الرسوم المتحركة و اثرها على الاطفال في نظر الاديب المسلم ( محمد الحسناوي ) !
الاديب محمد الحسناوي : الخطورة ليست في الخيال.. و انما فيما يحمله من عقائد او افكار
الاديب الاسلامي محمد الحسناوي من ادبائنا القلائل الذين يكتبون في حميع الانواع الادبية تقريباً بصورة ابداعية مشرقة, كما ان لديه حساً مرهفاً في مخاطبة وجدان اطفالنا في نصوصه التي تتميز بقيمها السامية, و فنيتها الراقية. و هو الان يحدثنا عن رؤيته للرسوم المتحركة فجاء هذا الحوار...
-الخيال شئ رئيس في الرسوم المتحركة, و لكن تبقى للخيال حدود معينة بحيث يكون تجاوزها خطراً على ذهنية الطفل, فما حدود هذا الخيال؟ و ما التجاوزات التي تحدث في الرسوم المتحركة الحالية ؟
قد يكون وضع حد للخيال من حيث هو خيال.. امراً غير ذي جدوى, لأن من صفات الخيال الانطلاق و الامتداد و المفارقة... هذا من جهة, ومن جهة ثانية.. فإن طبيعة الطفولة تتغذى على علم الخيال, فإذا لم تجده في عالم الواقع عمدت هي نفسها الى اختراعه و افتراضه.
راقب طفلاً او اكثر وهو يلعب, او استمع الى حكاياته, ولا سيما الحكاية التي يحكيها اكثر من مرة, ولاحظ كيف يلعب الخيال دوراً في اصطناع الشخصيات للدمى او للحجارة او للأزهار.. فضلاً عن اضفاء العقل و التفكير على الحيوانات الحية.
الخطورة في تقديري ليست في الخيال او طبيعته, وانما في المحمولات الفكرية او العقائدية التي يحملها هذا الخيال, كالوثنية او الشرك او السحر و هكذا.
و كلما شب الطفل او تراكمت خبرته في مشاهدة القصص و المسرحيات الخيالية او مطالعتها نمت حاسة التمييز بين الواقع و الخيال.
- العنف كذلك شئ رئيس في الرسوم المتحركة الحالية . فما اثره على نفسية الطفل و سلوكه؟
لست متشائماً ولا يتملكني الخوف من غلبة العنف على الرسوم المتحركة لدرجة تحملني على منع اطفالي من مشاهدتها, وذلك لأسباب...
اولاً: هناك فرق كبير بين علاقة الاطفال بالابوين او بيئة الاسرة وبين الرسوم المتحركة , لا سيما اذا التربية البيتية سليمة او طبيعية. اما اذا كان واقع الاسرة غير ذلك, فستتاح الفرصة للفراغ النفسي او العاطفي الذي سوف يحتله المؤثر الخارجي كالرسوم المتحركة او رفيق السوء او ما شاكل.
ثانياً: هناك مجال لتصريف طاقة العنف او التشنج او الاحتقان من خلال التمثل, كما يحصل في الرسوم المتحركة او المسرحيات, وهو ما سماه نقاد المسرح منذ اليونانيين بـ ( التطهير ) مثل تصوير البخل في مسرحية ( البخيل ) لموليير الفرنسي.. او كتاب ( البخلاء ) للجاحظ... ننفر في النتيجة من البخل, وهكذا العنف. وعلم النفس يستخدم هذه الوسيلة في الشفاء من الامراض النفسية.
ثالثاً: النفوس البشرية ليست متماثلة او متطابقة في الاحاسيس و ردود الفعل و الجينات الوراثية.. فضلاً عن مؤثرات البيئة الثقافية منزلية او غير منزلية, و بإختصار... ربما يزيد العنف من عنف الطفل العنيف اصلاً او يطهره ( اي يخففه ) و ربما لا يؤثر في الطفل الوديع او المسالم.
- ما خطورة تعلق الطفل المسلم بالابطال الوهميين الذين تقدمهم الرسوم المتحركة ؟
ان مجرد الوهم جزء من الخيال ان لم نقل هو الخيال بعينه, و قلنا ان الطفل يتغذى بملكة الخيالو وهو عالم بالفرق بين الواقع و الخيال, وانه كلما شب و نما اشتد لديه التمييز بين العالمين, كما تقل حاسة الخيال, لتحل محلها ملكة العقل و الواقعية و التجريد الذهني ( غير الخيالي )
- هل الحل الامثل لتجنب الاثار السلبية للرسوم المتحركة الحالية هو منع الطفل من مشاهدتها ام انه من الممكن تعليمه المشاهدة الناقدة مع التوجيه المستمر من قِبل الاباء و الامهات؟
الرسوم المتحركة الحالية غدت جزءاً من الوسط الثقافي الذي يحيط بالطفل, و الحل الامثل هو طرح البديل الجميل لهذه الرسوم المتحركة, او تنظيفها من عيوبها الفكرية او العقدية او النفسية او ما شاكل ان امكن ذلك , من خلال الترجمة او حذف بعض المشاهد و الفصول, او الاضافة.
و اذا لم نستطع طرح البديل او تعديل المطروح منها, فإن تعليم الطفل المشاهدة النقادة مع التوجيه المستمر, يسهم الى حدٍ كبير في التخلص من كثير من الاثار السلبية.
ونضيف ما هو اكثر من فوائد التوجيه و النقد, الا وهو تحصيل خبرات اضافية للطفل, مثل تعليمه تنمية حس التمييز بين الخير و الشر او بين المفيد و الضار, وهذا الحس يبطل كثيراً من الاثار السلبية الظاهرة و الخفية مع الايام, ويصبح ذلك مفيداً له في المستقبل.
هذه الاجيال التي نرعاها من خلال المشاهدة الناقدة للرسوم المتحركة, و من خلال اختزانها للخبرات و التجارب الشخصية, سوف تكون قادرة حين تنضج على طرح البديل النظيف او الاسلامي لبرامج الاطفال و للرسوم المتحركة , لأنها اجيال خبرت هذه الانتاجيات مباشرة و بعمق و عرفت سلبياتها و ايجابياتها و آلياتها و حلاوتها و مرارتها.
================================================== ========
المصدر:
مجلة المجتمع -- العدد 1632 -- السنة 35 -- 31 ديسمبر 2004
تعليقي انا ؟
ارى كلامه صحيح 100% و بالفعل... اذا كان الطفل متربي التربية الاسلامية الصحيحة , فلا خوف عليه من الاثار السلبية للكرتون ان شاء الله.
اما ان لم يكن الطفل هكذا... حسناً, الله يبعدنا من العواقب السيئة
Black Legend
اضافة رد مع اقتباس
يعني انا شايف انه كلامه عقلاني و صحيح... و ما جابه من عقله 
وشكرا لكم جميعا
المفضلات