قال:
"عدت الى البيت في الساعة التاسعة .وكان كوخها مضاء حين مررت به , ورأيتها فيه ."
وسكت لحظة , واشتبكت نظراتها بنظراته ثم استأنف :
"عندما لن اجدك هنا , كان طبيعيا ان اتساءل عما جرى . كان الطفلان مستيقظين , لكنهما لم يستطيعا ان يخبراني اين كنت , فذهبت الى آرتيه , ولم تكن لديها هي الاخرى فكرة عن مكانك ."
شيء واحد علق في ذهنها : عاد ليون في التاسعة . لماذا عاد مبكرا بعدما اخبرها انه سيتأخر ؟ اعتقدت انه كان في نيقوسيا يقضي السهرة مع بولا . ولكن هل يحتمل انه فضل البيت ؟ وبدافع غريزي تقدمت منه , وحدقت في وجهه بتساؤل وقالت :
"لو عرفت انك ستعود مبكرا ليون , لما خرجت ."
بادر قائلا :
"هذا واضح ."
وعادت عيناه تطوفان بقوامها الجميل , ثم عاد الوميض المتأجج الى اعماقهما , وسأله بخشونة :
"كم مرة تفعلين هذا ؟"
اسرعت تقول :
"هذه اول مرة ..."
" لا تكذبي ! لا تقفي هكذا وتكذبي علي ! كم مرة خرجت مع هذا الرجل ؟"
عادت ترتجف , ولكنها جاهدت ليظل صوتها ثابتا , وقالت :
"إنها المرة الاولى . في اية حال من حقي ان اخرج ."
قال:
"هل من حقك ان تخرجي مع رجال ؟"
وبرغم خوفها , ارتفعت ذقنها بشمم وقالت :
"رجال ؟ انما ذهبت مع روبرت لأن .... لأن ..."
لم تجد كلمات لتخبره بأنها ظنته مع بولا ؟ ولكنها قالت :
"لأن بقائي وحيدة هنا لايسر .... فأنت تخرج كل مساء تقريبا يا ليون ."
لماذا التذلل ؟ لم تخبره بأن من حقها ان تسري عن نفسها ؟ إنها ليست طفلة حتى يسألها عن غدواتها ورواحها . لذلك أردفت :
"سأخرج كلما راق لي , ولا تستطيع ان تمنعني ."
رباه ماهذا الذي قالته ؟ لماذا لم تلتزم الحذر ؟ انحسر الدم عن وجهها تماما , وحاولت ان تهرب اذ تقدم نحوها بخطوة سريعة , ولكن ساقيها خذلتاها ,ووجدت نفسها في عناق يهشم القلوع بلا رحمة وقال :
"هل ستخرجين حين يروق لك , مع رجال ؟ ستتأنقين لأجلهم , وتبدين جذابة . أما لي , فستبدين دائما كعجوز قروية شمطاء."
"ارجوك يا ليون , إنك لا تفهم . لم احاول ان ابدو جذابة لأي سبب الا ..."
"الا ان توقظي الرغبة في صديقك ؟"
كان وجهه قريب من وجهها , رهيبا كجذوتي النار اللتين تجلتا في عينيه , فلم يداخلها شك في نواياه . واردف :
"نجحت في ايقاظ الرغبة في زوجك , وستتحملين العواقب ."
فناضلت قسوته ولكنها بعد برهه استلقت مستسلمة تبكي بصوت خافت , وامسك بها على مسافة منه اخيرا , فلاحظ الدموع على خديها . مفاجأة هجومه والخوف الذي تملكها جعلا كل عصب في جسمها يرتعش . وتذكرت ماقاله من ان القبارصة يهتمون بنسائهم ويعتزون بهن , فتبادرت الدموع الى عينيها ثانية . كان لمرآها باكية تأثير عجيب عليه فإذا كل غضب وضراوة يتلاشيان فجأة , ومر بأصبعه على وجنتيها يمحو دموعها بحركة حنون , وهتف :
"لاتبكي ياهيلين!"
كأنه يمحو قسوته منذ لحظة . واذهلها تصرفه , ولكنه بعث فيها املا . فلما افلتها اخيرا , تطلعت اليه وقالت :
"ما أحسبك ..ستخرج عن وعدك يا ليون ؟"
سيطر صمت طويل , واشتد سواد عينيه وقد استقرتا على وجهها ورأسها على الارض . فأجاب برفق :
"إنك زوجتي ياهيلين ! "
وغشيتها مرارة طاغية . صحسح أن القبرصي لا يستطيع ان يعيش بدون امرأة ... وأية امرأة ترضيه .
(ها ها ها ,تستاهل يقولها لا تطلعين مع رجاجيل تقول ماعلي منك ابطلع .....الغصن )
ومع السلامة الفصل الرابع ..
واحين انشالله على الخامس ..
يلا ..يلا .خلنا انروح..
المفضلات