السلام عليكم
بناءً على نصيحة أحد أصدقائي , أخبرني بأن انشر روايتي هنا
فها أنا ألبي رغبته و أضع أولي فصول روايتي ..
********
[center][size="4"]الفصل الأول : دايسكي
تثاءب ( دايسكي) على مهل وهوعلى فراشه أزرق اللون , فنهض و عدل من جلسته و أرح ظهره على وسادة قطنية و أخذ يغمض عينيه كأنه يحاول الأمساك بأذيال حلم رحل عنه , نال ضوء النهارالمنسل من بين فراغات النافذة إلى عينيه فتأوه , ثم أعتادت حدقتاه الوضع , فنظر من حوله , فوجد كل شئ فى حجرته كما هو , لم تلمسه يد أثناء نومه فوجد بعض كتب ( أحكام أيتورنا ) ملقية بأهمال متعمد على أرضية الحجرة , ثم تجد بعض الأكواب الفارغة تحت الطاولة وقد كستها طبقات عدة من الغبار تخبرك عن عدد السنين التى قضتها فى موضعها هذا دون أن تتحرك ساكناً و تنظر لك فى عناد واضح كأنها لا تنوى الرحيل من مكانها هذا , ناهيك عن تلك الجوارب التى تصاعدت الراوئح منها تشمئز منها الفئران , بالرغم من كل هذه القذارة إلا أنها كانت حجرة فاخرة جداً من حجرات قصرعظيم .
برقت عينا ( دايسكى ) الزرقاون لبرهة حينما شاهدت إنعكاسها على المرآة التى تحتل معظم الجانب الأيمن من حجرته ,, أغمض (دايسكي ) عيناه مرة أخرى ليتذكر ذلك الحلم الذى قضى ليله يعيشه كان يبدو كمن يحاول الحفاظ بقطرات الماء بين كفيه أو كالذى يريد تأمل الشمس دون أن يذهب بصره لاحت إبتسامة صغيرة على وجهه .. بلى لقد تذكر ذلك الحلم .. كان يحلم بأشياء غريبة و عجيبة .
كان أيضاَ يعرف أنه لم يرها قط أو قرأ أو سمع عنها شئ كانت مجهولة بالنسبة لعالمه وكان هذا ما يؤرقه .. كيف تأتى هذه الأشياء إلى أحلامه , يتذكر أول مرة حينما حلم بالكاد كان يحلم , فهذه الأشياء لم تربطها صلة بالأحلام اللهم أنها تأتيك أثناء النوم , كانت تشبه الرؤيا , كان يرى الأبواب العظيمة الست التى تحيط بالقرية التى لم تفتح نهائياَ قد فتحت على مصرعيها , و أن هناك ما يبدو بظلال ست أشخاص واقفين كلاً منهم أمام بوابة ثم يفعلون أمراً ما لايدرك كنهه , فيستيقظ من نومه شبه فزعاً ومدهوشاَ كثيراَ , كان هذا الحلم هو بمثابة القطرة الأولى لغيث الأحلام الذى غرق فيه بعد ذلك , فى البدء كان يعتقد أنها كوابيس تأتيه نتيجة لرهبته الأولى من القرية ولكنها كانت تعاوده بأستمرار و أماكن أخرى غريبة لم يرها فى قريتها التى يعلم كل سنتيمتر فيها , او حتى فى كتب أيتورنا , فقد كان العالم كله كما يعتقد هو و بقية أهل القرية أجمعين بأن أيتورنا هة العالم بأكمله وما من أحياء أخرين غيرهم , كانت كل هذه الأحلام غريبة جداَ ولكن الحلم الأكثر غرابة ورهبة فى نفس ( دايسكي) هو أنه كان أكبر سناً عما يبدو عليه و يرى نفسه يتسلل إلى القبور , ثم يقف أمام قبر معين وكان النقش عليه هو :
(( هنا يرقد جثمان العزيز ديسكي ))
توفى فى 16 نوفمبر 2007
حينما كانت تقع عيناه على كلمة توفى تنقبض عضلات قلبه و تكاد تقف من الفزع والهلع ,, أما ما كان يقلقه جداَ هو تاريخ وفاته يوم 16 نوفمبر 2007 أى بعد تسع سنوات فهو الأن فى السابعة من عمره بالأحرى طفل صغير ينبغى له أن يحيا كبقية الأطفال الأخرين و إلا تساوره هذه الكوابيس المزعجة منذ نعومة أظافره , لذلك بعقله الصغير توصل إلى شئ مهم جداً ألا وهو أن يدون هذه الأحلام فى مدونة خاصة لهذه الأحلام أو الرؤيا التى يراها , وكما يحدث فى كل صباح حينما يستيقظ من نومه , وقف ( دايسكي) من مجلسه وهو لم يفق بعد من النوم و إن كان ينبغى أن يكون يقظَ بسبب الكوابيس التى تساوره ولكنه كان قد تعود على ذلك فأصبح لا يفزع كثيراً , فإذ به يترنح قليلاً , ثم يعتدل فى وقفته و يمسك بكرسى خفيف الوزن يبعد عنه خطوتين و يحركه تجاه المكتب فيقف عليه تمهيداً لأن يقف على المكتب و من ثم يرفع الكرسى إلى سطح المكتب ليقف عليه , ثم حرك يديه إلى أعلى فحرك قطعة خشبية فى السقف تعلن عن وجود فراغ بالأعلى , يمسك الحائط بيديه اليسرى لتحافظ له توازنه حتى لا يسقط من هذا الأرتفاع بينما تنقب يديه اليمنى ذات اليمين وذات اليسار فى التجويف عن شئ ما و إذ بها تخرج بكتيب صغير يبدو نظيفاً على عكس مصدره يدون فيه أحلامه , عاد ( ديسكي) إلي فراشه بعد أن أعاد الكرسى إلى موضعه و جلس القرفصاء و أخذ يكتب تفاصيل حلمه الجديد بسرعة كأنه لا يعانى نسيان التفاصيل كباقى الخلق , ولا غرابة فى أنه يكتب فى هذه العمر الصغيرة فهو قد تعلم الكتابة وهو فى الخامسة من عمره وذلك أيضاَ ليس بالشئ المثير فقد خاب ظن الجميع به فأطفال قرية ( أيتورنا ) يتعلمون القراءة والكتابة وهم فى عامهم الرابع .. على أية حال هو لا يكترث لأيتورنا وقوانينها و توجيهاتها فى الغالب بل كان يتمرد أحياناَ على هذه القوانين والتوجيهات و كان هذا يثير أعصاب عائلته و يضعهم فى موقف يسخر منه البعض نظراَ لأن عائلته أحدى أعرق العائلات النبيلة بقرية ( أيتورنا ) عائلة (جيفانى ) ,, ففى قرية أيتورنا أربعة عائلات يطلق عليهم مسمى عائلة نبيلة وهم عائلات (بيدان ) و ( ميكلسون) و (فارم ) بالأضافة إلى عائلة ( دايسكي ) ,, و مفاهيم النبل فى قرية أيتورنا تتحدد بعدد القرون التى قضتها العائلة فى كنف ( قرية أيتورنا ) ,, ومدى خدمتهم و ؤلاءهم لها , وهناك أيضاَ العائلات الصغيرة المنضمة للقرية منذ قرنين أو ثلاثة وهم أسفل الهرم الأجتماعى . وكان كل هذا لا يثير ( دايسكي) فهو يرى أن مفهوم النبل فى ذلك الوضع مجرد هراء و شئ زائف , فقد كان يرى فى النبل فى أن يكون للفرد شئ مميز وفريد لا يمتلكه أحد غيره شئ يتمنى الجميع الحصول عليه ولكنهم مع رغبتهم الشديدة هذه لا يقدرون على أنتزاعه من صاحبه , كان هذا تفكير الصغير ( دايسكي ) عن النبل , ولم يكن يعرف أن هناك أصناف شتى من النبل فى هذا الكون سيقابل .
تجاوزت الساعة الحادية عشر صباحاَ بقليل , ستبدأ دراسة اليوم الجديد فى الثانية عشر , لم يكن يكترث للدراسة فقد سأم منها , يراها مملة و عقيمة وبالرغم من ذلك فهو مميز فيها جداَ فهو يرى فى ذلك أنه سيجعله نبيلاَ بعض الشئ .
أن تكون طفلاَ ومن عائلة نبيلة يكون معنى ذلك أن تكون طفلاَ مدللا َ ,, تأتى الخادمة برفق ومعها صينية تكتظ بالفطائر و كوب عملاق من العصير المنعش ,, ولكن ( دايسكي) يحب أن يشذ عن القاعدة دائماَ , فمرات نادرة ما تدخل مربيته ( سيدنى) لتوقظه وتجده نائم ..ها هى تفتح الباب فيلمحها ( دايسكي) ويقول مازحاَ : صدقينى لن تجدينى نائماَ
فأبتسمت ( سيدنى) و قالت مشاكسة : هذا ليس معناه أنني سأكف عن المحاولة
فأجاب (دايسكي) قبل أن يشرب العصير : سنرى . فقالت ( سيدنى) : حسناَ .. حسناَ هلم أفطر جيداَ لا أريد أن توبخنى سيدتى على نحافتك هذه .
فقال (دايسكي) بلهجته الطفولية : حسناً .. حسناً سألتهم كل ما يقع تحت يدى , وما حال والدتى اليوم؟
كانت سيدنى قد تعودت على سماع هذا السؤال يومياَ منذ أن جائت للعمل بهذا القصر و خصوصاَ بعد أن أصبحت مربية ديسكي فكانت تقول دوماَ دون صدق : بخير حال اليوم يا سيدى , تحسنت عن الأمس . كان ( دايسكي ) هو الأخر يعلم أن سيدنى لا تصدق فى قولها ولكنه كان يخدع شعوره بأن حال والدته يتحسن كل يوم , فبعد وفاة والده تدهورت صحة والدته نهائياَ حتى باتت لا تخرج من غرفتها إلا لماماَ خصوصاَ بعد أن نال منها مرض السرطان اللعين و بالرغم مما كانوا يملكوه من مال ونفوذ إلا أنه لا يوجد دواء لذلك المرض العضال فى قرية أيتورنا بمعنى أخر لا يوجد دواء فى العالم لداءها - هكذا خدعوا - تابع (دايسكي) سؤاله اليومى : والتؤام هل هم بخير حال ؟
ضحكت ( سيدنى) وقالت : أشقياء كدأبهم يا سيدى و جدك يجلس معهم الأن , و الآن تابع غذاءك و أرتدى ملابسك - أين وضعتها ؟! - تنظر حولها - تصيح قائلة : ياللهول .. ماهذا ؟ كيف يحدث ذلك و أنا هنا ؟ ما هذه القذارة ؟.. رباه , أكواب من العصر الحجرى غزتها الفطريات , تحركت بسرعة لتنظف الحجرة فأوقفها ( دايسكي) قائلاَ : لا لا تفعلى ذلك يا سيدنى , لا أريدك أن تنظفى الحجرة الأن
. حينما أعود سأجعلك تنظفيها ولكن لا تفعلى ذلك الأن . - ولكن أنظر سيدى .. ماذا لو جاءت سيدتى لترى ذلك ستطردنى على الفور . هكذا قالت سيدنى , فأبتسم ( دايسكي) بتهمكم وقال : صدقينى لن تفعل ذلك و الأن أرحلى فهناك أشياء لا أريد أن يلمسها أحد غيرى .
قالت (سيدنى ) : أمرك سيدى ,, ولكن دعنى أأخذ تلك الأكواب المتسخة , أنت تعلم أنا لا أقدر على رؤية القذارة أتركها هكذا . - فقال ( دايسكي) متأففاَ : حسناً خذيها و أرحلٍ
فتحركت سيدنى لتقوم بأمر سيدها واخذت خلسةَ جوارب متعفنة . فقال (دايسكي) : لقد رأيت ذلك.
المفضلات