مشاهدة النتائج 1 الى 7 من 7
  1. #1

    الجندي المجهول ..ينتظر آرائكم..

    --------------------------------------------------------------------------------

    ( هذي قصة قصيرة كتبتها عام 1427هـ أيام الإعتداء الصهيوني على جنوب لبنان..فُزت فيها على مستوى الدول العربية من إذاعة الهيئة البريطانية ( BBC) برنامج ( ( BBC Xtra )
    أتمنى أن تحوز على إعجاب كل من يمر عليها ..

    الجندي المجهول

    صرختُ بقوة في وجهه .. كفى ! .. قلت لك : كفى ..توقف قليلاً عن نزف مشاعري .. فلم أعد أقوى على سماع المزيد . .. اتركني أغفو لليلة واحدة .. وأنا مرتاحة البال ...
    ...أرجوك..
    ..لم يلتفت إلي .. ولم يرحم توسلاتي .. بل استمر يتمتم بأخباره الموجعة ...مازال القصف مستمراً في ضواحي الجنوب ..دخان أسود يغطي سماء بيروت .. وسقوط العديد من الضحايا ..
    .. زممتُ شفتي .. وتنهدت بعمق ..أغمضت عيني ثم عدت أحدق فيه مرة أخرى ..فيما أصابعي تطفئ النور .. لتغرق غرفتي في ليل كئيب .. مظلم .. إلا من بقعة ضوء صغيرة تسللت عبر نافذتي واستقرت على الأرض ..
    ..ما زال يتحدث .. يندد تارة .. وتارةً يؤيد .. غير أن ضجيج حديثه ..لم يتَأتَّ له أن يعبر إلى مسامعي هذه المرة .. كسرته مطرقة حزني الشديد .. ووحدتي ..
    ..ضممت مخدتي إلى رأسي .. كمن يريد أن يقتلع هماً كبيراً من جوفه ..علَّ المساء يهبني شيئاً من عزاء ..يسمح لعينيَّ بالنوم ..حاولتُ أن أتدثر .. غيرتُ اتجاهي .. عبرتُ ببصري على كل الأشياء التي تأتِ لي رؤيتها ..صامتة .. نضَّاحة بالكآبة ..
    ..نظرتُ نظرة دائرية .. ثم التفت بسرعة نحو بقعة الضوء تلك .. تراءى لي ظل أحدهم .. يحاول الولوج عبر نافذتي ..
    لأول وهلة ! .. ظننته كابوساً مؤذياً .. لكنني حدقت فيه ثانيةً .. لأراه ..ضخماً .. مرعباً ..يرتدي خوذة يعلوها جهازان هوائيان ..
    ..تجمدت الدماء في عروقي .. وسرت قشعريرة الخوف في داخلي .. فلم أستطع أن أنبس بكلمة ..أو أرمش بنظرة ..وقلبي يرتجف كورقة خريفية يعبث بها الريح .. حاولتُ أن أستدير نحو نافذتي ..لأتعرف عليه ..أن أمد يدي لأغلق المذياع .. أن أحرك قدمي ..لا أتمكن! ..لا شيء يستجيب لأوامر عقلي .. ويذوب الأمل في إمكانية الهروب ..
    .. أخذت عيناي تلتهم تحركاته بفزع .. فيما هو يحاول جاهداً البحث عن طريقة يفتح بها نافذتي .. اجتذبتني تساؤلات عنيفة ..من ترى يكون ؟! ..لم أرَ في حياتي لصاً يرتدي خوذة هوائية .. بدأت أفكر .. غرقت في دوامة مرعبة من التفكير .. كيف سأواجهه ؟! .. وهو بهذه الضخامة والتطور الدفاعي .. بينما أنا فتاة رقيقة .. لا تعرف حتى كيف تطارد عصفوراً ..

    .. كان مجرد التفكير في هذه اللحظات أمراً عصيباً .. شددت على فلبي وتمنيت الأماني .. قررت أن أعطيه كل ما يريد .. على أن يرحل ويتركني ..لكنني ..تساءلت بذعر..
    ماذا لو كان يريدني أنا ؟!!
    .. عندها لمعت عيناي كالبرق .. وشعرت أنني أهوي في وادٍ سحيق .
    .. اقتحم بصوته المألوف غابة مخاوفي .. انتشلني منها وهو يعلن عن عملية إنزال مظلية للجيش الصهيوني .. وبدون وعي ..وجدت تفكيري يتجه لشيء واحد .. إنه أحدهم ..نعم ..لابد أنه جندي مظلي .. أخطأته مظلته فسقط عند نافذتي .. وهو يظنها نافذة لبنانية ..
    .. لا أدري كيف واتتني هذه الفكرة .. لكنها بدت لي في ذلك الوقت ..أكثر قناعة من أي مبرر آخر ..تذكرت أنني بالأمس طبعت قبلة على شجرة الأرز التي تسكن علم لبنان ..عندما بدت لي حزينة باكية ..وأدركت أن الجندي قد التقط بخوذته الهوائية فعلتي تلك .. والليلة جاء يعاقبني .. وأغلب الظن أنه سيقتلني .. ستكون هذه ليلتي الأخيرة ..
    ..فجأة .. وجدت نفسي أتخيل أطفال قانا .. وبنت جبيل .. ومارون الراس .. يبتسمون لي .. يمدون يدهم الصغيرة تجاهي .. يستدعوني .. وكأنهم يستعجلوني للقدوم إليهم ..استدار إحساسي كله نحوهم .. لكنني شعرت بأنني أقاوم مسألة الاقتناع بأني سأموت مثلهم .. لأن ذلك يعني أنني لن أرى هذه الدنيا مرة أخرى ..
    ساعتها .. بكيت ..شهقت .. أخذت أصرخ بصوت هستيري .. أنقذوني .. أنقذوني .. أرجوكم لا تدعوه يقتلني ..
    لا أدري ما الذي حدث بعد ذلك ..لكن صوت جلبة كبيرة .. أحدثتها حركة أبي وأمي وإخوتي الواقفين حولي .. جعلتني أفتح عيني .. وأشير لهم بيدي المرتعشة إلى حيث نافذتي .. وأنا استغيث .. لا تدعوه يقتلني ..لم أفعل شيئاً .. ارتسمت علامات الاستفهام على وجوههم النعسة .. تحرك أبي سريعاً .. وفتح نافذتي .. ولشدة دهشتي .. وجدتهم يقهقهون ضاحكين .. أما أنا فقد احمرّت وجنتي خجلاً .. بعد أن عرفت شخصية ذلك الجندي المجهول .. كان صرصاراً خائفاً .. يبحث عن شقٍ آمن !!.


    إمضاء :
    مين يلقاني ؟


  2. ...

  3. #2
    السلام عليكم..
    مرحباااااااااااااااااااا..
    يشرفني أن أكون أول عضوة ترد على قصتك أختي...
    قصة جميلة جدا تحكي واقع أيام صعبة ....

    طريقة تعبيرك عن واقع وأحداث تلك الأيام رائعة...
    رسمتي الخوف القلق..الحزن..الأمل...رسمتي العناد وعدم الإستسلام..
    تحية وتصفيق حار لما كتبت يداك في أيام لم تكن تجد فيها الحشرة ملجأ آمن من ظلم المعتدين...

    واصلي التقدم...
    أتمني أن أراك من نجوم ومبدعي المنتدي...
    إلى الأمام..

  4. #3
    مرحبا يشرفني ان اكون ثاني شخص
    يرد على
    الموضوع الحلو وشكرا

  5. #4

    أشكرك يا غالية

    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة بامبل بي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم..
    مرحباااااااااااااااااااا..
    يشرفني أن أكون أول عضوة ترد على قصتك أختي...
    قصة جميلة جدا تحكي واقع أيام صعبة ....

    طريقة تعبيرك عن واقع وأحداث تلك الأيام رائعة...
    رسمتي الخوف القلق..الحزن..الأمل...رسمتي العناد وعدم الإستسلام..
    تحية وتصفيق حار لما كتبت يداك في أيام لم تكن تجد فيها الحشرة ملجأ آمن من ظلم المعتدين...

    واصلي التقدم...
    أتمني أن أراك من نجوم ومبدعي المنتدي...
    إلى الأمام..
    لا أدري كيف أصوغ لكي شكري ؟...
    وسعادتي بمرورك الجميل ..على قصتي ..
    شعرت وكأني أكتبها من جديد ..
    ........وأنا التي تشرفت بكلماتك العذبة التي أضفت جمالاً على مشاركتي المتواضعة ..
    الشكر والود أنثره ورداً بين يديكي.. ياعزيزتي ..
    شكرررررررررررررررررررررررا ...

  6. #5

    أنا الي اتشرفت ..بمرورك

    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة احمد ق مشاهدة المشاركة
    مرحبا يشرفني ان اكون ثاني شخص
    يرد على
    الموضوع الحلو وشكرا
    ... والله الحلا كله في مرورك ..
    سعيدة جدا .. بردك ..
    أتمنى أن تسمحلي الأيام بالمرور على مشاركاتك الي هي أكيد ( حلوة ) زي ردكsmile
    ثانكيو.......فور يو
    tongue

  7. #6

  8. #7

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter