بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرحيم الرحمن ذو الملك والجلال
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كتابنا العزيز آيات لو تدبرنها لكفتنا هموم الدين والدنيا ولكانت باب خيرا واسع وكبير لنا وأيضا تغلق عنا الشرور وتبعاتها
من تلك الآيات هذه الآية:
قول الله تعالى { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم
}..
معنى الرحمة في التفسير:
أي رحمة كانت مطرا أو نعمة أو أمنا أو حكمة - فلا أحد يحبسها عنهم، وما يحبس من ذلك فلا أحد يستطيع أن يطلقه من بعده، وهو الغالب الذى لا يغلب، الحكيم الذى لا يخطئ.
حياة الإنسان تتقلب بين منح ومحن ,ما كتبه الله من نعم وأرزاق وهبات ربانية للناس لا يملك احد من الخلق منعها أو إبعادها عنهم , وبالمقابل ما كتبه الله على العباد من محن وابتلاءات لا يملك احد من الخلق ردها أو منعها
,,
لكن أحياناً يقابل الإنسان نعم وعطايا لكنها تكون في ذاتها نقمــة لكون رحمة الله نزعت منها والعكس يقابل الإنسان محن لكن رحمة الله أحاطتها فتحولت إلى نعمة وهبة ربانية
نعمة + رحمة = هبة من الله
نعمة بدون رحمة = نقمــة
نقمة + رحمة = نعمة
كيف ذلك؟
الرحمة إذا دخلت وأحاطت بالنعم أو المحن تجعلها هبة ربانية تسعد صاحبها في الدنيا والآخرة ويرتاح نفسه لها ويزيد قربه من الله عزوجل إذ لا فائدة من حياة الإنسان إن كان ربه جل في علاه غير راض عنه
مثلاً:
يُرزق الإنسان بنعمة المال الوفير فينزع منها رحمة الله فينقلب هذا المال نقمة على صاحبه فيكون سبب في ضعف صلته بالله عزوجــل وبعده عن الأعمال الصالحة وشراء ما يغضب الله بهذا المال
,,
يُرزق الإنسان بنعمة الصحة والعافية فتنزع الرحمــة منها فينفقها الإنسان في معصية الله عزوجل دون الإكثار من الطاعات والاستفادة من صحته وقوته قبل الضعف والمرض
ونقيس على ذلك لكل النعم التي من حولنا فنزع الرحمة منها يعني استخدامها في غير مرضاة الله أو تكون سبب في بعدنا عن الله فذلك نزع الرحمة منها والعكس إن أحاطتها رحمة الله تعالى زادت من قرب العبد إلى الله وصرفها فيما يرضي الله عزوجل
,,
والمحن برحمة الله تنقلب للعبد منح ربانية ونعمة لا مثيل لها
فالمحنه التي تزيد قرب العبد إلى ربه وتغير من حاله إلى الصلاح والتقوى
تكون في ذاتها منحة وليست محنه
وكلنا نعلم قصة الداعية "عبدالله با نعمة " كيف كانت المحنة التي تعرض لها سبب في تحوله إلى مجال الدعوة في سبيل الله عزوجل فمحنته أحاطها الله برحمته فأصبحت نعمة أكثر من كونها محنة
قال سيد قطب في ظلال القران تفسيراً للآية:
(وما من نعمة يمسك الله معها رحمته حتى تنقلب هي بذاتها نقمة . وما من محنة تحفها رحمة الله حتى تكون هي بذاتها نعمة . . ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد . وينام على الحرير -وقد أمسكت عنه فإذا هو شوك القتاد . ويعالج أعسر الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر . ويعالج أيسر الأمور وقد تخلت رحمة الله فإذا هي مشقة وعسرويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام . ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار!
,,
المال والولد ، والصحة والقوة ، والجاه والسلطان . . تصبح مصادر قلق وتعب ونكد وجهد إذا أمسكت عنها رحمة الله . فإذا فتح الله أبواب رحمته كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان .
يبسط الله الرزق مع رحمته فإذا هو متاع طيب ورخاء؛ وإذا هو رغد في الدنيا وزاد إلى الآخرة . ويمسك رحمته ، فإذا هو مثار قلق وخوف ، وإذا هو مثار حسد وبغض ، وقد يكون معه الحرمان ببخل أو مرض ، وقد يكون معه التلف بإفراط أو استهتار .
ويمنح الله الذرية مع رحمته فإذا هي زينة في الحياة ومصدر فرح واستمتاع ، ومضاعفة للأجر في الآخرة بالخلف الصالح الذي يذكر الله . ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء ، وسهر بالليل وتعب بالنهار!
ويهب الله الصحة والقوة مع رحمته فإذا هي نعمة وحياة طيبة ، والتذاذ بالحياة . ويمسك نعمته فإذا الصحة والقوة بلاء يسلطه الله على الصحيح القوي ، فينفق الصحة والقوة فيما يحطم الجسم ويفسد الروح ، ويدخر السوء ليوم الحساب!
ويعطي الله السلطان والجاه مع رحمته فإذا هي أداة إصلاح ، ومصدر أمن ، ووسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والأثر . ويمسك الله رحمته فإذا الجاه والسلطان مصدر قلق على فوتهما ، ومصدر طغيان وبغي بهما ، ومثار حقد وموجدة على صاحبهما لا يقر له معهما قرار ، ولا يستمتع بجاه ولا سلطان ، ويدخر بهما للآخرة رصيداً ضخماً من النار!
والعلم الغزير . والعمر الطويل . والمقام الطيب . كلها تتغير وتتبدل من حال إلى حال . . مع الإمساك ومع الإرسال . . وقليل من المعرفة يثمر وينفع ، وقليل من العمر يبارك الله فيه . وزهيد من المتاع يجعل الله فيه السعادة .والجماعات كالآحاد . والأمم كالأفراد .))
للاستزادة
ودمتم بخير
المفضلات