÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
ملاحظة هامة
هذا المبحث بما فيه من تحليل و استنتاج
هو الأول على مستوى المنتديات العربية و الأجنبية
و هذه هي المرة الأولى التي ينشر فيها
و للمعلومية: لا آذن بنقله أو اقتباس شيء منه على الإطلاق
إلا بإذن شخصي مني
و كل من يخالف ذلك
فحسابه عند الله و لا أحلله منه
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
تمهيــد
أصل هذا الموضوع مشاركة كنت كتبتها على عجل إجابة عن سؤال العضو Duke fahad في موضوع العضوة: سحورة جزيرة الكنز O.o° جميعنا معاً على دروب الجزيرة و نشرتها فأعجب بها الكثيرون و وقعت من أنفسهم موقعا حسنا فلهم كل الشكر و كل التقدير و الحمد كله لله وحده. و لمعرفتي بصعوبة الاطلاع على مشاركة مغمورة في موضوع ضخم فقد خطرت لي فكرة إخراجها في موضوع مستقل يتيح لعدد كبير من الأعضاء فرصة الاطلاع عليها و الاستفادة منها و ربما الإضافة على ما ورد فيها.
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
لماذا بترت ساق سلفر اليسرى؟ و هل لفلنت علاقة بذلك أم لا؟
المصدر الذي بين يدي [ رواية جزيرة الكـنز الصادرة عن دار البحار طبعة 1998م ] فيه معلومة أتصور أنها تحل اللغز.. لغز بتر الساق اليسرى للقبطان سلفر.
دعونا نقرأ معا ما ورد في الفصل السابع المعنون له بــ [ جيم يذهب إلى بريستول ] و هو مقطع من رسالة السيد تريلوني إلى الطبيب ليفساي يتحدث فيها عن شراء السفينة و ما يتعلق بذلك من أحداث:
[ بلاندلي هو الذي وجد الإسبانيولا، و قد حصل عليها بسعر زهيد. حتى الآن لم نواجه أي نوع من المصاعب، فتحضير السفينة مستمر. و لكن الطاقم هو الذي أقلقني.
طلبت عشرين رجلا... في حال صادفنا قراصنة أو سفنا معادية... و قد واجهت صعوبة في الحصول على نصف دزينة منهم، إلا أن شيئا من حظي الرائع جعلني أحصل على الرجل الذي أريده.
كنت واقفا قرب الميناء، و بطريق الصدفة، بدأنا بالمفاوضات. إنه بحار عجوز يدير نزلا، و يعرف كل البحارة في بريستول. لقد ساءت صحته بعيشه على اليابسة، و أراد أن يعود إلى البحر بوظيفة طباخ. لذلك حضر إلى الشاطئ في صباح ذلك اليوم كما قال، ليتنشق هواء البحر.
أحسست بالأسف لهذه القصة.. كما لو كنت أنت مكاني. أعطيته وظيفة طباخ السفينة. اسمه لونغ جون سيلفر، و قد فقد إحدى ساقيه، لكني أعتبر هذا من حسناته فقد فقدها فداء للوطن. و الحكومة لم تساعده بشيء.]
إذن فقد فقدها فداء للوطن. و لكن [فداء للوطن] هذه ما زالت عصية على الفهم. فكيف يفقد رجل ساقه بسبب فدائه للوطن؟
حسنا.. دعونا نقرأ أصل المقطع الأخير باللغة الإنجليزية مما اقتبسته قبل قليل و الذي يبدأ بــ [ أحسست بالأسف ]
I was saddened by his story – so would you have been. I gave him work as ship's cook. Long John Silver, he is called, and he has lost a leg, but that I regarded as a point in his favour, since he lost it in his country's service. The Government did nothing for him
in his country's service
هذا هو.. هو السر.. سر اللغز.. هذا هو السبب.. كان يؤدي خدمته الوطنية و في أثناءها فقد ساقه.
و للذين يجهلون معنى الخدمة الوطنية [ تسمى أيضا خدمة العلم ] نقول إنها: خدمة يتوجب على كل مواطن تأديتها أداء لحق الوطن عليه و الهدف منها شيئان:
- تعزيز مناعة الوطن و
- دعم مسيرة التنمية.
و تختلف أولوية الهدفين باختلاف وضع البلد، فإذا ما كان البلد في حالة حرب أو مهدد بها أو في منطقة نزاعات مستمرة كانت الأولوية للهدف الأول و عندئذ تكون صورة الخدمة الوطنية صورة عسكرية بالانخراط في السلك العسكري و التجنيد الحربي و ما شابههما لسد حاجيات الجيش و ما يرتبط به من مصالح، من أفراد أساسيين و احتياطيين. أما في حالات السلم فتكون الأولوية للهدف الثاني في صورة مدنية بحتة بالانخراط مثلا في السلك التدريسي في فصول محو الأمية.. و هكذا.
رابط ممتاز بخصوص مفهوم الخدمة الوطنية
نعود إلى السؤال و نقول: إنه مما سبق نفهم أن سلفر كان يؤدي خدمته الوطنية في وطنه [ إنجلترا ] التي كانت في حالة حرب. و كل من شاهد الحلقة الأخيرة من جزيرة الكنز في مشهد الحديث عن مصير جراي [ الإيرلندي الجنسية ] يذكر أنه مات و هو يقاتل ضد الجيش الإنجليزي. و مما لا شك فيه أن كل من يشترك في معركة أو يدخل حربا، فإن احتمالية إصابته بعاهة أو إعاقة من بتر و عجز و ما شابههما ترتفع لديه بالقياس إلى من لم يدخلها ، هذا إن نجا من الموت أصلا. و سلفر هو واحد من أولئك الذين نجوا و لكن بعجز جزئي استطاع التأقلم معه و التكيف تجاهه بقوة إرادته و تصميمه.
تلك كانت إجابة الشق الأول من السؤال. و أما الشق الثاني منه [ هل للقبطان فلنت علاقة بتلك الإصابة أم لا ] فجوابي:لا. و الأسباب هي:
- ما ذكرناه قبل قليل مما فهمناه من نص رسالة السيد تريلوني من أنه فقد ساقه أثناء تأديته لخدمته الوطنية
- إصابته بإعاقة جزئية جعلته غير مرغوب فيه كيد عاملة مما أدى به إلى أن يكون عاطلا عن العمل، و إذا أضفنا إلى ذلك عدم مساعدة الحكومة له ، فإن النتيجة ستكون أنه قد عانى من الفقر.
- كل ذلك دفعه للتحول إلى عالم القرصنة. و لا ننسى كلمته لجيم عندما كانا يشاهدان غروب الشمس:[ في لحظات قليلة يتغير قلب الإنسان من النور و البسمة إلى الظلمة ] ( الحلقة رقم 10 )
- يتفق كل ذلك مع ما أوردته أختنا سحورة في ملفها عن برنامج بلاك بيرد الوثائقي و الذي أرفقته في موضوعها من أن:
- الكثير من القراصنة انجرفوا لأنهم كانوا عاطلين عن العمل.
- وهكذا تصبح المرافئ في البحر الكاريبي وعلى سواحل أمريكا وفي برستول وليفربول وغيرها من الأماكن مكتظة بالبحارة العاطلين عن العمل ، هم أشخاصاً مستعدون لأن يتحولوا إلى قراصنة
- كما كان من يطلق عليهم اسم المغامرين وهم أناس ينتمون إلى ميادين مختلفة مستعدين للتحول إلى حياة القرصنة ببساطة لأنهم يهربون من شيء ما أو لأنهم مجرمون سابقون أو غير ذلك
- و يتفق أيضا مع ما قاله دارك بيو لرفاقه بعد أن فروا هاربين من فندق جيم فور سماعهم صوت الصافرة مذكرا إياهم بأيام الفقر المقيتة التي عاشوها، و انعدام وجود أي مساعد أو معين من المجتمع يدفع عنهم تلك الشدة المضنية، في حديث بليغ يحاول عبره استثارة مشاعرهم و الضرب على وتر أشواقهم في التخلص من ذاك الضنك الذي لا يحتمل: [ أيها الأغبياء: كيف نهرب دون أن نأخذ معنا خريطة القبطان فلنت؟ نستطيع أن نصبح أغنياء. سوف نحصل على المال الكثير. كيف نتركه؟ أم أنكم تريدون أن تعيشوا فقراء باقي أيام حياتكم بينما الثروة تنتظركم؟!!.. أنا لن أهرب لن أهرب ] ( الحلقة رقم 4 )
- و ربما كان الدافع لدخول عالم القراصنة و الالتحاق بالقبطان فلنت بالإضافة إلى ما سبق هو الرغبة في الانتقام من الدولة و قوانينها و يعضد ذلك ما ذكره سلفر لجيم ذات مرة بنبرة كلها حزم و صرامة و تنم في الوقت نفسه عن مرارة عميقة للغاية و عن حزن دفين.. غائر في النفس.. لم و لن يلتئم:[ جيم: قلت لك عندما كنا معا بأني لا أؤمن بأشياء كثيرة في هذا العالم.. و من بين الأشياء التي لا أؤمن بها: قوانين البشر.. لا أؤمن بها ] ( الحلقة رقم 19 ). نعم.. فقد فقد ساقه بسبب خضوعه لقانون الدولة و لما احتاج إلى مساعدتها لم يجدها!!
لأجل ذلك كله.. اندفع سلفر إلى عالم القرصنة و انضم إلى القبطان فلنت، بعد أن فقد ساقه و ليس قبلها.
الخلاصة
فقد سلفر ساقه اليسرى أثناء تأديته لخدمته الوطنية بسبب إصابة استدعت بترها
و كان من نتائج تلك الحادثة أن تحول إلى عالم القرصنة لتتجلى فيه شخصيته الفذة التي اشتهر بها
لفتة هامة
يظل كل ما سبق تحليلا و استنتاجا، قد يصيب و قد يخطئ
ماذا بعدُ؟
أتساءل في نفسي:
هل ياترى لو لم تبتر تلك الساق اليسرى - فوق مفصل الركبة - كنا عرفنا سلفر بشخصيته التي أحببنا؟
هل تراه كان سيتحفنا بتلك الأقوال الخالدة و الحكم الأصيلة و المعاني الكبيرة التي عشناها أثناء مشاهدتنا لذلك المسلسل لولا تلك الحادثة؟بالنسبة لي فقد كانت حادثة كان لها ما بعدها من آثار هائلة.. و عميقة.. في نفسه.. و في شعوره.. و في نظرته للأمور
مسك الختام
أتمنى أن أكون وفقت في حل اللغز الذي حير الكثيرين.
و أرجو – بهذا الجهد القليل – أن أكون رددت بعض الجميل تجاه التحفة الأدبية [ جزيرة الكنز ].
و إذا كانت هناك حاجة لمزيد شرح و توضيح فعلى الرحب و السعة
تحاياي العطرة – أنا – حارث
السلام عليكم
المفضلات