( اجتمع أهالي القرية عن بكرة أبيهم أمام دار العمدة ،
كل منهم يريد أن ينال دوره للتحدث من خلال هاتف العمدة المجاني ،
وقف الخفر يصفون الناس ،
بينما أخذ شيخ الخفر يصيح بالجموع )
ـ عمرنا ما ها نتعلم النظام أبدا ؟
ما تقف صف واحد ياله انته و هوه ،
حازي ، و الا احنا يعني ما نمشيش غير بالعصاية ؟
مش كفاية العمدة الله يعمر بيته خلاكم بني آدمين و عملكم التليفون مجانا ؟
دي فين تلاقوها دي في العالم كله يا ناس ؟
سبحان الله ، عليا النعمة خدمة عشر نجوم ،
نرجع نأكد : كل واحد فيكم ياخد دوره ،
جاتكوا داهية ، الستات في ناحية و الرجالة في ناحية ، كلكو زي بعض ،
راجل انته ارجع هناك ، ها ناخد واحدة ست و بعدين راجل و بالدور ، و اللي يدخل عشان يتكلم ما يعوقش ، يعني تتلقح تقعد تقول الكلمتين و تفز تقوم على طول ، رغي النسوان ده مالوش لازمة ، أني بأنبه اهوه ، عشان ما حدش يقول شيخ الغفر ما حذرناش .
انته ياد يا حسونة ، جاي تتكلم من هنا ليه ؟ مش عندكم تليفون ؟ و الا أبو بلاش كتر منه ؟
ـ هو أني مش زي الناس دي و الا إيه يا شيخ الغفر ؟
ـ لأ مش زيهم طبعا ، انته عندك تليفون تروح تتكلم منه .
ـ مش ماشي يا شيخ الغفر ، زيي زيهم .
ـ اطردوا الواد ده من هنا يا خفير انته و هوه .
( يذهب الخفر إليه ، يجذبونه من جلبابه بعيدا ، يحاول التخلص من بين أيديهم و لا فائدة ، يذهب الرجل بعيدا و هو يصيح )
ـ و الله لاني قايل لحضرة العمدة ، إشمعنى اني يعني ؟
( يدخل شيخ الخفر إلى داخل دار العمدة بينما الخفر يقومون بتنظيم الأهالي ، ينادي شيخ الخفر من الداخل )
ـ دخلي أول واحد يا بو سليمان .
ـ يلا ادخل انته يا حسن يا بو خميس .
( يصرخ أحد الرجال )
ـ اشمعنى أبو خميس يعني ؟ أني جاي قبله ، و الا عشان قريبك ؟
ـ هوه كده ان كان عاجبك ، عافية بقى ، و عليا النعمة كلمة تانية ما انته شايف التليفون ده شكله إيه ، إيه رأيك بقى ؟
( عندها يتراجع الرجل ، لكنه يتكلم بصوت خفيض بكلام غير مفهوم )
ـ بتبرطم تقول إيه يا ابن ستوتة ؟
ـ بادعي لك ، الحق عليا ؟
ـ بحسب ، عارف لو كنت بتبرطم كده و الا كده .......
( يتحرك شاب من بين الجموع يقترب من الخفير ، يهمس في أذنه )
ـ أمي بتقولك انته ما عديتش عليها ليه عشان تاخد صنية البطاطس اللي عاملاهالك ؟ و بتقولك هي عايزة تكلم اخويا في العراق .
( يلتفت الخفير إليه يهمس في أذنه )
ـ قولها حاضر بس شوية كده عشان زحمة دلوقتي ( يغمز بعينه ، ثم يرفع صوته ) أنا ما عنديش خيار و فاقوس ، أنا باقولك اهوه ، كل واحد في دوره ، يلا من هنا .
( ينصرف الولد ، يشير الخفير بعصاه لإحدى النساء الواقفات )
ـ الست اللي هناك دي ، إنتي مين يا ولية انتي ؟
ـ أني من العزبة .
ـ نعم ؟ عزبة مين يا أم عزبة ، يلا من هنا ....
( يذهب إليها يدفعها بقوة فتقع المرأة أرضا ، عندها تحدث ضجة بين الجموع )
ـ ما تسيبها يا عم تتكلم .
ـ يعني هي ما لهاش نفس زينا ؟
ـ يعني التليفون ها يخس ؟
ـ إياك أسمع نفس حد فيكم انته و هوه ، كل واحد فيكم ينقطنا بسكاته ، اللي متعاطف معاها يوريني نفسه ، الخدمة دي لأهالي بلدنا بس ، يلا هوينا ، و أديني بانبه اهوه ، أي حد م العزبة يمشي من سكات أحسن له و إلا يبقى يا ويله يا سواد ليله .
( عندها تقف المرأة و ترحل باكية ، بينما ينسحب بعض الرجال و النساء من بين الصفوف ، و يعود الخفير لينظم الصفوف )
- - - - - - - - - - - - -
( بعد المغرب داخل دار العمدة ،
يجلس العمدة على كرسيه ، يدخل شيخ الخفر ممسكا ببعض الأوراق في يده ، يعطي العمدة التحية العسكرية )
ـ تمام يا جناب العمدة .
ـ هيه ، عملتوا إيه النهاردة ؟
ـ كله تمام يا حضرة العمدة زي ما حضرتك أمرت بالظبط ، و كل حاجة متسجلة هنا في الورق ده .
( يناوله الأوراق )
ـ إوعى يكون حد شافك و انته بتكتب ؟
ـ هو أني أهبل ؟ أنا كنت باصنت من التليفون اللي جوه .
( يحاول العمدة قراءة المكتوب و لكن لا فائدة )
ـ إيه ده ؟ نبش فراخ ؟ انته شيخ خفر انته ؟
ـ معلش يا حضرة العمدة ، نابليون ذات نفسه ما كانش بيعرف يقرا خطه .
ـ نابليون ؟ طيب روح يا طربش اصرف الغفر و تعالى اقرا لي الهباب ده .
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
( يخرج شيخ الخفر بسرعة ، ما يلبث أن يعود ، يتناول الأوراق و يحاول القراءة )
ـ الواد حسن ابو خميس طلق مراته و كلم أهلها في البندر عشان يجو ياخدوا حاجاتها .
ـ و طلقها ليه الطربش ده ؟
ـ عشان ما خلفتش لغاية دلوقتي .
ـ و العيب من مين ؟
ـ كل واحد فيهم بيقول العيب م التاني .
ـ هم ، غيره .
ـ البت نحمده بنت أبو إسماعيل جاي لها عريس من مصر .
ـ و اتلمت عليه فين الواد ده ؟
ـ كان معاها في المصنع بتاع المركز ، و جاي هو و أهله يوم الاربع عشان يطلبوها من أبوها .
ـ غيره .
ـ الواد حسان أبو جمعة أخوه باعت له ألفين جنيه م الخليج مع واحد صاحبه ها يوصل هنا بكرة الظهر .
ـ هو أخوه بيشتغل إيه هناك ؟
ـ بيقولوا مبيض محارة كبير قوي هناك .
ـ فيه حد م العيال المتعلمة اتكلم ؟
ـ لأ ، بس ها يروحوا فين ؟ ما هو مافيش غير تليفونك يا حضرة العمدة .
ـ و تليفون الواد حسونة ؟
ـ ما هو الواد السدغ ده كان جاي النهاردة عشان يتكلم من عندنا ، بس أني طردته .
ـ طردته ليه يا أبو مخ تخين ؟
ـ يعني يبقى عندهم تليفون و يجي يتكلم من حدانا ؟
ـ يا غبي ، و هو أنا عامل التليفون مجانا ليه ؟ الله يخرب بيتك ، دلوقتي حالا تبعت واحد من الألاضيش بتوعك يقطع له السلك ، و لما يجي يتكلم عندنا تسيبه ، انته فاهم و الا لأ ؟
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
ـ و بكرة تخلي واحد م الغفر يعملهم شاي كمان .
ـ ما نجيب لهم سحلب و طاولة أحسن ؟
( يضربه العمدة على رأسه )
ـ إنته بتهزر يا مايع ؟
ـ أصلك مدلعهم خالص يا حضرة العمدة ، كده ها ياخدوا علينا .
ـ ما ياخدوا ، هو إحنا لينا بركة إلا همه ؟
و من بكره تدي لكل واحد فيهم رقم ، و آخر النهار تعمل قرعة ، و اللي يكسب يبقى هوه أول واحد يتكلم تاني يوم و ياخد مكالمتين ورا بعض كمان ، ده كفاية إننا نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد ، دي لوحديها ما تتاقلش بفلوس يا بجم ، عليا النعمة ما انا عارف كنتوا ها تعملوا إيه من غيري ؟؟؟
المفضلات