نعم عديدة سخرت لبني آدم
لماذا كل هذه النعم ؟ وما الهدف منها ؟ ومن وجودها ؟
الجواب " إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً"
خلقت البشرية ومهدت الأرض لها ورفعت السماء وأنزلت الأمطار وتوالت السنون والأوقات لأجل ان يعيش الإنسان ويموت وتنتهي هكذا المسألة ؟!
لا أبدا بل كل هذا لأجل يوم الفصل
متى ذلك اليوم ؟
"يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً"
ذلك اليوم العظيم بدايته نفخة البعث تلك النفخة التي سبقتها نفخة الصعق فيها تموت كل الخلائق فيقبض الله عز وجل الأرض ويطوي السماء بيمينه ويقول جل وعلا: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟! أين الجبارون؟! أين المتكبرون؟! ثم ينادى جل جلاله بصوته سبحانه ويقول: لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16]؟! فلا يجيب على الله أحد؛ لأنه لا يوجد أحد، فيجيب على ذاته جل وتعالى، ويقول: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16].
لقد مات الجميع ..مات الكبار ...مات الصغار..مات الحكام ..مات الملوك ..لم يبقى احد
قال الشاعر: أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان هـل خلد الموت ذا عز لعزته أو هل نجا منه بالسلطان إنسان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكـل يـفنى فلا إنس ولا جان
قال عز وجل: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27].
قال الشاعر: كل باك فسيبكى كل ناع فسينعى وكل مذخور سيفنى كل مذكور سينسى ليس غير الله يبقى من علا فالله أعلى
قال عز وجل: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16].
نعم الملك اليوم لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. قال عز وجل: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:3] هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه، وهو على كل شيء قدير.
وبين النفختين أربعون، الله يعلم حقيقتها، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة ! أربعون يوماً؟ قال: أبيتُ، قالوا: يا أبا هريرة ! أربعون شهراً؟ قال: أبيت، قالوا: يا أبا هريرة ! أربعون سنة؟ قال: أبيت)، أي: أبيت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فعلمها عند الله جل وعلا. وبعد أربعين إذا أراد الله أن يحيي ويبعث خلقه أنزل من السماء ماءً فتنبت به الأجساد في القبور كما ينبت البقل؛ ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب؛ منه خلق ابن آدم، ومنه يركب)، وعجب الذنب هو: عظْمة دقيقة صغيرة لا تزيد على حبة العدس، توجد في آخر السلسلة الفقرية في كل إنسان على ظهر الأرض، هذه العظْمة لا تبلى أبداً، يبلى الجسد كله وتبقى هذه العظْمة في قبر صاحبها، فإذا ما أراد الله أن يبعث الخلائق أتى بهذه العظْمة الدقيقة وجاء بجسد صاحبها، سواء ما تفرق منه في الأنهار أو ما راح منه في التراب والبحار، أو ما ذهب إلى بطون الحيوانات والسباع، كل ذلك يأتي به الله جل وعلا، ويركب الله حول هذه العظمة جسد صاحبها، والله يعلم عظمة كل إنسان خلقه من لدن آدم إلى يوم القيامة، فتكتمل الأجساد في القبور
" فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَايَتَسَاءلُونَ (101) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْفِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَاكَالِحُونَ
ثم يأمر فيه اسرافيل عليه السلام بنفخة البعث ""يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً"
فيبعث الله العباد حفاة عراة غرلاً، في مشاهد وأهوال تشيب لهولها الولدان، ويبعث كل امرئ على ما مات عليه، ويحسن الله خاتمة من أحسن العمل.وتبدأ رحلة ذلك اليوم المهيب
"وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ* وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ"
المفضلات