مشاهدة النتائج 1 الى 3 من 3
  1. #1

    " يُخرِّب البيوتَ العامـــرة، ويجعل الديار دامِــرة "





    attachment




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الخطبة الأولى:

    الحمد لله وليِّ الصالحين، ذي القوة المتين، الرحيم الرحمن الحق المبين، خلق كلَّ شيء فقدَّره تقديرًا، يَمحُو اللَّهُ مَا شاءُ ويُثبتُ وعِنده أُمُّ الْكِتَاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أرسله الله بالحق بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وجعلنا على المحجَّة البيضاء ليلُها كنهارها، لا يزيغُ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا

    أما بعد:
    فأُوصيكم - أيُها الناس - ونفسي بتقوى الله التي لا يقبَلُ غيرَها، ولا يرحمُ إلا أهلَها، ولا يُثيبُ إلا عليها؛ فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [البقرة: 197]، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى، واعلموا أنكم غدًا مُحاسَبون، وبأعمالكم مَجزيُّون، وأن أجسادكم لا تصبر على حرِّ النار ولا تقوَى.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].

    أمة الإسلام:
    تُعاني أمتُنا في كثيرٍ من بلدانها المِحَن والفتن والمصائب والتفرُّق والإختلاف مما يندَى له الجبينُ، ويحزنُ له المؤمنون، ألا وإن الأمة اليوم حُكَّامًا ومحكومين بحاجةٍ إلى ما يُصلِح الأوضاع ويرفع الآلام، ويكشِف الغُمَّة، ويمنع الفساد والشرور والفتن التي دبَّت علينا من كل حَدَبٍ وصَوبٍ.
    ولايخفى على كلِ مؤمن إن الإعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة ..

    لكن إن المناداة بأسباب الإصلاح التي يسمعها المسلمون لكثيرةٌ ومتنوعة، لكنها وللأسف لا تنبُع من العلاج الحقيقي لواقع هذه الأمة التي لها خصائصُها وثوابتُها وركائزُها.

    ماسبب كل هذه المهالك التي حلت بأُمتنا . الأمة التي كان يشهد لها العالم بالحق والإنصاف
    إنه الظلم الذي تفشى كالداء المُعدي .. وتسرب في جذور حياتنا
    فأصاب كل حاكم ومحكوم .. ظالماً كانَ أم مظلُوماً
    ولأجل كثرة مَضار الظلم وعظيم خطره وتنوُّع مفاسده وكثير شرِّه؛ حرَّمه الله بين عباده كما حرَّمه على نفسه، فقال تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا، فلا تَظالمُوا».

    إن الله حرَّم الظلم على نفسه -وهو يقدر عليه- تكرُّمًا وتفضُّلاً وتنزيهًا لنفسه عن نقيصةِ الظلم

    ولا يرضاه الله جل عُلاه على عباده .. ليحافظو بذلك على دينهم ويصونوا دُنايهم ... فإن الظلمَ مهلكة ومدعاة للحقد والضغائن ..
    الظلمُ يُخرِّب البيوتَ العامرة، ويجعل الديار دامِرة، الظلمُ يُبيد الأمم ويُهلِك الحرثَ والنسل.
    ولقد حذَّرنا الله من الظلم غاية التحذير، وأخبرنا - تبارك وتعالى - بأن هلاك القرون الماضية بظلمهم لأنفسهم لنحذَر أعمالهم،
    فقال - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [يونس: 13، 14]،

    أيها المسلمون:
    أصلُ الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، وهو في الشرع: مخالفة شرع الله ومخالفة أمر الله بتركه لأمر الله، ومخالفة نهي الله بارتكابه.


    والظلم تعددت أنواعه .. فمنه الظلم الذي لايغفره الله إلا بالتوبة -وهو الشرك بالله-

    قال تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13].

    فمن مات على الشرك بالله خلَّده الله في النار أبدًا .

    ومن الظلم أيضاً الذنوب والمعاصي التي بين العبد وربه ما دون الشرك بالله؛
    ومنه مظالمُ تقع بين الخلق في حقوقٍ لبعضهم على بعض تعدَّوا فيها، وأخذها بعضُهم من بعض، ووقعوا في ظلم بعضهم لبعض، فكانت نهايته من جنس عمله .. مالم يتُب ويُرِجع الحقوق لأصحابِها

    قال - تبارك وتعالى: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40]


    أيا أخي المسلم : راجع نفسك فلربما يوماً ظُلمت عمداً أو سهواً فكان ذلك ظُلماً بدر مِنك سُجل في صحيفة أعمالك ... فإن ظَلمت فتدارك بالندم والتوبة.. قبل إن تُلَف بالخُسران والحرمان ..
    ويغمرك الندم في وقتٍ لاينفعُ فيه الندم ..
    فإن من ظلم نفسهُ أو ظلمَ غيره فهي معصية تُغضِب الله -تبارك وتعالى- .

    ولاتنسوا إن الظلم ظلمات يوم القيامة ..
    فإياكُم وإياكم والظلم .. فقد هلكَ كثيراً من القوم بسببه ..
    عن زينب بن جحش - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فزِعًا يقول: «لا إله إلا الله، ويلُ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتِح اليوم من ردمِ يأجوج ومأجوج مثل هذه» - وحلَّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها -، فقلتُ: يا رسول الله! أنهلكُ وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثُر الخَبَث»؛ رواه البخاري ومسلم.


    واحذروا سُبل الغواية التي توقعكم فيه .. والفِتن التي تجُركُم إليه

    قال - تبارك وتعالى -: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال: 25].

    اللهم اهدِنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم.
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.




    الخطبة الثانية



    الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، يُنعِمُ بالحسناتِ ويعفُو عن السيئات، وأشهد أن إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسولُ الله شهادةً عليها المحيا والممات، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحابته ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

    أيها المسلمون:
    إن من رحمة الله تعالى بالبشر أن أرسل إليهم الرسل قدوةً للخلق يأمرونهم بالتوحيد وبكل خُلُقٍ كريم، ويُرشِدونهم إلى ما يُصلِحهم في دنياهم وأُخراهم على امتداد الزمان، ويُحذِّرونهم من الشرك بالله تعالى ومن كل خُلُقٍ ذميمٍ مهين، ومن كل شرٍّ وفساد، ويُنذِرونهم النار، قال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36]،
    وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر: 24].


    إن إختيار القدوة الحسنة سبيل الرشاد والنجاة .. فرسول كل أمةٍ قدوةٌ لهم في كل شيء
    وأفضل كل أمةٍ أصحابُ ذلك الرسول؛

    لأنهم شاهَدوه وعاصَروه وكمُل فيهم الإقتداء، والجيلُ الذي يليهم دونَهم في الفضل؛ لضعف الاقتداء في بعض الجوانب.
    وتمسَّكوا بما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم -؛ فمن خالفهم فقد خسِر وضلَّ سواء السبيل، قال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115]

    فوجِّهوا همَّتكم إلى إصلاح قلوبكم وأعمالكم ونفوسكم .. بالتمسك بدين الله .. والإقتداء بخير البرية عليه الصلاة والسلام.
    لتكون أمتُنا تنعُم بالخير والعدل والسعادة .. وللنكُن نحنُ الظافرون أولاً وآخِراً ...


    وأتقوا الله - أيها المسلمون -، أتقوا الله تعالى، وعلى كل مسلمٍ العملُ بالأسباب، والتوفيق والهداية بيدِ ربِّ الأرض والسماوات، بيد مُقلِّب القلوب، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2].

    اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورِنا، وأجعل ولايتنا فيمن خافك وأتقاك، وأتبع رضاك يا رب العالمين.
    اللهم أشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وأرحم موتانا، وأنصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
    اللهم مُنَّ على جميع أوطان المسلمين بالأمن والاستقرار، اللهم مُنَّ على جميع أوطان المسلمين بالأمن والاستقرار، اللهم مُنَّ على جميع أوطان المسلمين بالأمن والاستقرار برحمتك يا أرحم الراحمين.

    عباد الله:
    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
    فأذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، وأشكروه على نعمه يزِدكُم، ولذكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.


    اخر تعديل كان بواسطة » Soul's Dream في يوم » 04-04-2012 عند الساعة » 13:27 السبب: تنصيب الوسام

    attachment


    Ask Me / MyFacebook

    سبحان الله العظيم وبحمده


  2. ...

  3. #2
    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ونفع الله بنا وبك

    تقبلي مرورى

  4. #3
    جزاك الله الف الف الف الف خير على ما قدمته في موضوعك الجميل
    سلمت يداك
    وانشاء الله في ميزان حسناتك
    ((تقبلي مروري المتواضع ))

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter