بِسمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيم
غُيومٌ حَمراءٌ تُشبه حَلوى غزل البنات الَّتى أشتَريها لأختِي .. هنَاك الكثيرُ منها يقتربُ نحوي .. سألتقطها ..
نظرتُ لأهل الحيّ كانوا يخرجُون مِن منازلهم، يتناقلون حديثَ نكبة.. ناداني أبويَّ فتبعتهما مبتعديْن عن المنزِّل، لا أدري الى أين ..
لا أستطيع سماع أصواتهم .. غابوا عن ناظريّ و بقيت وحدي .. وسط حطام كبير .. هدير مروحيات كثيرة و مواويل حزينة .. لانهاية ...
" سامة .. سامة" .. انها أختي المُزعجة ... أين هي ؟ .. " سامة إحَّى " ..
مالذي تفعله فوق رأسي إني اختنق .. " سامة إحَّى " ... الظلام حالِك، لكني استطعتُ رؤية
عينيها الكبيرتين .. ربّدت على وجهي قائلة " سامة إحّى " أبعدتُها عن رأسي قائلاً
" يكفي ابتعدي أنا أسامة وليس سامة كما أنها ( إصحى ) ليس إحّى "، سمعتُ صوت أمي
" قم حان موعد الإفطار "..
الساعة السادسة ، سأُنهي اثنين من امتحاناتي بعد خمس ساعات من الآن، وتقترب بذلك الإجازة أكثر كم أنا سعيد ..
أيتها الكُرة إني قادم ... تراءت كرة القدم أمامي فبدأت أتهيئ اللعب حتى وصلتُ غرفة الجلوس، وجدتُ أخويّ قد أعدَّا
نفسيهما للخروج وينتظران الشاي الذي تحضّره أمي، كانا يتحدثان عن طمأنة الحكومة مؤخراً لأفراد الأمن .. و كنتُ أفكر
بالوقت المتبقي للإجازة ، و جدّتي التى تصحبني يومياً معها إلى السوق حتى أملّ تكرارها لاسمي .. لا خَلاص من ذلك،
فجأة أسقط أخي الأكبر يده الثقيلة على رأسي سائلاً بمرح :- ذاكرت جيداً ها ؟
فقال الآخر ضاحكاً :- ستنسيه كل شيء اذا عاودت وضع يدك
- دعه سيصبح رجلاً
ابتسمتُ و قلت :- أنا رجلٌ مثلكم الآن ..
فعاود هزّ رأسي بيده قائلاً :- أنت رجل صغير فعلاً ..
صاحبتني أختي الصغيرة " اسراء " حتى الباب، وتشديدات أمي بالعودة للبيت مباشرة كى أستعد للامتحان القادم .
طريق المدرسة طويلٌ و مُمل .. كانت السماء صافية؛ غير طنين طائرات الاستطلاع العالي كصوت الذُباب المُجتمِع ...
قد أبدو صغيراً، لكني أذكر تماماً ماحدث بالعام الماضي حين فُرض حصارٌ استثنائي على المخيم الذي أعيش فيه و تم اجتياحه،
قِيل حينها أننا بمحرقة، تحت وقع قذائف الدبابات وصواريخ الطائرات ... أصبحتُ كبيراً حينما ظلّ العالم ينظر .
المفضلات