.. فيــ. البدايهـ ..
شكــراً على الموضــوع الرائع ~
اعجــبتني فكرتهـ كثيــراً
-----------------------------------
..~ أبــــــــــي العتاهيهـ ~..
لم أخترهـ لإنهـ مجـــرد شخصيهـ .. و لكنهـ صاحـــب شعر رائعـ بما للكـــلمهـ من معانٍ
[ قطعــت منكـ. حبائل الآمـــال .. ] .. أعتبرهــا أفضل قصيدهـ قرأتهــا بلا مبالغهـ ..
----------------------------------
هو إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان أبو إسحاق من الموالي وولاؤه في قبيلة عنزة فهو عنزي بالولاء وكان جده كيسان من سبي عين التمر وهو أول سبي دخل المدينة سباهم خالد بن الوليد وقدم بهم على أبي بكر رضي الله عنه وأم أبي العتاهية وتكنى أم زيد كانت أيضا مولاة لبني زهرة.
وقد اشتهر بلقب أبي العتاهية - وليس هذا كنيته فكنيته أبو إسحاق كما سبق - وعتاهية كلمة تدل على معان كثيرة يقول بن منظور في لسان العرب: "عته في العلم: أولع به وحرص عليه والعتاهة والعتاهية مصدر عته مثل الرفاهة والرفاهية، والعتاهية ضلال الناس من التجنن والدهش والتعته المبالغة في الملبس والمأكل ورجل عتاهية أحمق وتعته تنظف وأبو العتاهية الشاعر المعروف ذكر أنه كان له ولد يقال له عتاهية وقيل: لو كان الأمر كذالك لقيل أبو عتاهية بغير تعريف".
والسبب في تلقيبه به أن الخليفة المهدي قال له يوما: "أنت إنسان متحذلق - أي متظرف – متعته، فاستوى له من ذلك لقب غلب عليه دون اسمه وكنيته .
انتقاله إلى بغداد:
وفد أبو العتاهية إلى بغداد في خلافة المهدي (158- 169) في نحو الثلاثين من عمره وكانت بغداد - التي أنشأها أبو جعفر المنصور سنة 149هـ - قد أخذت في الازدهار فانتقل النشاط العلمي من الكوفة والبصرة إليها بعد أن أصبحت دار الخلافة ودار الإسلام. وكان أبو العتاهية حين وصل إلى بغداد يجتهد في الوصول إلى قصر الخلافة، فأقبل يمدح المهدي، ويفكر في الوسائل التي تدنيه منه. يقول ابنه محمد: "فلما تطاولت أيامه أحب أن يشهر نفسه بأمر يصل به إليه، فلما بصر بعتبة راكبة في جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة تعرض لها، وأمل أن يكون تولعه بها هو السبب الموصل إلى حاجته، وانهمك في التشبيب والتعرض في كل مكان لها، والتغرد بذكرها وإظهار شدة عشقها"[5].
وله مع عتبة حوادث عديدة منها ما رواه المبرد أن أبا العتاهية أهدى إلى المهدي برنية صينية فيها ثوب ممسك فيه سطران مكتوبا عليه بالغالية:
نفسي بشيء من الدنيا معلقة
لله والقائم المهدي يكفيها
إني لأيأس منها ثم يطمعني
فيها احتقارك للدنيا وما فيها
قال: فهم أن يدفع إليه عتبة. فقالت له: "يا أمير المؤمنين مع حرمتي وخدمتي تدفعني إلى بائع جرار متكسب بالشعر؟". فبعث إليه: "أما عتبة فلا سبيل لك إليها وقد أمرنا لك بملء برنية مالا"[6].
وكان يتجاسر على التشبيب بها في مقدمة مدائحه للمهدي فقد روى الحافظ بن عبد البر في مقدمته لديوان شعر أبو العتاهية أن الشعراء حضروا يوما عند المهدي فقدم أبو العتاهية في الإنشاد فقال بشار بن برد لأشجع السلمي: "يا أخا سليم من هذا الذي قدم للإنشاد علينا؟ أهو ذلك الكوفي الملقب؟". قال: "نعم". فقال بشار: "لا جزى الله خيرا من جمعنا به أيستنشد قبلنا؟". فقال له أشجع: "هو ما ترى". . فأنشد أبو العتاهية:
تدل فأحمل إدلالها
ألا ما لسيدتي ما لها
جنيت سقى الله أطلالها
و إلا ففيما تجنت وما
م قد أسكن الحب سربالها
ألا إن جارية للإما
تجاذب في المشي أكفالها
مشت بين حور قصار الخطا
و أتعب باللوم عذابها
و قد أتعب الله نفسي بها
فقال بشار: "أبهذا الشعر يقدم علينا؟". فلما أتى على قوله:
إليه تجرر أذيالها
أتته الخلافة منقادة
ولم يك يصلح إلا لها
فلم تك تصلح إلا لـه
لزلزلت الأرض زلزالها
و لو رامها أحد غيره
لما قبل الله أعمالها
و لو لم تعطه نيات القلوب
إليه ليبغض من قالها
وإن الخليفة من قول لا
فاهتز بشار طربا، وقال: "يا أخا سليم أترى الخليفة لم يطر طربا عن فراشه لما يأتي به هذا الكوفي؟".
وقضى أبو العتاهية مدة طويلة يتغزل بعتبة حتى شاع فيها شعره، فأمر المهدي بجلده وإدخاله السجن، ولم يعف عنه إلا بشفاعة خاله يزيد بن منصور الحميري[7].
وفي أيام الرشيد عاد الشاعر يتغزل بعتبة والسعي للزواج منها. حدث أبو العباس يحي بن ثعلب قال: "كان أبو العتاهية قد أكثر في مسألة الرشيد في عتبة فوعده بتزويجها وأنه يسألها في ذلك. ثم دعا به وقال: "ضمنت لك يا أبا العتاهية، وفي غد تقضى حاجتك إن شاء الله". وبعث إلى عتبة: "إن لي إليك حاجة فانتظرني الليلة في منزلك". فأكبرت ذلك وأعظمته وصارت إليه تستعفيه، فحلف أن لا يذكر لها حاجته إلا في منزلها. فلما كان الليل سار إليها ومعه جماعة من خواص خدمه فقال لها: "لست أذكر حاجتي أو تضمنين قضاءها". قالت: "أنا أمتك وأمرك نافذ فيما خلا أمر أبي العتاهية، فإني حلفت لأبيك رضي الله عنه بكل يمين يحلف بها بر وفاجر، وبالمشي إلى بيت الله الحرام حافية، كلما انقضت عني حجة وجبت علي أخرى لا أقتصر على الكفارة، وكلما أفدت شيئا تصدقت به إلا ما أصلي فيه". وبكت بين يديه فرق لها ورحمها وانصرف عنها. وغدا عليه أبو العتاهية فقال له الرشيد: "والله ما قصرت في أمرك ومسرور وحسين ورشيد وغيرهم شهود لي بذلك"، وشرح له الخبر. قال أبو العتاهية: "فلما أخبرني بذلك مكثت مليا لا أدري أين أنا قائم أو قاعد، وقلت: الآن يئست منها إذ ردتك وعلمت أنها لا تجيب أحدا بعدك". فلبس أبو العتاهية الصوف وقال في ذلك من أبيات ..
قطعت منك حبائل الآمال
و حططت عن ظهر المطي رحالي
ووجدت برد اليأس بين جوانحي
و أرحت من حلي وترحالي
هي قصيدة طويلة تعتبر من أروع قصائده ومنها:
يا دار كل تشتت وزوال
الآن يا دنيا عرفتك فاذهبي
فغدا علي وراح بالأمثال
و الآن صار لي الزمان مؤدبا
و تفرغت هممي عن الأشغال
و الآن أبصرت السبيل إلى الهدى
يفضي إلي بمفرق وقذال
و لقد أقام لي المشيب نعاته
ومنها:
نسبا يقاس بصالح الأعمال
و إذا تناسبت الرجال فما أرى
رجل يصدق قولـه بفعال
و إذا بحثت عن التقي وجدته
فتراه بين مكارم ومعال
و إذا اتقى الله امرؤ وأطاعه
تاجان تاج سكينة وجلال
و على التقي إذا ترسخ في التقى
و منها:
في قبره متفرق الأوصال
يا أيها البطر الذي هو في غد
و أرى مُناك طويلة الأذيال
حذف المنى عنه المشمر في الهدى
من لاعب قرح بها مختال
و لقلما تلقى أغر بنفسه
حتى متى بالغي أنت تغالي
يا تاجر الغي المضر نفسه
خسرت ولم تربح يد البطال
الحمد لله الحميد بمنه
و تشيب منه ذوائب الأطفال
لله يوم تقشعر جلودهم
مل فيه إذ يقذفن بالأحمال
يوم النوازل والزلازل والحوا
زن والأمور عظيمة الأهوال
يوم التغابن والتباين والتوا
بمقطعات النار والأغلال
يوم ينادي فيه كل مضلل
علت الوجوه بنضرة وجمال
للمتقين هناك نزل كرامة
فلها بريق عنده وتلالي
زمر أضاءت للحساب وجوهها
خمص البطون خفيفة الأثقال
و سوابق عز محجلة جرت
خلق الرداء مرقع السربال
من كل أشعث كان أغبرنا حلا
في دار ملك جلالة وظلال
نزلوا بأكرم سيد فأظلهم
و منها:
و الموت يقطع حيلة المحتال
حيل ابن آدم في الأمور كثيرة
حرك الخطى وطلوع كل هلال
و من النعاة إلى ابن آدم نفسه
أخلقت يا دنيا وجوه رجال
مالي أراك لحر وجهك مخلقا
من كل عارفة أتت بسؤال
قست السؤال فكان أعظم قيمة
ممن يضن عليك بالأموال
كن بالسؤال أشد عقد ضنانة
في الوزن ترجح بذل كل نوال
و صن المحامد ما استطعت فإنها
نسي المثمر زينة الإقلال
و لقد عجبت من المثمر ما له
فابذله للمتكرم المفضال
فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا
فاشدد يديك بعاجل الترحال
و إذا خشيت تعذرا في بلدة
فرج الشدائد مثل حل عقال
و اصبر على غِيَر الزمان فإنما
(((( على فكرهـ .. الأبيات معكوسهـ بسبب النســخ ))
الرجـــاء قراءة الشطر الثاني من البيت أولا
فيمـــا عدا الأبيات الثلاثة الأٌول
و هكذا نجد في هذه القصيدة ملامح فن أبي العتاهية في الزهد الممزوج بالحكمة والمرصع والاقتباسات البديعة من كتاب الله عز وجلو كلام السلف الصالح، وقد أبدى بن الأعرابي إعجابه البالغ بهذه القصيدة وقال: "ما رأيت قط شاعر أطبع ولا أقدر على البيت من أبي العتاهية وما أحسب مذهبه إلا ضربا من السحر"، وثار برجل كان في مجلسه لأنه قال: "إن أبا العتاهية ضعيف الشعر". فقال له: "الضعيف والله عقلك، لأبي العتاهية تقول ضعيف الشعر ؟!"[9].
ونذكر أخيرا في سبب توبة أبي العتاهية من مصاحبة المجان وقرض الشعر في الغزل والهجاء والمديح، وقصر شعره على الزهد والحكمة، ما روي عن أبي سلمة الغنوي أنه سأل أبا العتاهية: "ما الذي صرفك عن قول الغزل إلى قول الزهد؟". فأجابه:"إذن والله أخبرك. إني لما قلت:
أهدت لي الصد والملالات
الله بيني وبين مولاتي
فكان هجرانها مكافاتي
منحتها مهجتي وخالصتي
أحدوثة في جميع جاراتي
هيَّمني حبها وصيرني
رأيت في المنام في تلك الليلة كأن آتيا أتاني فقال: "ما أصبت أحدا تدخله بينك وبين عتبة يحكم علينا بالمعصية إلا الله تعالى؟". فانتبهت مذعورا وتبت إلى الله تعالى من ساعتي من قول الغزل..
--------------------------
و ليـ. عودهـ مع شخصيــــــــات أخـ،ـرى بإذن اللهـ..
المفضلات