في مقطع من مقاطع شريط حياته .. وجد نفسه يحلق في فضاء أسود كالليل .. وتتناثر فيه أضواء تلتمع كالنجوم ..
أما هو فقد كان واقفا على لا شيء .. لقد انعدمت الجاذبية هناك ..
وفي ذلك السكون ... كان لقاؤه بسيده ...
لم يكن يراه بعينه .. بل بقلبه الذي يحمل ايمانا عميقا بوجود هذا المولى العظيم .. الحي القيوم .. ذو الجلال والاكرام ...
وشرع يتمتم بكلمات ليست من كلام البشر .. في خشوع تام .. وقد خفض عينيه تأدبا وتبجيلا .. ولم يتخلل عقله شيء من الأفكار المتشابكة .. بل كان يتدبر وينصت لما يتمتم به من جمل .. ثم في تذلل وخضوع .. راح ينحني متخذا أوضاعا مختلفة .. ومعبرا عما في داخله من استسلام كامل للذي أمامه ...
وبكل سكينة واطمئنان كان يؤدي تلك الحركات .. وكأنما أمن على نفسه تماما من أن يصيبه مكروه وهو ماكث على تلك الحال ..
كان كمن غشي على بصره فلم يعد يرى شيئا .. يل ولا حتى يسمع شيئا .. وشعر بأنه يغوص في أعماق محيط مظلم مخيف .. لكنه لم يبد مقاومة خشية الغرق .. بل استكانت كل خلية من خلايا جسده و ......
فجأة .. عاد الى عالم الواقع .. وكأنه استيقظ من حلم .. عاد يرى كل شيء من حوله في حالته الطبيعية ..
كل شيء في مكانه كما اعتاد رؤيته .. وهو يقبع على سجادته الأثيرة .. وكان يشعر بارتياح شديد .. وكأنما أزاح حملا ثقيلا عن كاهله .. أو أن مشاكله جميعها قد حلت ..
لقد انتهى توا من آداء صلاته .
( أرحنا بها يا بلال .. ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
_________________
المفضلات