كانت تنصت إلى قطرات المطر عند هطولها أمام النافذة وشعرت بقليل
من الحزن لأنها لم تستطيع رؤية هطول المطر
نعم فقد كانت فتاة عمياء لا ترى شيء وذلك عند وفاة والدتها فقد كانت
تبكي بكاءً شديداً وفقدت ما كان يربطها بالعالم الخارجي
فتلاشت الصور من أمام نظريها واختفى النور الذي كان يمدها بالأمل ولم
تعد ترى سوى ظُلمه حالكة أمامها وخلفها وعن يمينها وشمالها
ذهب كل ما كان يسعدها في حياتها ولم يتبقى سوى والدها الطيب الحنون
الذي كان يبذل كل وسعه لكي لا تشعر ابنته بالنقص في أي شيء
ذهب والدها إلى العمل وقال: سوف أذهب الآن وسأعود متأخر اليوم
انتبهي على نفسك
ثم قالت هيلين: حسناً إلى اللقاء يا أبي لكن لا تتأخر كثيراً
قالتها وهي تشعر بأنها ستفقد جزءً من حياتها أغلقت الباب واتجهت
نحو النافذة لتسمع صوت عصافير تغرد أمام النافذة
كانت النافذة تطل على محطة قطار.
كان يعمل في القطار شاب يدعى مارك وهو يبلغ من العمر 27 عاماً وكان شاب طموح ونشيط دائما يرمي بأحلامه بعيد
ولكنه لم يجد من يساعده لتحقيق أحلامه
بل وجد من يقف عثرة في طريقه للنجاح رغم طيبة قلبه كان لديه كثير
من الأعداء ومن بينهم ابن رئيس عمله فقد كان يحتقره بشده وكان
يحرض عمال القطار بأن لا يحتكوا به كثيراً ولا يعيروه أي اهتمام وبل
فعل قاموا بتنفيذ أوامره بحذافيرها كان الشاب يعلم بما يدبره له
ابن الرئيس ولكنه كان يتجاهل ذلك .
ذهب ليركب القطار وعند انتظاره للقطار رأى ابن الرئيس برفقة خطيبته
بدأ الشيطان يوسوس لشاب بأن هذه فرصته
لم لا يدفع ابن الرئيس نحو القطار وينتهي من صفحة سوداء في كتابه
ويبدأ بصفحة جديدة ثم نظر إلى فوق ولاحظ هيلين التي تقف أمام النافذة
لقد كان مارك يعلم بأنها عمياء لا ترى.
وبعدها حدث ما لم يتوقعه أحد , سقط ابن الرئيس وصدمه القطار
وهرب الفاعل بجريمته.
وسمعت هيلين صوت سيارة الإسعاف أصبحت تائهة تريد أن تعرف
ما لذي يحدث هناك , تسمع صوت امرأة تبكي قائله :
لا... لا ، خطيبي لماذا قام بدفعك هذا المجرم
فجأة رن جرس الباب فذهبت الفتاة لرؤية من الطارق وإذ به رجل من
الشرطة يسألها إذ شاهدت شخص مريب يدور حول الحي أم لا
أجابت هيلين وهي مستغربة : لا , ولكن لماذا ما لذي حدث؟
أجاب الشرطي :
لقد قتل رجل في محطة القطار اليوم في تمام الساعة العاشرة
صباحاً وربما يكون القاتل موجد هنا في هذا الحي ولم يغادر لأنه لم يمر وقت طويل على الحادثة
ارتسمت معالم الاستغراب في وجهها من حديث الشرطي
ثم قال : يبدو أنني أكثرت عليك الحديث حسناً إلى اللقاء
أغلقت هيلين الباب وهي تشعر بخوف شديد خصوصاً بأن والدها لم يكن موجود .
هرب مارك بأقصى ما عنده متوجهاً إلى منزله ولكنه تفاجئ
بوجود الشرطة أمام منزله يسألون جاره إذا كان قد شاهدوه أم لا فذهب
يبحث عن مكان آمن يلتجئ إليه ولكنه لم يجد مكان آمن .
فتذكر الفتاة التي شاهدت الحادثة فذهب إليها مسرعاً فطرق الباب منزلها.
اتجهت هيلين مسرعة نحوى الباب ولكنها ترددت عند فتحه
ثم قالت هيلين بتردد : من هناك؟
لم يستطع مارك الإجابة خوفاً بأن تبلغ الشرطة عنه فأكتفَ بالصمت , فتحت الباب ثم أصبحت هيلين تردد : من هناك؟ لكنها لم
تلقى رداً لسؤالها.
وجد مارك الباب مفتوحا ً فتسلل إلى منزلها دون أن تشعر, ثم دخلت هيلين وأغلقت الباب وكان قلبها منقبضاً .
أخذ مارك يفكر لم دخل إلى منزلها هل هذا تصرف صحيح ثم قال :
لا إنه عادٍ , إنها بالكاد لا تراني سوف أبقى هنا حتى تهدأ الأوضاع.
بدأت تشعر هيلين بأنها ليست الوحيدة في المنزل دخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب بإحكام . انتظرَ مارك إلى أن دخلت غرفتها
واتجه مسرعاً نحو المطبخ لأنه كان جائعاً
جداً فتح الثلاجة وأخذ بعضاً من اللبنِ وبعضاً من الخبز .
ثم ذهب إلى غرفة المعيشة فشعر بالنعاس حتى نام ,فجأة استيقظ على صوت بكاء
اتجه مسرعاً نحو صوت البكاء ليرى هيلين وبجوارها امرأة عجوز تخبرها بوفاة والدِها الذي كان بمثل الصاعقة في قلبها الرقيق
فقد كانت تعلم بأن هذا اليوم سيأتي
ويأخذ والِدها بعيد عنها ثم أخذت هيلين تردد هذه الكلمات المؤلمة وتقول :
أنا لم أراه لكن لمست حنانه تجاهي
ظلت ذكرياته في ذهني والآن هذه الذكريات تتلاشى شيئاً فشيئاً من ناظري لا أستطيع لمسها فقد تناثرت في الظلام الدامس
كيف سأعيش من دونه ؟؟
وأصبحت العجوز تُهدئ من روعها .
وفي اليوم التالي حضر الناس لتعزية والدها
خرج مارك إلى الحديقة الخلفية حتى لا يراه أحد من الحضور .
دخلت صديقتها رينا عليها وقالت لها مرسوم على وجهها شيئاً من الحزن
تقول رينا وهي تحاول أن تزودها بتفاؤل :
أنا اعلم انه سلب منك كل ما تملكه
وأنا أحسدك على صمودك في تلك الأيام المؤله
أنتِ بالفعل فتاة قوية وشجاعة علمتني كيف اصبر في مثل هذه الظروف
ما زال لديك بعض من الأصدقاء يقفون بجانبك حتى نهاية الطريق لذا تعالي وعيشِ معي في منزلي
لاستبدل أيامك المحزنة بأخرى سعيدة
قالت هيلين :حسنا أمهليني مدة لأفكر ...
خرجت من الغرفة وإذ بها تصطدم بـ مارك
وقالت: آسفة من ؟
أصيب مارك بالتوتر
وقال في نفسه : يا إلهي سوف تعلم بأنني أقطن هنا ماذا سأفعله الآن .
قالت هيلين بحِيرة : آسفة ولكن من هناك ؟
لم يجبها مارك عليها وذهب إلى الغرفة المجاورة
ثم خرجت صديقتها رينا من الغرفة وقالت:
ماذا هناك أهناك شيء ؟
أجابتها هيلين : نعم لقد اصطدمت بشيْ ما أو بالأحرى شخص ما
التفتت رينا يميناً وشمالاً وقالت :
يبدوا أنكي تتوهمين لا يوجد أحد هنا لقد ذهب جميع الزوار
قالت هيلين لها : ولكن لقد اصطدمت بشيء أنا متأكدة من هذا
قالت لها رينا وهي متضجرة : ولكن ألا تصدقينني ؟
حسناً هيا لنذهب
سألتها هيلين :إلى أين ؟
أجابتها رينا : لنقابل الجارة الجديدة هيا
وعندما ذهبتا ... خرج مارك مسرعاً إلى غرفة المعيشة
وقال :لقد كان هذا وشيكاً الحمد لله إن أمري لم ينكشف وإلا قد كنت الآن مسجوناً بتهمة قتل لم اقترفها.
حينما ذهبتا هيلين و رينا لزيارة جارتهما
المفضلات