بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين. أما بعد:
التكفير وما أدراكم مالتكفير ....شره عظيم , وخطره جسيم , وعواقبه وخيمه , ونهايته مؤلمه , وفواجعه
لا تنتهي.
لايسارع في التكفير من كان عنده ورع ودين أو شذرة من علم ويقين لأنه بشع الثمره تتصدع له
القلوب المؤمنه وتفزع منه النفوس المطمئنه .
يقول العلامه الشوكاني في [السيل الجرار](4/58): (وهاهنا تسكب العبرات , ويناح على الإسلام
وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر , لالسنةٍ , ولا لقرآنٍ ,
ولا لبيان من الله , ولا لبرهان , بل لما غلت به مراجل العصبية في الدين , وتمكين الشيطان الرجيم
من تفريق كلمة المسلمين لقنهم إلزامات بعضهم لبعض بما هو شبيه الهباء في الهواء , والسراب بقيعة ,
فيالله وللمسلمين من هذه الفاقرة التي هي أعظم فواقر الدين , والرزية التي مارزئ بمثلها سبيل
المؤمنين .....)
الإسلام حفظ كرامه المسلمين واعراضهم وينبذ القدح في دين المسلم بأي قادح , فكيف إخراجه
عن ملة الإسلاميه إلى الملة الكفريه , فإن هذه جناية لا تعدلها جناية , وجرأه لا تماثلها جرأه ,
وأين هذا المجترئ على تكفير أخيه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((المسلمُ أخو المسلم
لايظلمه ولايسلمه)) وقولة صلى الله عليه وسلم : ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )).
والآحاديث الخاصه بالترهيب العظيم من تكفير المسلمين كثيرة نذكر منها على سبيل المثال :
1-قولة صلى الله عليه وسلم : "أيما إمرىءٍ قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال
وإلا رجعت عليه " .
2-وقولة صلى الله عليه وسلم : " من دعا رجلاً بالكفر أو قال : عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه " .
رواهما مسلم في صحيحه .
3-وقال صلى الله عليه وسلم : " لايرمي رجل رجلاً بالفسق ولايرميه بالكفر إلا ارتدت عليه وإن لم يكن
صاحبه كذلك" .
4-وقال صلى الله عليه وسلم : "ومن رمى مؤمناً بالكفر فهو كقاتله" .
رواهما البخاري في صحيحه .
نصل هنا إلى أن التكفير حكم شرعي مرده إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن ثبت
إسلامه بيقين لم يَزُل عنه ذلك إلا بيقين ولا يجوز إيقاع حكم التكفير على أي مسلم إلا مادل الكتاب
والسنة على كفره دلالة واضحة صريحه بينه
ولا يكفي ذلك وجود الشبهة والظن .
وقد يرد في الكتاب والسنة مايفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الإعتقاد : كفر
لكن لايكفر به أحد بعينه إلا إذا أقيمت عليه الحجه
ولا تقام عليه الحجه إلا بتحقق الشروط وإنتفاء الموانع وهي :
أولاً: العلم ومانعه الجهل فمتى حل الجهل إرتفع التكفير قال تعالى : "ومن يشاقق الرسول من بعد
ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا "[النساء:115]
فمن لم يتبين لديه الأمر فلا تنزل عليه نصوص الوعيد
ثانياً: قصد القول أو العمل الكفري والمراد هنا تعمد القول او الفعل ومانعه الخطأ أي :أن يقع
القول والفعل دون قصد كسبق اللسان أو السهو ويدل له قولة تعالى : " ربنا لاتؤاخذنآ إن نسينآ أو
أخطأنا"[البقرة:286] .
ثالثاً: الإختيار ومانعه الإكراه قال تعالى " من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن
بالإيمان " [النحل :106]
رابعاً: التأويل غير السائغ ومانعه التأويل السائغ ويدل له اتفاق الصحابه على عدم تكفير الذين
استحلوا الخمر لأنهم تأولوا قولة سبحانه : " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا
إذا ما اتقوا وآمنوا " [المائده :93]
بجواز شرب الخمر مع التقوى والإيمان . رواه عبدالرزاق في مصنفه بإسناد صحيح على أن الخمر
محرمة تحريما قاطعاً ولكن الصحابه لم يكفروهم لوجود الشبه وهي تأويلهم للآيه الكريمه.
نصل إلى هنا بأن التكفير حق لله ولرسولة صلى الله عليه وسلم ومن لم يصب في إطلاقه فإنه يعود عليه
فالحذر الحذر من إطلاق الأحكام بتسرع بل الأولى البحث عن شبة يدرأ بها الحكم وإذا كانت الحدود
كالقصاص والرجم وغيرها تدرأ بالشبهات مع أن مايترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير
فالتكفير من باب أولى أن يدرأ بالشبهه.
والله ولي التوفيق
================================================== ========
اغلب النقاط مقتبسة بتصرف من منشور"فتنة التكفير وخطرها على مستقبل الأمه الإسلاميه"
إعداد أحمد بن عبدالعزيز التويجري
المفضلات