بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سندرس في موضوعنا هذ الشعر , و نشأته , ثم سنتطرق إلى العناصر الشعرية لمعرفة كيفية بناء الشعر منذ الأزل إلى عصرنا الحاضر , وبعض محاولات التجديد في الموسيقا الشعرية واهم اسباب التقليد والتجديد في الموسيقا الخارجية للشعر .
والهدف من الموضوع , تهيئة الدعامتين : الوسيلة لامتلاك المقاييس النقدية والذوق الشعري
اما في الدعامة الأولى ( المقاييس النقدية ) فقد حرصت عى استكمال الضروري من هذه المقاييس , وعلى عرضها بطريقة تجعل وصولك إليها واستيعابك لها ممكنًا وسهلاً.
واما فيما يتصل بالدعامة الثاني ( الذوق الشعري ) فقد حرصت على أن يسيطر على الموضوع كله منهج واحد , وهو منهج النقد التطبيقي , الذي يجعل القاعدة منبثقة من النص , وليست شيئًا يذكر بعيدًا عنه , أو حتى يذكر بجانبه , وهذه الطريقة إذا اعتدت أن تدرب نفسك عليها فإنها تصقل موهبتك الشعرية , وتشحذ ذوقك الفني .
نشأة الشعر
لم يكن أحدنا هناك يوم ترنم الإنسان القدم بأول قصيدة شعرية حتى نعرف بالضبط كيف نشأت , وأي الظروف أحاطت بنشأتها , ولكن دراسة المجتمعات البدائية المعاصرة , ودراسة الأطفال , والدراسات الإنسانية عامة تقرب إلينا تصوُر ذلك .
فقد مضت على الإنسان قرون , يستخدم فيها اللغة عند الضرورات الإجتماعية الملحة , عند التعاون على صيد حيوان مثلاً, أو المشاركة في دفع خطر من الأخطار , كانت لغة آنذاك وظيفة عملية نفعية .
ثم تطور الإنسان , وتطورت معه اللغة , فقد اجتمعت في ذهنه أساطير وعقائد خرافية خلال صراعه مع الطبيعة و انبهاره أمام أسرارها , وتفسيره الساذج لمظاهرها , فقد كان الإنسان ينظر إلى الوجود بعين الخيال , كان خياله يسعفه فيصور له , ويفسر له كل ما يشعر به قلبه من خوف وطمأنينة وحب ... إزاء مظاهر الكون , وكانت اللغة وعاء هذه الأساطير وتلك الخيالات .
وفي هذا الطور من أطوار الإنسان وأطوار اللغة نشأ الشعر , كان الإنسان آنذاك عاطفياً خيالياً , وهكذا نشأ الارتباط المبكر بين الشعر والعاطفة والخيال .
فما منشأ الارتباط بين الشعر والأوزان ؟
تصور امًا تداعب ابنها فتهز له المهد الذي صنعته من فَرْوِ حيوان صاده زوجها , إنها تهز المهد هزات منتظمة , أو تصور جماعة بدائية دعاها إلى الرقص داع من فرح أو حزن أو عبادة , فقامت ترقص , إنها تهز أجسامها هزات منتظمة , أو تصور جماعة تؤدي عملاً يدويًا مشتركًا , جذبَ زورق صيد مثلاً , فهي تحس بضرورة تجميع القوى في لحظة تجذب فيها الزورق , بعدها تهدأ لتلتقط أنفاسها قبل أن تعاود تجميع القوى للجذبة الثانية ... وهكذا . إن حركتها بهذا قد أصبحت منتظمة .
فإذا ناغت الأم طفلها وهي تهز مهده , وإذا تغنى الراقصون بكلام يعبر عن شعورهم وهم يؤدون الرقصة , وإذا أنشد الصيادون عبارات تنظم حركتهم وتخف عنهم عناء العمل وهو يقومون بحركاتهم المنظمة , فإن الكلمات في هذه الأحوال ستجري منتظمة موقعة وفقًا لهزات المهد أو لهزات الأجسام . وإذا جرى الكلام منتظمًا موقعًا فمعنى هذا أنه أصبح موزونًا . وهكذا نشأ الإرتباط بين الشعر والأوزان .
ولكن كيف ندرك الصلة بين العاطفة والوزن ؟ إن الإنسان إذا تملكه انفعال نفسي يظهر أثر ذلك في نبضات قلبه فهي تعلو أو تخفت , ويظهر في تتابع نفسه فهو يسرع حتى يكون لُهاذا , أو يبطئ حتى يكون تنهدًا , أو يهدأ حتى يحبس , ويظهر في حركات جسمه , فقد تراه يذرع الغرفة جيئة وذهابًا كأنه أسد حبيس , وقد تراه يتخاذل فلا تقوى رجلاه على حمله .
والشاعر يعبر عن انفعال يسيطر على نفسه وعلي حواسه , انفعال يجعل نبضات القلب وتتابع الأنفاس منتظمة كأنها موسيقا نفسية , فإذا عبر عن تجربته – وهو في ظل هذه الموسيقا النفسية – جاء تعبيرة موزونًا منغمًا , ومعنى هذا أن أوان الشهر ظل هذه الموسيقا النفسية – جاء تعبيره موزونا منغما , ومعنى هذا أن أوزان الشعر تعبير عن حركة نفسية انفعالية , وهذا ما يجعل الأوزان ركنًا أساسيا من أركان الشعر , فإذا لم يكن هناك شعر بدون عاطفة فليس هناك شعر بدون أوزان.
والخلاصة :
أن الإنسان حينما تهيأ لإنشاء الشعر كان عاطفياً تسيطر العاطفة على نفسه , خياليًا يغلب الخيال على نظرتة , وأن العاطفة كانت لها موسيقاها النفسية وحركتها الخارجية , وأن الوزن الشعري جاء على وفق موسيقا النفس وحركات الجسم , وهذا ما يجعل الشعر لا يقوم – منذ نشأ – إلا بالعاطفة والخيال والموسيقا .
فهل نشرع منذ الآن في تناول عناصر الشعر وأولها العاطفة ؟ فلنفعل ,,, ولكن لنعلم منذ الآن أيضا أننا سنتناول القصيدة الشعرية قبل أن نفرغ لسواها من فنون الشعر .
العناصر الشعرية
المفضلات