مشاهدة نتيجة التصويت: اي هذه الروايات تحب رؤيتها اولا على ملفات وورد ؟؟

المصوتون
29. لا يمكنك التصويت في هذا التصويت
  • معا فوق النجوم

    5 17.24%
  • العاشق المنتقم

    8 27.59%
  • حب غير متوقع

    8 27.59%
  • غرباء على الطريق

    8 27.59%
الصفحة رقم 206 من 569 البدايةالبداية ... 106156196204205206207208216256306 ... الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 4,101 الى 4,120 من 11376
  1. #4101
    ابتسمت جيني بهدوء ثم ذهبت لترتدي ثيابها .
    رمق زاك فليبا بنظرة تساؤلية :" إذآ ما المشكلة ؟ حادث السرقة ؟ يقولون إن البرق لا يصيب المكان نفسه مرتين ."
    ابتسمت له فيليبا :" أتمنى ذلك . هناك أشياء كثيرة تشغل بالي ."
    "كيفين ، بالتأكيد . يا عزيزتي ، ماذا عساي أن أقول ؟ عليك أن تثقي بالأطباء . لن تحسّني حالته في نيويورك بالقلق عليه في باريس ."
    "أعرف ذلك ." كانت فيليبا تشعر بالذنب لأنها لم تفكر بوالدها خلال الأربع وعشرين ساعة ." إني آسفة يا زاك . لقد ضيعت وقتك ، أليس كذلك ؟"
    أخذ زاك لوح الرسم ثم وضعه في مكان آخر ." اذهبي إلى البيت ، يا فيليبا وحاولي أن ترتاحي . اقنعي زوجك الوسيم بأخذك إلى العشاء خارجآ ." نظر إليها بعبث :"لا اتصرف هكذا ، إلا مع المبتدئين ."
    توردت وجنتاها ."ربما كان ...مشغولآ ."
    "إذآ قولي له بأن يرتاح أيضآ .أريدك هنا غدآ جاهزة للقيام بعمل حقيقي ." قال متجهمآ.
    القول أسهل من الفعل ، فكرت فيليبا بحزن وهي تنزل السلالم . لم يحاول آلان التحدث إليها في الليلة السابقة وهما في طريق العودة إلى البيت . تمنى لها ليلة هانئة ثم دخل غرفته وتركها تردد لنفسها مرارآ وتكرارآ ...إن هذا ما أردته بالتحديد .
    بقيت تقول ذلك على فترات ليلة طويلة ومملة .وفي وقت ما قبل الفجر استسلمت للهزيمة .نهضت عن السرير وزحفت عارية القدمين إلى غرفة آلان .كانت خاوية وغير مستعملة . حدقت فيها لمدة طويلة ثم عادت بصمت إلى غرفتها ، وبكت.
    وصل صانع الأقفال قبل أن تنهي فطورها . بدت مدام جيسكار غاضبة وهي تراقبه يعمل .لم تكن فيليبا متأكدة ما إذا كان عليها أن تلومها أم لا .
    أخبرتها مدبرة المنزل بهدوء أن مارسيل سيكون جاهزآ خلال لحظات حتى يوصلها إلى مكان عملها .هذه أوامر السيد آلان .
    خرجت إلى الشارع وبحثت عن السيارة ،لكنها لم تكن في انتظارها .ياللعجب،فكرت وهي تنظر إلى ساعتها .إنها في وقت أقل بساعة من المعتاد.
    "مدام دي كورسي ." استدارت وجلة في الوقت المناسب ورأت فابريس دي ثييري يتقدم نحوها .
    "أتمنى ألا تكوني ظننت أني لص آخر ." شعرت بدفء ابتسامته حين أضاف :"أردت أن أراك لأرجع لك هذه ." ناولها حلقة مفاتيح من جيبه :"لابد وأنني أخذتها خطأ البارحة ."
    "شكرآ لك . لم أجرؤ بعد على الاعتراف بفقدانها ."
    "هل زوجك مخيف لهذه الدرجة ؟" بدا صوته مرحآ ،لكن نظرته كانت جدية .
    "كلا ... على خلاف ذلك تمامآ ." قالت فيليبا بسرعة .
    "أنت مبكرة ، وأنا سعيد لأني وجدتك ."
    "ليس تمامآ ." تنهدت فيليبا وأضافت :"علي أن انتظر السائق في المستقبل ."
    "هذا تصرف منطقي ."
    "نعم ،لكنني لا أريد ذلك ."
    نظر إلى ساعته ."هل لديك وقت ، ربما لتناول فنجان قهوة آخر ؟"
    ترددت فيليبا . هذا التصرف المنطقي سيرفض بلباقة ، ولقد عرفت ذلك .
    "سترفضين ، أليس كذلك ؟" قال فابريس دي تييري بأسف :"أنا لا ألومك .زوجك رجل مرعب .لا يتمنى لك أن تصادقي رجلآ عاديآ مثلي ."
    حدقت فيليبا إليه ."هل تعتقد حقآ ذلك ؟"
    "بالطبع ." وبدا محرجآ ."بعد أن تركتك ،قمت ببعض التحريات .لولا المفاتيح لما كنت فكرت بالإقتراب منك ."
    رفعت فيليبا ذقنها وقالت :"مسيو دي ثييري ،سأكون مسرورة لتناول القهوة معك."
    عرفت مايكفي ،خلال نصف ساعة ،من المعلومات عنه ، فاكتشفت أن والديه يعيشان في روين حيث مقر عمل والده وأنه ابن وحيد . كان فابريك يعمل في باريس ،يتابع تدريبه في المحاسبة مع شركة عالمية . ويمارس في الشتاء لعبة الرُكبي ،وهو يستمتع بالأفلام اليابانية . تدفقت منه هذه المعلومات بشكل عفوي .
    من الممتع ،لاحظت فيليبا ، أن تجلس المرأة في وضح النهار مع شخص ،يجدها بوضوح ،جذابة وإذا تمتم صوت في داخلها محذرآ بأن هذا الوضع محفوف بالمخاطر ، ستتجاهله بالتأكيد . وإذا عارض آلان رفقتها الجديدة ما النفع عندئذ ؟ سألت نفسها بتحد . ليس من حقه أن ينتقدها بعد أن رأته على الشرفة الليلة السابقة. كانت بكل بساطة تتناول فنجان قهوة في مقهى على الرصيف .إذآ ما الداعي لتذمره؟ لم تكن بصدد المباشرة في علاقة حب .
    لم يسكّن بريق الاعجاب في عيني فابريس ، والطريقة التي كان يميل بها نحوها،حتى كاد أن يلمس يدها ... كانت هذه الأمور بلسمآ لجروحها النفسية التي سببها آلان . شعرت بالاهانة وهي تتذكر كيف سمحت له بعناقها ... بلمسها . وكيف نسيت أنه كان يداعبها كلمتين لبضع ساعات ، مع أن قلبه وعقله وروحه كانت ملكآ لامرأة أخرى .
    تنهدت سرآ وهي تفكر في ماري لور . نعم ، إنها جميلة ، ويحلم بها أي رجل . لكن فيليبا وجدت نفسها تتمنى لو أنه أحبها أكثر ، أو فكرت بأنها تستحق افتتان آلان بها . هل كان مسلوب العقل لدرجة أنه تعامى عن حقدها وفسقها ،أو أنه لم يعد يهتم ؟
    "فجأة ." قال فابريس بلطف :"أشعر وكأنني أكلم نفسي ."
    "إنني آسفة ...هذه كانت فظاظة مني ." رشفت باقي قهوتها أضافت :"هناك عدة أمور تشغل بالي ."
    هز رأسه بشجاعة :" إني أفهم . وربما أنا أعرف أكثر مما تظنين ."
    ضحكت وهي تمسك حقيبتها :" بعد فنجانين من القهوة ؟ أشك في ذلك ."
    "أعرف ،على سبيل المثال ، أنك غير سعيدة ، وأن زوجك يعيش حياة خاصة به وحده."
    عضت فيليبا شفتها ."لست مستعدة لمناقشة زواجي معك ، أو مع أي شخص آخر ، يا مسيو ."
    "الآن أغضبتك !" إني اعتذر ، لست بوضع يسمح لي بمحاكمتك ." لمست يده أصابعها ." أرجوك قولي إنك سامحتني ، وإنك ستتناولين القهوة معي مرة ثانية ؟"
    عرفت فيليبا أن هذه هي اللحظة الملائمة للتراجع ، للابتسام بتهذيب ، وللانسحاب من دون أي ارتباطات . إنها امرأة متزوجة ولايحق لها أن تتواعد مع شخص آخر ، مهما كان اللقاء بريئآ . لو كنت فعلآ زوجة آلان ، لما كنت فكرت بذلك أبدآ . ولكن بما أن ...
    "بماذا تفكرين ؟ في أن زوجك سيغضب لو عرف أنك جلست في وضح النهار وتحدثت ... وابتسمت قليلآ ؟"
    " ولماذا سيمانع ؟" قالت بنفور :" إن لي حياتي الخاصة أيضآ ."
    "إذآ هل سأراك مرة ثانية ؟ علي أن أسأل ، أنت تفهمين لأن ليس لدي أي شيء آخر يخصك أستطيع أن استعمله كعذر ."
    نظرت فيليبا إليه باندهاش ."هل هذا يعني أنك تعمدت الاحتفاظ بمفاتيحي ؟" سألت ببطء :" هذا عمل طائش ، يا سيد ."
    هز رأسه ، ثم ابتسم بأسف :" هل تسامحينني ؟ أعرف أن ذلك خطأ ، لكنني لم أتحمل فكرة عدم رؤيتك ثانية . سنلتقي هنا غدآ وفي الوقت نفسه ."
    "ربما ، لا أعرف ."
    أطبق يديه على يديها و قال :" سأنتظر حتى تأتي أورفوار يا فيليبا ."
    "أورفوار يا فابريس ." كانت ابتسامتها وهي تسحب يدها من يده خجولة ومترددة .
    كان لطيفآ ،قالت لنفسها على نحو دفاعي وهي تسير إلى محترف زاك حيث كانت تنتظرها السيارة . لقد اعجبت به ، من الممتع أن يكون لديها صديق ... شخص يعوض عليها وحدتها .
    ربما بمساعدة فابريس ، إلى جانب دراستها طبعآ ، لن تتألم كثيرآ من زواجها الزائف بعد آلان . ربما ستتعلم في الوقت المناسب أن تتحمل وجود ماري لور في حياتها .
    تساءلت فجأة إذا كان آلان سيتحمل فابريك .ليس له الحق ،بالطبع ،إذا أخذ تصرفه بعين الاعتبار ، ولكنها تعلم أنه قادر على العيش بازدواجية .
    لكنني لا أحاول أن أقيم علاقة غرامية مع أحد ،فكرت فيليبا بحزم . لا أريد أن أتورط... لا مع فابريس ولا مع آلان .
    جفّ حلقها من كثرة ما آلمتها الفكرة .
    لا أريد أن أهان ثانية ،قالت بصمت ، أو أن أمضي المزيد من الليالي المؤرقة في البكاء . أريد فقط أن أجلس في وضح النهار و أتحدث ... وأبتسم قليلآ .
    ليس هناك أي ضير في ذلك ،حقآ ؟
    تراءى لها فجأة آلان القاسي وعيناه الخضراوان تشعان بغضب شرس كما في الليلة السابقة . ارتجفت وهي تتذكر ردة فعله الشرسة عندما استفزته قبلآ ، في ليلة زواجهما .
    مهما كانت نواياها بريئة ، فكرت وهي تعبر الشارع ، عليها أن تكون حذرة جدآ . فآلان دي كورسي ، رجل لا يمكن خداعه .
    a8c7a25ec043f8b987b65258677fd27ab7a222d5

    d578681a5e4f97b78c5189941ab4bb1b
    0


  2. ...

  3. #4102
    ونرجع للشيخة زورو هاها


    *~‘‘"][ الفصـل الـسابع ]["‘‘~*




    " لا أستطيع . "هذا مستحيل ، وأنت تعرف ذلك ." قالت فيليبا .
    أخذ فابريس يدها وضغط عليها بشدة . "لماذا ترفضين ؟ إنه مجرد حفل موسيقي ، لا أكثر . لقد قلت إنك تستمتعين بموسيقى رافيل ودوبوسي كثيرآ . لماذا لا تكوني ضيفتي ؟"
    تنهدت فيليبا و قالت بلطف :" فابريس ." أنا امرأة متزوجة ."
    "هل حضورك حقآ سيفسخ عقد زواجك ؟ يا إلهي ، فيليبا ، إني اؤكد لك أن زوجك ليس عنده مثل هذه الوساوس ."
    تجمدت فيليبا على نحو دفاعي :" إني لا أفهم ."
    هز فابريس رأسه وتمتم :" هذا الاخلاص ... لا يستحقه ، يا فيليبا . يجب أن تعرفي ذلك . الرجل معروف بنزواته التي لا حد لها . علاقاته صاخبة جدآ ."
    "يجب ألا تتحدث عن آلان بهذه الطريقة ." قالت فيليبا بحدة عندما سرى الألم في جسدها :" إذا كنت ستتابع ... لن أقدر على رؤيتك ثانية ."
    "لا تقولي ذلك ." أحكم فابريس قبضته على يدها وأضاف :" لقد أصبحت هذه اللحظات القليلة معك ، كل حياتي . لا يمكنك أن تحرميني منها ."
    " لايجب أيضآ أن تتفوه بأشياء كهذه ." توهج وجه فيليبا ، وحررت يدها من قبضة يده ثم أضافت :" لقد وعدت بأن تكون صديقي يا فابريس ."
    "إذآ دعيني أرافقك إلى هذا الحفل كصديق ." قال بحزم .
    "أنت عنيد جدآ !"
    بدأت تجد اهتمامه المتزايد محرجآ ، ومع ذلك ، اضطرت لأن تثق بأن مرافقتها لها كانت بمثابة حبل إنقاذ نفسي خلال الأسابيع الفائتة ، نظرآ للصراع المستمر بين آلان وبينها .
    عضت شفتها . لقد وضع القفل الذي أصرت على حصوله في مكانه . لكنه ظهر أنه غير ضروري البتة . لم يحاول آلان التقرب منها منذ خلافهما الأخير .
    في الواقع ، كان يتغيب عن باريس كثيرآ بحجة العمل ، وكانت تمضي معظم الليالي تحدق في الظلام وتتساءل ...
    عندما يكون في البيت ، كانا يلتقيان على الطعام فقط ، أو عندما تكون هناك مناسبة إجتماعية ، يصر على استصحابها إليها ليلعب هو دور الزوج المحب و المخلص .
    من الواضح ،فكرت بتعاسة ،بإمكان المرء أن يخدع بعض الناس معظم الوقت . كانت طريقتها في التجاوب معه مذهلة عززها خجلها الطبيعي كونها فتاة متزوجة حديثآ.
    في الشقة ، كان شعور فيليبا بالقلق يتزايد باستمرار .
    كان تصرفه معها دائمآ لطيفآ ،لكن متحفظآ . لم تشعر سوى بالنفور عندما كان يقف في إحدى الحفلات إلى جانبها ، أو يلمسها في المناسبات النادرة . كانت تعرف جيدآ أنهما بعيدان جدآ في الواقع ، مهما بديا متقاربين أمام الناس .
    ولذلك لجأت إلى فابريس ، وإلى العلاقة البريئة التي عرضها في البداية .
    لكنها كانت بالطبع ساذجة ،عندما فكرت بأن هذا النوع من العلاقات يمكن أن يستمر بشكل غير محدد . لم يكن فابريس من النوع المرهق فقط بل رجل عادي جذاب . و الآن بدت علاقتهما تقترب من مرحلة لا يمكن التراجع عنها ، وهي لم تكن متأكدة بعد من شعورها .
    السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسها هو : هل تريد حقآ أن تقيم علاقة مع فابريس أم مع أي شخص آخر ... مهما كان تصرف آلان حيال الموضوع ؟
    الجواب الغزيري الذي فرض نفسه بشكل ثابت كان صوتآ سلبيآ.
    ليس من العدل أن تبقي فابريس على أمل ، ولاسيما أنها تعرف جيدآ أنها لن تتمادى معه ، فلا مستقبل لعلاقتهما ، وعليها أن تشرح له ذلك .
    مع أنها كانت مدركة أنانيتها ،فهي غير مستعدة الآن لأن تتخلى عن فابريس . فهو كان يمثل لها العلاقة الانسانية ذات الدفء في حياتها القاحلة . كان زاك و سيلفيا رائعين معها . لكن رؤيتهما معآ ، ومراقبة بنية زواجهما القوية ومقارنتها بحياتها الزوجية الخاوية ، كانت شيئآ لا يحتمل .
    كانت تعرف أن عملها أصبح تافهآ و سطحيآ . وكان زاك ينتقدها وينبهها دائمآ لشدة قلقه عليها .
    "أنت بحاجة إلى بعض التركيز ." قال لها ذلك مرارآ :" ربما عليك أن تبتعدي عن أجواء باريس لبعض الوقت وتطلقي العنان لفنّك . ربما ستجدين ذاتك ."
    ابتسمت وقالت إن الفكرة رائعة لكنها مستحيلة الآن . ربما يومآ ما في المستقبل ...
    كان تعهدها لآلان دي كورسي ، وليس لرحلة البحث عن الذات التي يمكن أن تنجح أو تفشل .
    لكنها كانت تعرف شيئآ واحدآ عن نفسها ، وهو إذا رجع الزمن بها إلى الوراء ووجدت نفسها مرة أخرى في مكتبة لاودن ، ستهرب بعيدآ عن آلان ، ولن تخضع نفسها لزواج زائف .
    إن حقيقة عدم كذبه بالنسبة لنمط حياته ، وموافقتها على كل الترتيبات ، لم تغيرا من الأمر شيئآ ، ولم تقدما أي تعزية لها .
    كان همها الوحيد في ذلك الوقت كيفين ، وحياة الرفاهية التي قدمها آلان . لم تأخذ بعين الاعتبار مشاعرها واحتياجاتها ، وخاصة أنها ستعيش مع شخص جذاب كآلان. كان عليها أن تتفهم مدلولات الوضع وأن تراعي قلة خبرتها وضعفها قبل أن توافق على شروطه .
    مع ذلك ، كانت يائسة كما قال حينها ، لكن لو كان بمقدورها أن تتنبأ بالذي كان ينتظرها لكانت رفضت الصفقة ونصحته بأن يجد شخصآ آخر .
    لقد فات الأوان الآن ، وعزاؤها الوحيد هو معرفتها بتحسن صحة والدها . لقد استطاع الاختصاصيون تحديد الفيروس الذي تمكن منه ، ولم تحصل أي مضاعفات. لقد استعاد والدها في الواقع ، بعضآ من قابلية التحرك في يده وجنبه الأيمن . لقد حاصروا المرض ، وهذا الأمر كان كافيآ لشعورها بالإمتنان .
    لم يجعل ذلك من زواجها بآلان عملآ صائبآ ، لكنه ساعدها على تبرير الخطوات المتهورة التي اتخذتها وقالت في سرها ، إذا كان كيفين على طريق الشفاء ، فإن ذلك مبرر كاف لمعاناتها في الوقت الحاضر .
    "فيليبا؟" أعادها صوت فابريس إلى الواقع :" أين كنت ؟ لم تسمعي أي كلمة مما قلته!"
    "إني آسفة . كنت أفكر في والدي ."
    "والدك ؟" كان وجهه كئيبآ .
    لاحظت أنها حطمت غروره قليلآ ، وأسرعت لإصلاح الوضع ." سأفكر في دعوتك، إني أعدك ."
    "هذا رائع ! سأنتظر قرارك غدآ أليس كذلك ؟"
    "لا تستعجلني ." أجبرت نفسها على الابتسام .
    "لن أفعل ذلك ابدآ . لا أتحمل رؤيتك حزينة وأنت تحاولين التظاهر بالنقيض . ألا تستحقين بعض السعادة ... وأن تكوني شخصآ محبوبآ وجزءآ مهمآ في حياة رجل ؟"
    أزعجتها العاطفة التي كانت في صوته . لم يتكلم معها بهذه الصراحة من قبل، فكرت. ثم اختلست نظرة إلى ساعتها وقالت :" يجب أن أذهب . مارسيل ينتظرني، وإني أجد صعوبة في خلق الأعذار لعدم انتظاري له خارج المحترف ."
    "وأنت خائفة من أن يخبر زوجك ؟" نهض فابريس عن كرسيه بتحدٍ عندما أرجعت كرسيها إلى الوراء وأضاف :" ولماذا يهتم ؟ فهو لا يلتقي ببارونته الحسناء لمجرد أن يتناول القهوة معها ، إني اؤكد لك ذلك ."
    أحنت رأسها ." أعتقد ذلك . ومع ذلك ، يجب أن أذهب . أورافوار ، يافابريس." وافقته بتكلف .
    وضعت حقيبتها على كتفها ثم سارت إلى المحترف . انذهلت عندما اكتشفت أن هوية عشيقة آلان معروفة أيضآ خارج وسطهم الاجتماعي . هذا ما كنا نحاول أن نتجنبه .
    بماذا يفكر آلان ؟ هل هو مهووس بها لدرجة أنه لم يعد يفكر بشكل منطقي ؟ هل قرر أن عشيقته تستحق الخسارة المحتملة لشركته ؟ بعد أن زود عمه بسلاح ليستعمله ضذه .
    نظرت إلى ساعتها ثانية وأبطأت خطواتها . كانت لأول مرة مبكرة على مارسيل . لكن هناك بعض المحلات التجارية التي طالما أرادت رؤيتها . باستطاعتها أن تضيع بعض الوقت هناك .
    كانت تنظر إلى القماش الذي احتل في احدى صالات العرض واجهة بكاملها ، عندما سمعت صوتآ وراءها :" إذآ هذه أنت . اعتقدت ذلك ."
    استدارت فيليبا لتواجه نظرة سيدوني دي كورسي الباردة .
    "مرحبآ ." قالت بتهذيب وهي تخفي فزعها :" لم أكن أعرف أنك مهتمة بالرسم التجريدي ."
    قالت سيدوني :" أبدآ ، لكن هناك محل قريب من هنا أشتري منه عادة ثيابي . هل هذا ما تفعلينه ... تتسوقين ؟"
    بدا صوتها عبثيآ وتساءلت فيليبا إذا كانت قد رأتها مع فابريس
    0

  4. #4103
    فابريس .
    "كلا ، كنت في محترف الرسم . انتهت الحصة اليوم باكرآ ."
    "أوه ، نعم ." قالت سيدوني بسخرية :" دروس الرسم . إذا كانت تبهجك ما الضير في ذلك ؟ أنت بحاجة إلى شيء تعتمدين عليه بعد أن يطلقك آلان ."
    أحكمت فيليبا أصابعها على حقيبتها ، لكنها أبقت ملامحها هادئة .
    "هل ينوي آلان أن يطلقني ؟" سألت باستخفاف :" لم يذكر لي ذلك ."
    "ألم تعرفي بعد أن البارون سومرفيل أصيب بذبحة قلبية وهو مريض جدآ ؟ في الواقع لن يعيش أكثر من أسبوع ." تظاهرت سيدوني بالإندهاش :" ربما أخفى آلان عنك هذه الأخبار لأنه أشفق عليك . ليس من الملائم لك أن تعيشي معه وأنت على معرفة بدورك كبديل مؤقت . بالطبع ، بعد أن يموت البارون وينتهي دورك سيختلف الوضع . الجميع يسألون كم ستأخذ ماري لور من الوقت وهي تمثل دور الأرملة الحزينة ."
    ضحكت سيدوني :"مسكين آلان ، لابد انه غاضب ! لقد خاض كل هذه المشقة حتى يتزوجك ، وعليه الآن أن يواجه الطلاق . لو أنه انتظر بضعة أسابيع أخرى ، لكانت ماري لور حرة في أي حال . الكل يجد الوضع ممتعآ ، أنت تفهمينني ."
    "إني أصدقك تمامآ ." جاهدت فيليبا حتى تخفي غثيانها الذي كاد أن يغمرها وأضافت:" ستحل مشكلاتهما عندما أصاب أنا أيضآ بذبحة قلبية ... وأختفي فجأة من حياتهما ."
    ضحكت سيدوني ثانية :" لا أعتقد أن آلان وصل إلى هذا الحد . أنا متأكدة من أنك ستجدينه كريمآ إذا وافقت على الطلاق من دون أن تفتعلي أي متاعب ."
    كان قلب فيليبا يطرق ببطء وبألم بين أضلاعها .
    "في تلك الحالة ، لا داعي لأن أقلق ." أجبرت نفسها على الابتسام ." أتمنى أن يكون تسوقك ناجحآ ." تفحصت فيليبا فستانها الأصفر الباهت ."أنصحك بتغيير المحل الذي تختارين منه ثيابك ." أضافت فيليبا وابتعدت عنها وهي مدركة نظرة سيدوني الحانقة .
    توقفت فيليبا في آخر الشارع ، ثم أسندت نفسها إلى الحائط للحظة . كانت ترتجف وقدماها لا تقويان على حملها . تملكها الغضب واليأس وشعرت أنها على وشك أن يغمى عليها .
    هل كانت هذه نية آلان فعلآ ؟ هل يريد طردها حتى يتزوج ماري لور ؟ هل سيرشيها بالمال ؟ ضغطت أظافرها على راحتي يديها بقوة .
    لقد بدا شارد الذهن فعلآ في الفترة الأخيرة ، لكن نظرآ لوضعهما الحالي لم تجرؤ على أن تسأله عما كان يزعجه .
    أغمضت عينيها . يبدو أن الجميع متأكد من أن البارون لن ينجُ من ذبحته القلبية ، هذا ما أكدته سيدوني . صحيح أنه كان أكبر سنآ من زوجته ، لكن هذا لا يعني أنه يستحق الموت .
    من المؤلم أن يُقضى على الانسان بهذه السهولة . لكن ، على الأقل لا يعرف . لم يوقفه أحد في الشارع ويخبره أنه لم يعد مرغوبآ في وجوده ، وأن باريس كلها تتساءل عن هوية وريثه .
    "مدام ؟" كان مارسيل يتقددم نحوها ، والقلق ظاهر فوق وجهه . بدا قلقآ ." هل أنت مريضة ؟"
    لاجدوى من التظاهر بأن كل شيء على مايرام ، بينما هي تستند إلى الحائط ، ترتجف كورقة في مهب الريح وبوجه شاحب .
    "شعرت بدوار ، هذا كل ما في الأمر ." قالت .
    ساعدها مارسيل على الدخول إلى السيارة وأبقى نظره من خلال المرآة عليها فيما ينطلق بها إلى البيت بحذر شديد .
    ربما لا يريدني أن أتقيأ على الفرش الفخم . فكرت فيليبا والدموع تنهمر من عينيها .
    لابد أنه أستعمل هاتف السيارة بينما كانت تصعد إلى الشقة لأن مدام جيسكار كانت في انتظارها في قلق واضح .
    قبل أن تعي ما كان يحصل ، وجدت نفسها مستلقية على السرير ، وحذاؤها مرميآ على الأرض ، الستائر مسدلة وقطعة قماش معطرة موضوعة على جبينها ، وإلى جانبها قدح يصدر بخارآ ينتظرها على الطاولة . لم يكن لديها أي فكرة عما في داخله، لكنها شعرت بالانتعاش وبالاسترخاء بعد أن شربته . لم تستطع النوم لأن الأحلام لاحقتها حتى هناك ووجدت نفسها تركض داخل كنيسة كبيرة ، تحاول أن تصل إلى المذبح حيث كان يقف آلان ، ولاحظظت أن يديه ممدودتان ...لكن ليس لها.
    نادته باسمه ، بألم ، وسمعت إجابته . فتحت عينيها فوجدته ينحني فوقها .
    "ما بك ؟ لقد أخبرتني مدام جيسكار أن مارسيل وجدك مريضة في الشارع ."
    "ليس تمامآ." حاولت فيليبا أن تجلس قائلة :"شعرت بدوار للحظة . لاشيء مهمآ ."
    "حقآ ؟" جلس على حافة السرير وهو مقطب الجبين . بقي صامتآ للحظة ثم قال :"فيليبا ، هل يعقل أن تكوني حاملآ ؟"
    توردت وجنتاها بسرعة "كلا ، بالطبع ." وفكرت للحظة أنه كان مهتمآ بها ، لكن سرعان ما تبدل تعبير وجهه وخاب أملها .
    بالطبع ، فكرت والغضب يتملكها من جديد ، زوجة حامل ، سيكون من الصعب نبذها . وإذا كان لابد من وجود طفل ، فهو يريده من المرأة التي يحبها ، برغم أنها لاتبدو مستعدة لتشويه مظهرها لمدة تسعة أشهر .
    "من حسن الحظ أن هذا بعيد الاحتمال ."
    "كلا ؟" كان مايزال عابسآ وهو ينظر إليها بفم ساخر .
    "أنت أدرى بذلك ، بالطبع ." حدق إلى الأرض للحظة ثم قال ببطء :" سأتركك حتى ترتاحي قليلآ ، يازوجتي ، لكن علينا أن نتحدث بجدية قريبآ ، أنت وأنا ."
    وثب قلبها من مكانه ."-ليس من الضروري ..."
    "أنت على خطأ ." قاطعها آلان ، بدت ابتسامته حزينة .
    "أؤكد لك ، يا حبيبتي ، أن هذا ضروري جدآ ." ورفع يدها وقبّلها برفق وغادر الغرفة .
    بعد أن تركها بمفردها ثانية ، لم تستطع فيليبا منع دموعها من السقوط . كانت تعرف بما سيناقشها ، وأرادت أن تخبره أنها لا تمانع ، وأنها ستوافق على الطلاق بشرط أن يبقى علاج كيفين مستمرآ .
    أريد حريتي فقط ، فكرت ، وبأسرع وقت .
    لكن هذا لا يحتمل . اعترفت بذلك ، وهي تحدق في ظلمة المساء . فهي لن تتحمل فكرة هجره لها . وعرفت ذلك ، في قلبها ، أنها لن تكون حرة أبدآ .

    أيقظتها مدام جيسكار في الصباح التالي ومعها صينية الفطور .
    "هذا لطف منك ." قالت على نحو مربك ، وهي تحاول الجلوس .
    "هذا واجبي ، مدام ." تفحصتها بدقة ." كيف حالك هذا الصباح ؟"
    "حسنة ، لابد أنني أصبت بالشقيقة ."
    بدت مدام جيسكار وكأنها أصيبت بخيبة أمل وهي تخرج من الغرفة .
    يا إلهي ، الجميع يعتقد أنني حامل ! فكرت فيليبا وهي ترشف عصير الإجاص .
    بخلاف آلان ، كانت مدام جيسكار تتمنى ذلك . ربما هي تخفي هذا الوجه اللطيف من طبيعتها وراء سلبيتها المصطنعة و المدربة عليها جيدآ .
    عندما أمسكت الكعكة المحلاة ، لاحظت وجود مغلف وفي داخله ورقة بخط آلان .
    "لقد وصلت هذا الصباح . أعتقد انها ستفرحك . لن أعود إلى البيت إلا في وقت متأخر في المساء ، ربما ستكونين جاهزة لمناقشتها معي غدآ ." كانت موقعة بأحرف إسمه الأولى .
    كأنها مذكرة قضائية ، فكرت بمرارة ، لكنها كانت في الواقع أول اتصال خطي تتسلمه منه وهذا جعل المذكرة بطريقة خاصة .
    عندما أخرجت الأوراق المطبوعة من المغلف اكتشفت باندهاش أنها تقرير مفصل عن كيفين من العيادة .
    لم تعن لها شيئآ المصطلحات الطبية التي استعملت كثيرآ لكن كانت الخلاصة في النهاية أكثر وضوحآ ، ومن المممكن فهمها .
    مع أن العلاج كان تجريبيآ ، لكنه كان ناجحآ من دون أي مضاعفات . واستبدلت الأدوية بالتمارين الرياضية التي تجاوب معها تمامآ . يقول الطبيب إنه ليس من الضروري إبقاؤه لعدة أسابيع أخرى في العيادة ، مع أن المريض سيستمر في تلقي العلاج ربما لبقية حياته ، ومن الأفضل أن يخضع بعد عودته إلى البيت لعلاج طبيعي .
    استوعبت هذه الكلمات " عودته إلى البيت " بسيل من الدموع . كيفين بخير . فكرت غير مصدقة ، بإمكانه أن يرسم ثانية .
    وضعت صينية الفطور جانبآ ونهضت عن السرير بسرعة البرق . زاك ، فكرت . سأتصل به حالآ . سيفرح كثيرآ . لبست رداءها ثم توجهت إلى غرفة الاستقبال . كانت جريدة الصباح ملقيّة إلى جانب الهاتف ، أمسكتها بنفاد صبر، وحدقت إلى صورة البارون سومرفيل
    0

  5. #4104
    عرفت معنى ذلك بسرعة . جلست على احد الكراسي تقرأ النعي المرفق بترجمة موجزة عن حياة الفقيد ، عمله في الحكومة ، وانجازاته العسكرية في الهند الصينية . وقد ذكروا زوجته أيضآ ، وأن لا أولاد له . وصرحوا بأن ممتلكاته وثروته المستقبلية ستنتقل إلى ابن عم مجهول .
    وضعت فيليبا الجريدة برفق على الطاولة ثم حملقت في الحائط العاري . هناك أشياء أهم لم تذكر . مثل خطط الأرملة الحزينة للزواج ثانية . هل ذهب آلان إلى هناك ... ليكون مع ماري لور ؟ ولذلك أخبرها بأنه سيتأخر ؟ إذا كان تفكيرها صائبآ ، فهذا غير لائق أبدآ .
    ماري لور حرة ، وكيفين شفي ، فكرت . هذا يلغي كل التزامات الطرفين . وهذا ماسيخبرني به غدآ.
    وقفت ببطء . شعرت فجأة بالبرد يلفحها ، وأحكمت حزام ردائها وهي ترتجف.
    ربما لم تكن مستعدة لأن تقف موقف المتفرج بخنوع ، وتنتظره حتى يملي عليها أوامره الصارمة , وربما لا تريد أن ترى ماري لور وهي تأخذ مكانها . وتعرف أن الجميع يتحدث عنها ، ويشفق عليها . كلا ، هذا شيء لا يمكن توقعه الآن .
    يجب أن أفعل شيئآ ، فكرت . وإلا لن أستطيع تحمل ذلك .
    تجولت في الصالون وحدقت إلى لوحة والدها المسلطة عليها أشعة الشمس . كانت في كل مرة تدخل فيها إلى الغرفة تجد نفسها مشدودة إليها وتبتسم للذكريات التي كانت تثيرها .
    سأفتقدها ، عندما أذهب ... فكرت فيليبا ، توقفت لبرهة عن التفكير ثم تنهدت حين حلت الإثارة محل الشعور بالبرد .
    كانت بحاجة إلى مكان ما تذهب إليه . وقد أخبرها زاك أنها بحاجة إلى بعض العزلة لترسم . هذا ما يجب أن تفعله .
    ستأخذ مايكفيها من الثياب ، وبعض المال الذي خصصه لها آلان لإعالتها، وستذهب إلى مونتاسكو . ستستأجر مكانآ ما ... ربما البيت القديم بالطبع إذا ما زال موجودآ ... وترسم فقط ، ربما سينفد منها المال ، وسترى عندئذٍ إذا كان بمقدورها أن تنجح ، تمامآ كما فعل والدها من قبل .
    وبعد أن يُسمح لكيفين بترك العيادة ، سيكون لديها بيت على الأقل يجمعهما معآ، حيث سيكون في مقدورهما أن يعملا بحرية و البدء بحياة جديدة .
    سنتشارك المحترف ، فكرت ، كما خططنا دائمآ .
    ربما لم يكن كيفين بحاجة ليعرف عن آلان . وهي تفضل أن تبقي هذا الجرح سرآ.
    تمنت ، وليس للمرة الأولى ، لو كان باستطاعتها أن تقود سيارة . كان الأمر سيسهل عليها لو أنها وضعت حقيبتها وأدوات الرسم في السيارة ، بدل أن تحملها طوال رحلة القطار الصعبة و المعقدة .
    ستكون راضية أكثر عندما تعرف أنها هي التي تخلت عن هذا الزواج . لن تعطيه الفرصة حتى يطردها بنفسه ، لأنها هي التي ستتركه أولآ . وسيكون مرتاحآ من دون شك ، لأنها أخذت الأمور على عاتقها ، ولن يشعر بأن كبرياءه قد جرحت .
    إنني مسرورة . أتمنى أن يضحك الجميع عليه .
    ألقت نظرة أخيرة على الصورة ، ثم استدارت بعيدآ . عليها أن ترتدي ملابسها، وأن ترسم بعض الخطط
    ***

    رفع زاك حاجبيه عندما أخبرته بقرارها .
    "إنها فكرة صائبة ، يا عزيزتي ، ولكنني لست واثقآ من دوافعك ." قال :" الذهاب في رحلة شيء و الهروب شيء آخر ."
    هزت فيليبا كتفيها من دون مبالاة :" ظروف يائسة تتطلب خطوات متهورة . هذه أصبحت حكمتي في الحياة ."
    "حقآ ؟" رمقها بنظرة شك ." ولا تنسي أن رسمك أيضآ ميؤوس منه ، وبحاجة إلى جهد كبير منك . حاولي أن تجدي المكان المناسب ." احتضنها بمحبة ."وعودي قوية إلي ."
    كان فابريس ينتظرها في المقهى . وقف عندما أقتربت من الطاولة ، وبدا وجهه جديآ .
    "فيليبا ، هل رأيت جريدة الصباح ؟"
    "نعم ، رأيتها ." جلست وأشار إلى الخادم ليحضر القهوة .
    "فابريس ، هناك شيء يجب أن أخبرك به . إني راحلة ، وقريبآ جدآ . أنوي أن أستأجر بيتآ هناك وأتفرغ للرسم كليآ ."
    بدا مصدومآ ."تعنين أنك ... ستهجرين زوجك ؟"
    "سأرحل بداعي الرسم فقط .أحتاج إلى بعض العزلة ."
    "لا ." أحنى فابريس رأسه نحوها وبدا متوترآ :" يجب ألا تبقي وحيدة . فأنت مازلت شابة ولا تستحقين ذلك . فيليبا ، حياتي ... ليس كل الرجال قساة كآلان دي كورسي . دعيني أبرهن لك عن ذلك . أريد أن أكون إلى جانبك ... وأن أحبك ."
    عضت فيليبا شفتها وهي تخفي فزعها . كان يجب أن تفكر بذلك .
    "كلا ، يا فابريس ." قالت بلطف :" هذا مستحيل . لست بحاجة إلى علاقة ... غرامية ."
    "ربما ، ليس بعد ، ولكن سيحصل ذلك بالتأكيد ، وأستطيع أن أكون صبورآ ." أخذ يدها وداعب كفها بإبهامه ." دعيني أرافقك ، فيليبا . سأهتم بك وأحميك.لن أطلب منك شيئآ بالمقابل . ستسير الأمور وفق إرادتك . أعدك . لقد استحق موعد عطلتي وباستطاعتي أن آخذها في أي وقت . وسأوصلك إلى أي مكان عندما ترغبين بذلك . غدآ إذا أردت ."
    حملقت فيه . كان العرض مغريآ ، مع أنه كان حافلآ بالمخاطر . كان فابريس يعرف أنه لن يصبر طويلآ ، لأنها ستكون مسألة وقت قبل أن تحثها الوحدة على الاستسلام له . سيكتشف غلطته في وقت قريب .
    إذا أرادت فعلآ أن تنتصر على آلان ... تحطم كبرياءه ... هل هناك أفضل من هذه الطريقة ؟ من العدل أن تدعه يظن أنها تركته من أجل رجل آخر .
    "ستمل كثيرآ ." قالت ببطء :" أنا أنوي فعلآ أن أرسم بجدية . سأستأجر مثَالآ و..."
    "بامكاني مساعدتك ." قال بحماس :" باستطاعتي أن أحضر الطعام لكلينا. وباستطاعتي أن أكون حتى مثالك ، ولِمَ لا ؟"
    كان بمقدور فيليبا أن تفكر بعدة أسباب ، لكنها أبقتها لنفسها . ستكون هناك فوائد كثيرة نتيجة تركها باريس مع فابريس .
    إذا استقلت القطار سيقتفي آلان أثرها ، وهي لاتريد ذلك . تريد فقط أن تختفي من حياته ، على الأقل مؤقتآ ، وستترك له مذكرة تخبره فيها أن محاميها سيتصل به لمناقشة الطلاق .
    لاتريد أي اتهامات أو أي محاولة لإبقائها ، حتى تتابع دورها كبديلة لماري لور كي تنتهي هي بدورها من فترة الحداد . لا يستطيع أن يضغط عليها بعد الآن ، وخاصة بعد أن استرد كيفين صحته . لكن بامكانه ان يحاول حتى اقناعها ...
    لن تستطيع تحمل ذلك . هي بحاجة لأن تبتعد عنه ، وفي أقرب وقت . وباستطاعتها أن تعالج موضوع فابريس ، اليس كذلك ؟
    نظرت إليه وابتسمت قائلة :" غدآ ، يناسبني تمامآ وفي أبكر وقت ."
    0

  6. #4105
    ~\\*][ الفصل الثـآإمنـ ][*\\~



    بدأ المطر ينهمر في جنوبي بريغو . فيما هي تراقبه يضرب بعنف على الحاجب الزجاجي ، فكرت فيليبا أنه يطابق مزاجها تمامآ .
    اختلست نظرة جانبية إلى رفيقها .ولاحظت انفعاله ، ينظر من خلال المرآة إلى الخلف بخوف شديد . ربما بدأ يدرك بأن الهرب مع زوجة آلان دي كورسي لم يكن العمل الأكثر صوابآ في حياته ، فكرت مستاءة . إذا كانت محقة في تفكيرها ، عندئذٍ لن ينزعج عندما تخبره أن لا مكان له في حياتها حتى ولو مؤقتآ .
    حاولت جاهدةً أن تبرر موقفها من فابريس ، على أساس انها ستقع يومآ ما ، ربما في المستقبل البعيد في حبه . لكنها عرفت أن هذا لن يحصل أبدآ . كان قلبها ملك آلان وحده ، وسيظل دائمآ حتى لو يرفضها .
    يا لها من مشكلة ! فكرت ، وهي تراقب المطر بنفور .
    لكن عليها أن تعترف بنجاح هروبها والذي لم تعترضه أي عقبات . استمدت قوتها من فابريس الذي اتصل بدوره بمدام بيتون في مونتاسكو بالنيابة عنها وتأكد من امكانية استئجار البيت القديم ، بينما كانت هي تبتاع أدوات الرسم .
    تذكرت مدام بيتون الآنسة روسكو مرحبة ، وأخبرته بأن البيت سيكون تحت تصرفهما لمدة شهرين على الأقل .
    لم يتبق لديها سوى توضيب حقيبتها الصغيرة ، بعد أن اطمأنت إلى أن أدوات رسمها أصبحت في سيارة فابريس .
    وضعت فيها بنطالها الجينز وبعض القمصان والكنزات الدافئة وحذاءها الرياضي وكل مستحضرات التجميل وتأكدت من عدم لمس جهاز عرسها . تركت عقدها اللؤلؤي وخاتم زواجها وكل المجوهرات التي أهداها إياها آلان مع مذكرة قالت فيها إنها هربت مع رجل آخر ... حسنآ، برغم أنها تكاد تكون نصف الحقيقة ، فكرت على نحو دفاعي ... وطلبت منه ألا يبحث عنها .
    سحبت فيليبا بعض المال من حسابها الخاص أيضآ ، ومبلغآ صغيرآ من مصروفها يكفيها لمدة شهرين .
    فيما بعد ، يجب أن تعتمد على دخلها الخاص . هناك دائمآ سياح في جنوبي – غربي فرنسا يتمنون الحصول على لوحات تمثل طبيعة هذه المنطقة . ستحاول أن تستغل الوضع ، قالت لنفسها بتفاؤل .
    كان هروبها من الشقة بعد فجر ذلك الصباح بوقت قصير سهلآ ، وساعدها على ذلك غياب آلان عن البيت .
    حاولت أن تخفف من آلامها بقولها إن عليها أن تكون شاكرة لأنها عالجت الاقفال وجهاز الانذار من دون أن تحدث أي صوت وأسرعت إلى حيث كان ينتظرها فابريس في السيارة من دون أن يراها أحد .
    تساءلت ماذا ستكون ردة فعلها ، لو حاول فابريس التودد إليها في طريق الرحلة ؛ لكنها لم تكن بحاجة إلى أن تقلق . لقد بدا مغلوبآ على أمره . وشارد الذهن على نحو مفاجىء وكان من الواضح أنه يخشى أن يتبعه أحد ، أكثر من اهتمامه يلعب دور العاشق . وهي تشعر بالامتنان لذلك . تمنت لو كان تصرفه أقل توترآ.
    "إهدأ ." قالت بانزعاج ، عندما نظر مرة مرة ثانية إلى الوراء :" لا أحد يلاحقنا . باعتقادي ، أنه ان أزعج آلان نفسه بملاحقتي ، فهو سيعتقد أنني في طريق العودة إلى انكلترا ، وسيبحث عني في المرافىء ، فقط ."
    "لا نستطيع التكهن بما سيفعله ؟" تمتم فابريس . بدا عابسآ وخائفآ قليلآ ، بخلاف شخصيته الساحرة التي عرفتها في باريس . هل سيُوقف فابريس دي تييري سيارته ويعود أدراجه ، فكرت بأسف .
    أرادت أن تأكل شيئآ ، لكنه أصر على متابعة الطريق ، ووعدها بأن يشتري بعض الخبز و الجبن من أحد المتاجر ، ويقوما بنزهة في الهواء الطلق .
    لكنها لا تستطيع أن تتذمر من قيادته . ربما كان يسرع من شدة الخوف ، لكنهما اكتسبا بعض الوقت حتى يصلا إلى مونتاسكو قبل المساء . لقد وعدتها مدام بيتون بترك بعض المؤن الغذائية في البيت . وإذا استطاع فابريس أن يخفف من توتره ، ففي إمكانه أن يبرهن لها عن قدرته في الطهي .
    كانت معتادة على شمس مونتاسكو الساطعة كما رسمها والدها بالضبط . من الغريب أن تجد شوارعها المألوفة لها ، مهجورة تقريبآ تحت السماء الملبدة بالغيوم ، والمطر الذي ينهمر بغزارة أكثر من أي وقت مضى .
    عبرا الجسر ثم انحرفا عن الطريق الضيقة مرورآ بمنحدر ثم بمنعطف قادهما إلى البيت .
    وثب قلب فيليبا من الفرح وهي تميل برأسها إلى الأمام حتى ترى شكل البيت . إنها تشعر وكأنها عائدة إلى وطنها .
    كان بيتآ بسيطآ ، سقفه مزين بالقرميد ، وعلى السطح ، غرفة صغيرة كان كيفين يستعملها كمحترف ، وستفعل هي الشيء نفسه .
    "إبقي هنا ." أمرها فابريس بتهذيب عندما أوقف السيارة أمام البيت :"سأحضر الحقائب ."
    شعرت بالذنب وهي تراقبه يجاهد ، لإحضارها تحت المطر الغزير دفعة واحدة . لكنه عندما عاد ثانية ، أحضر معه مظلة .
    ناولها المظلة و قال :" استعملي هذه . سوف أوقف السيارة في الكاراج في الخلف ."
    سمعت صوت محرك السيارة وهي تسرع إلى البيت . دفعت الباب بقوة وتوجهت إلى غرفة الجلوس مباشرة . كانت الأنوار مضاءة كلها ، جعلت المكان يبدو أكثر إبهاجآ .
    اشتمت أيضآ رائحة شهية تصدر من المطبخ .
    تنهدت فيليبا بارتياح وهي تنظر حولها وتغلق مظلتها المبللة . لم يتغير أي شيء ، فكرت فيليبا وهي تنظر إلى الخزانة القديمة بأطباقها الزرقاء و البيضاء ، و الطاولة الكبيرة التي تتوسط الغرفة و المغطاة بقماش زيتي .
    وضعت المظلة في المغسلة ورمت محفظتها الصغيرة على الطاولة ثم صعدت السلالم مع حقيبتها . لم يكن البيت كبيرآ ، ولكن كانت هناك غرفتان للنوم وحمام صغير . فتحت باب الغرفة ودخلت . يبدو أن مدام بيتون رتبت كل شيء ، حتى السرير الكبير بغطائه المخملي .
    تفحصته فيليبا بحزن ... كان كبيرآ جدآ لشخص واحد ، واحتل مع الدريسوار كل مساحة الغرفة تقريبآ .
    وضعت حقيبتها في إحدى الزوايا ، ثم راحت تتفحص باقي الغرف . فتحت باب غرفة النوم الثانية ، وتوقفت . كان السرير عاريآ تمامآ .
    ومع ذلك طلبت من فابريس بكل صراحة أن يخبر مدام بيتون أن تحضر الغرفتين . ربما لم تفهم كلامه جيدآ بسبب رداءة الاتصال .
    من ناحية أخرى ، وعلى الرغم من تصرفات فابريس الشهمة ، ربما هو يحاول أن يجبرها على مواجهة نهائية . ويضعها تحت الأمر الواقع ، حتى تضعف مقاومتها . يجب عليه أن يعيد النظر في ذلك !
    كان صوت المطر وهو يتساقط على السطح عاليآ وموحشآ .
    خطر في بالها ، وليس لأول مرة ، أنها تصرفت بطيش ، عندما أتت إلى هذه البقعة المعزولة مع رجل لم تعرفه جيدآ .
    حاجتها اليائسة للهرب من باريس لتنقذ كبرياءها ، وذلك بأخذ المبادرة بتركها لآلان قبل أن يطردها من حياته ، شوشا تفكيرها .
    آخر شيء تريده في هذا العالم ، لاحظت بأسف ، هو قضاء ليلة حتى لو كانت واحدة مع فابريس تحت سقف واحد . كانت شاكرة لمساعدته لها ، ولكن هذا لن يمنحه الحق في التمادي معها .
    تنهدت . عليها أن تحضر له الطعام أولآ ثم تطلب منه بصراحة ... أن يجد مكانآ آخر في مونتاسكو لينام فيه ، حتى لو اضطرت لأن تدفع مالها كله .
    تمنت لو أنه يذهب من دون أي اشكالات . لم تعد بشيء . لكن وجودها معه هنا ، وضعها في موقف حرج .
    سمعت باب الطابق الأرضي يُغلق . شبكت كتفيها . قررت أن تنزل وتواجهه قبل أن يصعد ويجدها في غرفة النوم .
    أخذت نفسآ عميقآ ونزلت السلالم ، وهي تفكر بما ستقوله . كان يقف وظهره مواجهآ لها ، ينفض الماء عن معطفه . والآن ، بعدما أصبحت بمفردها معه ، بدا أطول قامة وأعرض بنية ... بالاجمال كان يبدو رائعآ في هذا المحيط الضيّق و العادي ، أو هل أنها تتوهم فقط ؟
    "فابريس ..." عرفت أن صوتها كان ناعمآ ، لكنه كان متوترآ ."فابريس،كنت أفكر..."
    توقف الكلام في حلقها ، عندما استدار لمواجهتها . أحكمت قبضتها على حافة الدرابزين ، حتى أبيضّت مفاصل يدها عليه . وتلاش صوت المطر بفعل ضربات نبضها العنيفة ، وهي تحملق فيه . إنها لا تحلم ، فكرت ، لكنه كان واقفآ أمامها بلحمه ودمه ، شحمه وعظمه . يا إلهي ... آلان .
    0

  7. #4106
    قال بلطف ، لكن من دون أن يبتسم :"ماذا كنت تفكرين ، مدام؟أعتقد أن لديك الكثير من الطعام ."
    "أنت !" كان صوتها أجش ." ماذا تفعل هنا ؟"
    "هو من المفترض ألا يتواجد الزوج إلا مع زوجته !"
    وضع معطفه على الكرسي ، ثم تقدم خطوة نحوها . تراجعت فيليبا :"لاتقترب مني،أين فابريس ؟"
    هز آلان كتفيه بلا مبالاة ."أعتقد أنه مازال في المرحلة الأولى من رحلة العودة إلى باريس. قد تجدين ذلك مؤسفآ ، تشعرين بالندم ؟" ابتسم بسخرية :"إني آسف، يا زوجتي ، سأعمل المستحيل حتى ... أعوض عليك ."
    بدت هذه الكلمات ، وكأنها تجمدت بينهما في الهواء .
    وفجأة بدا الدرابزين الخشبي تحت أصابعها الشيء الوحيد الثابت في هذه الدوامة .
    أرجعت رأسها إلى الوراء و قالت :" لست بحاجة إلى مؤاساة أحد . ولا أريد شيئآ منك ، آلان سوى حريتي .ممكن أن يكون طلاقنا سريعآ ومن دون أي عقبات كما تريد . لقد أعدت إلي أبي ولن أطلب منك أي شيء آخر . أقسم لك بذلك. فقط طلاق هادىء."
    "تجعلين الأمر يبدو سهلآ ." قال بلطف :"ربما أنا لست مستعدآ لأن أتخلى عنك . ربما لا تريدين شيئآ مني ، لكن أنا أريد الكثير منك ."
    "أنت مجنون !" بدأ قلبها يخفق بسرعة ." ماذا علي أن أقول حتى أقنعك بأن هذه ... المسرحية قد انتهت ؟ لقد هجرتك آلان لأبدأ حياة جديدة . لا أعرف كيف وجدتني..."
    "الأمر كان سهلآ . وضعتك أنت ومنقذك تحت المراقبة منذ أن تعرضت لحادث السرقة ."
    "ماذا فعلت ؟" ارتفع صوتها :"إني لا أصدق ذلك !"
    "لماذا ؟ هل اعتقدت بأنني لن أقوم بأي خطوة لأحمي مصالحي ... وأنني سأتخلى عنك بهذه البساطة ؟" كان صوته ساخرآ :"كان كل شيء مدروسآ،صدقيني،وخاصة مقابلتي مع حبيبك المفترض البارحة . يجب ألا تثقي بالناس جميعآ ، يا حياتي . شاب مثله يُشترى بسهولة ، لا يستحقك ."
    "يُشترى؟إني لا أفهم ."
    "هذا واضح ." قال بطريقة جافة :" أتمنى ألا تكونين قد تعلقت به كثيرآ ،يافيليبا. وخاصة أن عمي دفع له حتى يغويك ."
    صرخت وجلست على السلالم . قالت بصوت أجش :"أنت تكذب ."
    "إذا كنت أكذب فعلآ ، لماذا لم يبق ويساندك ؟ وتطلبين مني أن أخرج من حياتك ؟" بدا آلان متعبآ فجأة . "أثار حادث السرقة شكوكي . كل شيء كان مدروسآ بدقة بالغة. لذلك قمت بببعض التحريات ، واكتشفت أن فابريس كان يعمل عند عمي لويس ، وكان يزوره يوميآ ، وربما يقدم له التقارير عن علاقتكما ."
    "هذا غير معقول ! لماذا فعل عمك لذلك ؟"
    "الأمر بالنسبة له معقول جدآ . فهو يتمنى أن يتداعى زواجنا. ويبدو أنه أخبر الجميع بأن خياناتي الزوجية ، ستقودك إلى حافة الانهيار . يتكلم عنك باهتمام وبعاطفة... زوجة ابن أخيه البريئة و المخدوعة . يقول بأنك حزينة جدآ ... ولكن لايلومك أحد إذا هربت مني . وبذلك ... يحصل على الفضيحة التي طالما انتظرها ، ويجد لعذر الكافي ليخوله مهاجمتي ثانية ، وتشويه سمعتي ، ويؤكد بعد ذلك لمجلس الشركة أنني غير جدير برئاستها . والأشخاص الذين استمعوا إليه في المرة االسابقة ، سيستمعون ثانية، وربما بانتباه أكثر ."
    أخذت فيليبا نفسآ عميقآ :" لا يعقل أن يكون هناك شخص بهذه الحقارة . لن أصدق أي كلمة مما تقول ."
    "اعتقدت بأنك ستقولين ذلك ." سحب آلان مغلفآ من جيب معطفه ."لقد أجبرت صديقك على الاعتراف خطيآ . كان صريحآ جدآ . هل تريدين قراءته ؟"
    "كلا ."
    "لا تيأسي ، يا عزيزتي . يبدو أنه استمتع برفقتك كثيرآ ."
    توقف قليلآ ." أتمنى ألا تكوني سهلت عليه مهمته ." ابتسم ، لكن كانت عيناه قاسيتين.
    أحنت فيليبا رأسها :"إذا كنت فعلآ تراقبني ، وقرأت هذه المذكرة فهذا يعني أنك تعرف الإجابة مسبقآ ."
    "ومع ذلك ، أحب أن أسمع تأكيدك الشخصي ." بدا صوته مصممآ ." أخبريني ، يا زوجتي العزيزة ، هل منحته نفسك ؟"
    "كلا." قالت على نحو حاسم .
    "إذآ ، كانت هذه ستكون أول مرة لكما . يا صغيرتي المسكينة ، هل أفسدت عليك مشاريعك ؟" كان صوته ساخرآ .
    "في هذه الحالة ، أقل ما يمكن عمله بعد أنن حرمتك من حبيبك ، هو أن أجد لك بديلآ."
    "ماذا تعني ؟"أصبح صوتها فجأة جافآ .
    "أعني بأن زواجنا لم ينته . بخلاف ذلك ، إنه على وشك أن يبدأ ." تفحص آلان الغرفة وأضاف ." ربما هذا ليس المكان المناسب لقضاء شهر العسل لكنه سينفع ."
    "شهر العسل ؟" صرخت فيليبا بغضب ووقفت بسرعة . "أي لعبة تلعبها معي الآن، يا آلان ؟"
    "ليس هناك أي لعبة . أنت زوجتي ، ولن يمتلكك أحد غيري . لقد حان الوقت لأوضح لك ذلك ."
    "ولقد حان الوقت لأوضح لك شيئآ أيضآ ." قالت فيليبا بصوت عال :" جئت إلى هنا حتى أبدأ حياة جديدة خاصة بي ... لأرسم ... لأجد بيتآ لوالدي يأويه، بعد أن يعود من الولايات المتحدة . ليس لك مكان هنا ."
    "ومع ذلك كان يوجد مكان لفابريس دي تييري ."
    "ليس بالطريقة التي تفكر بها ." نظرت إليه ." ومن أنت حتى تحاكمني على تصرفاتي بعد أن ..." توقفت ، وأخذت نفسآ عميقآ ." كنت بحاجة إلى من يقلني إلى هنا ، فابريس كان ... سيهتم بشؤون البيت فقط ، ويكون مثالي ، هذا كل مافي الأمر."
    "آه ، كلا ، يا جميلتي . أنتِ لستِ بهذه السذاجة ، ولا أنا أيضآ ."
    "فكر كما تريد ." قالت له بتحد ، وهي تعيد إلى ذهنها ذكريات هواجسها :" أرجوك، لا تحكم علي بمقاييسك المنحطة . لا أريد حبيبآ . جئت للعمل فقط ، ولأبدأ حياتي من جديد."
    "وماذا عن حياتنا معآ ؟" كان صوته هادئآ .
    "ليست لدينا أي حياة ." عضت فيليبا شفتها ."أنا لست بزوجتك . لم أكن كذلك أبدآ.الأفضل أن نفترق . عندئذٍ يمكنك أن تتزوج ... من صديقتك ."
    "شكرآ لأنك سمحت لي بذلك ... لكن هل أنت متأكدة بأنها تريد الزواج مني ؟ فهي الآن أرملة ثرية ." قال آلان ببطء .
    نظرت فيليبا إلى الأرض وهي تتذكر ماري لور بين ذراعي آلان ."هذا شأنك الخاص." قالت بصوت خفيض .
    "هذا صحيح . لكن ما زال هناك بعض الأمور المعلّقة ، والتي تحتاج لمناقشة ، يا زوجتي ."
    "اعتقدت انك ستكون مسرورآ ... وممتنآ بعد أن أخرج من حياتك . السعادة أمامك الآن ... ولن يمنعك أحد من التمتع بها . ولن يتجرأ عمك على افتعال فضيحة ثانية ، بعد أن تتزوج البارونة ."
    رفع آلان حاجبيه و قال :" يبدو أنك خططت لكل شيء ."
    "كان لدي متسع من الوقت لأفكر بالموضوع ... وأتخذ القرار المناسب ."
    نظر آلان حوله :" هذا هو ؟"
    "أعتقد ذلك ." رفعت ذقنها ." لا أعتقد أن المكان يليق بك ، لكنك جئت إلى هنا ، بملء إرادتك ."
    "لا أحتاج إلى من يذكرني بذلك . هل لي أن أذكرك بشروط اتفاقنا ؟"
    لفت فيليبا ذراعيها حول جسدها على نحو دفاعي ." لن أعود إلى باريس وانتظرك حتى تطلقني ." قالت :" لا داعي لبقائنا معآ بعد الآن . لقد تحسنت صحة كيفين ، وأنا ممتنة لك ، وسأظل دائمآ . فعلت ما بوسعي لأقوم بدوري جيدآ ، وإني آسفة إذا كنت تشعر بأنني لم أستحق مالك . بصراحة ، لن أتحمل أكثر ."
    "لم أكن أفكر بقيمة الأشياء ." قال ببطء :" هل تناسيت رغبتي في الحصول على وريث ؟ أوضحت لك ذلك عندما طلبت منك الزواج ."
    وجدت صعوبة في التنفس ، وهي تحدق فيه غير مصدقة . "كلا ، لم أنسَ . لكن الوضع يختلف . في هذه الظروف لا يمكن أن تتوقع مني ..."
    "لماذا ؟" كان صوته ناعمآ ، وعيناه باردتين .
    حاولت أن تضحك :" لأن هناك حياة ثانية تنتظرك . بإمكانك أن تكوّن عائلة عندما تتزوج ثانية ."
    "ربما لدى العروس المفترضة أفكار أخرى ، تمنى زوجها السابق الحصول على وريث ، لكنه مات دون أولاد في النهاية ."
    إذآ لم يكن مسلوب العقل ، فكرت فيليبا بحزن . كان يعرف حقيقة ماري لور ، ومع ذلك أرادها له . طردت الفكرة من رأسها .
    0

  8. #4107
    "عليك مناقشة ذلك معها ، هذا لا يخصني ."
    "يخصك بالتأكيد ، يا عزيزتي ." أسند آلان مرفقه على طاولة المطبخ وابتسم. "تتكلمين عن طلاقنا وزواجي مرة ثانية بثقة تامة ، أنت مخطئة . أنا مقتنع بما عندي، ولا أريد أن أغير حياتي . هل فكرت بذلك ؟"
    "لا يمكن أن يكون ذلك صحيحآ . لا أحد يستطيع . ألا تريد أن تكون سعيدآ ... بزواج حقيقي من المرأة التي تحبها ؟"
    وافق قائلآ :" بالطبع لكن إذا كان الأمر مستحيلآ ، لن أكون أول رجل يرضى بالبديل."
    رمقته فيليبا بنظرة احتقار و قالت :" ربما لا أريد أن أكون الزوجة الخنوعة و التي يتوجب عليها أن تتغاضى عن نزوات زوجها . هل فكرت بذلك ؟"
    "خنوعة ؟" تمتم آلان :" كلمة لا تلائمك أبدآ ، يا حبيبتي ."
    "أنا مسرورة لأنك فهمتني ." قالت :" ولن أسمح لنفسي بأن أُستعمل كآلة لإنجاب الأطفال ."
    "تتصورين الأمر كأنه عمل آلي !" ضحك بصوت عالٍ .
    "كم مرة يجب أن أقول لك ذلك ؟ لقد هجرتك ، ياآلان . لم يكن يتعين علي أن أوافق على الزواج منذ البداية . لقد كانت غلطة فظيعة ."
    "نعم ." هز برأسه ." لكنها كانت غلطة ، ويجب أن نستمر في تحملها لفترة ." توقف برهة ." على الأقل حتى أحصل على طفل ." تفحصت عيناه الخضراوان بصورة أثارت كيانها ."هل أن أمر إنجابه صعب للغاية ؟"
    تملكها الغضب عندما فكرت مليآ في طلبه . لو كانت الظروف مختلفة لاعتبرت الأمر رائعآ ، وكأنها تعيش في جنة . لكن في الحقيقة هو لا يحبها ... وهي مجرد امرأة ملائمة لأن تكون أمآ لولده ، وهذا هو الجحيم بحد ذاته .
    نظرت إليه وهزت كتفيها :" لقد خططت لمستقبلي جيدآ ، ولن يغير كلامك قراري، يا آلان . لقد انتهى كل شيء ."
    "تتكلمين بثقة تامة . ومع ذلك لأول مرة منذ زواجنا الغريب ، نحن بمفردنا تمامآ . عندما تمر الأيام ... و الليالي ... ألا تعتقدين أن باستطاعتي أن أقنعك بأن تكوني لطيفة أكثر معي ؟"
    "متى كان الجو لطيفآ بيننا ؟" أحست بمرارة صوتها .
    "نادرآ ، هذا صحيح ، ولكن لن تسير الأمور دائمآ هكذا. يمكننا ... المحاولة من جديد."
    بدا صوته حزينآ ... ومتواضعآ تقريبآ ، وحبست فيليبا أنفاسها . أرادت في هذه اللحظة أن تعبر المسافة التي تفصلهما ، وتلقي بنفسها بين ذراعيه . سيكون الأمر سهلآ، ولكن مهلكآ . عندما أحست بضعفها ، حاولت أن تعاود هجومها .
    "ماذا عن مدام سومر فيل ؟ هل طلبت منها الإذن لهذه المصالحة المؤثرة ؟"
    "هي تعيش الآن في عزلة ."
    "آه ، إني أفهم ." وقفت فيليبا . انتهت لحظة ضعفها و حزنها ، وأصبحت متوترة ثانية :" كم أنا غبية ! لا يمكنك رؤيتها وهي في فترة حداد . لذلك فكرت بأن تسلّي نفسك معي قليلآ . يالها من قصة ! لا تكون الزوجة عادة مدركة هذه الأمور ."
    "كيف تجرؤين ؟" تقدم آلان خطوة نحوها ." اسمعيني جيدآ ، أيتها الغبية الصغيرة..."
    "لقد سمعت مافيه الكفاية . أريدك أن تذهب ، يا آلان . اذهب ... الآن . ألم تفهم بعد؟"
    "أنت التي لم تفهمي . بالله عليك ، يا فيليبا لقد أتيت كي أراك ... وأتحدث إليك ..."
    "لقد ضيعت وقتك ." تقدم خطوة أخرى نحوها ، وتراجعت هي بدورها على السلالم ويداها ممدودتان إلى الأمام ، وكأنها تدفعه عنها بعيدآ . " كلا !" بدا صوتها هستيريآ. "لا تلمسني ... لا تقترب مني ..."
    "يا إلهي ." همس أخيرآ :" أنت خائفة مني . هل تجدينني فعلآ مرعبآ ؟"
    ارتجفت :" إذهب ... أرجوك ."
    "حسنآ ." كان هادئآ ."إذا كانت هذه رغبتك ." أخذ معطفه ، ثم وضعه على كتفه ، ولم تفارق عيناه عينيها ثم مشى باتجاه الباب .
    عندما وصل إلى المدخل استدار . كان يبتسم ، ولكن بدا وجهه متجهمآ كالشتاء .
    "الأمر مضحك . من بين كل النساء ، زوجتي هي الوحيدة ، التي لا أستطيع الحصول عليها . إلى اللقاء ، يا جميلتي ، أتمنى لك التوفيق ."
    راقبت فيليبا الباب وهو يغلق وراءه . عندما أصبحت بمفردها ، نزلت السلالم ، تتلمس طريقها كالعمياء .
    لقد ذهب آلان . لقد كانت قوية ... وجريئة معه لدرجة أنها استطاعت أن تبعده عنها . الآن كل ما عليها أن تواجهه الوحدة ، نتيجة جرأتها ... في كل يوم تبقى من حياتها .
    0

  9. #4108
    \\~* الفصلـ التـآسع *~\\



    كانت ماتزال جالسة تحدق في الفراغ ، عندما فُتح الباب بعنف ، بعد عدة دقائق ، ودخل آلان بوجه متوعدٍ.
    قفزت من مكانها ، مصدومة ، فسقطت الكرسي إلى الوراء : محدثة ضجيجآ .
    واجهها بشراسة من عبر الطاولة التي نفصلهما ، وعيناه تقدحان شررآ ويداه مرفوعتان لإسكاتها عندما حاولت أن تتكلم .
    "نعم ، لقد عدت ، لكن ليس بملء إرادتي ، إني أؤكد لك ذلك ، إذآ أرجوك أن تعفيني من اتهاماتك التي كنت على وشك أن تنطقيها بلسانك اللاذع ."
    "إنك مخطئ ." ارتجف صوتها ."لا تستطيع أن تلومني لأنني فوجئت . اعتقدت بأنك في طريقك إلى باريس ."
    "كنت أنوي ذلك . لكن يبدو أن حبيبك لديه أفكار أخرى ..." توقف ."إطارات السيارة كلها مشقوقة . لن أذهب إلى أي مكان الليلة ."
    "هل فعل فابريس ذلك ؟" عضت فيليبا شفتها ." لكن لماذا ؟"
    هز كتفيه على نحو مقتضب وأجاب :" الحقد ، أعتقد . أراد أن ينتقم لأنني اكتشفت حقيقته ... وأفسدت عليه لعبته معك ." ابتسم لها بنفور :" ربما أخطأت في الحكم عليه، يا زوجتي . وربما لم تكن المسألة مادية فقط . ربما أرادك لنفسه ."
    "أتمنى ألا تتوقع مني أن أشعر بالإطراء . إني آسفة بالنسبة للسيارة ، لكن هذه ليست نهاية العالم . هناك مرآب في مونتاسكو . ستجد عندهم ما يكفي من الإطارات .
    "إني متأكد ." قال :" غدآ ."
    هز رأسه بسخرية وهو يرى نظرة الرعب في عينيها ."لا أنوي أن أمشي كل الطريق تحت المطر كي أصل إلى مكان المرآب ، الذي من دون شك ، قد أقفل الآن."
    "وربما لا ..."
    "لست مستعدآ لأبرهن لك ذلك ، بطريقة أو أخرى ." قال بلطف ."إني على وشك أن اكون ضيفك الليلة ..."
    "هذا مستحيل !" لوت يديها بضعف ." بإمكانك أن تمضي الليلة في السيارة أو ... هناك فندق صغير في آخر البلدة ..."
    "أتمنى أن تزدهر أعماله ." قال آلان بعبث :" لن أكون أحد زبائنه . ولن أعرض نفسي للمرض في السيارة . أنت لست مضيافة ، يا عزيزتي ."
    توردت وجنتاها :" لا تتوقع ذلك مني ، أبدآ ."
    "أنا أيضآ ." تابع آلان ساخرآ :" هل تتوقعين مني أن أفرض نفسي على فتاة ، كانت منذ نصف ساعة ترتعد مني . لقد اكتفيت من ذلك في ليلة زواجنا ، إذا كنت تتذكرين."
    توقف بتعمد ، وارتفع حاجباه بسخرية عندما نقزت .
    "أرجوك توقفي عن النظر إلي ، وكأنك فأرة وأنا هرّ جائع . دعينا نحاول أن نتصرف كأشخاص متمدنين على الأقل لما تبقى من هذه الليلة ."
    "ربما أنت الذي شق إطارات السيارة ." قالت فيليبا ونبرة التمرد في صوتها .
    تنهد :" ربما أنا الذي أنزل المطر ، وأخّر الساعة حتى أمتع نفسي لبضع ساعات أخرى برفقتك ، أيتها المرأة السليطة اللسان ، الصغيرة . على كل حال ، لم أفعل أي شيء من ذلك ." مشى حول الطاولة ثم أنهض الكرسي الذي على الأرض ."أرجوك، أهدئي قليلآ ." أشار إلى الفرن :" هل ستتناولين ذلك الطعام أم ستدعينه يحترق ؟"
    هزت فيليبا كتفيها معلنة استسلامها :" أعتقد أننا سنتناول العشاء ."
    "لقد تناولنا الطعام معآ عدة مرات من قبل . لن يكون الأمر مؤلمآ لهذه الدرجة ." قال على نحو فظ :" الفرق أن هنرييت لن تكون معنا حتى تخدمنا ."
    "كلا ." قالت . كانت تتذكر ما قاله لها في أول يوم من زواجهما عندما كانا معآ وبمفردهما ، وأفزعتها هذه الصورة .
    يعتقد أنني خائفة منه ، فكرت . لكنه مخطئ . إني خائفة من نفسي ... خائفة من أخون مشاعري . لأنه إذا عرف ، سأصبح تحت رحمته إلى الأبد ، ولن أقدر على تحمل ذلك . لن أكون الزوجة اللطيفة ، التي يدعي زوجها عندما يتغيب عن البيت ، أنه في المكتب يعمل حتى ساعة متأخرة . أفضل أن أعيش بعيدآ عنه ولا أتحمل تلك الأكذوبة .
    رتّبت الطاولة ووضعت بعض السكاكين و الملاعق . قطّع آلان الفطيرة التي أعدتها مدام بيتون ثم فتح زجاجة شراب .
    شعرت بالتوتر من هذه الألفة البسيطة . وجدت نفسها تفكر ، لو ... وطردت الفكرة من رأسها قبل أن تترسخ في ذهنها . هذا ما كانت تخاف منه ، فكرت . الألفة الصادقة في تحضير الطعام معآ . هذا ماهو معنى الزواج الحقيقي . هذا هو الخظر بحد ذاته .
    أكلت فيليبا جيدآ على الرغم من الصراع النفسي في داخلها . لم يحاول آلان أن يجرها إلى الحديث ، وكانت شاكرة لذلك .أنهيا الوجبة بالجبنة و الفواكه ، وبما تبقى من الخبز .
    "قهوة ؟" دفع آلان كرسيه إلى الوراء ، وأمسك بالابريق .
    "هل تجيد تحضير القهوة ؟" لم تستطع فيليبا إخفاء دهشتها .
    "بالطبع ." قال بحدة :" وستتعجبين أكثر ، يا زوجتي ، لو عرفت بأنني أجيد الطهي. عندما كنت صغيرآ كنت أذهب في رحلات صيد مع والدي . كان يؤمن بالاكتفاء الذاتي ."
    "وهل كانت والدتك ترافقكما ؟"
    ضحك و قال :" كلا . كانت مثلك مهتمة بالرسم و الألوان المائية . كانت مجرد تمضية وقت بالنسبة لها ، أشك في أن عملها كان فيه سحرآ أكثر من الموهبة ، لكن والدي كان يجده رائعآ . لقد أطّر كل أعمالها ، وعلّقها في بيتنا في فونتانبلو ."
    كادت أن تقول :" أتمنى أن أراها ، يومآ ما ." لكنها توقفت في الوقت المناسب .
    تساءلت عن شكل هذا البيت ، وبيوت آلان الأخرى أيضآ .لم يقترح عليها قط زيارة احدها ، فكرت ، وهذا يؤكد عدم أههميتها في حياته .
    "هل عاش أهلك في فونتانبلو ؟"
    هز رأسه ايجابآ :" طوال حياتهما معآ . لقد كان بمثابة بيت العائلة ." كان في صوته حنين ، وكأنه يستدعي ذكريات الماضي الجميلة ، فكرت وخفق قلبها .
    "يبدو أنهما كانا سعيدين معآ ."
    "نعم ، أعتقد ذلك ، على الرغم من كل شيء ." لاحظ نظرتها المتسائلة وهز كتفيه مستطردآ :" كان زواجهما مدبرآ أيضآ . واجها الكثير من المتاعب في بداية زواجهما. لكن من ليس عنده متاعب ؟" أضاف بسخرية .
    "نعم ." قالت ثم دفعت كرسيها إلى الوراء ." لا أعتقد أنني سأشرب القهوة ، سأصاب بالأرق إذا فعلت ويجب أن أبدأ العمل باكرآ ، غدآ ."
    "لكنك نسيت شيئآ آخر . عليك أن ترشديني إلى المكان الذي سأنام فيه ." قال آلان برقة .
    "أوه ، نعم ." عضت شفتها ." هناك غرفتان واحدة فقط مجهزة . تجلب مدام بيتون كل الشراشف من المزرعة و ..."
    "غرفة واحدة ." ابتسم آلان ."مسكين فابريس ! إني أفهم سبب خيبته ورغبته في الإنتقام مني ."
    "لقد ارتكب غلطة فادحة وأنت كذلك ." قالت فيليبا باختصار :" لم يكن في نيتي أبدآ أن أتركه ينام في مخدعي ."
    "أعتقد أنه كان عليك في هذه البقعة النائية ، يا عزيزتي ، أن تكوني أكثر حكمة وتفهمي نواياه ." كان صوته قاسيآ .
    "ألم يخطر في بالك أنه من المحتمل أن تجدي نفسك في وضع لن تقدري على معالجته ؟"
    توردت وجنتاها ودافعت :" لكنني أوضحت له الأمر جيدآ . كان يبدو دائمآ...محترمآ." قالت بضعف .
    "هذا المأجور الذي شق إطارات سيارتي ." لاحت ابتسامة غاضبة ."كان سينقض عليك قبل أن تتلي حتى صلواتك ، أيتها الغبية الصغيرة ."
    رفعت ذقنها و قالت :" كنت يائسة ، وعندما أيأس أتصرف دائمآ بغباء ... كما يجب أن تعرف ذلك ."
    "وزواجنا مثال على ذلك ." فاجأتها المرارة في صوته . "الأفضل أن ترشديني إلى الغرفة ، يا مدام . لدي دثار سميك في سيارتي . سأستعمله لهذه الليلة فقط ."
    هزت رأسها بصمت ، ثم قادته إلى الطابق العلوي . كان باب غرفتها مفتوحآ ، واستطاع آلان أن يرى السرير العريض و النظيف ، لكنه لم يعلّق .
    وجدت نفسها تتساءل فجأة ، وبجنون كيف ستتصرف لو أن آلان أخذها بين ذراعيه ، ودفعها بالقوة إلى الغرفة وإلى السرير الناعم ...
    فتحت باب الغرفة الصغيرة ثم قالت وهي تلهث :" ستنام هنا . و الحمام في آخر الممر . أتمنى أن تجدها مريحة ."
    "هذا صعب جدآ . بون سوار ، يا فيليبا ."
    ردت له تحية المساء ثم أسرعت إلى غرفتها . فكرت في أن تقفل الباب بالمفتاح ، ولكنه صدئ، وهي لا تريد على كل حال ان تبالغ في تصرفها .
    0

  10. #4109
    سمعت خطواته على السلالم ، وهو يعود بعد فترة قصيرة ، ربما مع دثاره بعدما خيم الهدوء . نزعت عنها ثيابها بسرعة ، استحمت ، ثم زحفت تحت غطاء السرير المخملي .
    لكن النوم جفاها . فكرت وهي تحدق في الظلمة ، لم تستطع النوم ، ولن يكون الأمر سهلآ إذا كانت ستستمر وتتظاهر بعدم الإهتمام ... وأن زواجهما كان غلطة هي مستعدة لإصلاحها . ومع ذلك يجب أن تتقبل الوضع .
    لأن آخر شيء تريده ، هو أن تمنح نفسها له وتدع آلان يعرف بأنها تحبه .
    طلاق هادئ ، فكرت . هذا ما تحتاجه . جرح يمكن أن يلتئم ... في آخر الأمر .
    بعد بضع ساعات فقط ، فكرت . بضع ساعات أخرى فقط . كررت هذه الكلمات في رأسها مرارآ ، كأنها صلاة الألم الخاصة ، حتى نامت أخيرآ .
    كانت الشمس تزحف من خلال الستائر عندما فتحت عينيها في الصباح التالي . نظرت إلى ساعتها ثم انتصبت في جلستها . كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة .
    ارتدت ثيابها بسرعة و أسرعت متجهة نحو السلم واختلست نظرة إلى غرفة آلان . لم يكن له أثر . ربما رحل ، فكرت وهي تترنح في مشيتها .
    كانت الغرف في الطابق الأرضي فارغة أيضآ لكنها اشتمت من هناك رائحة القهوة وشاهدت طبقآ وصحنآ في المغسلة ، من الأرجح أنه تناول فطوره .
    كانت تعد لنفسها بعض القهوة ، عندما سمعت صوت محرك السيارة . نظرت من خلال النافذة التي فوق المغسلة ، فرأت شاحنة كبيرة تجر سيارة آلان وراءها .
    ظهر آلان بعد لحظات قليلة ، وهو يمشي ببطء ورأسه منحنٍ .
    "ماذا حدث ؟" أسرعت لمواجهته عندما دخل من الباب "لماذا أخذوا سيارتك ؟ ألم تجد عندهم الإطارات المناسبة ؟"
    "الكثير ." قال :" هذه ليست المشكلة . لقد عبث صديقك فابريس بالمحرك أيضآ . يعتقدون أنه بحاجة إلى قطعة غيار جديدة . وسيتطلب ذلك بعض الوقت . ربما يومآ أو يومين ."
    "كلا !" ضربت كفها على اللوح الخشبي وهي تشعر بالاحباط ." هذا لا يمكن أن يحصل أبدآ !"
    "إني أؤكد لك أنه حصل ." قال آلان بحدة :" لست الوحيد المنزعجة من ذلك ، صدقيني ."
    "لكنك لست بحاجة إلى الانتظار حتى تصلح سيارتك . بإمكانك أن تستأجر سيارة..." "سيارتي مهمة لي كثيرآ ." قال على نحو مقتضب :" أفضل أن أبقى هنا حتى أراقب عملهم ."
    "لكنك وعدتني بأن تذهب . لا يمكنك أن تبقى هنا !" لاحظت الذعر الذي بدا في صوتها،وحاولت أن تضحك :" أعني أنا بحاجة للبقاء بمفردي . أخبرتك بذلك ."
    "رغم ذلك ، الوحدة التامة لم تكن جزءآ من خطتك الأساسية ." كان وجهه خاليآ من أي تعبير ." هل اعتقدت أنك كنت ستقدرين على طرد فابريس دي تييري بهذه السهولة ؟"
    "ربما لا ." اعترفت عابسة ." لكنه كان سيفيدني ." رمقها بنظرة ساخرة وتوردت وجنتاها من الغضب ." كلا ، ليس بتلك الطريقة . كان سيصبح عارض ."
    كان صوته قويآ :" هل تعنين بثيابه أم من دون ثيابه ؟"
    زمت فيليبا شفتيها ." في الواقع ، الحالتين ، لكن ..."
    "رائع ." قال آلان بلطف :" هذه القصة تتحسن أكثر و أكثر ."
    "هذه ليست قصة . أنا بحاجة إلى أن أعمل على لوحة طبيعية – أوامر زاك – ولذلك أحتاج إلى عارض . والذي سأضطر الآن أن أجلب واحدآ بالأجرة ." وجهت إليه نظرة محرقة ." العرض ليس بشيء فاسق بالنسبة للرسام ، جسد الانسان تركيب من الظلمة و النور ... المسطحات و الزوايا ."
    "أتساءل إذا كان دي تييري سيأخذها من هذا المنطلق ." أردف آلان بنفور :" ربما كان سيوافق معي على أن الفتاة هي متعة لكل الحواس وليس فقط العين ."
    "أنا متأكدة من أن هذه وجهة نظرك ." ردت فيليبا بحدة . "لكن تأكد أنه ما كان سيجد فتيات عاريات هنا . وعلى كل حال أنت لست فنانآ ."
    ضحك :" إني أوافق مع أبي على أن فنانآ واحدآ في العائلة يكفي . سأذهب إلى المزرعة لأبحث عن سرير مناسب . لا أنوي أن أقضي ليلة أخرى تحت سجادة السيارة ."
    راقبته فيليبا ، وهو يعبر الساحة إلى البوابة الخارجية ، وهي تسكب لنفسها بعض القهوة . تنهدت . كان وسيمآ ، فكرت بحزن .
    لماذا لم يتقبل موقفها وبقي في باريس ، مكانه المناسب ؟ لماذا لحق بها إلى هنا ، يعذبها ، يلهيها ... ويهينها بكلامه ويؤكد لها استمرارية اتفاقهما ؟ سألت نفسها بتوتر. كل يوم يفرض عليها أن تبقى معه تحت سقف واحد ، كان بمثابة جرح جديد .
    يبدو أن العمل ، هو الأمر الوحيدة الذي سيريح أعصابها المتوتر .
    عندما انتهت من تناول فطورها صعدت إلى الطابق االعلوي . هذا البيت استأجره الفنانون بانتظام من قبل ، وقد استعملوه بمثابة محترف ، ولذلك كانت الغرفة الكبيرة فارغة تمامآ .
    تجولت فيليبا في المكان حتى وجدت طاولة صغيرة . وضعت عليها قماشآ أصفر قبل أن تصنع أدوات رسمها . أحضرت من المطبخ إبريقآ وبعض الأقداح وزجاجة شراب وسلة مليئة بالفاكهة و الخضر . تطلب منها بعض الوقت حتى استطاعت أن تضع كل هذه الأشياء في أماكنها الملائمة .
    كانت تتفحص نتيجة عملها عن بعد ، عندما صعد آلان السلالم الخشبية .
    "لم توافق مدام بيتون على استضافتي عندها ." قال بعبث :" اندهشت عندما سمعت أن هناك أكثر من سرير واحد سيُستعمل . إنها إنسانة رومانطيقية ، مع أنها أصرت على مناداتي بالسيد دي تييري ."
    توردت وجنتاها :" نعم ... حسنآ ، لقد اتصل بها فابريس وأعتقد انها تفكر ..."
    " إن ما تفكر فيه واضح جدآ ، لقد طُلب منها أن تحضر غرفة واحدة ."
    ازداد تورد خديها ." لم أفعل ذلك ." قالت على نحو حاسم :" لكن لحسن الحظ ، لم يعد هذا مهمآ ."
    حولت نظرها ثانية إلى الطاولة بتعمد ثم هزت رأسها :" هناك شيء ناقص ."
    وقف آلان إلى جانبها ." الإرتفاع ." قال بعد لحظة :" لماذا لا تستعملين الزجاجة كشمعدان ؟"
    "أجل ، أنت على حق ." قالت ، وهي تشعر بالانزعاج لأنه استطاع أن يلاحظ ذلك بوضوح ، مع أنها تفحصته جيدآ . لم تكن تركز ، فكرت :" يجب أن يكون هناك بعض من الشمع في المطبخ ."
    نزلت السلالم وهي مدركة أنه يتبعها ، عبرت الباب المزدوج إلى الجزء الرئيسي من البيت .
    وجدت هناك حزمة على طاولة المطبخ . فاقترب آلان منها و قال :"لو كنت في مكان فابريس لما قبلت بغير هذا الأرنب لعشاء الليلة ."
    "يا للسماء !" حاولت فيليبا أن تتكلم بهدوء ، وهي تأخذ بعض الشموع من درج الخزانة .
    "ليس لدي أي فكرة عما سأفعله بأرنب ."
    "لكن أنا لدي ." قال لها آلان :" هل تفضلينه مع حساء البصل و العشب ، أم مع الخردل فقط ؟"
    "مع البصل و العشب ، أعتقد ." قالت بضعف .
    "حسنآ ." قال بنشاط :" سأناديك عندما أنتهي من إعداده ."
    "لا تزعج نفسك ..." بدأت الكلام ، لكنه قاطعها .
    "هذا من دواعي سروري ، يا حياتي ." كان في ابتسامته مسحة من السخرية ."تعويض بسيط ، ربما لأنني جعلتك تعانين من حضوري المزعج ."
    يا إلهي ، فكرت . لو أنه يعرف ... قالت بضعف :" شكرآ لك ." وأسرعت إلى المحترف .
    تدربت كثيرآ على موضوعها . حاولت أن تركز ، وعندما جاءت فترة ما بعد الظهر ، لم تكن راضية أبدآ من عملها . بدا رسمها متكلفآ ... وعشوائيآ ، فكرت بتململ . لكنها بدأت العمل ، على الأقل .
    كانت تنبعث من المطبخ رائحة طعام شهية ، فركت أنفها بإعجاب ، وهي تتوجه إلى هناك .
    كان آلان جالسآ إلى الطاولة يُقطع الجزر إلى شرائح . نظر إليها وسألها :"هل انتهيت لهذا اليوم ؟"
    "أعتقد ذلك ." جلست في مواجهته وراقبته :" هل كنت تحضر الطعام طيلة فترة ما بعد الظهر ؟"
    "على الإطلاق . تجولت في القرية قليلآ ، ثم لعبت البليارد مع بعض سكان المنطقة."
    حملقت فيليبا فيه ." ألم تشعر بالملل ؟" رفع حاجبيه . " أعني أنها مختلفة عن نمط حياتك . لابد أنك تشعر وكأنك منعزل عن عملك ... وعن كل شيء ."
    "أنت لا تعتقدين أن باستطاعتي الاسترخاء ؟"
    "ليس تمامآ ." قالت ببطء :" لكنك تبدو دائمآ مليئآ بالقوة و النشاط . اعتقدت أنك ستجد الحياة هنا ... مخيبة ."
    0

  11. #4110
    بدا مندهشآ ." إذا كنت أشعر بالخيبة ، تأكدي أن لا علاقة لذلك بالمكان ، صدقيني ."
    لاحظت فيليبا بغيظ أن ليس لديها الكثير لتقوله .
    كان الأرنب شهيآ ، خفيفآ وله نكهة خاصة مميزة مرفقآ ببطاطس صغيرة وجزر مغمس بالزبدة .
    "ما رأيك ببعض الجبنة ؟" راقبها آلان وهي تلتهم الحساء مع قطعة خبز .
    هزت رأسها و قالت :" لا أستطيع . أنت طاهٍ ماهر حقآ ." ترددت ثم أضافت :" أنت إنسان مدهش أحيانآ ، يا آلان ."
    "هل تعتقدين ذلك ، يا حياتي ؟" كان صوته جافآ ."لقد اعتقدت ان بإمكانك أن تتنبأي بكل تصرفاتي ."
    "كلا ." عضت فيليبا شفتها ." لم أتوقع أبدآ أنك ستتبعني إلى هنا ."
    "هل اعتقدت أنني كنت سأتخلى عنك بهذه البساطة لنوايا مسيو دي تييري ، المشكوك فيها ؟" سأل و أضاف :" كلا يا فيليبا ، لقد أخبرتك ، إذا كنت تتذكرين ، بأن علينا أن نتحدث بجدية ، أنت و أنا ."
    "نعم ، الأفضل مناقشة الموضوع من خلال المحامين ." تقلص حلقها .
    خيم صمت ، ثم أضاف بلطف :" بالطبع ... إذا كان هذا ما تفضلين ."
    "أعتقد ذلك . علينا أن نكون واقعيين على كل حال ."
    "نعم ." نهض عن كرسيه ثم بدأ بتنظيف الطاولة .
    "دعني أقوم بذلك ." وقفت فيليبا و قالت :" ليس من العدل أن تقوم بكل شيء."
    "أنت من أنصار العدالة ، أليس كذلك ، يا زوجتي ؟ أنت تلتزمين بالقانون على نحو صارم في كل الظروف . لا تفسحين المجال لأي مفاوضات ." كان وجهه متجهمآ عندما نظر إليها .
    "إني لا أفهم كلامك ." تلعثمت في كلامها .
    هز آلان كتفيه ."لا يهم ." توقف برهة ."سأذهب إلى نادي القرية لبعض الوقت ، إذا كنت لا تحتاجين إلى مساعدتي . سترتاحين من رفقتي لساعو أو لساعتين ."
    "شكرآ لك . أعتقد أن ليس لديك أدنى فكرة متى ستصبح سيارتك جاهزة ؟"
    تصلب وجهه وأجاب :" ليس بعد . ربما ستأخذ بعض الوقت ."
    " يا إلهي ." قالت بصوت جامد ويداها مثبتان على جانبيها :" أتمنى أن يسرعوا ... أن ينتهوا من تصليحها ."
    ارجع رأسه إلى الوراء ، ونظر إليها :" أنا أيضآ ، يا مدام . و الله هو شاهدي . ربما بعدها نستطيع أن نعيش بسلام ."
    جرحها صوته القاسي . كانت على وشك أن تنطق باسمه ، لكنه أغلق الباب وراءه بعنف و ذهب .
    0

  12. #4111
    \\~{* الفصلــ العــآإشـر *}~\\



    لم تنم فيليبا تلك الليلة جيدآ . كانت تتقلب طوال الوقت على فراشها بتململ ، تنتظر عودة آلان ، لم تستطع عندما تركها أن تطرد صورة وجهه المتصلب من ذهنها .
    كما لم تستطع أن تنسى أيضآ كم كانت متلهفة لأن تركض خلفه ... لتطلب منه البقاء.
    ماذا كنت سأحرز ؟ سألت نفسها ، وهي تضغط على الوسادة بشدة ، سوى الأسى .
    عاد آلان في وقت متأخر من المساء . سمعت صوت الباب يُغلق ثم صدى خطواته وهو يرتقي السلالم بهدوء .
    تجمدت في مكانها وحملقت في الفراغ ووانتظرت بتوتر . اجتاحت جسدها موجة من الخوف والإثارة عندما توقف أمام غرفتها .
    لو فتح الباب و دخل ، ماذا ستقول له ؟ وماذا ستفعل ؟
    تضاربت هذه الأسئلة في ذهنها لكنها لم تستطع أن تجد لها جوابآ . ثم سمعته أخيرآ يسير بعيدآ ويفتح باب غرفته و يغلقها . تنفست ببطء مرة ثانية وسمحت لجسدها بالإسترخاء من جديد .
    لقد هربت مرة أخرى ، لكن ليس منه بل من نفسها . عرفت ذلك وهي تنقلب على بطنها وتدفن وجهها في الوسادة .
    يا إلهي ، فكرت ، يجب أن أكون حذرة ...
    غفت بشكل متقطع ، واستيقظت باكرآ . ارتدت ثيابها ونزلت بهدوء وهي تحمل صندالها حتى لا توقظ آلان . أعدّت بعض القهوة ثم توجهت إلى المحترف مباشرة .
    كان عملها في اليوم السابق غير واعد كما تتذكر . أعادت ترتيب الطاولة مرة ثانية ، وأحضرت كرسيآ وسكينآ من المطبخ .
    أرادت أن تبدو الطاولة أكثر حيوية ... وكأن شخصآ كان يعمل في إعداد الخضر عليها ، لكنه دفع بكرسيه إلى الوراء ونهض لسبب ما .
    تراجعت خطوة إلى الوراء وهي تهز رأسها ثم وضعت المسند وأعدت لوحة خلط الألوَان . بدأت تعمل بتوتر شديد وكادت ترمي الطلاء على القماش ، وهي تحاول أن تتخلص من تشنجها وشكّها يتملكانها .
    هذه هي الحياة التي اختارتها ، وعليها أن تستغلها إلى أقصى حد . كانت ترفض دور مدام دي كورسي ، الذي لعبته سابقآ على نحو غير ملائم وغير ناجح . وعليها أن تتعلم الرسم بكفاءة حتى تكسب رزقها ، وهذا ما كانت تنويه دائمآ .
    لكن مرض كيفين وقف عائقآ أمامها ، بكل نتائجه المشؤومة .
    تنهدت فيليبا بصمت . ربما ستستطيع يومآ ما أن تنسى أنها كانت زوجة آلان دي كورسي . لم يدم زواجهما الشاذ إلا بضعة أشهر ، وليس عمرآ كاملآ ، عليها أن تشفى منه .
    هي الآن في المرحلة الأولى من الشفاء ، بعد أن تركته .
    لم يكن يتوجب عليه أن يلحق بها ، ويتحدث عن شهر العسل ... والأولاد. كان ساخرآ... وحقيرآ عندما أدرك أنهما لن يشتركا في زواج حقيقي ... أبدآ . عندما لم يحبها .
    وجدت نفسها تتساءل كيف سيكون الأمر لو أنها وآلان التقيا لتوهما ... لو أنها كانت ترسم ، وتعطلت سيارته ، وتعارفا بطريقة ما .
    أوقفت تسلسل أفكارها على نحو مفاجئ . لو كانا غريبين ، لكان آلان تجاوزها ددون أن يعيرها حتى نظرة واحدة . كانت آخر امرأة في العالم يتوقع أن يقع اختياره عليها. ربما كانت ستكسب بريقآ سطحيآ ، لكنها ما زالت في الواقع الفتاة التافهة الشاحبة التي رآها في شقة لاودن في أول لقاء لهما . إنها ليست فقط ساذجة ، اعترفت بحزن، بل باردة أيضآ .
    "هل أنت بخير ؟"
    أجفلها وصول آلان الصامت إلى المحترف وكادت أن تصرخ .
    "هل كان من الضروري أن تزحف إلى هنا بهذه الطريقة ؟"
    "دخلت بشكل عادي ." قال بهدوء :" كنت مستغرقة في التفكير لدرجة أنك كنت غافلة عن أي شيء آخر ."
    "آه ." تورد وجهها قليلآ ، وكانت شاكرة لأنه لم يكن لديه أي فكرة عن فحوى أفكارها.
    "لقد أحضرت لك بعض الحساء ." وضع الصينية التي كان يحملها على الطاولة ."لم تتناولي فطورك بعد ، ولن تقدري على العمل من دون طعام ."
    "إني لا أعمل كثيرآ في هذه اللحظة ." شعرت بجوع شديد عندما وقع نظرها على حساء الخضر الشهي .
    "أين أصبح رسمك ؟" وقف آلان إلى جانبها ، يتفحص القماش باندهاش .
    "ستنجح لو كانت مجرد تمرين دراسي ... أو علاج ." ثم أضافت بصوت خافت : "لكنها لا تعبر عما في داخلي ... لا شيء مما أريد التعبير عنه . كالعادة ... ناقصة ."
    "أعتقد أنك تقسين على نفسك ." قال آلان :"ستتحسنين بعد أن تأكلي . الجوع يجعل الإنسان يائسآ."
    تقدم من الطاولة وأخذ سكينآ ."وأخيرآ وجدتها . لقد بحثت عنها في كل مكان ."
    "إني آسفة ." قالت ، فيما شعرت بقلبها ينبض بالإثارة وهو إلى جانبها : " آلان ، أرجوك أن تبقى في مكانك للحظة ... كما أنت ؟"
    نظر حوله ، وارتفع حاجباه :" لماذا ؟" ضحك عندما رآها تضع بعض الخطوط العريضة على قماشها ."هل أنت جدية ؟"
    "أكثر من أي وقت ." كان في صوتها الحاح ." قف هناك فقط و لا تتحرك ، أرجوك."
    عرفت آلان لماذا الصورة كانت تبدو فارغة . لأن آلان لم يكن فيها . حاولت أن تستثنيه منها جسديآ ، وحاولت بدل ذلك أن تفرض شخصيته وحيويته من دون حضوره الفعلي .
    حينما وقف آلان قرب الطاولة ، اتضح لها كل شيء .
    لكن لاحظت بعد ذلك أنها أرادت أن ترسمه ، منذ اللحظة التي رأته فيها في لاودن. كانت هذه أحد الأشياء التي خطرت على بالها . وربما ستكون فرصتها الوحيدة لأن تفعل ذلك .
    كانت ترسم وتحتسي ، بين الحين والآخر حساءها البارد بناءً على طلبه . جعلته يتخذ أوضاعآ فتية ، وقوفآ أحيانآ وجلوسآ أحيانآ أخرى . كان يبدو فرحآ، لكن مرتبكآ بالتأكيد ، ومع ذلك استجاب لها .
    "اسمحي لي أن أشتري هذه التحفة الفنية بعد أن تنتهي منها ." قال ، وهو يقطع الطماطم إلى شرائح صغيرة :" إني أرفض أن يراني زملائي ، وموضفو شركة دي كورسي في هذا الوضع الحميم ."
    "لا تتحرك ... أدر رأسك قليلآ . هذا رائع . والآن ، إثبت في مكانك ."
    تنهد :" حاضر يا حبيبتي . أنت مجنونة ، هل تعرفين ذلك ؟"
    ربما ، فكرت فيليبا . ولكنني أشعر فجأة بالنشاط ، وأنا متأكدة بأنني سأنجح .
    كان آلان طوال الوقت ، حتى في فابريس ، يجول بينها وبين الصورة التي كانت تحاول أن تنقلها إلى لوحة . حاولت كثيرآ أن تقاوم وأن تطرده من مخيلتها ، لكنها عرفت الآن أن عليها أن ترسمه وتجعله النقطة الأساسية في لوحتها على الأقل .
    ربما ستستطيع بهذه الطريقة أن تتخلص منه إلى الأبد .
    حاولت العمل بنوع من اليأس على وضع اللمسات الأخيرة ، وآلان جالس ، ووجهه الداكن مصمم على إنجاح مهمته كما ، رأته في الليلة السابقة .
    مر الوقت بسرعة ، ولم تلاحظ ذلك حتى قال أخيرآ :" يا عزيزتي ، بعيدآ عن هذا التشنج الذي أحاول أن أتحمله من أجل الفن ، ما لم أتحرك بسرعة ، لن يكون هناك عشاءٌ."
    "لم أفكر بذلك ." اعترفت بأسف ." كان يجب عليك أن تأخذ بعض الراحة .إني آسفة."
    "لاتعتذري . إني متأكد من أن هذا الشقاء سيفيدني ."
    وقف وتمطى ، وعضت فيليبا على شفتها وهي تراقب حركاته العفوية الرشيقة .
    قالت وهي تتلعثم قليلآ :" هل لك أن تجلس لي مرة ثانية غدآ ... أرجوك ؟"
    رمقها بنظرة تساؤلية صادقة ثم هز كتفيه ."إذا كانت هذه رغبتك ."
    بالتأكيد ، فكرت . ربما هذا جنون ، ولكن هذا ما أريده أكثر من أي شيء آخر في العالم .
    وقفت وهي تحدق إلى المسند بعد أن ذهب . ما زال الوقت باكرآ حتى تحكم على اللوحة ، ولكنها ستكون شيئآ يبعدها عن حقيقة انهيار زواجهما ، شيئآ يذكرها به .
    تقلصت معدتها من كثرة الألم . شيء تعذب به نفسها خلال وحدتها الأزلية ، فكرت بحزن وهي تنظف الرسم بالفرشاة .


    أعد لحم بقر بالخل الأحمر لعشاء تلك الليلة . تحدثا خلال الوجبة بتهذيب كالغرباء ، وبعد أن انتهيا ، نظفت فيليبا الطاولة وغسلت الأطباق .
    عندما عادت إلى الطاولة ، كان آلان يسكب لنفسه بعض الشراب ، ويحدق في رقعة الشطرنج .
    قال :" هل تتفضلين و تشاركينني ؟"
    0

  13. #4112
    "الشراب أو الشطرنج ؟"
    هز كتفيه ." واحدآ ... أو الإثنين ."
    سحبت فيليبا كرسيآ مرحبة بكأس الشراب الذي قدمه لها .
    "لمأعرف أنك تلعب الشطرنج ." قالت ، ثم توقفت على نحو مفاجئ . يبدو أن كل ما قالته كان يهدف إلى لفت انتباهه لغرابتها التامة ، ومع ذلك لم تكن هذه نيتها .
    "أنا استمتع بحل مشكلات هذه اللعبة ." قال بعد برهة قصيرة :" بخلاف مشكلات الحياة العادية ، فيها قوانين ... وأساليب ."
    "نعم ، أعتقد ذلك ، كنت ألعبها مع كيفين كثيرآ ."
    ابتسم لها :" أتمنى أن يكون قد علمك جيدآ ."
    "بشكل كاف ، لقد قهرت العديد من الأشخاص . ربما أنت لست بارعآ كما تظن ."
    "مشادة كلامية ! " بدا متحمسآ ."ما رأيك لو نجعلها مباراة حامية وذلك بوضع رهان بسيط ؟"
    عبست فيليبا ." أي نوع من الرهان تقصد ؟" سألت بارتياب . لمست إحدى قبضتيه بعد أن بسطهما لها واكتشفت أنه حاز على الحجارة السوداء .
    "إذا خسرت ، سأستمر في تحضير الطعام ."
    "وإذا ربحت ؟"
    "عناق واحد ." تأرجحت يده فوق رقعة الشطرنج وهو ينتظر حركتها الأولى . والتمعت عيناه الخضراوان بالتحدي ." اتفقنا ؟ أم ، ربما لست واثقة من قدرتك ؟"
    "عندي ثقة تامة في نفسي ." رفعت فيليبا ذقنها ." أعتقد أنك ستتعب كثيرآ من تحضير الطعام قبل أن تعود إلى باريس ."
    هز آلان كتفيه من دون مبالاة :" سنرى ." نقل ملكه بقوة إلى الصف الرابع ، وكذلك فعلت فيليبا ."هل تنوين أن تحضري والدك فعلآ إلى هنا بعد أن يُسرّح من العيادة ؟"
    "نعم ، أعتقد ذلك . كنا دائمآ سعيدين هنا ."
    "وهل اعتقدت أن بمقدورك استرداد هذه الذكريات ؟" كان اهتمامه مركزآ على رقعة الشطرنج . نقل ملكته إلى مكان الفيل في الصف الثالث .
    "ولما لا ؟"
    هز كتفيه ثانية ." لا أعتقد أن باستطاعتنا أن نرجع الماضي ، وإذا كان الأمر ممكنآ ، سأحذو حذوك ."
    "سترجع إلى الحياة العزوبية ، من دون شك ."
    "تمامآ ." وضع آلان فيل الملك امام فيل الملكة في الصف الرابع .
    لم تتوقع منه الجواب ، وتصلبت مستاءة ويدها تتأرجح على فارس الملكة .
    "حسنآ ، ستصبح حرآ قريبآ ." قالت بنفور :"أو هل كنت تفضل لو أنك لم تتزوجني أبدآ ."
    "بالتأكيد ، يا عزيزتي ." كان صوته ساخرآ ." على كل حال ، لم يكن زواجآ بالمعنى الصحيح ."
    انتصبت فيليبا في جلستها ." لماذا إذآ لحقت بي ؟" سألت ، وهي تنقل فارسها إلى الصف الرابع .
    "لأنه ، مهما كان الوضع غير مقبول ، إن صفقتنا ما زالت مستمرة ." قال بهدوء .
    "التزمت بها من ناحيتي فقط ."
    "حقآ ؟" بدا مندهشآ .
    "كانت ... غلطتك . لقد أفسدت كل شيء ، عندما نكثت بوعدك ." أدركت أن كلامها يبدو سخيفآ .
    "معك حق ." قال بسخرية :" كنت متوحشآ معك . أجبرتك على مطارحتي الغرام، و القيام بأشياء مقرفة . لكنني كنت غبيآ عندما فكرت بأنه بوسعنا أن نجعل زواجنا ... أشد ترابطآ . ربما كنت تفضلين أن أحصل على توقيعك ، قبل أن أتجرأ على لمسك."
    أخذت فيليبا نفسآ عميقآ ." كنت أفضل لو أنك لم تلمسني أبدآ ."
    "لقد جازفت في ذلك ." قال بلطف .
    "أتمنى ألا تتوقع مني أن أعتذر لك لأنني خيبت أملك ." هز كتفيه غير مبال ."ربما علينا أن نعترف بأننا خيبنا آمال بعضنا البعض ."
    "هذا استسلام بالفعل ." عضت فيليبا على شفتها ." ألست خائفآ من أن تشوه سمعتك كحبيب ؟" ضحكت ." كلا ، بالطبع ... كم أنا غبية ! هناك البارونة وستساندك بالتأكيد ."
    "أوه ." قال آلان برقة :" حبيبتي ماري لور . هل أخبرك عنها ؟ و بالتفاصيل أيضآ؟"
    التهب وجهها وصرخت :" كلا ... هذا غير ضروري ، شكرآ لك ."
    "تبدين وكأنك مهووسة بها ، اعتقدت أنك ستجدين الحديث عنها ممتعآ ." نظر إليها ، اختلس نظرة إلى رقعة الشطرنج ، كان حاجباه مرفوعين ." على أي حال ، لقد كنت صريحة معي بالنسبة لفابريس ، أليس كذلك ؟"
    "الأمر مختلف ، وأنت تعرف ذلك ."
    "حقآ؟" التمعت عيناه الخضراوان .
    "نعم ." دفعت فيليبا كرسيها إلى الوراء ، ووقفت ."لا أريد أن اسمع عنها ، أو عن باقي نسائك . هل تستطيع أن تفهم ؟"
    "نعم . لكن هناك أشياء أخرى عليك ان تدركيها عني ، يا فيليبا ."
    "أعرف ما يكفي ." قالت بتوتر :"كنت مجرد بيدق أليس كذلك ؟ شيئآ تستعمله ضد عمك،ثم تتخلى عنه في الوقت المناسب . فقط بيدق ، ليس للبيدق الحق في "كش"الملك ، أليس كذلك ؟ وهو مافعلته تمامآ عندما تركتك . وهذا شيء لا تستطيع أن تصفح عنه . ولذلك أنت موجود هنا لتعذبني بهذه الطريقة . حسنآ ، لقد انتهت لعبتك الآن ، وزواجنا أيضآ . وليس بمقدورك أن تفعل شيئآ حيال ذلك ." أضافت بتوتر .
    "هل أنت متأكدة ؟" ابتسم ." ما زال هناك شيء واحد . وأنا أحب أن أربح . إذآ..." أمسك ملكته . قال برقة :" الملكة البيضاء أخذت الحصان الأسود رقم 2 ، يا حبيبتي . وكش ملك ، يا عزيزتي ."
    أخذت فيليبا نفسآ عميقآ ، وحولت انتباهها إلى رقعة الشطرنج أمامهما ."لكن ذلك ليس صحيحآ." بدأت ."لا يمكنك أن ..."
    "أن أقوم بهذه الحركة ، يا عزيزتي . أنا متأكد بأنك سمعت بها ."
    بالطبع سمعت بها . فتجنب هذا الخطأ الشائع بين اللاعبين المبتدئين ، كان أول الأشياء التي علمها اياها كيفين ومع ذلك وقعت به مباشرة .
    "آه لا !" صرخت :" لا أصدق !"
    لكن رقعة الشطرنج كانت أمامها ، وتشهد على الانتصار المذل و السريع .
    "الشطرنج يتطلب تركيزآ ، يا جميلتي . هل تريدين الانتقام مني ؟ أو أن نبدأ لعبة جديدة ... برها ثانٍ، بالطبع ؟"
    "كلا ، شكرآ ." قالت بلطف ونظرت إلى ساعتها ." هزيمة واحدة تكفي . على كل حال ، أنا متعبة .الأفضل أن أذهب إلى غرفتي ."
    "لحظة ." قال بهدوء :"بعد أن آخذ حقي ."
    عضت فيليبا على شفتها . لم يكن يتوجب عليها أن توافق على الرهان ، لكنها كانت متأكدة من فوزها ، أو على الأقل تنتزع منه التعادل . لكن الآن ..."
    ابتلعت ريقها ." لم نحدد الوقت تمامآ ." بدأت تقول :"سأعانقك عناق الوداع عندما ترحل ."
    "إنني مرتبك ." قال بسخرية :" ولكنني أعتقد ان الدين يجب أن يسدد في أسرع وقت ممكن ، أليس كذلك ؟"
    دفع بكرسيه إلى الوراء ووقف .
    وقفت فيليبا أيضآ . قالت وهي ترتجف :"آلان ، انتظر ! لا اعتقد أنك عنيت ذلك ."
    "هذا كان تفكيرآ طائشآ ، يا جميلتي ." اقترب منها وطوقها بذراعيه . تصلب جسدها استعدادآ للمقاومة ، لكنه أحس بردة فعلها .
    قال بهدوء :" محاربتي ، يا فيليبا ، ليست تصرفآ غير حكيم . إنه ليس سوى عناق ، في النهاية ."
    أغمضت عينيها . فقط عناق ، كررت بصمت . فقط عناق . لكن متى آخر مرة أحست فيها بمتعة عناقه ؟ كان ذلك منذ وقت طويل ... وكأنه دهر ...
    كان عناقه رقيقآ وناعمآ . داعبها ، جسمها بخفة الريش وبشكل مغوٍ وواعد .
    هذا ليس عدلآ ، تملكت هذه الكلمات تفكيرها . كانت تفضل الإلحاح ، أو شيئآ من القوة ... شيئآ يشعرها بالامتعاض . ليس هذا ... السحر الناعم .
    شعرت بالإثارة وهي تحبس أنفاسها . حاولت أن تقول "لا." لكنها لم تطلق سوى تنهيدة صغيرة .
    رفع آلان يده وداعب شعرها حتى جعل خصلاته تلتف حول أصابعه . عناقها ببطء ثانية . لاحظت على الرغم من اضطراب تفكيرها أن بإمكانه أن يمدد هذا الإنتظار... هذه الرغبة ... إلى الأبد . لقد تعمد أن يجعلها تسأل وترجو هذه المرة .
    هل أجعلك تتوسلين إلي ؟ لقد سألها ذلك مرة . شعرت بالذل و الخوف . ربما سيطلب منها أن تدفع ثمن ذلك الرفض ، وربما سيكلفها الثمن روحها .
    ببطء... ثبتها بحيث لم تعد عاجزة في عناقه ، لكن واقفة في مواجهته بعيدآ قليلآ عنه. التقت أعينهما في استسلام غريب .
    سألت عيناه . جاوبت عيناها . تحرك ، الغى المسافة التي تفصلهما عن بعض .
    0

  14. #4113
    توقف ، وحدق بالباب وهو يعبس .
    "هناك من يطرق على الباب ..." قال وكأنه يحدث نفسه .
    "سيد دي كورسي ! أنا مدام بيتون . لدي رسالة لك ." تلاشت هذه اللحظات الدافئة بثانية .
    رفع آلان حاجبيه ولوى فمه بسخرية :" لابد أن لديك ملاكآ حارسآ ، يا زوجتي ."
    صعددت فيليبا السلالم بسرعة ، وأصابعها ترتجف مع أنها لم تر مدام بيتون، وهي تدخل الغرفة .
    "سيد دي كورسي ؟" كانت المرأة الطيبة مرتبكة و غاضبة . "لكن كيف ذلك ؟ لقد فهمت انك مسيو دي ثييري . عندما تحدثنا على الهاتف كان ذلك الاسم الذي سمعته."
    بعد برهة قصيرة ، قال آلان بهدوء :" آسف إذا كان هناك سوء فهم ، يا مدام . أنا فعلآ آلان دي كورسي ، ولقد تم الحجز بواسطة ... شريكي ."
    "والآنسة روسكو ... أين هي ؟"
    "سأناديها ." رفع آلان صوته :" فيليبا ، انزلي ، يا عزيزتي . لدينا زائر ."
    نزلت فيليبا السلالم بكسل . لقد ارتجفت كثيرآ وكانت مدركة أن شعرها مبعثر ، وتنفسها مضطرب .
    ولكنها ابتسمت على الرغم من نظرة آلان الساخرة ."بون سوار مدام ."
    "فيليبا الصغيرة !" بدت مدام بيتون مندهشة ."لقد تغيرت كثيرآ ، يا صغيرتي! ماكنت سأعرفك ". احتضنتها بحنان . "وكيف حال والدك العزيز ؟"
    "بحال حسنة . اعتقد أنه سينضم إليّ قريبآ ."
    "ينضم إلينا ، يا عزيزتي ." صحح آلان بلطف :"ألم يحن الوقت بعد لتخبري مدام بيتون ... أننا متزوجان ؟"
    اتسعت عينا مدام بيتون ."أنت متزوجة ؟ إذآ هذا شهر عسل ، يا صغيرتي ."
    نظر آلان نظرة ساخرة باتجاه زوجته ."تقريبآ." قال آلان وهز كتفيه :"إنها...عطلة عمل ."
    أصدرت مدام بيتون صوتآ عبّر عن ابتهاج شديد "عمل ؟ لكن عندما يتواجد الرجل مع زوجته بمفردهما ، عليهما أن يفكرا بالمتعة فقط ، أليس كذلك ؟ يجب ألا تسمح لها بالعمل . لو كنت مكانها لاختلف الأمر ، إني أؤكد لك ذلك ."
    "أنت تحرجينني ، مدام ." ابتسم لها آلان بعبث ." هل تودين تعزيتي ، ربما ؟"
    "لست بحاجة ، بوجود عروس فتية إلى أي تعزية ." تنهدت مدام بيتون بصوت عال: "لو كنت أصغر بعشرين سنة ..."دفعته بمرفقها بطريقة وقحة .
    "لكنني نسيت مهمتي ." قالت أخيرآ وهي ما زالت تهتز من الضحك :"اتصل بي السيد بارتان من المرآب . لقد عاد أخوه من بوردو مع قطعة الغيار . وسيركبها غدآ."
    "رائع !" نظر آلان إلى فيليبا ."هذا ماكنا ننتظر سماعه ، أليس كذلك ، يا عزيزتي؟"
    من مكان ما ، ميت في داخلها ، سمعت فيليبا نفسها تقول :" نعم ."
    "هذا حسن ." نظرت مدام بيتون إليهما ."لن أتطفل عليكما بعد الآن ." أضافت بحزم بعد أن رفضت دعوة آلان لتناول القهوة أو الشراب . احتضنت فيليبا ثانية ."كوني سعيدة ، يا صغيرتي ." أمرتها وهي تلوح لها بيدها مودعة .
    خيم صمت عميق ، حطمه آلان أخيرآ .
    "قلت منذ لحظات إنك تودين الذهاب إلى غرفتك . ربما الأفضل أن تفعلي ذلك ." كان وجهه خاليآ من أي تعبير .
    "هل هذا ما تريده ؟" لم تصدق أنها قالت ذلك فعلآ . أين كبرياؤها واحترام ذاتها .
    هز كتفيه ثانية ."ما أريده ، هو أن أذهب بعيدآ من هنا ."قال بجفاء ورمقها بنظرة تهكم .
    "في النهاية ، لم يكن سوى عناق ، يا جميلتي ."
    همست :" نعم ، بالطبع ." استدارت وابتعدت عنه و الدموع تترقرق في عينيها .
    0

  15. #4114
    \\~*[ الفصلـ الحـآإدي عشـر ]*~\\




    ساد الظلام كل مكان ، يحوم حولها ، ويخنقها . وكان أيضآ في داخلها يزيد من آلامها ووحدتها .
    فقط عناق . انطبعت الكلمتان في ذهنها بأحرف من نار . هكذا اعتبرها آلان . كانت على وشك أن تمنح نفسها له ، ومن دون تحفظ لأول مرة ... وبرغم ذلك ، هو مصمم على الرحيل غدآ من دون أن ينظر إلى الخلف .
    كان من غير المجدي أن تُذكّر نفسها بانها هي التي أرادت رحيله ... وألحت عليه بذلك أيضآ . كانت تنوي بمجيئها إلى هنا أن تفصل نفسها عنه نهائيآ . وهو مستعد الآن لأن يحقق لها هذه الرغبة .
    كان يجب أن يحصل ذلك ، قالت لنفسها بحدة مرارآ وتكرارآ . لايمكن لزواجهما أن يستمر وبشروطه هو . وهي غير مستعدة لأن تعيش على هامش حياته . تنتظر حتى يلاحظ وجودها ، إذا كان عنده وقت .
    وعندما ينفصلان ، لن يكون عندها أي شيء تؤنب به نفسها أو تتذكره بخجل .
    لم تجد له أي أثر عندما تجرأت أخيرآ ، ونزلت في الصباح . فكرت للحظة أنه ذهب من دون أن يودعها . ولكنها ، بعد أن تفحصت غرفته ووجدت ثيابه ، عرفت أنه ما زال هنا . لابدّ إنه في مونتاسكو يراقب تصليح سيارته .
    أخذت قهوتها إلى المحترف واستعدت للعمل . نظرت إلى لوحة آلان طويلآ ، ربما كانت سطحية ، ولكنها أفضل ما أنجزته . ربما لأنها تنظر إليها بعيني الحب ، فكرت بحزن .
    سمعت صوت السيارة بعد ساعة . وثب قلبها من مكانه وبدأت تعدل من إشراقة اللوحة بتركيز عنيف . وأخيرآ صعد ووقف أمام الباب .
    "هل أُصلحت السيارة ؟" قالت بهدوء .
    "تقريبآ ."
    "أعتقد أنك سترحل الآن ." بدلت مكان المسند .
    "بعد قليل ." قال :" أعتقدت أنك تريدينني لجلسة أخرى ."
    هزت فيليبا كتفيها ." لا أريد أن أسبب لك أي إزعاج ."
    "على الاطلاق ." ومشى إلى جانبها ونظر إلى القماش . "هل ينقصها الكثير ؟"
    "ليس مع نشاط كهذا ." قالت :" باستطاعتي أن أنهي الباقي من ذاكرتي ، إذا اضطررت ." يا إلهي كم ذلك صحيح !
    "فهمت ." كان وجهه ساخرآ ." لم أكن عادلآ معك ، يا زوجتي عندما حاولت منعك من متابعة دراستك ، لديك موهبة حقيقية . أتمنى أن تطوريها إلى أقصى حد ." كانت ابتسامته ودودة ولكن مؤلمة ."هل يمكن لي أن أشتريها ؟"
    هزت رأسها :" إلا هذه . لأنني استحققت بها لقب رسامة . أنا متأكدة أنك تفهم ."
    "لا أعتقد أن التفهم كان له دور كبير في علاقتنا ." قال بشجاعة :"ولكنني أعدك بالمحاولة ." توقف برهة ."ماذا عن آخر جلسة ؟ هل تريدينني أن أتعرى لك ؟"
    تنهدت فيليبا . بدا صوته عاليآ في هذا المحترف الهادئ . حاولت أن تبتسم :"أنت... أنت لا تعني ذلك ، بالتأكيد ؟"
    "ولم لا ؟ ستكون تجربة جديدة لي ... كما لمعظم الرجال ... عندما أخلع ثيابي لإمرأة ليست مهتمة سوى بتركيب الضوء و الظلمة و المسطحات و الزوايا ." نظر إليها نظرة ساخرة :" أليس كذلك ، يا حياتي ؟"
    "حسنآ...أجل ."
    "بالتأكيد ." كان قلبها يخفق بجنون .
    "إذآ، لماذا لا تطلبين مني ذلك ؟" توقف لبرهة ."أو أنك لا تجدينني ممتعآ بشكل كافٍ؟ ربما تشعرين أنك تعرفينني جيدآ ؟"
    رفعت القماش عن المسند من دون أن تنظر إليه ."الأمر ليس كما تتصوره ."
    يا إلهي ، فكرت بطريقة هستيرية ، لم تعرفه أبدآ . ليس بتلك الطريقة .
    استطاعت أن تطلق شبح ضحكة :"إنك ...تفاجئني.لكن إذا كان عرضك جديآ ، يا آلان، علي عندئذٍ أن أقوم ببعض الرسومات التمهيدية لك . إنني بحاجة إلى التمرين."أضافت بضعف .
    "يبدو أننا نفاجئ بعضنا البعض طوال الوقت ." نظر حوله ."أعتقد انك تفضلين أن نبدّل المكان ؟"
    أبعدا الطاولة قليلآ ثم رتبا منصة بديلة عن العلب وبعض الستائر الذهبية ، اكتشفتها فيليبا في حقيبتها في اليوم السابق . أمضت بعض الوقت وهي تثني القماش المطرز حتى تجعله مناسبآ وهي تشعر كأنها في عالم من الأوهام .
    يا إلهي ، فكرت ، من غير المعقول أن أفعل ذلك أو أن أسمح به . لأنني لا أستطيع أن أكون موضوعية . وأن أعتبر ذلك تمرينآ مفيدآ .
    استدارت بعيدآ ، وأخذت لوح الرسم بيدين مرتعشتين . لم يسبق لها أن رأت آلان بوضع كهذا . ليس تمامآ . كانت محرجة جدآ وغاضبة في أول لقاء لهما ، ومنذ ذلك الحين . أصبحت مناوشاتهما في الظلمة . ستكون هذه لحظة صدق بالنسبة لها .
    وأدركت أن هذه اللحظة قد حانت عندما قال :"إنني جاهز ."
    استدارت ببطء لتواجهه . كان رائعآ . لايمكن أن تصفه بكلمة أخرى ، يداه على وركيه ، ورأسه مرتد قليلآ . تحمّل تفحصها المدهش و المفرط .
    "هل ستبدئين برسمي ، يا جميلتي ، أم تضعيني في ذاكرتك ؟"
    بدأت بوجه متورد :"آه ، اجلس من فضلك ...بشكل جانبي . اخفض كتفك . لا ،هذا كثير ."
    "الأفضل لو ترشديني بنفسك ."
    ترددت لحظة ثم اقتربت منه ، تضع يديها على كتفيه الدافئتين ،وتعدّل جلسته بشكل ملائم ، تستمتع بنعومة بشرته ، وبقوة عضلات ظهره وذراعيه .
    قالت :"أخبرني هذه المرة عندما تشعر بالتعب أو ... بالبرد ."
    "أو حتى بالدفء ." قال على نحو مقتضب :"هل تعرفين شيئآ ، يا عزيزتي؟أعتقد أن هذه هي أول مرة تلمسينني بها بملء إرادتك ."
    0

  16. #4115
    انتزعت فيليبا يديها بسرعة :"تذكر وضعك ، أرجوك ." قالت ثم عادت إلى لوح الرسم .
    كانت بدايتها سيئة ، وراحت تطرح ورقة وراء ورقة .
    "هل من خطب ؟" سأل آلان أخيرآ :"تبدين منزعجة ، ربما من الأفضل أن أرتدي ثيابي ، وأجد لك إناء زهور ."
    عضت على شفتها :"كلا ، شكرآ . ربما كان وضعُك خاطئآ ."
    جلس آلان وهو يهز كتفيه ."يمكن معالجة ذلك بسهولة ." أسند رأسه على مرفقه وثنى قدمآ واحدة ."هل هذا أفضل ؟"
    "نعم ." اقرت مكرهة . بدا مسترخيآ تمامآ ، وكأننه كان يمارس العرض طوال حياته.
    أتمنى لو أكون بهذه الجرأة ، فكرت .
    حاولت أن تتظاهر بعدم الاكتراث وهي تتفحصه وتلاحظ خطوط جسده المتناسقة .
    في الوقت نفسه ، لاحظت أن هناك شيئآ مميزآ بوضعه ... شيئآ توقعيآ وجارحآ . كان هذا باديآ في ابتسامته ، وعينيه . كانت مثيرة ... وغامضة . لم ترتبك ولم تتلاعب بالخطوط . هذه المرة كانت يداها وعيناها تعملان بتناسق تام . عليها أن تنجح ،فكرت بحماس . لا يمكنها أن تخسر . ليس الآن .
    "هل يمكنني أن آخذ قسطآ من الراحة ؟" افترض موافقتها . جلس آلان وأمسك رداءه.
    وضعت فيليبا قلمها ، وأحست بتشنج عضلات كتفها وعنقها .
    "هل تسمحين لي برؤيتها ؟" وقف آلان إلى جانبها .
    "عندما تنتهي ." قالت بصوت أجش ، وضع يديه على كتفيها وبدت لمسته لاذعة ، وحافلة بذكريات الليلة السابقة ، فكرت بتململ .
    "حان وقت استراحتك أيضآ ." داعبت أصابعها كتفيها . "جسمك بحاجة إلى الإسترخاء ."
    بدأ بتدليك عضلات عنقها وكتفيها بلطف أولآ ثم بقوة .
    حاولت أن تنسحب ."إنني بخير ، حقآ ."
    "كفي عن ذلك ."قال :" دعيني أقوم بذلك ."
    استسلمت لخدماته بتنهيدة عميقة . كانت لمسته سحرية ، حميمية ، وموضوعية بطريقة غريبة .
    لكن كانت حركاته العنيفة ، تخلق توترآ وتشنجآ في كل مكان من جسمها .
    "استرخي ." أمرها بلطف .
    كيف باستطاعتها ذلك ، وها هي تتجاوب وتنتعش مرة ثانية تحت لمسته .
    شعرت بأصابعه تنزلق ببطء على كتفيها .
    "كلا !" حاولت أن تبعد يديه .
    "اهدئي ." قال :" ثقي بي ." تراقصت شرارات صغيرة وراء أجفانها المطبقة .
    ثقي بي ، هذا ما قاله ، ولكن الخيانة كانت مرة ثانية تصدر من ذاتها . من الحاجة إليه .
    ثم فجأةً انتهى كل شيء . توقفت يداه الدافئتان عن وخزها وتحرك بنشاط . أمسك لوح رسمها ، و القلم وناولهما لها . " هل نتابع ؟"
    حدقت فيليبا باللوحة حتى أصبحت الخطوط تتراقص أمامها . كانت ترتجف لدرجة أنها لم تستطع أن تمسك بالقلم ، وكان فمها جافآ . كانت تلتهب ، وكأنها مصابة بحمى. توسع التوق الذي في داخلها إلى ألم وجوع ، لا يمكن إنكارهما بعد الآن .
    أوقعت لوح الرسم على الأرض ووقفت ، واقتربت منه .
    لم يتكلم آلان أو يتحرك ، لكنها سمعت صوت أنفاسه وهو يراقبها .
    جثت على ركبتيها إلى جانبه ." آلان ؟" كانت ترتجف ." إني أتوسل إليك ؟"
    هل أجعلك تتوسلين إليّ ؟ لقد أجابت الآن على سؤاله باستسلام تام .
    "يا إلهي !" قال بحدة . حملها عن الأرض وأجلسها على المنضدة .
    بدت عيناها واسعتين وغير واضحتين ، وهي تنظر إليه وكل عصب فيها يساوق مع هذا السحر الجديد و الخطير .
    كانت حواسها تضعف ، وتغرق في بهجة متموجة ودافئة حملتها إلى أرض الأحلام .
    كانت راضية من النتيجة ومن نفسها . لقد استسلمت له أخيرآ . لكن أحست بالبهجة لأول مرة .
    فتحت فيليبا جفنيها ، ووجدت نفسها مستلقية على منضدة ذهبية . شعرت للحظة وكأنها فاقدة الحس ، وأنها كانت نائمة تحلم . عندما اصطدمت بالواقع ورأت حقيقة عالمها الذهبي ، بدأت تتذكر ...
    كانت شمس فترة مابعد الظهر تتدفق من خلال نوافذ المحترف تنير كل زاوية ، وكل شق بضوء دافئ .
    كانت فيليبا ممددة على الأرض يلفها شرشف ذهبي مطرز .
    جلست ببطء ، ودفعت شعرها بعيدآ عن عينيها تستوعب ، تستكشف ما حولها .
    بدأ احساسها بالكسل يتلاش ، أين آلان ؟ تساءلت .
    أرادته بقربها عندما تستيقظ . أرادت ذراعيه حولها .
    ربما أتعبته . فكرت وهي تشعر بالذنب والابتهاج . لا تعرف كم من الوقت مرّ.
    لم تتصور أبدآ حتى في أسوأ أحلامها ، أن بإمكانها أن تصل إلى هذا العمق .
    لابد أن آلان قد ذهب ليجد مكانآ أكثر راحة لينام .
    كان لوح الرسم مرميآ على الأرض ، التقطته فيليبا ونظرت إليه مبتسمة .
    لن أنهي هذا ، فكرت . سوف أحفظه في مكان ما حتى يذكرني دائمآ بهذا اليوم ، بداية حياتي الباقية مع آلان .
    حملت اللوح بين يديها ، ونظرت نظرة أخيرة إلى المحترف قبل أن تذهب إلى الطابق الأرضي .
    توقعت أن تجده في الغرفة ، ورائحة قهوته منتشرة في كل مكان . لكن الغرفة كانت فارغة . لم يكن هناك أي صوت في البيت . في الواقع لا أثر لأي حياة . إذآ لا بدّ أنه نائم .
    وضعت فيليبا لوح الرسم على الأرض وصعدت ثانية . دفعت باب غرفة آلان ووقفت للحظة ، تحاول أن تستوعب ما رأته .
    كانت الغرفة مهجورة ، فارغة ، و السرير عاريآ ومطويآ بترتيب . أمسكت عضادة الباب بطريقة آلمت أصابعها من كثرة الشد .
    سمعت صوتها يرتجف ويقول :" لا ... يا إلهي ، أرجوك ... لا ."
    لكن لا جدوى من الانكار . لقد ذهب آلان من دون أي شك ... كما وعدها أن يفعل . كل ماحدث بينهما . كل الحاجات اللاهثة و الملحة والتي لم تعرف أي حدود ، كل هذه البهجة المخيفة و المربكة لم تؤثر على قراره .
    نزلت السلالم ، وفتحت الباب بعنف ، لم تجد أي أثر لسيارته ، أحست فجأة بدوار وهي تجثو في المدخل . بدا دفء الشمس على وجهها ، وكأنه يسخر منها الآن .
    أرادت أن تبكي ، لكن لم تسعفها الدموع . كيف بإمكانه أن يرحل من دون أن يكلمها، حتى كلمة واحدة . نعم ، لقد اتفقا على الانفصال ، لكن كان ذلك من حياة ماضية . ألم يلاحظ كم تغيرت ؟ وكيف تشعر الآن ؟
    الحقيقة المرفوضة واجهتها ... لقد لاحظ بالتأكيد ، لكنه لم يبالِ . ربما هو معتاد على هذا النوع من التجاوب مع نسائه . الحب بالنسبة له شيء فارغ . كما أفهمها مرارآ ، لقد امتلكها ، هذا كل مافي الأمر .
    لقد استمتع أيضآ بانتصاره ، فكرت بحزن . استمتع بانهيارها . دمر كل مقاومتها ، وحولها إلى حيوان صغير خانع .
    أحب أن أربح ، أخبرها بذلك ليلة البارحة . وقفت ومشت إلى الطاولة ، هذا ما رأته في لوحتها ، لكنها لم تلاحظ ذلك من كثرة إثارتها .
    لقد تلاعب بها بشكل مثير للشفقة !
    أمسكت اللوحة ومزقتها حتى دُمرت نهائيآ . ثم جمعت أجزاءها ، ووضعتها في الفرن وراحت تراقبها ، و النار تلتهمها .
    كانت تحترق هي أيضآ ... بتذلل وندم . يا إلهي ، ألم تنل ما يكفي من التحذيرات ؟
    عليها أن ترحل هي أيضآ ، لايمكنها أن تبقى هنا في هذا البيت و الذكريات تطوقا من كل مكان . عليها أن تجد بيتآ في مكان آخر ، وتنظم حياتها من جديد قبل أن يعود كيفين .
    ستحزم حقائبها ، وتتوجه إلى مونتاسكو ، وتركب أول قطار إلى أي مكان .
    عليها أن ترتب المحترف أولآ ، فكرت . لا يمكنها أن تأخذ معها كل معداتها . ستُبقي البعض منها هنا . ربما سترجع يومآ ما لإحضارها .
    اقتضى منها بعض الوقت حتى نقلت أغراض الرسم من المحترف إلى الطابق الأرضي . كان المسند ثقيلآ ووجدت صعوبة في حمله ، لكنها كانت مسرورة لأنه جعلها تركز على عملها وتنسى آلان قليلآ .
    تركت أقمشتها غير المستعملة . وضعت لوح الرسم و الطاولة في احدى الزوايا وغطتها بشرشف سميك .
    كانت على وشك أن تصعد إلى غرفتها وتوضب ثيابها عندما سمعت سيارة . توقفت وهي تحملق إلى الباب المفتوح . سيارة آلان ، فكرت وعضلات حلقها تتقلص على نحو مؤلم . لايمكن ذلك . لابدّ أنها تهذي . لقد ذهب آلان ولن يرجع
    0

  17. #4116
    راقبته مذهولة وهو يترجل من السيارة ، يعبر ساحة البيت إلى الباب . لم تعرف سبب رجوعه ، ولم ترد أن تعرف .
    لن تستطيع مواجهته ... لا تستطيع أن ترى علامة الانتصار في عينيه،أو الشفقة .
    حاولت أن تغلق الباب ، لكن آلان سبقها و دفعه بكتفه بعنف .
    "هل أنت مجنونة ؟" سألها ، وهي تتراجع عنه بعيدآ . نظر حوله ورفع حاجبيه : "لماذا كل أغراضك هنا ؟"
    "لأنني راحلة . وسأرسل عنواني إلى محاميك بعد أن استقر ."
    ردد وراءها ببطء :" محاميك بعد أن استقر ... عما تتحدثين بحق السماء؟"
    "الطلاق ." رفعت ذقنها ." ألم نتفق على ذلك ؟ لاداعي لقول المزيد .لمَ عدت؟"
    بقي صامتآ للحظة . بدا وجهه شاحبآ ثم ابتسم .
    "حسنآ ، كما تريدين ، يا مدام . لن أضيف شيئآ . اعتقدت بأن علينا أن نودع بعضنا البعض . لكنني لن أؤخرك أكثر ."
    تجاوزته فيليبا ، وصعدت السلالم إلى غرفتها . فتحت الباب ووقفت . كانت الفوضى تعم الغرفة ، وكأن لصآ قد دخل الغرفة .
    ثم ، وببطء أدركت سبب هذه الفوضى .
    صدمت لأن ما رأته كان ملابس آلان . وجالت بنظرها على قمصانه وكنزاته وحقيبته الجلدية وكل أغراضه المبعثرة على السرير .
    سمعت خطواته ، واستدارت ببطء . كان وجهه خاليآ من أي تعبير . قال باتزان : "إني آسف ، لقد تصرفت بوقاحة ، ربما من الأفضل أن أحزم أغراضي أولآ ."
    كان يهم بالمرور أمامها ، فأمسكت فيليبا بذراعه .
    سألت بصوت أجش :" لماذا وضعت أغراضك في غرفتي ؟"
    "هل أنت بحاجة إلى هذا السؤال حقآ ؟" وأضاف بصوت قاسٍ :" لأنني فكرت ... وتمنيت أن أنام هنا أخيرآ ."ضحك .
    "كم كنت غبيآ ! لم تعن لك شيئآ الجنة التي تشاركناها منذ ساعة أو ساعتين ." أبعد يدها على كتفه ." لا تلمسيني ."
    "آلان ، لا ، أصغ إليّ." أمسكت قميصه ."أعتقدت أنك رحلت وأنك هجرتني إلى الأبد . قلت إنك ستفعل ذلك بعد أن تنتهي من تصليح السيارة . لم أرك عندما استيقظت ولم أبحث هنا ، لم أعتقد ..." أخذت نفسآ عميقآ ."كنت تعيسة جدآ . أردت الموت . ولهذا كنت راحلة لأنني لا اتحمل أن أبقى هنا بمفردي ."
    بدا آلان غير مصدق ، لكنه لم يبعدها عنه ." أترككِ ؟ هل حقآ تعتقدين ذلك؟" هز رأسه ."لا ، يا حبيبتي ، لم أنوِ ذلك أبدآ على الرغم مما قلته . حتى من دون تدخل السيد دي تييري ، كنت سأجد عذرآ ما لأبقى ، وأحقق ما جئت من أجله ."
    "ماهو ؟" همست .
    ابتسم ."أنت ، يا زوجتي الصغيرة . جسدك ، قلبك و عقلك العنيد ." أمسكت يداه يديها ، ولاحظت أنهما يرتجفان . قال :" فيليبا ، لا تتظاهري بعد اليوم . انت تعرفين أنني أحبك . هل تبقين هنا معي ونمضي شهر عسل من جديد ؟ ونبدأ زواجنا على أساس الحب و الصدق ؟"
    "آلان ، أنت الذي يتضاهر . أنت الذي لا يريدني ، بل تريد البارونة . أنا لا أستطيع أن أتحمل ذلك مهما كنت أحبك . هذا كثير عليّ ."
    قال بلطف :" لم أكن أبدآ مهتمآ بماري لور . عندما التقيتها أول مرة وجدتها مغرية ، كانت تجربة مثيرة ، هذا كل مافي الأمر ."
    "كيف يمكنك أن تقول ذلك ؟" همست :" لقد رأيتكما معآ ، في الحفلة ، على الشرفة . أنت تعلم ذلك . كنت تعانقها ..."
    "كلا ." عانقها وداعب شعرها . " لقد انتهى كل شيء بيننا منذ وقت طويل . هي التي لحقت بي ورمت بنفسها عليّ . وفي تلك اللحظة عرفت ..."
    "عرفت ماذا ؟" كان صوتها ينم عن التهديد .
    "إنها استؤجرت مثل صديقك فابريس من قبل عمي ." قال عابسآ . نظر إلى عينيها وهز رأسه ." أنت تجدين الأمر صعب التصديق . وأنا كذلك ... في البداية . التقيت بتلك المرأة مصادفة . أوضحت لي أنها تريدني . وأنا صدقت كل ما تريدني ، هي أن أصدقه ."
    ابتسم بسخرية :" أصابتني الصدمة عندما انتشرت الفضيحة . لم أكن الرجل الأول في حياتها . كان كل شيء مرتبآ بطريقة ما . قمت ببعض التحريات ، واكتشفت أنها غارقة في الديون . كان البارون رجلآ غنيآ ، لكنه لم يكن كريمآ ، وكانت هي تحب المغامرة . لايوجد أي كازينو في جنوبي فرنسا لم ترتده . كانت السلاح المثالي لعمي. لذلك انهيت علاقتي بها ..."
    توقف قليلآ ثم استطرد :" كان لدي بالطبع العذر المثالي كنت عازمآ على الزواج ."
    "فهمت ."
    "كلا ، لم تفهمي أبدآ ، يا زوجتي ." داعب وجهها بيده . "اوقفت كل علاقاتي منذ تلك الليلة في لاودن حيث رأيتك لأول مرة . ألم تعرفي ذلك ."
    "وكيف لي أن أعرف ؟ لم أكن جميلة ولم أكن انتمي لعالمك ..."
    "لست جميلة ؟" سألها بنعومة :" أنت لا ترين جيدآ بالنسبة لفنانة . وما يعرف العالم الذي أنتمي إليه عن إخلاصك وحبك ؟ وجدت نفسي أفكر الليلة بأنك لا تهتمين سوى بوالدك أو أنك ستفكرين يومآ ما بي . لم أكن أصدق ما كان يحدث لي . عندما كنا في الفندق ، كنت حائرآ أسأل نفسي ، ماذا عليّ أن أفعل ، إذا لم تأتي إليّ ، مع أنني كنت أعرف بأنني سألاحقك أينما ذهبت ."
    نظرت إلى عينيه ، رأت ألمها ، وترددها منعكسين فيهما . " آلان ..."
    عندما رفع رأسه التمعت عيناه . " قولي بأنك تحبينني . قولي ذلك حتى تصبحي زوجتي بصدق هذه المرة . قولي بأنك لن تتركيني أبدآ مرة ثانية ."
    "أنت الذي كنت دائمآ ترحل ." احتجت .
    "كنت دائمآ بمفردي في باريس . وتلك الليالي التي كنت تتغيب فيها عن الشقة ..."
    "هل اعتقدت أنني كنت سأتحمل البقاء معك ، أراقب كرهك لي ونفورك مني كلما حاولت التقرب منك ؟ لم ألمْك لذلك . كنت أنوي أن انتظر وأصبر ، لكنني تصرفت كالوحش ."
    تأوه وأضاف :" لم أتجرأ على لمسك في لندن حتى لا أخيفك ، ولكنني نسيت كل شيء في ليلة زواجنا بعد أن أصبحت ملكي . كنت أريدك بجنون ، وكنت متأكدآ . من انني سأستطيع أن اجعلك تريدينني ." بعد ذلك ، كرهت نفسي . لم أنم طوال تلك الليلة . لم تفارق عيناك المجروحتين خيالي ولم أفكر سوى بأنني حطمت كل شيء بيننا إلى الأبد . كنت انام في الشركة . كان علي أن أبقى بعيدآ لأنني لم أثق بنفسي . أعرف انك كنت غير مستعدة لتحمل أقل اتصال بيننا ، لكن كانت هناك أوقات احتجت فيها للمزيد ، وكنت خائفآ من أن أصدمك أو أشعرك بالاشمئزاز أو أزيد الحواجز التي بيننا ."
    "اعتقدت أنك مع ماري لور . أنت أوحيت لي بذلك ."
    "حسنآ ، تساءلت إذا كان موقفي سيشعرك بالغيرة ، وخاصة بعد ان لمست بعض الإهتمام . كان أملي الوحيد ، قلت لنفسي . إذا كنت فعلآ لا تبالين كما أوضحت ، عندئذٍ فلن تؤثر علاقتي عليك . قررت ان اضللك قليلآ ، طبعآ بمساعدة ماري لور ، اعني بمحاولاتها لاسترجاعي ."
    أحنى رأسه ولثمها بلطف ."هل بإمكانك ان تسامحيني ؟ لقد نلت عقابي إذا كنت قد جرحتك عندما فكرت بأنك واقعة في حب فابريس . عرفت معنى الغيرة الحقيقي ولاحظت أن استعمالي لماري لور كطعم أوقعني في فخ . أصررت على التحرر مني حتى أتزوجها . وعندما حاولت أن أفسر لك وأخبرك بالحقيقة رفضتِ سماعي ."
    "اعتقدت أن هذه رغبتك . الزواج من المرأة التي تحبها ."
    "كنت أقصدك . أردت أن يكون زواجنا صادقآ ، وأن نمضي بقية حياتنا معآ ، على أمل أن تقعي في حبي يومآ ما ." تنهد ." أعتقدت أننا لو أنجبنا أولادآ ، واهتممت بهم، ربما كنت ستحبين في آخر الأمر والدهم . كنت يائسآ جدآ ."
    "أنا كنت يائسة أيضآ ." اعترفت بصوت خفيض :" ولذلك هربت . عندما فكرت اليوم بأنك هجرتني ، أردت الموت ."
    "كنت غارقة في النوم ولم أشأ إزعاجك . فكرت في إنهاء مهمتي قبل أن تلاحظي غيابي ." قال على نحو مقتضب :" اتصلت بباريس وأعلمت زملائي بأنني سأذهب في رحلة شهر عسل جديدة ، ولا أريد أن يزعجني أحد . أحضرت بعض الطعام أيضآ . عليّ أن أحافظ على قوتي ، أنت تفهمين ."
    "حقآ ؟" نظرت إليه بعبث .
    "سيكون عملي كعارض صعبآ للغاية ، خاصة إذا كنت مجبرآ على إقامة علاقة مع الفنانة ."
    "يا إلهي ." وضعت يدها على فمها ." لقد تذكرت ... لقد مزقتها ... صورتك الجميلة."
    "سأتيحُ لك فرصآ أخرى ، إذا شئت ." طبع قبلة على أنفها . " لا أنوي أن أرتدي خلال هذا الأسبوع الكثير من الثياب ."
    "فقط ؟"
    "لا ، سنسافر إلى الولايات المتحدة لإحضار والدك وسيبقى معنا في فونتابلو ."
    "أتمنى ألا يصدمه خبر زواجي ." بدت قلقة .
    "سيسامحنا عندما يرى سعادتنا ."
    "هل سنكون سعيدين ؟"
    "كثيرآ ." عانقها .
    "ليس علينا سوى أن نأكل ، نشرب ، ونستمتع بأشعة الشمس ، وببعضنا البعض ."
    "عليّ أن أرسم أيضآ ." ذكرته بابتسامة . سوف أنقل أغراضي إلى المحترف مجددآ.
    "لاحقآ ." أمسك يدها ، وثبتها على أزرار قميصه ."بعد ليلة زواجنا !"
    قالت وهي تعبث بشعره بأصابع مرتعشة :"لكنها انتهت منذ عصور ."
    "خلاف ذلك . ستبدأ الآن ، وستستمر إلى الأبد . هل أنت موافقة ؟"
    "نعم يا حبيبي ." نظرت فيليبا إلى عيني زوجها بمحبة وثقة .

    \\~*{ تًمٍـــتْ }*~\
    \
    0

  18. #4117
    اتمنى تنال اعجاب الجميع
    وانا نزلتها كاملة لان نت مافيه انا الحين منزلة الروايه بالشحاته
    وان شاء الله الي عودة بروايات جدد انا وخواتي

    ايوا ماري عنوني تقول الك شانينغ انها تعتذر لان النت هالفترة قطع مرة الثانية وروايه شهر عسل مر الي الله يمرمرها مثل ما مرمتكم تعتذر لانها ماراح تقدر تكتب الفصول الي سئلتك عنها لانها مثل ما قالت الك كتبتها وضاعت من الجهاز <<<< ايوا ما خليتي شيء قلتي السالفة كلها
    عموما هي تعتذر منك

    وسي يا وتحياتي للجميع
    0

  19. #4118
    سلمت الايادي

    واتمنى ان نرى المزيد من الروايات

    وان تعودوا جميعا الى الكتابه واشكركم على الروايه الجميله

    وبانتظار جديدكم

    عبود البرنس
    0

  20. #4119
    يعطيك العافيه الشيخه زورو
    على الروايه الرائعه وبنتظار جديدك
    0

  21. #4120
    0

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter