البحر في لحظات غروب الشمس يبدو أكثر من ساحر ومثير..
حقيقة أنه غادر لكنه أمين..
أ سبق وتأملت البحر إبان الغروب؟
لا يوجد أروع من ذلك.. تنساب أمواجه الفيروزية تدغدغ قدميك بأناملها الرقيقة.. تتناثر قطراته اللازوردية لتغمر وجهك وجسدك بمداعباتها الحلوة, نسيم البحر وعبقه ينثر رذاذ عطره المميز فيمنحك جوا مميزا حلوا لا مثيل له..
أمسكت الأمواج فرشاة الرسم وتأملت السماء ثم قامت بتلوينها كيفما يحلو لها.. بدأت بتلوين الغيوم بالبرتقالي والأحمر فغدت أكثر من مذهلة وتشكلت الغيوم بأشكال عديدة تشكر الأمواج على لطفها.. أما مساحة السماء الباقية فرسمت فيها صورة للشمس ترمي بنفسها بين ذراعي البحر الحنون المتلهف لاحتضانها فقد أضناه الشوق.. تألقت السماء بألوان الغروب الحلوة فانسابت سيمفونية البحر المميزة الحزينة تغمر المكان مودعة الشمس تشكر إطلالتها الرقيقة على صفحة البحر الهادئ..
فقد الكون حرارة الشمس ووجودها وآن للبدر المكتمل أن يضيء السماء بنوره الفضي.. لمعت النجوم وابتسمت للأمواج التي ردت الابتسامة..
تشجعت النجوم فدنت من الأمواج مهدية إياها لونا جميلا فردت الأمواج الهدية بقطراتها الجميلة الحلوة..
تسامر البحر مع القمر والليل يحكي لهما أخبار عالمه فيتألق القمر سرورا ويداعب البحر بخيوطه الفضية فتتحرك أمواجه ذهابا وإيابا فرحا بهذه المداعبة الحلوة..
تأمل البحر القمر مطولا شاكرا إياه هذه الرفقة العذبة ورغم حزن القمر لأنه لايستطيع أن يمنح البحر ثيابا ملونة كالشمس إلا أن البحر كان ممتنا للقمر لأنه أهداه رداءا فضيا جميلا مزينا بالنجوم الصغيرة.. دارت الغيوم تلهو مع النجوم فتضحك الأمواج طربا وترتفع للأعلى تطلب المزيد..
إنسابت نغمة ناي حزينة يعزفها شاب وحيد يتمنى الدخول في هذا العالم لكنه خجل.. أرسل البحر أمواجه مداعبة ومطمئنة فدنا ممتنا لسعة صدر البحر وكرم أخلاقه.. أفضى بأحزانه للبحر كما يفعل كثير غيره وتلقى البحر ذلك بهدوء كما يفعل في كل لحظة..
طلب القمر من الشاب أن يبقى معهم.. طلبت النجوم منه أن يعزف ثانية.. ابتسم البحر وثارت أمواجه طربا وبخجل انسابت نغمات الناي الحزينة فرقصت على وقعها الغيوم وتألقت النجوم وضحك القمر أما البحر فقد هاج طربا وحزنا..
دمعت عينا البحر قبيل الفجر يتأمل حال هذا العالم الغريب.. يتساءل عن حقيقة ماقاله الشاب..
أ حقا انتهى الإخلاص وزال الوفاء من النفوس؟!.. أ حقا تغيرت النفوس؟!.. أ حقا؟!
تأوه البحر حزنا.. أ لذلك يقصده الكثيرون.. لا حبا فيه ولكن لأنهم يضيقون بأسرارهم فيرمونها في أحضانه لأنه أمين ووفي.. أي تعاسة أحسها البحر آنذاك.. وليتهم فوق ذاك يكفون أذاهم عنه فهاهو يعاني مما يلقونه في أحشائه ويتوجع وتعلو آهاته ومامن سامع لها أو مدرك لأوجاعه..
ترى لو غضب البحر يوما وثار مخرجا كل الأسرار.. ماذا سيقول إذ ذاك؟
المفضلات