سألتني وكلها أمل أن تجد الإجابة.. :
(( من أنت أيها الفتى؟!! ))
فأجبتها:
لم أكن لأجيب على سؤالك سيدتي لولا أنني أردت أن أعرف نفسي قبل أن تعرفيها وأن أسبر أغوارها قبل أن يسبرها سؤالك.
فاسمحي لي سيدتي بأن أكون السؤال والإجابة ، والسائل والمسؤول ،والخصم والحكم.
من أنا؟ سؤال لم أتجرأ أن أسأله نفسي يوما .. لا لشيء إلا أنني أعلم أن الإجابة ستخلف قدرا من "الإضرار" لا يقل عن الأضرار التي ألحقتها الزلازل ببام إيران. وقدرا من "الضحايا " لا يقل عن عدد ضحايا طائرات أمريكا!!
قالوا قديما أن سبب تسمية القلب بالقلب تقلبه فهو يتقلب ما بين الحزن والسعادة..والفرح والشقاء . ولكن قلبي يا سيدتي ليس ككل القلوب. فما أحسبه إلا قلبا تجرأ على القاعدة فكسرها وعلى السائد فشذ عنه فأصبح لا يعرف للتقلب معنى ولا للتحول كنهاً. فألف الشقاء والحزن.. وحط رحاله للأبد في جزيرة البؤس والآلام. ولو تأتى لطبيب قلوب أن يشرح لطلابه قلبا ليس ككل القلوب فما أحسبه سيجد أحسن من قلبي مثالا ولا أفضل منه "وسيلة توضيح" يستخدمها ليشرح لطلابه معنى " القلب الذي لا يتقلب ".
كثيرا ما أعمد إلى قلبي فما أراه إلا وقد التحف لحاف الحزن والكمد فلا أحسبه إلا أما قد ثكلت للتو ولدها الوحيد أو عاشقا "روميويا " ماتت بين يديه حبيبته الأولى.
سيدتي ..أنا عين قد ملت النظر إلى لوحات كئيبة توزعت على جدران " معرض الحياة". فلقد ملت عيناي النظر إلى لوحات الخيانة ترسمها يد الخائن وإلى لوحات البراءة تعبث بها يد الماكر الخبيث. لقد ملت عيناي النظر إلى لوحات محطمة تفنن محطمها أيما فن في تحطيمها وإلى لوحات كانت في زمن مضى "لوحات نور" فأصبحت ما بين طرفة عين وانتباهتها "لوحات حزن وشقاء ".
حياتي – سيدتي – لوحات رسمت بلون واحد هو لون الشقاء فتكررت . وهل يلام المرء إذا مل مكررا ؟
سيدتي..أنا عاشق للحزن. شربت من كأسه حتى الثمالة. تربيت على يديه فما وجدني إلا حزينا وفيا وبائسا مخلصا.
دموعي خائنة حتى النخاع. وكثيرة هي المرات التي خانت فيها الدمعات عيني. فخرجت سافرة متبرجة تغازل خدي وما علمت أن وراءها عيونا عاجزة تلتهب أسى وحرقة من ما ترى من خيانة الدموع لها!!
بالمناسبة!! ..أعجب كثيرا لدموعي، فهي لا تخون عيني إلا بحضرة من لا تعرف دموعهم للخيانة معنى. فيا عجبي!!
عذرا سيدتي..
أجد نفسي مضطرا للتوقف عن الكتابة.. فالأضرار أشد من أن تحتمل ..والضحية الوحيدة قد شارفت على الهلاك!!
الفتى محمد
المفضلات