تحديد أوائل شهري رمضان وشوال للعام الهجري (1425هـ / 2004م) فقهيا و فلكياً
(تطبيق مباشر لبعض العواصم العربية)
(أول يوم عيد الفطر المبارك) لعام 1425 هـ شرعيا سيكون (بمشيئة الله) الأحد الموافق 14/11/2004م
الخلاصة :
تم حساب لحظة ولادة الهلال لشهري رمضان وشوال للعام الهجري 1425بالطرق الفلكية لخط غرينتش وعدد من عواصم الدول العربية ومن ثم تم حساب موقع الهلال وعمره ومدة مكثه ليلة التاسع والعشرين من شهرى شعبان ورمضان وبالتالي تم تقدير رؤية الهلال آخذين بنظر الاعتبار العوامل الجغرافية والجوية والهندسية ، وبناءً على ما تقدم وجدنا :
1 ـ بداية شهر رمضان ( 1425 هـ ) : من المتوقع ان يرى الهلال بصعوبة بعد غروب شمس يوم الخميس الموافق 14/10/2004م في بعض من دول العالم (وخاصة تلك الواقعة غرب غرينتش) .فاذا اخذنا الرؤية الفعلية بنظر الاعتبار, سيكون أول شهر رمضان شرعيا ، (بمشيئة الله) الجمعة الموافق 15/10/2004م ,اذ ان ولادة الهلال ستكون صباح يوم الخميس الموافق 14 / 10 / 2004م ، في تمام الساعة الثانية و 48 دقيقة و 21 ثانية صباحاً حسب توقيت غرينتش العالمي ، واذا اخذنا الحساب الفلكي بنظر الاعتبار ، نجد ان الهلال يغرب مساء يوم الخميس بعد غروب الشمس باكثر من 16 دقيقة ويكون عمره أكثر من 12 ساعة ، معنى ذلك ان الهلال موجود فلكيا عند غروب شمس يوم الخميس ، لذلك فان بداية شهر رمضان ( فلكيا ) ستكون يوم الجمعة الموافق 15 / 10 / 2004 م .
2 ـ بداية شهر شوال (عيد الفطر المبارك 1425هـ ) : يولد الهلال في تمام الساعة الثانية و27 دقيقة من بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 12 / 11 / 2004م حسب توقيت غرينتش ، واستناداً الى التوقيت المحلي للعديد من دول العالم بما في ذلك دول العالم العربي والإسلامي فإن الهلال سيغرب مع او بعد غروب شمس يوم الجمعة ، لذلك فإن رؤيته في هذا اليوم ستكون مستحيلة ،وعلى اساس ذلك فلابد من إكمال شهر رمضان ثلاثين يوماً وتكون بداية شهر شوال شرعياً بمشيئة الله الأحد الموافق 14 / 11 / 2004م .
أولاً : المقدمة
أن حساب لحظة ولادة الهلال وحساب موقعه في أي زمان ومكان في العالم ممكن جداً وبدقة عالية لا يرتقى إليه الشك من الناحية العلمية الفلكية ، وقد اتخذ الإنسان منذ القدم هذه الحسابات أساساً لتحديد التقاويم وحساب الأشهر وبدايتها. واتخذت الحضارات القديمة الأشهر القمرية أساساً لتقاويمها كالبابليين والمصريين والصينين والإغريق ، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت علم الفلك إلى الأمام في تلك الحضارات. ولا يزال العديد من الأمم في يومنا هذا تتخذ الأشهر القمرية أساساً في تقاويمها وبخاصة المسلمين ، إذ ترتبط أغلب العبادات والمناسبات الدينية ارتباطاً وثيقاً بالأشهر القمرية " كالصيام والحج والأعياد ". وقد برز الكثير من علماء الفلك المسلمين الذين تطرقوا الى مثل هذه الموضوعات ، أشهرهم البتاني 850 – 929م والبيروني 972 – 1048م وناصر الدين الطوسي 1258 – 1274م وابن الشاطر المتوفى 1376م ، وغيرهم كثير .
أن موضوع تحديد أوائل الأشهر القمرية وما يتبعها من مناسبات دينية اسلامية مهم جداً في العالم الإسلامي ، ذلك بسبب تواجد بعض المعضلات التي تعترض المسلمين في الوقت الحاضر ، مثل تفاوت أوقات الصيام والأعياد ، فعندما يبدأ شهر رمضان المبارك (مثلاً) يبدأ معه النقاش في البلاد الإسلامية في يومه الأول ويومه الأخير ، ونتيجة لتلك النقاشات التي قد تنتهي بالاختلاف يصوم شعوب بعض البلاد الاسلامية في يوم سابق ، وشعوب بلاد أخرى في يوم لاحق والحالة نفسها تتكرر في الأعياد والمناسبات الدينية الأخرى.
أن الاختلافات هذه ناتجة عن استخدام الطرق المختلفة فيما بينها لتعيين أوائل هذه الأشهر ، إضافة إلى تباعد البلاد الاسلامية على سطح الكرة الأرضية. ففي بعض البلاد الإسلامية تعين أوائل هذه الأشهر القمرية بالحساب، إذ تقيم حساباتها على أساس وقت المحاق وعندها تعلن أول الشهر القمري في اليوم الذي يلي يوم الولادة مباشرة ، وفي بلاد أخرى تعتمد الزمن الذي يمكن أن يرى فيه الهلال ، وعندها تعتبر الأيام التي تلي أيام الرؤية أول أيام الشهور المذكورة. وهناك بلاد اسلامية أخرى ( تركيا على سبيل المثال ) تعتمد على قرار اتخذته لجنة فقهية في أحد المؤتمرات الإسلامية الذي عقد في مدينة اسطنبول عام 1978 بشان تحديد ظروف رؤية الهلال تحت الشروط الآتية :
1 ـ أن لا تقل زاوية ارتفاع الهلال عن الأفق عند غروب الشمس عن 5 درجات .
2 ـ أن لا يقل بعد القمر الزاوي عن الشمس عن 8 درجات .
وعندما تظهر الشروط في أعلاه في حساباتهم أو أكثر منها ،عد اليوم التالي ليوم هذه الشروط هو بداية ذلك الشهر القمري .
أكد على هذه الشروط الأستاذ الماليزي الدكتور محمد الياس حيث قدر ظروف جودة رؤية الهلال بعمر يبلغ 24 + 2 ساعة كما اعدت دراسات عديدة في هذا المجال منها الدراسة التي اعدها حميد مجول وجماعته ، فلقد طور شروط اللجنة الفقهية لمؤتمر اسطنبول ضمن أربع احتمالات لزاويتي ارتفاع الهلال عن الأفق وبعده عن الشمس ، وهذه الاحتمالات سميت كالآتي :
( مستحيلة وصعبة ومتوسطة وجيدة ) وحسبوا ظروف الرؤية هذه لخمس مدن اسلامية روعي في اختيارها التوزيع الجغرافي في العالم الإسلامي ( مكة المكرمة وبغداد واسطنبـول ومراكش وجكارتا ) وعدوا اليوم الذي يلي يوم ظروف الرؤية الذي تتحقـق فيـه واحد من الإحتمالات في أعلاه ، عدا احتمال " مستحيلة " أول يوم من ذلك الشهر القمري .
أما في دراستنا هذه فقد حددنا أول شهري رمضان وشوال باليوم الذي يلي يوم توقع رؤية الهلال عند الغروب من حيث ارتفاعه عن الأفق وبعده الزاوي عن الشمس وعمره الزمني بالساعات منذ لحظة ولادته لغاية لحظة غروب الشمس ومدة مكثه في الأفق بعد غروب الشمس ، والجدير بالإشارة هنا أن اول أيام الشهر القمري ( فلكياً ) هو اليوم الذي يولد فيه الهلال .
ثانيا : تحديد بدايات الأشهر القمرية
يمكن تحديد أشهر المناسبات الدينية برؤية الهلال بعد ظهوره من وقت المحاق ، وبما أن القمر يرى فقط من انعكاس أشعة الشمس من سطحه إلى الراصد على الأرض ، لذلك يجب أن يكون كل من الشمس والقمر في موقع هندسي معين بالنسبة إلى الراصد لأجل رؤيته بسهولة ، غير أن الرؤية تعتمد على عوامل عدة منها جغرافية ومنها متغيرات جوية وهندسية وزمنية:
أ- فمن الناحية الجغرافية فإن تباعد البلاد الإسلامية على سطح الأرض بعضها عن بعض قد يؤدي إلى سهولة رؤية الهلال في بلد ما وصعوبة رؤيته في بلد ثان ثم استحالة رؤيته في بلد ثالث والسبب هو الإختلاف في خطوط الطول والعرض وتأثير ذلك على غروب الشمس والقمر في مواقع مختلفة. , تسهل احياناً رؤية الهلال في موقع جغرافي معين بسبب ابتعاده عن الشمس بزاوية كافية قبل غروبها بينما تستحيل رؤيته في موقع يقع شرقي الأول لعدم مرور المدة الكافية على حصول المحاق وقت الغروب بحيث تمكن من رؤية الهلال.
( أي كلما اتجهنا غرباً وعند ثبوت بقية العوامل تزداد احتمالية الرؤية ، إذ يتأخر الهلال بإستمرار عن الشمس وتزداد الزاوية بينه وبين الشمس وتزداد بالتالي فترة مكوثه بعد غروب الشمس )
ب- أما الظروف الجوية فتشمل عوامل عديدة تزيد من صعوبة رؤية الهلال مثل :
- تأثيرات الجو في السماء المحيطة بالمنطقة ( كالسماء الملبدة بالغيوم ودرجة الحرارة وشفافية الجو والرطوبة النسبية ).
- درجة احمرار الشفق وضوئه الذي يتأثر كثيراً بتواجد الجزيئات الغبارية أو غيرها.
- الإضاءة الخلفية للسماء في موقع الرصد .
- تأثير ظلال جبال سطح القمر على الجزء المرئي بإزاء الراصد ثم الإنكسارات الحاصلة في الغلاف الجوي الأرضي فضلاً عن عمليات الإستطارة .
ج- أما العوامل الهندسية والزمنية لموقع الهلال فهي الأخرى مهمة جداً في معرفة رؤية الهلال من عدمه وهي كالآتي:
1- عمر الهلال : المدة الزمنية من لحظة الولادة إلى لحظة غروب الشمس.
2- مدة مكث الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس ( إذ تعتمد هذه المدة على الزاوية بين مداري القمر والأرض والتي تتراوح بين 4 درجات و57 دقيقة قوسية إلى 5 درجات و 20 دقيقة قوسية ) ، وكذلك تعتمد على يوم الرصد وموقع الراصد ( خط العرض ) .
3- ارتفاع الهلال عن الأفق وقت الغروب وبعده الزاوي عن الشمس الذي يعتمد على عمر الهلال واحداثياته السماوية وموقع الراصد.
4- بعد القمر عن الأرض وموقعه وموقع الشمس بالنسبة للراصد وارتفاع موقع الرصد عن مستوى سطح البحر.
وبالرغم من التأثيرات أعلاه فبالإمكان تحديد اليوم الأول للشهر القمري لأية منطقة على سطح الأرض مسبقاً بالإستعانة بالحسابات الفلكية ، وذلك من خلال تقدير رؤية الهلال اذا كان عمره يزيد عن 15 ساعة ومدة مكثه في الافق تزيد عن 30 دقيقة .
عيدكم مبارك
المفضلات