتع بيومه .. وعاود القهقهة مرة أخري ولكن بصوت عال عن السابق وهو يظن بأنه ألقى بأفضل دعاباته على الإطلاق .
    وصمت و أخذ يتأمل وجه حفيده بحزن عميق وقال : لم أشأ مطلقاً أن تعرف هذه الأمور الآن , كنت سأخبرك بعد حين ولكنك اكتشفت الأمر و رأيتني أقوم بما أقوم .
    قال دايسكي وقد خفق قلبه, فها هو جده سيخبره بكل شئ .. كل شئ يحيره في هذا العالم .. سيخبره عما يحدث له ولأخوته وعن قرية (أيتورنا) : ما هذه الأمور يا جدي ؟ ابتسم الجد وقال بإنهاك : يا ألهي .. هل أنت متشوق لذلك فعلاً يا بني ؟ لن أندهش .. فأنت شخص فريد في عائلتنا .. و الآن أتبعني أرجوك , ولا تتفوه بأي كلمة على الإطلاق .. مفهوم ؟..فأومأ دايسكي رأسه بالإيجاب ,, وكان يساوره شعور غريب كأنه على وشك اكتشاف شئ ما عظيم .. شئ ما سيجعله نبيل بالمعني الذي يريده .. أنه فريد كما يقول جده فبأي مقدار هو فريد ومختلف عن بقية العائلة .. هكذا تابع جده في صمت , بينما تشتعل في رأسه الآلاف من الأسئلة .
    *******

    عبر (دايسكي) شارع سوناتا الرئيسي برفقة جده في صمت , وما أن وصلا إلى نهاية الطريق حتى انعطفوا إلى اليسار وما أن فعلوا ذلك حتى انعدمت الحياة بغتة من على الدرب اللذان يسلكانه..
    كان دايسكي يعلم إلى أين يوصل هذا الطريق فبخلاف الطريق الذي ذهب من خلاله صباحاً إلى المدرسة عبر ممرات جبل سوميلازا , فهذا الطريق يقود إلى جوفه مباشرةًً , و ود دايسكي أن يخبر جده عما حدث له صباحاً حينما رأى الكهف يصدر أضواءً , ولكنه كبح هذه الرغبة منفذاً طلب جده ألا وهو الصمت .
    ظهر الكهف على بعد عدة أمتار وبدا دايسكي متوتراً ومتأهباً وكأنه يتوقع حدوث الأمر ثانيةً , وبدا يتمهل في خطواته حتى توقف تماماً , فلكزه جده برقة بأن يتابع ولا يخشى شئ , ولكن لم يكن دايسكي على ثقة بأي طريقة سيحميه جده ,كان تكهن دايسكي ما سيحدث صائباً , و ود هذه المرة أن يكون مخطئاً .. فها هو جده يخرج عن الطريق الممهد , و اتجه إلى تلك الأسلاك الشائكة التي تحيط بالجبل من كل الجهات لتمنع المتطفلين من الدخول ,, وفجأة حدث شئ مدهش – بالنسبة لدايسكي - .. لقد اختفت الأسلاك الشائكة ولم يعد لها وجود كأنه سحر .. كان (دايسكي) مشدوهاً بما حدث , فنظر له جده بأن يتبعه إلى الداخل , فد كان الجو ثقيلا و بارداً في هذه المنطقة رغم وجود الشمس القوي فيها .
    فكر دايسكي في أن جده غريب الأطوار , أو مجنون ليفعل ذلك ..أنه يخرق قواعد ( أيتورنا) بالرغم من مكانته الاجتماعية في القرية , ليس هذا فحسب بل أنه على وشك اقتحام أحد الأماكن المحظورة في القرية, ولكن طريقة الجد في اكتشاف طريقه صوب الكهف تقول بأنه يفعل ذلك كثيراً , وأن هذه ليست المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك.
    نسى (دايسكي) وجود عواقب ( أيتورنا) , فهو العدو رقم واحد لقوانينها كما يزعم فلما الرهبة , كما أنه عد العزم على فعل ذلك أجلاً أو عاجلاً .
    هكذا تابع طريقه مع جده الغامض إلى جوف الجبل الصامت كشواهد القبور , الثقيل كالموت , اللغز كأقزام (فازا) .. أنهم في جوف سوميلازا
    ********
    ً
    بالرغم من قناعة دايسكي بأنه لا شئ في قرية (أيتورنا) سيحوز دهشته , فقد نبذ هذه الفكرة نهائياً من عقله حينما وقعت عيناه على جوف جبل سوميلازا , فعلى بعد عدة أمتار قليلة كان الحال يختلف تماماً ,, ففي خارج الكهف توجد قرية (أيتورنا) المملة , ولكن فور أن صعد هذه الدرجات الرخامية السبع حينما تجاوز مدخل الكهف , تبدل رأيه مائة وثمانون درجة , ما أن رأت عيناه محتويات جوف جبل سوميلازا حتى علم لماذا هذه المنطقة محرمة ,, لقد كان جوف الجبل مختلف تماماً عن نمط القرية المعتاد , كان شئ شاذ عنها بكل ما تحمله الكلمة من معني , كأنه قطعة من عالم أخر , عالم لا يمت بصلة لأيتورنا وقريتها, بمعني أخر كان عبارة عن قرية صغيرة داخل قرية أيتورنا ..كان الجوف ذاته بهو عظيم عال لا تتبين العين نهايته , وبالرغم من عدم وضوح نهايته أو سقفه فقد كانت هناك المئات من الثريات تضيئه – كانت تسبح في الهواء – بينما هناك العديد من الفتحات التي توصل إلي أماكن أخرى جديدة وبالتأكيد غريبة .
    فتح دايسكي فاه وحدقتا عيناه متسعة على أخرها وهو يتأمل هذا المنظر , فعلي يمناه تناثرت تلال من الكتب قرأ بعض عناوينها فلم يفهم شئ منها عدا أمراً واحداً .. أن هذه الكتب ليست موجودة في مكتبة (أيتورنا) , ولا تمت عناوينها بصلة لقرية (أيتورنا) , بل أنه لا أحد يعرف عنها شئ باستثناء السيد (جيفاني) .
    أخرج السيد (جيفاني) من أحد جيوبه عصا رفيعة سوداء اللون لها مقبض ذهبي , كانت مثل ما رآه دايسكي صباحا بل هي بعينها.. وطرق بها الهواء , فظهر كرسيان من لا مكان , فجلس السيد جيفاني على أحدهما بينما الأخر ينتظر دايسكي الذي لم يستوعب أي شئ على الإطلاق , بل أن عقله على وشك الانفجار , فنظر إلى جده ثم إلى العصا ثم عاد وتأمل جوف الجبل ..فشعر بأنه تائه لا يدري أي شئ فجلس على المقعد الشاغر الذي مل من انتظاره , ونظر إلى جده وصاح فيه أخيراًً بعد فترة صمت طويلة كأنه يريد التعويض عنها : ما هذا؟ كيف؟ لماذا؟
    كان عقله الصغير مشتتاً لا يستوعب كل هذا ,, كان جده يراقبه بصمت ولكنه أخيراً بدأ في التحدث فقال : أخبرني يا دايسكي ماذا ترى ؟ .. لم يجاوبه دايسكي فما يراه واضحاً كوضوح الشمس نهارا أو ليلاً لا تفرق , ولكنه قال : جدي .. أنا لا أدرى أي شئ .. لا أفهم ماذا يجري هنا ؟ ما الذي يحدث لي ؟
    أبتسم الجد ابتسامة صغيرة وقال : وهذا هو المتوقع منك , فأنت في سن صغيرة , ولم يكن ينبغي لك معرفة كل هذا , ولكنك رأيت كل شئ , ولم يكن في وسعي تجاهلك كل هذا الوقت وأنت تغرق في تساؤلات لن تجد لها إجابة ,, فأنا أعلم كل شئ عن أحلامك , وعن طاقتك التي تصدر عنك حينما تكون غاضباً وكان كل هذا خطير , فأنت أول فرد يتمكن من فعل هذا !
    قال (دايسكي) : ماذا تقصد يا جدي ؟ فتنهد الجد وقال : أه يا صغيري , لم يكن ينبغي حدوث ذلك بتاتاً
    قال (دايسكي) : دعك من هذا الألم يا جدي ولتخبرني بكل شئ .. ثم أنا لم أعد صغيراً أنا في السابعة .
    فأبتسم الجد رغماً عنه وقال : حسناً .. حسناً أيها الكبير , أنا أعلم أن عقلك يكاد ينفجر , لذا سأجاوبك عن كل شئ ,, فسل ما تريده من أسئلة .
    كان ذلك ما يريده (دايسكي) تماماً فبالرغم من مئات الأسئلة التي يود أن يجد إجابة لها إلا أن هناك سؤال واحد يرغب في معرفة إجابته بشدة فسأل جده : من نحن ؟!
    عاودت تلك البسمة الحزينة ترتسم على وجه جده من جديد الذي قال : ًلقد أصبت .. أن هذا السؤال هو ما كان ينبغي أن يطرح أولاً .. من نحن ؟! ,, سؤال غريب فإذا سألته لأي فد سيخبرك بأنك أحد أفراد عائلة أل (جيفاني) النبيلة بالقرية , ولكن من نحن فعلاً .. نحن سحرة يا بني .. أنا ساحر و أنت كذلك ساحر.
    صاح دايسكي مستغرباً : ساحر .. وماذا تعني هذه الكلمة ؟
    قال الجد بشرود : هذه هي مأساة عائلة أل (جيفاني) أنهم سحرة ومع ذلك ينكرون هذه الحقيقة, بل أنهم كادوا في أحدي المرات أن يؤمنوا بكل ما تقوله (أيتورنا) .
    قال (دايسكي) : أنا لم أفهم شئ .
    فقال الجد متهكماً : بالطبع .. سوف أخبرك بكل شئ , ولكن قبل أن أخبرك عليك أن تفكر في شئ واحد فقط .
    فقال (دايسكي) باهتمام : وما هو هذا الشئ ؟!
    فقال الجد بغموض : أن تفك في أن قرية أيتورنا ليست العالم بأكمله.. هل هذا واضح ؟
    فأجاب دايسكي : بالرغم من غرابة الطلب إلا أنني سأفعل ذلك مادمت سأحصل على الأجوبة .
    فقال الجد : حسناً .. أنصت إلي جيداً .
    وبدأ الجد يحكي.......................
    *******
    0

  9. #8
    ابداعععع والله انها حلوه مشاء الله عليك يسلموا على القصة الروعه
    http://www.mexat.com/vb/signaturepics/sigpic205332_4.gif
    0

  10. #9

    الفصل الثاني : الجد الذي يعرف الكثير ج2

    التكملة
    \\\\\\\\\\\\\\\\\

    لم يتصور (دايسكي) كل هذا , وتمني لو أن كل ما قاله جده لم يكن سوى قصة خيالية من محض خياله , ولكن كل ما قاله واقع صحيح و مؤلم ,, أنهم محكوم عليهم بالبقاء في هذه القرية إلى أن يموتوا .. ولكن كيف السبيل إلى الخروج منها .
    هنا بدأ دايسكي في الحديث : جدي .. أنت تقول أن هذه القرية ليست هي العالم بأكمله وأن هناك ست ممالك في العالم هم : مملكة الجان ,ومملكة السحرة , و مملكة الكوزرس , ومملكة الأبيكتيسكي , ومملكة ارسيديجون , ومملكة نيلبو .
    و أننا ننتمي لمملكة السحرة , و أن عائلتي جاءت إلى هنا لأنها من أقوى عائلات السحرة للقضاء على أيتورنا بناءً على طلب ملك الكوزرس , ولكننا فشلنا في ذلك وبقينا هنا نحاول أن نخفي هويتنا وأن نقول بأننا من البشر.
    فأومأ الجد أي نعم .
    قال (دايسكي)في حنق : هذا ليس عدلاً .. ليس عدلاً على الإطلاق , لم يكن ينبغي حدوث ذلك لنا.. كيف؟
    تساءل الجد في فضول : لما حماستك المفرطة هذه ... أنت لم تكن تدرك أي مفهوم قد قلت .. لماذا ترغب بشدة الخروج من هنا ؟ فقال دايسكي : لأنني لا أريد أن أعيش وأموت هنا.
    فقال الجد : هدأ من روعك بني .
    فقام دايسكي من مجلسه , و أخذ يمشي ببطء بطول الرواق , ويأخذ شهيق عال -ويطرده بلا أدني شفقة – وعاد إلى حيث جده , فوجد صينية عليها مخبوزات وشاي , لم يسأل من أين جاء بها جده فأخذ يرتشف الشاي ببطء , فأنساب مفعول الشاي السحري في جسده فهدأ قليلاً وقال : حسناً جدي .. لماذا جئت بي إلى هنا ؟ لماذا لم تخبرني بكل هذا في البيت ؟!
    فقال الجد وهو يخبط جبهته برفق بظهر يده : أخ – تذكرت – نسيت أن أخبرك بأن الأماكن المحظورة في هذه القرية ما هي إلا خدعة كبيرة من (أيتورنا) لأنها لا تستطيع رؤيتها في بلورتها السحرية , أو القدوم إلى هنا , لأن الأماكن المحظورة .. محظورة عليها فقط , فإذا خرقتها أفنت على الفور,, بمعني أخر نحن آمنين في حديثنا عن أيتورنا طالما كنا في أحد الأماكن المحظورة في القرية .
    فقال دايسكي متعجباً : ولكن ما فعلته في حجرة أخويا أليس سحراً؟! فقال الجد : بلى ..ملاحظة جيدة منك يا دايسكي .. لقد أخبرتك أنه كان على أن أقوم بتعويذة لختم سحر التوأم لمنعه من الخروج و ظهوره , وهذا ما كان يحدث قبل ذلك .. أنت تذكر هذه الأمور العجيبة التي كانت تصدر عنهم !
    فقال دايسكي : بلى ..بلى ,, ولكني أقصد أنك مارست السحر في أحد الأماكن التي تستطيع أيتورنا التجسس عليها ,, فكيف فعلت ذلك دون أن تلاحظك ؟ ابتسم الجد وقال : يبدو أنك نسيت سريعاً .. ألم أخبرك أننا سحرة ؟!.. وليس أي سحرة , بل أنت من عائلة أل ( جيفاني ) السحرية العريقة -,, لقد قمت بخداع أيتورنا باستخدام أحدي تعاويذي ,, فكيف يعقل بأن أحمل التوأم إلى هنا لأمارس السحر عليهم !.. ومن هنا تأتي المفارقة الغريبة .. أنك استطعت أن تماس السحر بالرغم من أنني قمت بتعويذة ختم السحر عليك وأنت في مثل عمرهم .. أنت فريد يا دايسكي , ولكني لن أندهش من ذلك , فقد استوعبت فكرة أن هناك عوالم أخرى لم تسمع بها من قبل ,وعقلك لم يطير بعد.
    فضحك دايسكي وقال : لا تنخدع يا جدي , فأنا لا أستطيع أن أحمل رأسي بعد كل ما قلت .
    ثم صمت دايسكي قليلاً وبدأت عيناه تتلألأ بالدموع , فلاحظ جده دموعه المتساقطة ,فقال : ماذا هناك يا ديسكي ؟ ما المحزن في الأمر ؟ فقال دايسكي من وراء دموعه : كنت أفكر فيما قاله (( دينيكس ) صباحاً وأغضبني , كان كلامه عن أبي .. جدي .. أخبرني بصدق هل مات والدي ؟ أم أنه قد تمكن من الهروب من هذه القرية الملعونة ؟!
    تنهد الجد لبرهة ثم قال : أنظر بني .. أن أباك لم يمت , ولم يهرب من القرية .
    لم يفهم دايسكي شيئاَ فتساءل : ماذا تقصد ؟
    فقال الجد : لقد أخبرتك عن العالم الجديد .. أليس كذلك ؟!
    فقال دايسكي : بلى .. لقد أخبرتني عنه .. أهو هناك ؟
    فأومأ جده برأسه إيجاباً .
    فأبتسم دايسكي وقال في مرح : ربما ألحقه وأراه ,, سيكون من الممتع أن نقضي أوقانا معاً هناك بعيداً عن هذه القرية اللعينة . فابتسم الجد في أسي وقال : بلى .. بلى , سيحدث ذلك يوماً ما , ولكني أريد أن أقضي معك وقتاً هنا .
    فقال دايسكي : لماذا ألمح نبرة الحزن في كلامك ؟!.. ثم تابع في مرح : سوف نكون هناك جميعاً .
    فقال الجد بغموض : ربما
    فقال دايسكي بحذر : ماذا تعني ؟
    فقال الجد : أنظر بني ,, هناك أناساً يقضون حياتهم كلها في أحد العالمين , ولا يستطيع الانتقال إلى الأخر .
    فقال دايسكي : أنا لم أفهم شئ .
    تنهد الجد وابتسم وهو يقول : ستجيبك الأيام عن هذا السؤال بشكل أفضل مني يا دايسكي .. لا تكون فضولي دوماً .. أترك الحياة تعلمك .
    فقال دايسكي في عدم رضا : حسناً .. ولكن كيف سأتعلم أساسيات السحر ؟
    فقال الجد : سأعلمك أنا يا دايسكي , سأعلمك هنا كل شئ عن أساليب عائلتنا في السحر .
    قال دايسكي في حماس : هلا نبدأ الآن ؟
    قهقه الجد عالياً وقال : لا .. ليس الآن يا دايسكي , هناك شئ مهم ينبغي أن نقوم به أولاً قبل أن أبدأ بتعلميك السحر.
    فقال دايسكي بسرعة اللمت الأسطوري : بلى .. العصا .. عصا الساحر ..كيف سأحصل عليها ؟
    فجاوبه الجد : لا تكن متسرعاً دوماً هكذا ,, أتبعني الآن سوف نقوم بكل هذه الأمور ,, هل مازلت يقظاً ؟!
    فجاوبه دايسكي : وهل أبدو عكس ذلك ؟! بالتأكيد متيقظ .
    فقال الجد : إذاً كن مستعداً لأنك ستقوم برحلتك الأولى خارج أيتورنا .
    لم يصدق دايسكي أذنيه وقال بعدم تصديق : هل سنخرج من قرية أيتورنا ؟ ولكن كيف ؟
    فقال الجد ببرود : أتبعني فقط يا دايسكي , ولا تكثر من الأسئلة , فسوف تحصل على الأجوبة فيما بعد .
    تراجع دايسكي للخلف في عدم ثقة وقال : جدي أنت تعرف ما هو مكتوب على البوابات الست المحيطة بالقرية .
    قال الجد بنفاذ صبر وهو يؤمن بأن أسئلة الأطفال لن تنتهي أبداً : بلى .. أنسيت من أخبرك بهذا ؟
    فقال دايسكي : لا لم أنسى , ولكن ما يحدث الآن لأمر متناقض . فقال الجد : ماذا تقصد ؟
    فقال دايسكي بشئ من التردد : أن الكتابة المنقوشة على البوابات الست بلغة الكوزرس التي أخذتها أيتورنا لغة لها
    تقول
    (( إذا أردت أن تخرج أيها القاطن
    فأعلم أنه لا سبيل لك في العودة
    إلا إذا لم تخرج من الأساس ))
    .. كانت هذه العبارات منقوشة بالفعل على البوابات الست المحيطة بالقرية , ولكن لم يكن هناك أحد يعبأ بها فهم – أي أهل القرية – لا يعرفون معناها أساساً , أو إلى ماذا تشير ماعدا جد (دايسكي) فهو الوحيد الذي يعرف بالأمر وأخبر حفيده دايسكي به الآن .
    تابع دايسكي كلامه : و أنت الآن تريد أن نخرج منها , فكيف نعود وهي تحذرنا من أنها لا عودة لنا إذا خرجنا , حتى لو خرجنا فكيف سنعثر عليها .. ألم تخبرني بأنها لا تمكث في مكان واحد على ظهر البسيطة لأكثر من يوم .
    أختفي شعور الجد تجاه سؤال دايسكي , و أبتسم فخراً وقال : هذا ما كنت أتوقعه من حفيدي , ولكن انظر دايسكي جيداً للأمر .. هل تفهم السطر الأخير من التحذير جيداً .. ما معنى كل ذلك ؟
    فقال دايسكي بعد أن قلب الأمر في عقله عدة مرات : هذا يعني أننا نستطيع العودة إلى القرية مادمنا لم نخرج منها .. ثم صاح معنفاً نفسه : ما هذا الكلام الغير المنطقي الذي أقوله .
    ابتسم الجد مرة أخري وقال : كلامك صحيح يا دايسكي .
    نظر دايسكي لجده وقال في دهشة : حقاً ,, ولكن كيف ؟
    فقال الجد : لا تقلق يا بني ,, عائلة أل ( جيفاني ) لم تقضي
    القرون الأيتورنية السابقة هباءً هنا ,, هناك طريقة عثرنا عليها للخروج من هنا بغير طريق البوابات الست .
    فقال دايسكي مندهشاً : حقاً .
    فقال الجد : هذا صحيح ,, و الآن أتبعني فالطريق أمامنا طويل
    *******

    نهاية الفصل الثاني
    0

  11. #10

    الفصل الثالث : خارج أيتورنا ج1

    الفصل الثالث : خارج أيتورنا

    كان منظر جبل (سوميلازر) من الخارج يبعث الرهبة في النفوس مع قمته التي لم يفكر أحد في الوصول إليها بتاتاً , كانت تبدو كحد السكين , بدا أخيراً قرص الشمس يتوارى خلف قمة الجبل الثلجية مذيبة القليل منها , مما زاد من رطوبة الليل , وبالرغم من أن المنطقة تبدو خالية من جنس مخلوق , إلا أنه هناك بالفعل أحياء في هذه الجبال ,, لقد كانوا في جوف جبل (سوميلازر) الذي يبدو من الداخل كأنه قرية أخرى منفصلة عن قرية (أيتورنا) , كان أحدهم شيخاً طاعناً في السن , و الأخر فتي لم يتجاوز الثامنة من العمر بعد.
    تحرك العجوز إلى فتحة معينة من بين ست فتحات تطل علي سراديب تتوغل إلى أماكن مجهولة في الجبل , وتبعه الصغير مسرعاً .
    سار الاثنان معاً بداخل الكهف المختار , وما أن توغلوا قليلاً حتى بدا الصغير يتجمد من الثلج على عكس الساعات السابقة , فطرق العجوز بإصبعيه فأضئ الكهف بواسطة مشاعل عتيقة جداً تبدو أنها تعود إلى العصور المظلمة , شعر الصبي بالدفء , وتابع المسير مع العجوز في صمت , وهو يتأمل جدران ذلك الكهف في فضول ورعب في آن واحد , بينما كانت نيران المشاعل تتراقص علي الجدران مما يتيح ل(دايسكي) رؤية الرسومات المنقوشة عليها , وجد رسمة فظيعة في وجهة نظره (( هياكل عظمية )) فأشاح بوجهه بعيداً عنها , وبالرغم من فضوله القاتل لمعرفة إلى ماذا تشير هذه الرسومات إلا أنه أصر الهدوء والسلامة , ولكن ذلك العجوز ضحك بصوت مجلجل حينما لمح نظرات الرعب المرتسمة على وجه (دايسكي) فقال : مالك يا دايسكي ! .. لما هذا الشحوب , و أنفاسك ثقيلة هكذا ؟!
    فقال (دايسكي) بعصبية : وهل ما رأيته لا يدعو إلي الرعب .. بحق الجحيم أنها هياكل عظمية .
    فقال العجوز مداعباً : وماذا في ذلك يا(دايسكي) , أنك سوف تري ما هو أسوا من الهياكل العظمية ,, وحينها ستبدو لك مجرد دعابة طريفة لما تواجهه بعد ذلك , وربما تندرت بعد ذلك من رهبتك إياها في الصغر .
    بدا (دايسكي) مبهوتاً ومفزوعاً مما سمع , وخرجت الكلمات من حلقه متقطعة : أتعني أنني سوف أقابل ما هو أسوا من ذلك يا جدي ؟! قهقه الجد قهقهة عالية وقال : بلي .. بلى ولكن لا تخشي شئ طالما أنت معي .. أنت مازلت في بداية رؤيتك للعوالم الست ,, ثم تابع ممازحاً : و الآن هل أجد حفيدي (دايسكي) الذي أصابه الملل من كل شئ قد بدأ يشعر ببعض الإثارة .
    فتح دايسكي فاهه وقال : نعم .. إثارة ممزوجة بالرعب .. ليتني اكتفيت بمشاكسة (أيتورنا) . قال الجد ناصحاً : لا يغريك أن تشاكس أيتورنا , فيوم تعلم انك قد تؤذي بمصالحها فهي لن تتهاون في القضاء عليك وقتلك .
    فقال (دايسكي) : حسناً أنت تعلم أنني لن أفعل ذلك حفاظاً علي سرية مهمة عائلتنا . فقال الجد مؤيداً : قرار صائب منك .. لأجل مصلحة الجميع , توقف السيد (جيفاني) فجأة حينما وصلا إلى مجموعة من الأبواب ذات الألوان البديعة ظهرت على كلاً من جانبيهم , بالرغم من أنهم لم يصلوا إلى نهاية الكهف بعد , ثم توجه إلى باب معين ذي لون وردي وطرق عليه ثلاثة طرقات دقيقة ومتتالية ,, تسائل (دايسكي) في حيرة : ما هذه الأبواب يا جدي ؟ ,, وقبل أن يجيبه الجد فتح الباب الوردي وظهر من خلفه قزم أسطوري صغير لم تجاوز طوله رأس (دايسكي) , كان أنفه كبير بدرجة مزعجة لحد أن (دايسكي) كان يتجنب النظر إليه مباشرةً , وكانت عيناه واسعتان بها مسحة حمراء – يبدو أنه لم ينم جيداً أو في حاجة إلى النوم - , وكان يرتدي منامة ذهبية مزركشة رسمت عليها صور بديعة وكانت تتحرك !! , شدت المنامة العجيبة فضول دايسكي فأخذ يتفحصها بدقة بالرغم من أنه يجهل من أمامه , كان شكله يثير القئ في نفس دايسكي ناهيك عن أنه لا يدي من هذا الكائن , ولكنه شهر بالأمان طالما جده معه.
    قال السيد جيفاني : مساء الخير يا سويك ,, كيف حالك؟
    تمخط (سويك) بصورة عفوية في كم المنامة و أخذ يدعك عينيه ثم قال بلا مبالاة : لست بخير , لقد كنت على وشك النوم .ثم تنبه فجأة لوجود دايسكي وصرخ : من هذا ؟َ!
    قال الجد بنبرة أشبه بالاعتذار : أوه .. بالضعف ذاكرت ,, نسيت أن أعرفك يا (دايسكي) هذا هو (سويك) قزم أسطوري ,, ثم وجه حديثه ل(سويك) قائلاً : وهذا حفيدي (دايسكي) يا (سويك).
    أخذ سويك يتفحص دايسكي في اهتمام واضح وهمهم : أمممم .. هو يمتلك ذلك الشعر الذي ورثه عنك وعن (هيتاشي) , وذات الخصلة المعروفة ب ( أل جيفاني ) جميعاً , و الآن ماذا ترغب من (سويك) يا سيد (جيفاني) ؟! فقال السيد جيفاني بلهجة شبه رسمية : نظراً لأنك الشخص المتاح الوحيد لي الآن يا سويك – فقد وجدت بابك هو الوحيد المطلي باللون الوردي , يبدو أن كاييف و هنجلتون و أفريم و الآخرون في أجازة .- فهمهم (سويك) مؤيداً : بلي.. بلي كلهم في أجازة .. أنا المسئول الآن عن النقل ,, إلى أي مكان يا سيد جيفاني ؟
    فقال السيد جيفاني : قرية (الطائر الأزرق)
    فهمهم (سويك) : اسمحا لي .
    فأومأ السيد (جيفاني) وقال : تفضل .
    فأغلق (سويك) باب حجرته ليغير ملابسه ,, وتوقف (دايسكي) والسيد (جيفاني) ينتظراه في ممر الكهف و أخذ الأخير يدندن , وبدا (دايسكي) متردداً لأمر ما يشغل باله فقال : امم .. جدي ,, من هؤلاء ؟! – كان يشعر بالغباء وهو يسأل جده – فجاوبه جده : أنت الآن في منطقة الأقزام الأسطوريين , هذا الكهف يعتبر قريتهم وعالمهم الثاني ,, فهم يعملون هنا .
    قال (دايسكي) وهو لا يستوعب ما سمعته أذنيه التي بدأت قريبة الشبه بسطح المريخ : ماذا تعني بقولك عالمهم الثاني ,, و أنهم يعملون هنا ؟ !
    فقال الجد : أنظر دايسكي .. أن في هذا الجبل سراديب و أماكن لم أكتشفها بعد وكلها مجهول ,, وكل هذه الأمور وجدت حينما تم أنشاء قرية (أيتورنا ) .. أعتبرها أساليب ردع أيتورنا إذا ما فكرت في التمرد ,, وقد كان هؤلاء الأقزام من أوائل سكان هذه القرية , وخصوصاً في هذا الكهف من الجبل , وعملهم مقصور على أن يتولوا أمور الانتقال الخفية من داخل القرية و إلى خارجها .
    فقال (دايسكي) مستنتجاً : أعتقد إذاً أن القرية تمردت وفشلت أساليب ردعها .
    فأومأ الجد وقال : بلي , هذا صحيح لذلك ظل الأقزام عالقون هنا بطريقة ما ,, فأن الانتقال إلى خارج القرية لا يزيد عن 7 أيام ,, لذلك قلت أن هذا المكان بمثابة عالمهم الثاني .
    فصرخ (دايسكي) لدرجة أن جده قفز عدة أقدام في الهواء فزعاً وقال : مهلاً ,, لقد اكتشفت شيئاً هاماً .. شئ أغفلتموه ,, لم تأخذوه في الحسبان ,, شئ يمكننا به تقويض أيتورنا .
    أبتسم الجد وقال : وما هو ذلك الشئ ؟
    قال (دايسكي) : بما أنه يمكننا الانتقال بين القرية وخارجها لمدة سبع أيام ,, فأن .. فأن ذلك يعني أنه من الممكن أن نحضر أتباع ملك الكوزرس إلى هنا ,, ومن ثم تنتهي مهام عائلتنا .. ثم تابع في لهفة : أليس ذلك صحيح يا جدي ؟! .
    فقال الجد : بلي هذا صحيح جداً ,, ولكن للأسف حينما أنشئت هذه القرية كلن منشئوها أذكياء بدرجة مرعبة , فجعلوا من الانتقال من القرية و إلى خارجها يقتصر فقط على قاطني القرية وليس من هم بخارجها ,, أي أنه لا يمكن لأحد دخول القرية سوى من تسمح له أيتورنا بذلك,ولكن الشئ الجيد هو أن أيتورنا لا تعلم أي شئ مطلقاً عن الأقزام الأسطوريين ,, أو أننا نستطيع الانتقال إلى خارجها و الإفلات من قبضتها لفترة إذا لزم الأمر .كما قلت سابقاً طالما أنت في أحد الأماكن المحظورة , فأنت بمأمن عن شر (أيتورنا) ,, هل استوعبت الأمر ؟! . أبتسم(دايسكي) وقال : أخشي إلا أستوعب شئ بعد الآن فرأسي ثقيل جداً .
    فتح الباب المقابل , وخرج (سويك) , كان يبدو على عكس ما سبق , فبحلته الصغيرة السوداء ذات ذنب يتدلى على الأرض يبدو وقوراً , ناهيك عن تمشيطه لشعره الذي لا يجدي نفعاً , وجد (دايسكي) نفسه ترغب في الضحك عالياً بسبب مظهر (سويك) المضحك , ولكنه بذل قصارى جهده لوأد هذه الرغبة الجامحة .
    قال (سويك) بوقار : لو سمحت أتبعوني .
    سار الجد و دايسكي خلف سويك ببطء , كانت هناك مجموعة من الأبواب المختلفة الألوان على الناحيتين اليمني و اليسرى ثم توقف (سويك) إمام باب أحمر قاني اللون و أخر أبيض وكان بينهما جدار صخري بارز ثم مد (سويك) ثم مد سويك كفه الصغير ووضعه في فجوة تتناسب مع مقاس يديه وتمتم : ( فلو) ,, فأختفي الجدار وتلاشى كأنه صنع من العدم , ثم تابع (سويك ) طريقه إلي الداخل ومن خلفه الجد و دايسكي , وكان وجه الجد جامداً وكأن هذا الأمر شئ روتيني قام به العديد من المرات لدرجة إنه لم يعد يثير شغفه وحماسته , بينما كان ( دايسكي ) على النقيض و كان يستمتع برؤية كل شئ تقريباً وود لو أخذ له صورة يحفظ بها.لم تكن حجرة بتاتاً , بل كان مكان فسيحاً و واسعاً لا توجد فيه قطعة أثاث واحدة كأن كالمرج وكان أغرب شئ في هذا المكان هي تلك البركة الطينية في المنتصف والتي تصدر فقاقيع بحدة , ثم تحرك (سويك) إلى الإمام حيث شاطئ البركة ثم نثر مسحوق فضي اللون على سطحها .
    ابتسم الجد ابتسامة باردة وقال : أستعد يا دايسكي .
    فقال (دايسكي) بدهشة : أستعد لماذا ؟!
    - سوف نخوض البركة الطينية . قال ذلك الجد
    أبتعد (دايسكي) خطوة للخلف وشعر بالامتعاض وقال : أرجوك لا تقل أن هذا صحيح .
    فقال القزم الأسطوري وقد ظهرت ابتسامة خبيثة على وجهه : لقد قالها بالفعل وتابع ناصحاً : تذكر هذا الأمر جيداً ليس كل ما تراه العين حقيقة .
    وما أن أنتهي القزم الأسطوري من عبارته حتى ظهر مفعول ذلك المسحوق الذي نتثره منذ برهة على سطح البركة الطينية الذي تبدل مظهرها إلى النقيض تماماً فإذ بها تتحول إلي بركة من الماء العذب .
    قال الجد : تعال إلى هنا يا دايسكي ,فلتمسك بيدي جيداً .
    فعل (دايسكي) ما طلبه منه جده , ثم سار ناحية المياه , وهتف الجد : ( الطائر الأزرق ) .
    فخرجت من البركة موجة من المياه و ابتلعتهم ففوجئ دايسكي , ولكنه لم يشعر ببرودة الماء المتوقعة أو الابتلال بل بقوة تجذبه إلى الأسفل فزاد من إحكام قبضته الصغيرة على يد جده .
    ***********
    0

  12. #11
    ***********
    في منطقة بعيدة جداً ناحية الشمال , تبعد الآلاف الأميال عن موقع قرية ( أيتورنا ) الخفي الذي لا يعلمه أحداً سوي ( أيتورنا ) نفسها , و إذا تحقق المستحيل الرابع ووجده أحدا ما فسوف تختفي عن أنظاره – ظهر السيد ( جيفاني) و حفيده (دايسكي ) الذي بدا يشعر بالدوار و وأن الدنيا تدور من حوله , ولكن لن يستمر هذا الشعور طويلاً بعد أن لوح الجد بعصاه السحرية التي ظهرت فجأة من بين طيات ملابسه والتحمت بساعده بطريقة لا يعلم كنهها تمتم ( ستيم لار ) فشعر ( دايسكي ) باختفاء الدوار و الألم , وما أن أحس بأنه قد عاد إلى طبيعته حتى بدأ يكتشف المكان من حوله في حماسة فهو يعلم أنه في قرية سحرية بالأحرى قرية ( الطائر الأزرق ) , أخذت عيناه تتجول في المنطقة , كانت من بعيد تظهر مجموعة من البيوت الضخمة المتراصة بجوار بعضها البعض , بعضها مربع الشكل و الأخر مثلث و والعض شاذ لا يصطلح أن يطلق عليه أي مسمي , وعلى منطقة أخري ليست بعيدة عنهم فوق التل تراصت مجموعة من القصور العتيقة على أبعاد متفاوتة فيما بينهم و وفى الخلف عدة مزارع تخصهم , وكان هناك طريق يتلوى أسفلتي يمر بجوار القرية يتلوى كالثعبان و أخر يشقها , بينما كانت الحقول تبتلع الاثنين معاً , شعر (دايسكي) بخيبة أمل , فهذه تبدو مثل أي قرية عادية بل ليس هناك شئ مثير فيها قط .لمح الجد هذه النظرة التي عاودت (دايسكي ) من جديد فقال : تبدو خيبة الأمل على وجهك ,, لما كل هذا .
    فقال (دايسكي) بصوت سقيم : لا تبدو أنها قرية سحرية على الإطلاق .
    فقال الجد في إيضاح : بل على العكس , هي قرية سحرية شهيرة ,, ربما تجدها عادية وهذا طبيعي لأننا نحن السحرة وكل الأجناس الأخرى تحاول أن تكون مخفية عن الآخرين إلا أن البشر لا يوجد لهم حدود فهم في كل العالم تقريباً نظراً لأنهم لا يعلموا أي شئ مطلقاً عنا ,, كما أخبرتك هم يحسبوا أن عالم النبات كما هو نبات , وعالم الحيوان كما هو عالم الحيوان , ولكننا نعلم حقيقتهم , لذلك نحاول أن نكون خفيين عن عالم البشر , لأنهم لو علموا بوجودنا فيحيوا في خوف وترقب لأننا في وسعنا أبادتهم بالرغم من إنه من بينهم قد ينال بعض قدرات عوالمنا .
    قال ( دايسكي ) بتلهف : كيف إذاَ ؟!
    تهرب الجد من الإجابة قائلاً : سوف أخبرك فيما بعد ,, شئ أخير لا تتفاخر بجنسك في كل مكان تذهب إليه قد يأت هذا عليك بالمشاكل والمتاعب .
    قال ( دايسكي ) : حسناً .. حسناً .
    ثم عاد إلى الصمت من جديد , بينما كان يجول في تفكير ( دايسكي ) أشياء كثيرة , فمنذ بضعة ساعات أكتشف أن هناك عوالم أخري غير قرية ( أيتورنا ) و أجناس أخري غيرهم و أكتشف أنه أيضاً ينتمي لأحدهم .. انه ساحر كما قال جده , وكان أخطر اكتشاف له على الإطلاق أن والده لم يهرب من قرية ( أيتورنا ) , وهذا بديهي بعد أن علم إنه لا يمكن قضاء أكثر من سبع أيام خارج قرية ( أيتورنا ) بل انه مازال يحيا ولكن في العالم الجديد , كانت هذه الأفكار قد ملئت رأسه علي أخرها , عندها عاد يسأل جده من جديد لعله يكتشف معلومة لم يخبره جده بها : جدي ,, إذا مكان والدي مازال حياً وهو في العالم الجديد الآن .. لماذا لا يعود ؟ أعني لماذا لا تستطيع قرية أيتورنا استعادته ؟!
    قال الجد بهدوء : كما قلت سابقاً .. أن بناء هذه قرية ( أيتورنا ) لعباقرة حقاً ,, ولكنهم غفلوا هذا الأمر وذلك أيضاً يضف إلي ميزان عبقريتهم , فهم لم يزودوا القرية بتعويذة تتبع الموتى , حتى لو فعلوا ذلك فأن ( أيتورنا ) لا تستطيع فعل ذلك لأن قوانين العالم الجديد تتعارض مع قوانين العالم الذي نعيش فيه , وبالعودة إلى عبقرية بناءَ القرية فهم قاموا بكسر تعويذة الإبقاء الإلزامي في القرية للأفراد بعد موتهم , ولكنهم أعطوا هؤلاء الأفراد ميزة أخرى , وهي أنهم لو أردوا العودة إلى القرية في زيارة يسمح لهم بذلك , ويصبح غير مرئي لأيتورنا ذاتها .. ثم تابع في زهو : كما قلت .. عباقرة .
    فقال (دايسكي) بفرح : إذاً هذا يعني أن والدي يستطيع العودة إلينا .. صمت فجأة ثم صاح في حزن :ولكنه لم يفعل ذلك .
    فقال الجد معللا : أنظر ( دايسكي ) , أن الأمر معقد بالنسبة له , أنت تعلم أن جميع قاطني قرية ( أيتورنا ) من البشر العاديين ,, فماذا سيحدث لو رأوا والدك ..سيكون ذلك بالنسبة لهم ميت يتحرك !!
    فقال ( دايسكي ) : حسناً .. حسناً ,, ولكن مهلاً , حسبت أنني سمعت تعويذة تتبع الموتى فما هي ؟ - قال الجد باختصار : حتى نضمن ألا يعبث أحد بأجسادهم , فقد يستخدمهم السحرة الأشرار كدمي تنفذ أوامرهم .. تخيل جنود لا تموت !!
    أرتعب ( دايسكي ) من الفكرة ولام نفسه على السؤال ولكنه ابتسم وقال : معك حق .
    تعجب الجد وقال : ماذا ؟! - قال ( دايسكي ) : معك حق في إنه هناك ما هو أسوا من الهياكل العظمية .
    ابتسم الجد لدعابة دايسكي وحدث نفسه لابد أن هذا الفتي سيصير أقوي بكثير مما أتوقع ,, بل أنه قد يصير أعظم ساحر في عالم السحرة .
    مرت من إمامهم سيارة سوداء لامعة من ماركة (فورد) الشهيرة وتوقفت على بعد خطوات قليلة منهم , كانت هناك فتاة بشرية خلف عجلة القيادة , كانت فاتنة نوعاً ما وتبدو في التاسعة عشر من عمرها , وطولها يوازي ضعف طول ( دايسكي ) الصغير الذي كان ينظر لها مبهوراً فابتسمت له , وكانت النتيجة فورية فقد توردتا وجنتيه .
    تحدثت الفتاة بصوتها العذب : أري أنكم ستسيرون لمسافة طويلة حيث القرية , فلما لا ترافقاني ,, بالمناسبة أنا ( إيميلي )
    *********
    0

  13. #12
    توقفت السيارة ذات الماركة العالمية بسلاسة إمام الشارع الرئيسي للقرية , و كان ( دايسكي)يجلس في مقعده وكان يود أن يستطيل من جلسته فسأل جده : أين بيتنا يا جدي ؟
    فقال الجد : أه البيت .. تقصد القصر .. إنه هناك بأعلى التلة .
    فعرضت ( إيميلي ) عليه أن توصلهم إلى أعلي فإمامها وقت طويل قبل لقاء خطيبها , ولكن رفض السيد ( جيفاني ) بلغة راقية مهذبة عرضها ,, ثم أخرج من بين جيوبه العديدة علبة صغيرة ذات ألوان ذهبية تتراقص برشاقة : اسمح لي أن أقدم لكِ هذه الهدية البسيطة عرفاناً بالجميل فترددت ( إيميلي ) كثيراً ,, ولكن وضع إصرار السيد ( جيفاني ) حداً لترددها فأخذتها على الفور وقالت بلهجة عذبة : شكراً لك .
    ثم عادت إلى سيارتها ومن خلفها العجوز والحفيد يتابعان سيرهما ثم رحلت بعيداً , وفي طريقها فتحت العلبة الصغيرة , فصرخت انبهارا ودهشةً وتساءلت في عجب كيف يمكن أن توصل شخصاً ما ويمنحها خاتم الألماس لشكرها , لابد انه ثري , ولما لا ؟! فهو يملك قصر بأعلى التلة ,, ثم صاحت بعل صوتها : ( يا لحظي ) .
    **************
    تساءل ( دايسكي ) في فضول : ماذا أعطيتها يا جدي ؟ .
    ابتسم الجد وقال : هدية .
    قال ( دايسكي ) لنفسه : وكأني لم أري , ثم تابع بصوت مسموع : مادمت قد قلت أن لنا قص بأعلى التلة فلماذا نسير في القرية إذاً ؟!.
    فأجابه الجد : ببساطة نحن ذاهبين إلى حانة ( فيزتسون ) .. لي موعد هام جدا ً هناك .
    أستغرب ( دايسكي ) وقال : لقاء ,, لم أحسبك غادرت القرية !
    لم يتمالك الجد نفسه فأخذ يقهقه بصوت عالي وقال من بين دموعه : عذراً يا ( دايسكي) ,, أعذرني ولكن فكر قليلاً ,, أنت الآن ستجعلني أسحب ثقتي بقدراتك .. فكر .. أن عائلة ( آل جيفاني ) من أشهر عائلات السحرة و أقواها على الإطلاق فكيف تقبل بمهمة تقضي عليها تماماً ,, لا لا , أن عائلة ( جيفاني ) تحيا في كلا المكانين , فأنا أستطيع المجئ إلى هنا يومياً وكذلك أنت والرجوع إلى القرية وقتما نريد .. أفهمت ؟!
    قال ( دايسكي ) ببرود : بلي فهمت , و الآن أين تلك الحانة ؟! لقد تعبت كثيراً من السير .
    ابتسم الجد وقال : تفضل .. إنها على يسارك .
    ألتفت (دايسكي) إلى يساره فوجد حانة في غاية الروعة والجمال , كانت تتكون من دورين الأول للزبائن العاديين , بينما خصص الثاني لمن يريد المبيت , وكان المدخل أكثر إبهاراً .
    كان المدخل عبارة عن تنينين عملاقين متقابلين وقد طلي أحدهما باللون الأبيض بينما كان الأخر باللون الأحمر القاني .
    فلم يتمالك ( دايسكي ) نفسه وقال : يا الله .. روعة .. ألم يكن من الأفضل أن تسمي ( حانة التنينين ) بدلاً من حانة ( فيزتسون ) ؟
    قال الجد : هذا ما كنت أتوقعه منك .. أنهما رمز عائلتنا !
    فقال ( دايسكي ) في استفهام : رمز عائلتنا ؟!
    فقال الجد : بلي ..أنهما رمز عائلتنا ,, وحينما قام العجوز ( فيزتسون ) بإنشاء هذه الحانة أمر بنقش رمز عائلة ( آل جيفاني ) تقديراً لجهودها للقرية .. لا تتعجب فهناك العيد من الحانات في القرية تقوم بنقش رموز عائلات السحرة الأخرى , ولكن حانة ( فيزتسون ) هي الأروع في القرية بلا رياء .
    عبر الجد الحانة وتبعه (دايسكي ) الذي راوده شعور بالرهبة والزهو معاً حينما مر بالتنينين .لم تقل روعة الحانة في الداخل عن خارجها , بل كانت مفروشة بعناية ومصروف عليها ببذخ فقد زينت السقف العديد من الثريات الرائعة و بينما كانت توجد مدفأة في الركن الجنوبي من القاعة وقد أحتلت حجم كبير من الجدار والنيران تفرقع بداخلها في خفوت بينما كان يوجد بار رفيع يمتد بطول القاعة وفي المنتصف كانت هناك مساحة مخصصة للرقص , بينما كان ينبعث صوت موسيقي هادئ من أحد الأركان , و احتل الناس معظم الطاولات تقريباً , وكانت هناك فتاة مبهرجة تتجول بين الحاضرين لأخذ الطلبات , وكان هناك عامل كسول نوعاً ما يجلس خلف البار عيناه ناعستين و قليل الاهتمام بمظهره ويتحدث بصوت مبحوح لأحد زبائنه فلمح ( دايسكي ) والسيد ( جيفاني ) ولم يبد علي وجهه أي تعبير سوي أن حدقتا عيناه قد أتسعت قليلاً , اتجه ناحيته السيد ( جيفاني ) وقال : مساء الخير يا ( بيتر ) ,, هل من أحد ينتظرني ؟ .
    قال ( بيتر ) بصوت مبحوحاً لا يكاد أن يسمع : مساء الخير يا سيد جيفاني , لم أرك منذ شهر على الأقل ,, تابع بصوت روبوتي : كالعادة ( بيير ) ينتظرك في الباحة الخلفية , أنت تعلم هو لا يحب الاختلاط مع الآخرين , بالإضافة إلى كثرة مرور البشريين بالقرية بسبب كأس العالم لكرة القدم ... بلهاء.
    فقال السيد جيفاني بلباقة : شكراً بيتر ,, ابلغ السيد ( فيزتسون ) تحياتي .
    لم يرد (بيتر) ولكنه أكتفي بإيماءة باردة .
    ثم تحدث السيد ( جيفاني) إلى ( دايسكي ) قائلاً : اتبعني .
    يبدو أن ( دايسكي ) قد آثار فضول ( بيتر ) الذي سأل السيد جيفاني عنه فجاوبه الأخير بأنه حفيده .
    مشى السيد ( جيفاني ) إلى نهاية الحانة وفتح الباب على يمينه وعبره ومن خلفه ( دايسكي) .
    وجد ( دايسكي) نفسه في حديقة مليئة بمختلف الأزهار وشتي الألوان , ثم صرخ بشدة وكاد يبكي , فقد وجد شيئاَ مرعباً إمامه .. رجل , ليس رجل بالتحديد , كان طويل طويل جداً , وضخم الجثة بدرجة مريعة .. لقد كان عملاقاً .
    سد العملاق أذنيه بواسطة يديه علي إثر هذا الصراخ الغير متوقع , و تحرك بطريقة من فقد الإحساس بالتوازن , بينما حاول السيد ( جيفاني ) تهدئة حفيده الذي هدأ بعد مرور خمس دقائق , وكان السيد جفاني في قمة خجله فقال : عذراً يا بيير ,, إنه حفيدي , أنها أول مرة له في العالم السحري .
    فقال بيير بإزعاج واضح : لا عليك يا جيفاني , ولكنه بحق يمتلك حنجرة قوية جداً.
    فضحك جيفاني وقال : هذه أول مرة أكتشف فيها هذا .. إنه ( دايسكي ) ,, ثم وجه حديثه إلى ( دايسكي ) : إنه بيير من العمالقة ,, أحد قدامي أصدقائي , لا تقلق ولا تخاف من شئ طالما هو معك ,, وبالرغم من ذلك ظل ( دايسكي ) متشككاً في أمره .
    أن هذه الأمور لصعبة عليه حقاً في أول يوم له في العالم السحري الذي لم تظهر نهايته بعد .
    طال الحديث بين السيد ( جيفاني ) و العملاق ( بيير ) , ودخل الساقي ( بيتر ) عدة مرات يحمل أصناف مختلفة من الشراب والطعام , وكان يصر دوماً على أن يحضر ل( دايسكي ) مجموعة متنوعة من المثلجات والمرطبات بنكهات مختلفة كالفراولة والشكولاتة و الموز .. و أشياء أخري لم يراها من قبل ولكنها كانت تعجبه وتؤل في النهاية إلى معدته التي تضخمت بصورة مذهلة إلى ثلاثة أضعاف حجمها الأصلي , وغرق ( دايسكي ) في غفوات كثيرة , فهو بات ملولاً من الحديث الذي يدور بين جده و ( بيير ) و فقد كان في بادئ الأمر متحمساً لسماعه لأول حديث في حياته عن العالم السحري , وتنبهت حواسه حينما سمع كلمات غريبة جديدة على أذنه ك ( البساط الطائر ) ,, ( مبارزات السحرة ) والأعداد لمسابقة المبارز الأول,, والنبوءات السخيفة التي انتشرت في العالم .. كان كل هذا يثير انتباهه و ولكن بعد دقائق معدودة , وجد ( جده ) يسأل عن حال بعثة ( أل جيفاني ) الدراسية إلى معابد مصر القديمة و........و........ الخ .
    في النهاية أدرك ( دايسكي ) أن كل هذه الأحاديث تدور بخصوص أعمال العائلة في مصر و وأن ( بيير ) مسئول بصورة ما على متابعتها .
    فأستسلم ( دايسكي ) أخيراً للنوم و شعر بأن الرؤية من حوله تهتز كأنها صفحة نهر مياهه ساكنة ورميه طفل صغير بحجر صغير فتتكون الآلاف من الدوامات الصغيرة .. كان هذا حال ( دايسكي ) الصغير , وجاءه صوت من بعيد : هييه ( دايسكي ) .. أستيقظ ,, نحن علي وشك الرحيل .
    فهمهم ( دايسكي ) بهمهمة غير مفهومة دون أن يرفع جفن : اممم... حس.. اااااااا
    ثم سقط في بئر النوم من جديد و فتركه الجد نائماً وحمله وابتسم في حنان وقال : كان هذا أمر مفروغ منه ,, لقد كان يومه حافلاً .
    فرد ( بيير ) : أتعلم ,, أنني لمنحته كل ثروتي لو أستمر على هذا المنوال ,, حفيدك هذا غريب , لو أي فرد أخر مكانه .. بلا شك لأصابه الجنون .. أعتقد أنه سيصير فريداً جداً .
    همهم السيد جيفاني في أسي : بلي ,, بلي ,, سوف نري ماذا سيصيبه في السنيين القادمة !
    فقال ( بيير ) : حسناً .. سوف أرحل الآن ,, أنت تعلم لدي ميعاد من جونسون . ثم اختفي
    وبالمثل أختفي السيد ( جيفاني ) هو و حفيده تاركين الباحة خالية من خلفهما وقطات الندي تتجسد علي أوراق النباتات في الفجر الجديد ,بينما هناك بومة عسلية اللون تقف على فرع شجرة قريب من الأرض تحدق في لا شئ .
    *************
    نهاية الفصل الثالث
    0

  14. #13
    مرحبا

    دايسكي هيتاشي قصتك خيال فى خيال ،
    بديع ،وصفك للمكان حلو ، وحال دايسكي ،انا باقول اكمل القصة

    وانا انتظر

    تقبل مرورى

    تحياتى
    a03d2eb3ce3bf479fb3f6b5f92e47169
    0

  15. #14
    دايسكي مؤلفنا المبدع هنا يا مرحبا يا مرحبا tongue

    طبعا أنا مش محتاج أقولك أسلوب وصفك عاجبني قد إيه فعلا والله

    التعليق النسيت أقوله لك هو نفس التعليق القاله lPhantom_Devill

    أنا فهمت قصدك بعد كدا بس نصيحة إنك توضح النقطة دي في الفصل الأول

    إن الحاكمة على نفس إسم القرية عشان الناس ما تتلخبطش

    لا تنسى إنك إنت فاهم الموضوع بسهولة لأنك المألفه والحال مختلف بالنسبة للقارئ

    يلا متابعك بإستمرار إن شاء الله

    ولا تتكاسل مثلي biggrin
    attachment



    attachment
    ~ تم وضع الوسام ~
    ~ بواسطة مراقبى نور وهداية ~
    0

  16. #15
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أريج الروح مشاهدة المشاركة
    مرحبا

    دايسكي هيتاشي قصتك خيال فى خيال ،
    بديع ،وصفك للمكان حلو ، وحال دايسكي ،انا باقول اكمل القصة

    وانا انتظر

    تقبل مرورى

    تحياتى
    اهلا اختي
    سعيد برأيك كثيراً

    و أنا في انتظار متابعتك للرواية دائما biggrin
    ,,

    دايسكي مؤلفنا المبدع هنا يا مرحبا يا مرحبا

    طبعا أنا مش محتاج أقولك أسلوب وصفك عاجبني قد إيه فعلا والله

    التعليق النسيت أقوله لك هو نفس التعليق القاله lphantom_devill

    أنا فهمت قصدك بعد كدا بس نصيحة إنك توضح النقطة دي في الفصل الأول

    إن الحاكمة على نفس إسم القرية عشان الناس ما تتلخبطش

    لا تنسى إنك إنت فاهم الموضوع بسهولة لأنك المألفه والحال مختلف بالنسبة للقارئ

    يلا متابعك بإستمرار إن شاء الله

    ولا تتكاسل مثلي
    كايتو باشا
    اكيد انت عارف مين اللى جابني هنا
    ..
    بصراحة أنا كنت متعمد الجزئية ديه
    عايز القارئ يفكر معايا , و يبتسم في فخر أنه قد وجد لي نقطة وقعت فيها
    كل ما هنالك
    أنني أحببت أن احوز اهتمام القارئ معي من البداية
    ض2
    سعيد بمرورك أخي
    0

  17. #16
    eekeek مشاء الله عليك ابداع مره ابداع اسلوبك في الكلام اللغه العربيه مشاء الله ممتاز ورئع والقصه مرتبه وجميله وبعد احداثها مشوقه جدا مشاء الله يسلموا استمر بلكتابه والتاليف goooodgooood بهذهي الافكار ولاسلوب المتميز الله يعطيك الف عافيه goooodgoooodgooood
    0

  18. #17
    Yey Super junior Daeback ^^

    3e3264e440b435ce1dbefbf479e020b8
    0

  19. #18


    " حجـــــــــ( ستتم القراءة ) ــــــــــــــز ... ^\*
    5468d15dfe8e8a312eecbb921e0602d6

    we can do it !! joyous!!
    0

  20. #19
    السلام عليكم ....
    قرأت الفصل الأول و ماشاء الله
    كاتب مبدع بحق ..
    و لكن عليك أن تنتبه للأخطاء المطبعية البسيطة ...
    المعاني و اختيارك للكلمات و خيالك .. ما شاء الله ابداع ..
    ...
    0

  21. #20
    مرحبا
    بصراحه انا ماقد قريت قصة خيالية من قبل بس
    هذي القصة كانت الاروع
    الوصف رائع
    والفكرة رائعة
    والكاتب هو الاروع
    بأنتظار الفصل الرابع
    مع تحياتي
    meroni
    0

الصفحة رقم 1 من 9 123 ... الأخيرةالأخيرة

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter