الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،،،

إخواني اخواتي الكرام ...

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة بعد الشهادتين ، وهي عمود الدين ، وأحب الأعمال إلى الله ، وأداؤها مع الجماعة من أوكد العبادات وأجل الطاعات وأعظم شعائر الإسلام .

الصلاة هي الكتاب الموقوت ، هي التواضع لكبرياء الله ، والخشوع لعظمته ، والخضوع لربوبيته ، هي غذاء القلب ، ومناجاة الرب ، وعماد الدين .

الصــلاة شرط المناجاة وحارسة الإيمان ، ونور المؤمن ، والنجاة من النار ، مناجاة لذي الجلال ، وانطلاقة لقبول الأعمال .

أتعرف أخي الحبيب أن الصلاة أفضل الأعمال ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ) أخرجه ابن ماجة
هل تعلم بأن الصلاة تكفير للذنوب والخطايا ، ورفعة للدرجات ؟ اسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ) أخرجه مسلم .
إن الصلاة أخي الكريم مزيلة للذنوب وغاسلة للخطايا ، اقرأ قوله صلى الله عليه وسلم : ( أر أيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شيء ، قال : (فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا ) متفق عليه .
بل إن الإنسان تغفر زلاته وتنقى صحيفته وهو متهيئ للصلاة ولما يدخل فيها بعد ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) أخرجه مسلم .
وفي رواية قال : ( من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس غفر الله له ذنوبه ) .
أخي الحبيب أتريد أن يغفر الله لك ما سلف من ذنوبك ؟ ما عليك إلا أن تتوضأ وتصلي ركعتين بقلب حاضر ، اسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه .
الصلاة ..... سرور المؤمن وسلوة الطائع ، وملاذ الخاضع ، أقرب إلى المؤمن وأسرع نجدة ، وإسعافا وأحنى واعطف من حجر الأم الرؤوم الحنون على الطفل الشريد اليتيم ، هي معقل المسلم وملجؤه الذي يأوي إليه ويسكن إليه، وهي الحبل الممدود بينه وبين ربه .

إخواني الكرام ... الصلاة جنة المسلم وسلاحه ، وسعادته وفلاحه ، هي المفتاح الدائم الذي يفتح به كل قفل ، ويكشف به كل ما غم قلبه وأهمه وأشغل خاطره ، إنها ليست حركات رياضية ونظاما رتيبا جامدا ، لا روح فيه ولا حياة ، إنها عمل مشترك بين الجسم والعقل والقلب ، الجسم قيام وركوع وسجود ، والعقل تدبر وتفكر واعتبار ، والقلب خشوع وامتثال وخضوع ، ولا قيمة للصلاة بلا خشوع ! { قد أفلح المؤمنون <1> الذين هم في صلاتهم خاشعون } المؤمنون 1- 2

أخي الكريم... هل تعلم بأن أول عمل يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة صلاته ، فإذا صلحت صلح سائر عمله وإذا فسدت فسد سائر عمله ! اقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة ، فإن صلحت صلح له سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله ) أخرجه الطيالسي بسند صحيح .

أخي الحبيب ... قد تكون مسرفا على نفسك بالمعاصي والذنوب ، وقد تكون مقصرا في الطاعات والقربات ، لكنك بمحافظتك على الصلاة تصلح لك جميع أعمالك ويغفر الله لك بإذنه سبحانه ما سلف من ذنوبك

أما إذا كنت مضيعا للصلاة متهاونا فيها فماذا يكون حالك ؟! تفسد جميع أعمالك وإن كانت كثيرة بل تنال العقوبة التي قال الله فيها : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} مريم 59

أتعرف معنى الغي ؟! إنه واد في جهنم أعاذنا الله وإياك منها .

إخواني الكرام ... لماذا الغفلة عن الصلاة ؟! لماذا التهاون في أداء هذه الفريضة العظيمة ؟! أتعلمون بأن الحد الفاصل بين الإيمان والكفر هو الصلاة ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) أخرجه أحمد والترمذي .
نحن مسلمون ولله الحمد ، وشعار الإسلام الصلاة ، فكيف يكون مسلما من لا يصلي؟! ماذا يستفيد الإسلام من مسلمين يدعون الإسلام إذا كانوا يخالفون عن أوامره ، أليسوا كالولد العاق يوافق أهله نسبا ويخالفهم سلوكا ؟! وهل يرجى خير من لا يرجو لنفسه الخير ؟!

أخي الحبيب ... ألا تخاف من هذه النصوص التي تحذر من ترك الصلاة والتهاون فيها ؟! ألا تخاف من رب العالمين خالق السموات والأراضين ، لماذا تخاف من المخلوق ولا تخاف من الخالق ؟ لماذا تخاف من شرطي المرور إذا مر أمامك فلا تخالف القانون خوفا منه ؟!

لا أدري كيف يخشى الإنسان شرطيا ولا يخشى خالق الأرض والسماء ؟! ألا ترى أخي الكريم أن إشارة المرور إذا أضاءت حمراء أو قفت عشرات السيارات بل مئاتها في مكانها فلا تستطيع أن تتجاوزها ! فما بال الناس لا يجرؤون على مخالفة إشارة حمراء ويخالفون أوامر الله تعالى، ويتركون أعظم شعيرة من شعائر الإسلام! هل هذا دليل على تمام عقولهم أم على نقصانها ؟ احكم أنت بنفسك وكن منصفا!

أخي الحبيب ... إنها نصيحة صادقة من القلب إلى القلب أوجهها إليك وكلي أمل أن تلقى قلبا واعيا وآذاناً صاغية :

صــل بارك الله فيك إن كنت تحب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وتريد الجنة ونعيمها .

صــل إن كنت عاقلا فو الله ما ترك الصلاة عاقل ، واحذر من أن تكون من الذين لا يستعملون عقولهم وحواسهم فيما ينفعهم واحذر من أن تكون ممن قال الله فيهم { لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون } الأعراف 179 .
صــل بارك الله فيك إن كنت حرا كريما ولا تقتد بالناس الغافلين المعرضين عن ذكر الله ، ولا تغتر بكثرة الهالكين فإن الله يقول : { وقليل من عبادي الشكور } سبأ 13 ويقول : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم } ص 24 .

صــل جزاك الله خيرا إن كنت صادقا في إسلامك ولا تخالف أفعالك أقوالك ، أما تخشى أن تكون من المنافقين ؟! ولست منهم إن شاء الله .

صــل إن كنت تحب نفسك وترجو لها النجاة من عذاب يوم القيامة ، وإياك أن تعاند نفسك وتصر على خطئك فيستحوذ عليك الشيطان فينسيك ذكر الله فتكون من الخاسرين .

صــل إن كنت بارا بوالديك محسنا إليهما ليتقبل الله دعاءك واستغفارك لهما .

صــل إن كنت محبا لأولادك وكن قدوة حسنة لهم ، ألا تحب أن ينشأ أولادك على الإسلام ؟! كيف تريد ذلك وأنت لم تطبقه؟! هل ترضى وأنت المحب لهم أن تراهم غدا ينقلبون في النار ؟!

صــل أخي الحبيب إن كنت تخاف من مولاك العظيم سبحانه وتعالى ، فقد توعد من لم يصل بالنار والعذاب الأليم ، وأنت يا مسكين لا تستطيع أن تتحمل حر الشمس فكيف تقدر على عذاب النار ، ألا تعلم أن نار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة ، ونار الآخرة سوداء مظلمة يهوي بها الإنسان سبعين عاما حتى يدرك قعرها !

أيسرك أخي الكريم أن يقال عنك يوم القيامة إنك من المجرمين لأنك لم تكن من المصلين { يتساءلون <40> عن المجرمين <41> ما سلككم في سقر <42> قالوا لم نك من المصلين} المدثر 40-43
أيسرك أن يقول الله تعالى المنتقم لملائكته الغلاظ الشداد : { خذوه فغلوه <30> ثم الجحيم صلوه <31> ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه } الحاقة 30-32 .
فإن الصلاة ترضي الرحمن وتسخط الشيطان وترد كيد الكائدين ، صــل فالصلاة نور وبرهان ، تزيل الظلام وتنير الطريق وتكشف الحق ، تلقي في قلبك الحق والهدى ، وتنير ظلمة قلبك وقبرك ، وتتلألأ على جبينك ضياء يوم القيامة .

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلني وإياك من المصلين المحافظين على أدائها جماعة مع المسلمين ، المحافظين على شروطها وأركانها وواجباتها وسننها إنه سميع مجيب ، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .