أين قلمي...؟!
.............................
لم أكن أعلم أني في طريقي الآخير,يبدو أنني أجهزت على
ماتبقى لدي من فُرص للبقاء, فقد مضى على وجودي هُنا فترة طويلة.
وأنا مُلقى تحت أكوام كُتب لم يبق منها إلا عناوينها,الموضوعة على طاولة
تلفظ آخر أخشابها المشروخة,يُجاورها كُرسي شاخت أطرافه بعد أن فقد أحد أبنائه الأربعة
كانت نافذة الغُرفة أكثر من شفافة,عرتها الريح ذات مرة,وبين فترة
وأُخرى,تُهددها الشمس من خلالها يمضي يوم آخر,بينما ظل سقف الغُرفة على تعنته
يرفض الإلتحاق بنا.مع أنه يُدرك قُرب نهايته.
كانت أجزائي على درجة من البياض,قبل أن تغتصب
الشمس نقاءها,عدا تعرُجات خطتها الأيام بماء أسود
.لم أكُن قادراً على تجنُب أشعتها,إذ كُنت مُقيداً
بسلاسل مثلتفة بإحكام,تعصُر طرفي الأيمن,وسجان خشن الطباع
يُطوقني من الأعلى والأسفل.وفي نهار
غاضب إشتد حُزن السماء من الخارج,والغيوم ذابت هماً,أغرقتني
بِدموعها تمتزج أجزائي المُصفرة بسواد الماضي.
لقد تلطخ التاريخ.إزدادت نوبة السماء لِتطلق
زفرات قوية مضطربة ومُتلاحِقة, هوت بباب الغرفة
صريعاً على الأرض,لتطرد سجاني الخشِن من وظيفته فتقاذفته
الريح إلى مكان بعيد.
ولِتجمعنا بصاحبي القديم ذو الطول المميز
والرأس المدبب ذو الجسد الإسطواني,وهو يتدحرج قادما
من العراء.بعد أن أُحيل إلى التقاعد
لم ألتقي به مُنذ فترة,
فتآكل جسدُه,وغررت به الأيام.......
غير أنني مازلت أذكر عبق
عِطره ووقوع خطواته وهو يتراقص فوقي كأبطال السِيرك
حين يتحفون الجُمهور
بعرضهم المميز,لايمكنني نسيان,عندما كانت
تثورغرائزه,وتنتفض مشاعره ليطبع قبلة بين أجزائي
متلهفة,مما جعله يشيخ قبل أوانه
قطع علي خُيوط الذكريات,سقف الغرفة
وهو يُزمجر كعادته في كل مرة.تزرونا الرياح فيها,لكنه
صادقٌ هذه المرة في توقه للإنضمام إلينا,
أخذ يزمجر بقوة ورمال شوقه
تنهال بغزارة,كُل ماحولي قد تصحر,أنا الآن وحدي
وسقف الغرفة الذي أدرك وِحدتي,أختار صداقتي........
تلاصقت بقايا أجزاءنا بتناثر,وأفترشنا الأرض معاً
كما في السابق,كأي مخلوق قُدر
له أن يُفنى وأن يستحدث.
ثم أخذت السماء تكفكف دُموعها,لتتوهج
من جديد خيوط الشمس
الذهبية وهي تُداعب أشلاءنا..
كل ماحولي يحتضر..
إنها البداية...
أرغب بمحو موضوعي ولاأنتظر أن يُشاركني غيري أفكاري....؟! أهي البداية ياتُرى...
المفضلات