مشاهدة نتيجة التصويت: اي هذه الروايات تحب رؤيتها اولا على ملفات وورد ؟؟

المصوتون
29. لا يمكنك التصويت في هذا التصويت
  • معا فوق النجوم

    5 17.24%
  • العاشق المنتقم

    8 27.59%
  • حب غير متوقع

    8 27.59%
  • غرباء على الطريق

    8 27.59%
الصفحة رقم 11 من 569 البدايةالبداية ... 9101112132161111511 ... الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 201 الى 220 من 11376
  1. #201
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة !SO مشاهدة المشاركة
    شكـــراً عزيزتـي ورده على الروايـــــــــة الرائعـــــة والمجهود الطيب في انزالها بوقت قياسي

    وفي انتــظــــــار المزيــــد من رواياتــــك المميـــزة

    تحيـــــــــاتي وورودي ..

    white_rose2
    العفو عزيزتي وان شاء الله تعجبك الرواية ويكون فيه روايات قادمه
    400740e3caee84af56d8f3eaec5de0a8
    0


  2. ...

  3. #202
    ياااااااااااااااااااااااااااي ياوده

    الروااااااااااايه تجنن

    موت تجنن

    كراسيس على الاختيار الروووووووووووووووووووعه

    وربي من احلى الروايات اللي قريتها.,’
    0

  4. #203
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة noisy cat مشاهدة المشاركة
    ياااااااااااااااااااااااااااي ياوده

    الروااااااااااايه تجنن

    موت تجنن

    كراسيس على الاختيار الروووووووووووووووووووعه

    وربي من احلى الروايات اللي قريتها.,’
    هذا مما يسرني وان شاء الله تعجب البنات ايضا
    0

  5. #204
    1206862_l
    روايه راااااااااااااائعه مثل صاحبتها...تسلمين يا وردتنا....asian
    - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
    وانتهت الروايه الثانيه بحمد الله....
    اما الروايه الحائزه على المرتبه الثالثه في القرعه هي
    /

    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /
    /

    روايه... ((غرباء على الطريق))
    ستنزلها الاخت... ((SO))

    بأنتظارك في الغد SO....gooood
    اخر تعديل كان بواسطة » ماري-أنطوانيت في يوم » 09-01-2008 عند الساعة » 20:57
    d578681a5e4f97b78c5189941ab4bb1b
    0

  6. #205
    يعطيك الف الف مليون عافية عيوني على الرواية الروعة
    بجد بجد روعة
    يعطيك الف عافية
    0

  7. #206
    تسلمين ماري على المجهود المبذول على المشروع
    ويعطيك الف عافية
    وبانتظار عزيزتي so بانتظار الرواية على احر من الجمر
    0

  8. #207

    نبـــدأ المشـــوار

    get-1-2008-qnbuaz2i

    get-1-2008-p7amk4c3


    تـابعـونـي اليـومـ مـع الحلقة الاولى من المسلسل
    اخر تعديل كان بواسطة » !SO في يوم » 10-01-2008 عند الساعة » 06:39
    0

  9. #208
    الرواية رائعة جدا جدا ...... صراحة جو ثاني خالص خالص ...

    مشكورة ياأحلى وردة ....

    ومن الغلاف للرواية الثالثة شايفة انها راح تكون جو ثاني كمان .....

    في انتظارك يا so العزيزة ....
    0

  10. #209
    الســــــائق الأرعــــــــن

    8b0d62c856
    استمرت الشاحنة العملاقة في ملاحقة بروك عن قرب ورغم محاولاتها الجاهده، لم تتمكن من معرفة سبب هذه المطاردة. سعت عيناها لإلقاء نظرة الى السائق عبر المرآه الامامية، ولكن كل ما استطاعت رؤيته كان الخطوط الحمراء للشاحنة المندفعة وراءها. فزجاج الشاحنة الامامي أعلى بكثير من زجاج سيارتها مما جعل من المستحيل رؤية شئ !
    وكانت نافذتها مفتوحة على مصراعيها ليتسنى للهواء البارد التسلل إليها حيث راح يعبث بخصلات شعرها الاشـقر المتطاير حول رقبتها، تاركاً لها شعوراً بالراحة من حر يوم الصيف هذا. وأخيراً .. قرر السائق ترك المطارده، فتنحى بالشاحنة عن الخط السريع من الطريق العام. وما ان وصلت الشاحنة الى جانبها حتى التفتت بروك لترمق من سبب لها كل هذا التوتر، فلا شئ أزعج من عملاق طرقات يلتصق بذيل سائق سيارة صغيره, وكأنه وحش بري ينقض على فريسته محاولا تثبيتها الى الارض.
    قطبت عن بعد وعيناها تلتقيان بضحكة الرجل الساخر، الذي كان منذ اميال عديدة مصدر عذابها. ودفعتها غريزتها الى الشتم بعنف راجية ان يقدر هذا الارعن على قراءة الشفاه! لكن عندما همًت بالشتم كان كل ما نطقت به هو (عليك اللعنة) وكان كل ما تلقته من رد: ارتداد رأس الرجل للخلف بضحكة ساخرة، ثم تابع طريقه بسرعة حتى ابتعد عن ناظريها!
    تنفست الصعداء لأنها لن تراه مجدداً، فهو يقود شاحنة فارغة، ومن المعروف ان كل سائقي الشاحنات الخالية من الحمولة يقودون بسرعة مذهلة كي يعودوا الى مركزهم سعياً الى حمل اخر يكسبون منه مالاً اوفر.
    لم تنتبه لجفاف فمها والتواء معدتها إلا بعد ان وصلت الى محطة خدمات تحتوي على مطعم ونزل صغير ومحلات ومحطة وقود، في هذه اللحظة علمت ان ذاك السندويش الذي تناولته منتصف النهار ما كان كافياً إطلاقاً كما اعتقدت!
    جالت عيناها فيما حولها بعد ان ركنت سيارتها جيداً في الموقف، فشاهدت لوحة تشير الى مساحة مخصصة لوقوف الشاحنات والعربات الكبيرة، ولمعت في ذهنها كفرة ان يكون سائق العربة العملاقة الحمراء قد توقف هنا لآخذ قسط من الراحة ووجبة طعام.
    جعلتها الفكرة تترجج. ولكن وبعدما أظهرت لها عيناها ما يمكن ان تقدمه محطة الخدمات هذه، فكرت في أنه لو توقف هنا لما اختار المطعم الفخم الذي وقفت تتأمله بل لاختار المقهى الصغير كما يفعل سائقو الشاحنات عادة.
    كان المطعم أفخم مما توقعت، يشرف على خدمة زبائنه سقاة أنيقون بينما المقهى الصغير يعتمد زبائنه على الخدمة الذاتية. وفي المطعم إضاءة ناعمة وستائر أنيقة ونباتات جميلة، وهذا كله دون شك سيرفع من ثمن الطعام فيه. اختارت بروك طاولة معده لشخصين في الوسط ثم شرعت في قراءة لائحة الطعام، فلما لاحظت الاسعار الباهظة كادت تتسلل باتجاه الباب. المدخول المادي الذي يعينها ووالدها على العيش كان ضئيلاً جداً حتى لا يكاد يكفي لدفع ثمن فنجان شاي وخبز محمص وبعض المربى وربما كعكة صغيرة. تلقت الطلب منها ساقية جذابة، تضع مريلة بيضاء وثوباً اسود قصير، احضرت الفتاه ملاءة ورقية مطوية فتحتها لتضعها أمام بروك على الطاولة، بعد ان انتهت رفعت الفتاة رأسها في لتبتسم من فوف رأس بروك.
    والتفتت بروك بعد ذهاب الفتاه في محاولة لاكتشاف من تلقى تلك البسمة منها .. وهي بسمة كانت لرجل جذاب دون شك، اما الرجل فكان ساحراً اكتشفت شده سحره أثناء الطريق الى هنا! فتحت القميص وربطة العنق التي لاحظت أمام دهشته انه يرتديها الان، كان هناك عضلات مفتولة وكتفان عريضان. إن هذا الوسيم الاســود الشعر، الاسمر القسمات هو من النوع الذي يمارس الغزل على الطرقات العامة متمتعاً بها.
    بدت الاطباق الموضوعة أماه من أفخر انواع الاطعمة والشراب كان كذلك. أما الرجل فجلس وعلى وجهه إبتسامة تشبه تلك التي وجهها الى الساقية لكن ابتسامته تلك كانت رداً على دعوة الساقية له أما هذه الابتسامة فهي متعجرفة ساخرة.. لبروك.
    أخفت بسرعة أي تعبير قد يعلو وجهها، ثم أشاحت وجهها بعيداً عنه بقوة حتى أحست بأن شعرها تطاير فوق كتفيها وبعد لحظات قليلة من تقديم ما طلبته وقفت الساقية قرب سائق الشاحنة.. وركزت بروك اهتمامها على صب الشاي، ودهن الخبز المحمص بالزبده، رافضة أن تسمح لرأسها بالالتفات الى الوراء. لكن بعد أول قضمة استدار رأسها لا شعورياً وكأنه عقرب الساعة، وراحت ترمقهما فبدا لها انهما يعرفان بعضهما، ولكن الى اي مدى! هذا ما لم تجرؤ بروك على التفكير فيه فسائقو الشاحنات يقودونها الى مسافات بعيده وهم بحاجة الى الراحة والانتعاش. أو ليس معروفاً كذلك انهم بحاجة الى اشياء اخرى!!

    وتصاعد الضحك وانحنت الساقية لتمسح شيئاً عن سترة الرجل السوداء وسمعته يتمتم:
    انه الغبار .. فقياده الشاحنات عمل قذر ..
    تركته الفتاه لتهتم بالزبائن، فعادت من جديد نظرة الرجل لتحط على بروك، عندها فقط أدركت كم كانت تمعن النظر إليهما فاصطبغ وجهها بنار الخجل أما هو فازدادت ابتسامته اتساعاص وسخريته وضوحاً..
    رنت إليه بطرف عينها فشاهدته يرتشف القهوة وهذا أمر عظيم لآنه إن دل على شئ فعلى اقتراب مغادرته المكان .. ولكنه لم يظهر أي دليل على الاستعجال! هناك شئ فيه يحيرها .. هذا المظهر النظيف في المطعم بعد مظهره العاري حتى الوسط في الشاحنة .. وذوقه الباهظ الثمن .. وعجرفته! إنه لغز لم تفكر قط في حله. مسحت فمها بمنديل ورقي ودفعت كرسيها لتقف. وما أن وصلت الى البات حتة احست بيد تربت على كتفها، فاستتدارت ذعرة لترى سائق الشاحنه يقدم اليها ورقة. لقد سمعت صوتاً يناديها، ولكنها كانت تريد الهرب بأسرع ما يمكن من هاتين العينين الساخرتين اللتين لم تتركاها منذ أخذ صاحبهما يرتشف القهوة ببــطء. ازداد وجهها امتقاعاً وازدادت هي ارتباكاً وغضباً من نفسها.. تمتمت: شكراً لك. وانتزعت الورقة منه، وهي تريد أن تقول له، هذه غلطتك لآنك كنت ترمقني بكل جرأه، لكنها ارتدت عائده الى داخل المطعم لتدفع الحساب على الصندوق حيث العاملة مستغرقة ف عملها فلم تلاحظ شيئاً، وجدت بروك نفسها تحاول شرح الامر فقط للرجل الواقف خلفها منتظراً دفع فاتورته: لقد نسيت انا انا لم ارتكب هكذا غلطة من قبل!
    ورفع الرجل المبتسم حاجبيه وهز رأسه وكأنما يقول لها: لقد سمعت مثل هذه الاعذار من قبل. استدارت عنه غاضبة لتخرج الى الهواء الطلق، ومن هناك شاهدته يتناول ما بقي له من مال ثم يتجه نحو محلات البيع. ها هي مرة اخرى تفتح امامها الطريق الرئيسية. تغلغل في نفسها إحساس غريب بالحرية.. ممَ؟؟ لا تعلم لكنها مسرورة لأنها لن ترى هذا الرجل ثانية. وداست على دواسة السرعة، وانطلقت السيارة بكل قوتها الى مقاطعة أونتاريو حيث بلدها. بعد عده أميال، لاحظت صوتاً غريباً يخرج من السيارة.. وبما أنه لم يكن مستمراً حاولت تجاهله. السيارة عمرها ست سنوات، وهي تحتاج الى تبديلها بأخرى حديثة الطراز، لكن أنًى لها ذلك والمال غير متوفر، بعد أن تقدمت في المسير لم تستطع دون أن تنظر من فترة لآخرى الى الخلف بحثاً عن أثر لشاحنة حمراء، لكنها عادت توبخ نفسها.. فلماذا تنزعج إن لم ترَ ذلك المخلوق ثانية! ألم يتبين لها بوضوح نظرته إلى المرآه وكأنه لا يريد منها إلا شيئاً واحداً ولن تحتاج الى ذكاء فائق لتعرف ما هو هذا الشئ. فجأه اهتزت السيارة بقوة ملآتها رعباً. شئ رهيب يحدث، استطاع عقلها تلقائياً التفكير في الاستدارة بالسيارة تجاه كتف الطريق. وأوقفتها بحده، وجلست محنية الرأس، تقاوم الذعر، يداها ما زالتا علتى المقود تمسكانه. أشعة الشمس اخترقت كيانها فلا نسيم الآن تسببه حركة السيارة يلطف من حرارتها الشديدة، التي بدأت تحرق خدها وذراعها المعرضة خارج النافذه. خرجت من السيارة لتفتح غطاء المحرك، حينما وقفت تحدق فيه دون جدوى حولت بصرها الى السيارات والباصات الصغيرة والعربات التجارية المارة بها بسرعة. وعندما أبطأت سيارة، لتتوقف قرب سيارتها خفق قلبها بالامل، وسألها الرجل: ثمة مشكلة؟ أوه عزيزتي.. اعرف تماماً ما هو شعورك، ولكن للأسف لا فائده ترجى مني أو منك لتصليح محركات السيارات. تظر إليها ثانية مبدياً إعجابه بجاذبيتها التي زادها قوة قميصها الذي دون كمين والبنطلون المغبر .. احست بالانزعاج .. الرجال! ماذا يظن بي الآن؟ أيحسبني اتظاهر بأن سيارتي معطلة كي احصل على ذلك النوع من التسلية الذي يمر في ذهه الآن!!
    - هل بإمكاني اخذك الى مكان لتناول شراباً ثم نعود؟
    (اجــل! هذه هي فكرته!) .. هزت رأسها بجفاء: شكراً لتوقفك.
    راقبته يبتعد وهي تحس بالراحة. ومن بعيــد .. لاح شبح سيارة شحن حمراء .. يقودها سائق متعجرف.. ذو ابتسامة ساخرة، خفق قلبها بقوة بينما عيناها مستقرتان على العربة الحمراء النارية القادمة وكأنما تأملان أن تنجدها.. ماذا لو لم تفعل! ماذا لو لم يشاهدها السائق في حال كان ينظر الى الناحية الاخرى؟ ولماذا تريده ان يساعدها؟؟ فكرت باضطراب.. وبررت موقفها بأنه من ذلك النوع من الناس الذين يظهرون ثقة واضحة بالنفس تجعل المرء قادراً على الاعتماد عليهم.. ومعظم الذين يقودون الشاحنات المحملة بالبضائع الخطرة والمهمة من طرف البلاد الى الطرف الاخر، يعتمد عليهم نظراً للتبعات التي تلقى على كاهلهم بنقل ذاك الحشد من البضاعة. ودنت الشاحنة منها اكثر فأكثر .. فهل سيكمل مسيره أم يتوقف؟ هل تتخيل! أم انه فعلاً خفف من سرعته! وبكل براعة ناور بالشاحنة العملاقة، لينحرف الى الخط البطئ من الطريق، حيث أوقفها.. تنفست بروك الصعداء ما أن سمعت مكابحه، وتوقف محرك السيارة. كان أول شئ لاحظته بعد أن قفز الى الخلف لينزل من شاحنته هو الجينز القديم الذي ارتداه بدل ذاك السروال الانيق، أما نصفه العلوي المحروف بفعل أشعة الشمس فكان عارياً. تقدم نحوها وهو يلقي نظره سريعة على كل ما أعجب به السائق الذي توقف قبله، ولكن في نظره هذا الرجل لمسة إهانة متغطرسة. أهي نابعة من جرأه نظرته أم من التواء شفتيه الساخرتين أم من الطريقة التي يعلق بها ابهاميه في حزامه! ومهما يكن السبب فقد احست بروك بقشعريره خوف تسري في جسدها.
    - ها قد التقينا من جديد سيدتي!
    أجفلها صوته الأجش الذي يبدو ضخماً كالامكنة الواسعة الفارغة، في صوته نبرة تومئ الى ثقافة وذكاء وهي ادركت ذلك لآنه قبل أن يصاب والدها بتلك النكبة كان استاذاً جامعياً .. أردف: هل واجهت السيده المتفوقة الصغيرة التي تشمخ أنفها الى السماء والتي تسير بعجرفة أنستها دفع فاتورة المطعم، أي نوع من الكوارث؟؟
    حدقت اليه بتوتر.. لو أنه ليس سوى سائق وضيع لعرفت السبيل الى التعامل مع صفاقته.. ولكن ما من شئ في هذا الرجل يشير الى مكانة وضيعة، فردت عليه بالطريقة المتعالية نفسها: أنا لست متفوقة، بل فتاه عادية أنفها حيث يجب ان يكون أي في مقدمة وجهها تماماً.. وهي لم تعتد السير بعجرفة دون أن تدفع الحساب. ولكن الكارثة التي واجهتها كانت انت .. وها أنت من بين كل السائقين تهب الى نجدتها! هزت رأسها باتجاه الطريق.. محرجة فتمتع هو بما رأى كما فعل تماماً ساعة شتمته عندما تركها ليتجاوزها.
    كتف ذراعيه ثم اكمل تحديقه إليها.. لماذا لا يسألها ما هي المشكلة؟
    قالت له: لقد تعطلت.. فقطب حاجبيه وأجاب: صحيح؟ ولكنك تبدين لي سليمة، إذا لم اقل نبيلة.. فاحمر وجهها واجابت. يا لسعة معرفتك باللغة وانت مجرد سائق شاحنة! فابتسم ولم يرد على تعليقها، فأشارت برأسها الى الوحش المتوقف بجوار سيارتها وتابعت: هل أتيت بهذه من مكان بعيد؟
    - من هيلفكس
    - هل كنت توصل حملاً ؟؟
    - حمل كيماويات للتصدير.
    - وهل أنت سائق شاحنة منذ زمن؟؟
    بسمته كانت ساخره وكأنه يعرف أنها إنما تنقب عن معلومات عنه.
    اجاب: منذ ان تخرجت من قياده سيارات الالعاب نحو حائط الحديقة. لقد خلقت والمقود في يدي وها قد تكسرت أسناني من مفاتيح البراغي واتخمت من حمية اقتصرت على "الصمولة" و"البراغي".
    اخر تعديل كان بواسطة » !SO في يوم » 11-01-2008 عند الساعة » 16:22
    get-1-2008-fo361dtf
    0

  11. #210
    وأخرجت بروك تنهيـده مرتفعة.. فهذا الحوار لن يوصل
    الى نتيجة:
    - والدي سيقلق عليَ إذا تأخرت، أرجوك هل لك أن تساعدني؟
    لم يغير وقفته بل قست نظرته أكثر فأكثر وبقي يحملق فيها بصمت، وكأنما جاء دوره ليزنها ويضعها في مكانها الصحيح من المجتمع تماماً.. ستكتشف لاحقاً إن كان تقييمه لها محقاً أم غير محق. وقالت له: كتاب تعليمات السيارة على المقعد الخلفي.. وستجد ..!! هل لك ان تأتي!!
    فتحت باب سيارتها الخلفي ودخلت ثم تراجعت لتفسح له مجالاً للجلوس، فتقدم ببطء وأحنى رأسه ليصعد ويجلس قربها، بتوتر أخذت تتصفح الكتاب، وأخذت الرسوم تتراقص أمام عينيها.. فقربه منها .. وعٌري جزءه العلوي من جسده كان أقوى من طاقتها.
    وتساءلت متى سيسألها عما حدث قبل أن تتوقف السيارة .. نظرت إليه، فإذا به ينظر إليها نظرة جعلت قلبها يقفز من مكانه.. في عينيه تلك النظرة التي كانت في عيني ذلك السائق الاخر، ولكن ذلك الرجل تابع طريقه أما هذا فتوقف. فإذا كان ما يدور في خلده ذات الأمر الذي دار في خلد من سبقه فليرحل الى ...
    وارتفعت عيناها الرزقاوان إليه، وقد ارتسم على وجهها البيضاوي الجميل شبح ابتسامة..
    - ارجوك سيـد .. أنا لا اعرف اسمك..
    - بإمكانك مناداتي آنـدي
    - اندي .. هل لك أن تنظر الى سيارتي؟ أنها..
    - صحيح .. انظري يا سيده.. سيارتك على ما يرام .. متى نبدأ؟ الا تظنين المكان هنا عاماً؟ ولكن .. وقبل أن يكمل ارتفعت يدها قبل أن تستطيع منعها محدثة صوتاً كأنه دوي الرعد رغم ارتفاع أصوات السيارات المارة على الطريق.
    ومد يده ليمسك معصمها بقوة: أيتهــا ..
    ظنت لوهلة أن يده ستكسر رسغها الطري.. فاندفعت الدموع الى عينيها، ولكنها عضت على شفتها العليا لتمنع نفسها من البكاء أو الصراخ.. برقت عيناه وهو يقول:
    - لقد قضيت الساعات والاميال على الطريق العام تلعبين لعبة القظ والفأر معي، تبتعدين عندما اقترب.. تقتربين عندما ابتعد .. تسبقيني ثم اسبقك، ثم تلحقين بي الى فندق صغير اعرفه منذ مده، وغايتك كل غايتك أن نتعارف بشكل حميم.. ثم تعمدين أخيراً الى أقدم لعبة معروفة وهي التظاهر بتعطيل سيارتك!!
    وعندما استجيب لك في كل ما قمت به من الاعيب تدعين العفة والطهارة!
    وشحب وجهها، وخفق قلبها، ثم قالت وهي تتلفظ بكل كلمة على حدا:
    - اخـــرج ... من .. سيـــارتــــي!!!
    نظر إليها نظرة إزدراء أخيرة.. ثم خرج ملبياً طلبها. لكنه ما إن صفق الباب متجها نحو سيارته حتى ادركت بحسره.. أنه بعد لحظات سيختفي حتى يغدو كبقعة حمراء بعيده، وتبقى هي معلقة بين السماء والارض مع سيارة معطله.
    استمعت لمحرك سيارته يدور .. فنزلت من سيارتها مهرولة نحوه .. وجدت نافذته مفتوحة فرفعت رأسها وصرخت وهي تلوح بيدها نحو السيارة: ارجـــوك .. ارجوك يا آنــدي .. انا لا اكذب انها معطلة فعلاً!!! أنها لا تتحرك ! لا شئ فيها يعمــل!
    اشرف عليها من علوه بنظرات لم تستطع سبر اغوارها.. ولكن محركه كان مازال يهـدر .. وهذا يعني انه مازال غاضباً من صفعتها له على وجهه، وأنه يرفض مد يد العون. استدارت بعجز الى السيارات المارة بسرعة وهي لاتلوي على شئ!


    أجـــــــدك آســـــــــره!

    8b0d62c856
    توقف هدير محرك الشاحنة.. لكن بـروك لم تجرؤ على النظر وراءها خشية ان يكون ما تسمعه من صرير الباب ووقع الاقدام المقبلة وهماً من نسج خيالها..
    - حسناً .. (جاءها الصوت من الخلف) سألقي نظره لآرى ما إذا كانت معطلة وإن كانت كما تدعين فإنني عندها مدين لك باعتذار.
    ونظرت إليه بامتنان، نظره مشرقة قد تجعل اي رجل يشتعل .. لكن هذا الرجل بقي وكأنه شمعة منطفئة، فأحنى الرأس فوق المحرك، باحثة يده هنا وهناك بشكل اوحى لبروك بالثقة المفعمة فالغريزة أعلمتها من خلال الطريقة التي فحص فيها المحرك أمامها، أنه يملك القدره الاكيـده على تصليح المحرك.
    بدت مقتنعة بقدرته الى ان صدمتها كلماته:
    - اظن بأن المحرك بحاجة لآصلاح رئيسي. أخبريني ما حدث بالضبط.
    انصت اليها وهي تشرح، ثم هز رأسه، واخرج قطعة قماش من جيبه ومسح يديه:
    - أظن ان تروس ناقل السرعة قد تعطلت، فلم تعد سرعة المحرك تنتقل الى باقي أجزاء السيارة، ولا استطيع تأكيد شكوكي لكنني على ثقة من صحة اعتقادي.
    جلس في مقعد القيادة، وبعد عده محاولات أدار المحرك، لكن محول السرعة لم يتحرك، فرغم محاولاته كلها لم تتحرك السيارة من مكانها. سحب مفاتيح السيارة ووضعها في جيبه:
    - آسف .. لن تحتاجي إليها لفتره من الزمن.
    - وماذا ستفعل بها؟
    - لا بد من حل! أتوافقين؟
    فهزت رأسها، على الأقل لن يتركها هنا عالقة مع سيارتها، وأكمل:
    ثمة حل واحد في الوقت الحالي وهو أن تتركيها حيث هي، اخرجي كل ما لك فيها من أشياء واقفليها. أثناء الطريق سنجد هاتفاً نتصل عبره بالكراج ليرسل من يسحب السياره.
    - أثناء الطريق!! الى أين سأذهب!
    - سترافقينني في الشاحنه
    - أتعني أنك ستقلني بشاحنتك!
    - هذا بالضبط ما اقصد.. فما الخطأ فيه! هل هذا يسئ الى كرامتك العزيزة!
    - بالطبع لا .. ولكن..
    - الا تثقين بـي!
    ومسح الخد الذي صفعته وأردف: ألم اعتذر ؟
    - ولماذا الاعتذار ؟ أنا التي صفعتك
    - لقد قلت انني سأعتذر إذا وجدت السيارة معطله فعلاً.. والآن جاء دورك.
    فقالت على مضض: آسفــة على الصفعة لكنك كنت تستحقها.
    وانخفض جفناه: صحيح! السائقات الساحرات اللاتي يلاعبنني لهن الحق في كل ما يفعلنه..
    هيا بنا لقد اضعنا ما يكفي من الوقت، يجب أن أعود الى نقطة انطلاقتي.
    لم يتطلب منها إحضار الحقيبة والاغراض الاخرى إلا دقائق معـدوده، اخذها منها المدعو آندي ليضعها في شاحنته، وسألته: هل سيغرمك رب عملك لانك تأخرت ؟
    فقال بابتسامة: سيرميني للخارج فوراً !
    وتطلعت الى مقصورة السائق وتراجعت فقال: خائفــة ؟؟
    - إنها فخمة!
    - هيا، سأدفعك الى فوق.
    فتح الباب، فشاهدت للمره الاولى بروك اسم الشركة التي يعمل فيها الرجل "لوكربي" فصاحت: اتعمل في شركة لوكيربي !!
    - ماذا فعل !! آل لوكيربي بك ؟؟
    - لا اظنني ارغب في الصعود لأحدى شاحناتهم...
    - بحق الله ما اسمــك ؟؟
    اخبرته باسمها .. فتابع : بــروك .. ألم أمض وقتاً كافياً أحاول فيه حل مشاكلك !

    وارتفعت قدمها الى الدرجة الاولى من المقصوره، وأحست بيديه القويتين تقبضان على خصرها النحيل .. لن تستطيع أبداً تفسير المشاعر التي اعترتها من جراء لمسته لها .. كل ما عرفته في تلك اللحظة أنها لم ترغب في إنتهاء هذه اللمسة، لكنه اعتقد ان ترددها ربما عائد الى عدم قدرتها على إيصال قدمها الاخرى للدرجة العليا، فمـد ذراعـه الى فوق ليسندها.
    وعندما وجدت نفسها أخيراً تحلس في مقعد السيارة وجسدها مستريح على التنجيد الجديد خلفها تنهدت فلم يكن مخيفاً كما ظنت .. لكن الشئ الوحيد المخيف حقاً هو هذا السائق الذي يتسلق للوصول الى المقود.
    وقال لها وعيناه مشغولتان بمراقبة العدادات اماه: إنك خفيفة الوزن .. لم أجد خاتماً في يدك!
    ردت من دون اي اثر لهم في صوتها: فسخت خطوبتي منذ يومين ..
    - دون أقــل نـدم!
    - إطلاقاً..
    أحست امام استغرابها أنها فعلاً تعني ما تقول .. وأشارت الى ما خلفها و قد أدارت عينيها في كل شئ حولها : مـا هذا ؟
    - إنــه سرير وخزانة ومكان لتغير الملابس .. وهذا احدث ما وجد في عالم الشاحنات هذه السنه. هل عرفت هذا من لوحة التسجيل؟
    - لم الاحـظ
    - أما انا فمن هذا الارتفاع الاحـظ أشيـاء كثيــرة .. فمن لوحة تسجيل سيارتك مثلاً، عرفت أن عمرها ست سنوات، وعرفت كذلك أنك تسكنين في منطقة تورنتـو .. وإن يكن الاحتمال الاخير غير دقيق، لآنك ربما اشتريت السيارة من تلك المنظقة.
    - أنت محق أعيش ووالدي قرب تورنتـو
    - صحـيــح ؟ إذن قد نلتقي مره ثانية
    - أتعيش هناك؟
    - أنت تعرفين ان شركة لوكيربي ليست بعيده عنكم .. على فكرة لقد سألتك من قبل لكنك لم تجيبي، بمـا أذوكِ آل لوكربـي ؟
    - لم يؤذوني إنـما اذوا والدي.. لقد سببوا له شللاً مدى الحياه وهو الآن لا يقدر على التجوال الا في كرسي متحرك.
    ونظـر آنـدي الى المرآه، وتحول بالسيارة الى الخـط السريع من الطريق وقال:
    - آسـف .. هل كان هذا منذ زمن ؟
    - منذ سنة ونصف تقريباً .. لقد بعنا منزلنا في اوتـاوا ، وهو منزل قديم يحتاج لتصليح، وها أنا عائـده من ذاك المكـان بعد أن وقعت العقد نيابة عن والدي.
    - إذن كنت عائده من اوتـاوا الى تورنتـو عندما تعطلت سيارتك؟ ومن يعتني بوالدك الان؟
    - الجيـران .. السيــد والسيــده هاملتـون.
    تأملت ما حولها ابتداءاً بالدعائم فالمقود الضخم والذراعان واليدان اللتان تتحكمان به وصولاً الى جانب وجه هذا الرجل الجذاب .. وكانه احس بنظراتها إليه فقد التفت بسرعة لتلتقي عيناه بعينيها ، اعتلت وجهها حمره الخجل فضحك وقال:
    - أنـا في الثلاثين من عمري، اعزب ملئ صحة وعافية ، أملك الكثير من المال لا أصرفه إلا على نفسي .. فهل أنا صفقة خاسرة؟ أحذرك .. بالنسبة للنساء ليس لدي إراده.. وانا اعني الاراده .. فإذا رغبت بالقبول بي يا بــروك بهذه الشروط .. فأنا لك.
    فردت متلعثمة: شكراً لك .. لا .. أفلت لتوي من مصيده ولا انوي الوقوع في اخرى.. على الاقل ليس قبل وقت طويل ، خاصة مع رجل لا يمكنني الاعتماد على إخلاصه لي .. أضف الى ذلك أنني لا اريد اقامة أي نوع من العلاقات التي قد تفكر فيها .
    فضحك وسأل : هل انت سعيــد في عمـلك ؟
    - أجن به، خاصة عندما تكون هناك فتاه جميلة الى جانبي تشاركني سعادتي بالعمل على فكرة ما اسمك كاملاً ؟
    - بــروك ستــون
    - ستــون !
    - صحيح .. هل اهجئها لك ! فربما خلف مظهرك المتحذلق هذا جهــل.
    - يا لشـده ملاحظتك !! لقد تركت المدرسة جاهلاً اكثـر مما كنت عليه قبل أن التحق بها.
    - أنت تكذب بالطبع .. فمن الواضح أنك على ثقافة عالية ..
    قال لها ونظره لا يفارق الطريق الممتد أمامه: وهل انا على ثقافة عالية كما تسمينها؟؟
    - أنا لست من طبقتك الفكرية ، فما أنا الا سكرتيره كانت تعمل سابقاً في مصرف .. أما الان فأنا سكرتيره والدي ومدبره منزله وسائقة سيـارته .. ومـن أنت؟
    - من أنـا ؟ وماذا تظنينني ؟ متخلف اليس ذلك واضحاً ؟ لقد استوعبت كل ما قدمته الجامعة لي لآثقف عقلي ، لكن بدل أن اضع قدمي على اول درجة في سلم التجارة والصناعة تحولت لآصبح سائق شاحنة.
    - انت تمـزح دون شك!
    - وهــل أمــزح !!
    لاحظت بروك تغيـراً في سرعة الشاحنة فسألت: ماذا يحدث؟؟
    - ثمــة محطة خدمات أخرى أمامنا فيها هاتف عام، سأتصل منه بالمرآب لأطلب سحب سيارتك. لا تقولي أنك نسيتها ؟
    اصطبغ وجهها بحمرة الخجل وهى تكره الاعتراف بأنها قد نسيت فعلاً أمر سيارتها.
    ابتسم لها وهو يوقف الشاحنة: هل تجديني جذاباً الى درحة أنستك كل شئ آخـر.
    فصاحت بقـوه: لا ! .. كادت تقول نعم .. فضحك وتركها رده تشهق:
    - هذا امر مؤسف ، لآنني اجدك آســره ..
    وانحنى الى الامام ليفتح خزانة صغيرة تحت رف القياده، لا تبعد كثيراً عن ركبتها اليسرى، واخرج منها قميصاً، وبينما كان يهم في ارتداءه أدار وجهه ليطبع على غير توقع منها قبلة حارة على خدهـا. ثم استوى جالساً ليقول أمام نظره الذهـول التي كانت ترمقه بها:
    انت حلوة المذاق كما توقعت تماماً، اعتقد أن خطيبك مجنون إذ كيف يتخلى عن هذه السعاده التي توفرينها لرجل ..
    اخر تعديل كان بواسطة » !SO في يوم » 11-01-2008 عند الساعة » 16:37
    0

  12. #211
    الصراحة روايات جدا رائعة والى الامام

    معليش اختي !so الروابط ما تشتغل
    0

  13. #212
    هاي اختي ماري انطوانيت
    اولا بدي اشكر كل المساهمين في هدا المشروع لاني انا متير بحب روايات احلام و عبير وقرأت اكتر من تلاتمئة رواية انا بحبهم لدرجة الادمان
    ارجو التوفيق لكم
    0

  14. #213
    - اتعلم ما انت يا سيد ..
    - اخبريني..
    ارتدى القميص دون ان يزرره، على طرف جيبه الاعلى طبع باللون الاحمـر كلمة لوكربي. وتابع كـلامه: لا .. سأوفر عليك الازعاج، فأنا وقح، صفيق، متهور، وســئ.. اعلمي انني مع الوقت ودون أن يشجعني احد، انوي أن اكون اكثر وقاحة وصفاقة وتهوراً .. إذ لماذا تحسبينني تبعتك هذه الاميال كلها ؟ السبب رغبتي في معرفة ما اذا كانت هذه السائقة الانيقة الماهرة التي رأيتها من الخلف جميلة الهيئة كما خيل لي و للاجابة عن السؤال الذي لا شك في انك تودين طرحه ، لقـد وجدتك رائعــة.
    فتح الباب ليقفز الى الاسفل، ثم راح يبتعد فنادته عبر النافذه: ارجـوك سيـد آنـدي .. احب أن .. فرد عليهــا : اما قلت أنـك انيقة رقيقة؟
    فتح لها الباب فاتبعت تعليماته لتنزل الدرجات وصولاً الى ما بين ذراعيه. كل ما شهدته منه سابقاً كان يدفعها لأن تنزع نفسها منه، ولأن تصد كل محاولاته. لكن مشاعرها الخائنة، ربحت النضال، فإذا بها تسند جسدها إليه وإذ به يضحك ضحكة خافتة تدل على سروره الشديد باستسلامها له بهذه السهولة. راح غضبها يتفاعل في ذاتها لأنها شعرت به يظنها سهلة المنال.
    في تلك اللحظة بالذات تركها، ليحرك يديه نحو خصرها ويديرها لتواجهه. فطالع وجهه الباسم نظرة غاضبة منها وتعبيراً يوحي بالرفض و كأنها أرادت أن تصرخ مدافعة: أنا لست سهلة المنال كما تظن .. لكن شيئاً ما فيك ..
    حررت نفسها منه بنزق وقالت: قبل أي شئ أريد أن اتصل بوالدي .. سيبدأ بعد قليل بالقلق.
    فهز رأسه أما هي فشقت طريقها الى غرقة السيدات، ولم تلتفت إليه سوى عند الباب لتجده يحدق فيها، قبل أن يتجه نحو غرفة الهاتف.
    وخاب املها عندما وجدت أنها بحاجة الى نقود معدنية في غرفة السيدات لاستخدام الحمام. وفتشت دون فائده في حقيبتها، ولما يئست من إيجاد شئ رأت أن ليس أمامها إلا امر واحد هو العوده الى آنـدي لتطلب منه ما تحتاجه، ووجدته في غرفة الهاتف يتكئ الى جانبه، كان يتكلم بقوه وبطريقة متسلطة غربية، وبما انها لم تعد تستطيع الانتظار حتى يكمل مكالمته فتحت عليه الباب وسمعته يقول: اسمع يا تـوم .. اريد انهاء هذا الامر كله، اسحبوا السيارة الى الكاراج وليصلحها افضل ميكانيكي لديك .. كما اريد تفحص كل الاخطاء فيها قبل ان .. اصغى قليلاً ثم اردف: نعم .. اعرف بالضبط من هي .. انها ليست ثرية، بل هي بعيده كل البعد عنه ولكن الاسباب لا استطيع شرحها لك الآن، اريد منك معالجة هذا الامر بشكل طارئ ومستعجل افهمت؟ لماذا؟ لأنني .. ربما احس بأن احداً يستمع إليه فالتفت بسرعة وسألها: ما بك؟
    فأجفلت وقالت وهي تمد حقيبة مالها: ليس لدي .. نقود معدنية
    وبدا ان حرجها رد إليه روح المرح فضحك وفتش في جيوبه: هاك .. هل يكفي هذا؟
    فابتسمت شاكرة وركضت نحو الحمامات وعندما عادت الى غرفة الهاتف وجدته ينتظر .. قال لها: لقد حجزت هذا لك. هل لديك المال المطلوب هذه المرة؟
    هزت رأسها شاكرة وبدأت تطلب الرقم بينما أسند هو نفسه الى الباب المفتوح، وتمنت لو يتصرف بلباقة ويبتعد، لكن رغم نظراتها الواضحة المعنى التي رمقته بها تجاهل تلميحها، فلم تجد أمامها خيار سوى التحدث الى السيده هاملتون أمامه، طالبة من المرأه شرح الوضع لوالدها: قولي له أن لا يقلق ارجوك فربما اتأخر اكثر مما يتوقع.
    سألتها السيده هاملتون: اتودين التحدث إليه عزيزتي؟
    - لا تزعجيه .. بل اخبريه فقط.
    0

  15. #214
    َ/ِ

    يآآآآآآآو آنا متحمسهـ لـ ذي آلروآيهـ بآلذآآآآآآآآآآآت

    َ/ِ

    ننتظر آلروآيهـ تكمل
    0

  16. #215
    اقفلت الخط ثم قالت للرجل الذي ما زال يستند الى الباب: لقد انتهيت فهل وجدت حديثي مسلياً ؟!
    قهقه من جديد ثم سار الى جانبها نحو الشاحنة حيث بدا اسم لوكربي الذي لم تستطع تجاهله مدهوناً على المقدمة فقالت: لوكربي ..
    اخرجت تلك الكلمات مشبعة بالكره بقدر ما أوتيت من قوه، فسألها: ألا تحبيننا؟
    - الا يجب ان تقول " الا تحبينهم" بما انك موظف لديهم؟
    - اوه .. لكنني عملت لديهم منذ سنين عده حتى بت اشعر بنفسي كأنني احدهم، ثمة شئ واحد قاموا به اعجبني كثيراً هو وقوفهم في وجه المنظمات الكبيرة ورجال العصابات وحفاظهم على مؤسسة عائلية، واتمنى ان تبقى هكذا فالمستقبل المنظور.
    - انت فعلاً تهتم قلببياً بمصالحهم.
    - بإمكانك قول هذا باستمرار.
    فتح لها الباب، وساعدها على الصعود الى المقعد .. وسرعان ما تحركت الشاحنة بهما .. وبعد برهة قال: في إحدى هذه الخزائن الصغيرة سندويشات وقهوة، وبعد مسافة قصيرة سنصل الى موقف عام أعتقد أن من الافضل لنا التوقف فيه لنتشارك هذا الطعام.
    - الطعام والشراب لك .. اما انا فلست بجائعة.
    اظهر من جديد براعته في إيقاف هذا الوحش المتحرك داخل فسحة صغيرة.
    - لست جائعة؟ وهل تكفيك قطعة خبز محمصة وزبده وقطعة كيك وفنجان قهوة في وقت كان عليك فيه تناول طعاماً مغذياً اكثر. انت الان دون شك تتضورين جوعاً.
    - لم استطع شراء ما هو اغلى ثمناً! فبعد سنة ونصف من اضطراري للعيش على إيراد والدي الضئيل، وعلى ما يحصل عليه من دفعات صغيرة من التأمين الاجتماعي، لم يبق لي شئ أصرفه على وجبات دسمة.
    انحنى ليفتح الخزانة القريبة منها فاصطدم كتفه بكتفها لحظة ..ابتعدت عنه قدر المستطاع خشية ان يحي ضغطه عليها مشاعرها لكنها لم تنجح في مسعاها الى ابعاد نفسها عنه، الانها لم تعطه مساحة كافية ؟ ام لأنه لا يريد ان تبتعد عنه؟ فهل يقوم بذلك عمداً ؟؟
    عندما انتهى من إحضار علبة بلاستيكية وترموس القهوه والفناجين التفت إليها وترك عيناه تستقران عليها أولاً ثم تتجولان ببطء على كل مظهرها الجذاب قال:
    - اعذريني آنسة ستون، لكن ملامستي لك تغلغلت في أعماقي واخترقت عظامي وكأنها سحــر جــارف!
    واستوى في جلسته ليناولها الصندوق البلاستيكي ويقول:
    - تفضلي تناولي ما تشائين، كلي كل شئ لأنني فقدت شهيتي هناك في المطعم.
    وتناولت بروك سندويشاً وأعجبتها رائحته فقضمت فيه عميقاً، وتبع القضمة الاولى قضمة ثانية وثالثة وكلها جرت بسرعة لآنها اعتقدت أنه لن ينتبه لها وهو مشغول في صب القهوة، لكنه قال معلقاً : اقلت انك لست جائعة؟! انت كما ظننت تتضورين جوعاً
    ومدت العلبة قائلة: اسفة جداً .. أرجوك ان تأخذ واحده بل اكثر .. انها لك حقاً
    وأبعدها عنه: لقد قلت لك اكلت وليس من عادتي تناول شئ بعد الوجبة الرئيسية.
    وأعطاها كوب قهوة، فهزت رأسها شاكرة. قال بعد أن ارتشف عده رشفات من قهوته: ما الذي جعل والدك على ما هو عليه في الوقت الحالي؟
    - أتعني كيف انتهى به الأمر الى كرسي متحرك؟ لقد قلت لك .. احد سائقي لوكربي ..
    - أعلم هذا، ولكن ماذا حدث؟
    - كان أبي أستاذاً جامعياً.
    أرجع رأسه الى الوراء ليرتشف القطرات في فنجانه.
    - في أي موضـوع؟
    - علوم اللغات الحيه، لقد اصيب بالشلل في عطله الشتاء فقد خرج وقتذاك لشراء هدايا الميلاد، وبينما كان يفكر في ما سيشتريه من اغراض خطا دون ان ينتبه خطوه الى الشارع، وقد اعترف ابي انه قد شاهد شاحنه حمراء تقترب منه وكان بإمكانه الهرب إلا أنه على ما يبدو أساء الحكم على تحركاته وقدرته على الهرب بسرعة.
    وانتظرت للحظات لترى رده فعله وعندما لم تظهر عليه اية بادره تابعت:
    - وانكرت شركة لوكربي مسؤوليتها عن الحادثة خاصة بعد ان اعترف والدي بخطئه .. بعد ذلك أحالوا القضية الى شركة التأمين .. أنا دهشة إذ كيف لم تسمع بالأمر وأنت أحد موظفيهم؟؟
    فرد بهــدوء: غالباً ما يكون سائقو الشاحنات غائبين وبعدين عن البلد
    - إذن ربما حدث هذا اثناء سفرك.
    - اتريدين مزيداً من القهوة؟
    فهزت رأسها بالقبول، ولفت يديها حول دفء الكوب وكأنما الطقس قد أخذ من الموسم الذي أصيب فيه والدها برودته، وتابعت: لم نحصل على شئ .. لا تعويض ولا ترضيه من المؤسسة على خسارة والدي عمله أو على اضطراري ترك عملي ورعايته ..
    وكان يوضب علبة الطعام الفارغة ووعاء القهوة والفناجين مكانهما عندما قال:
    - الم يكن بإمكانه متابعة عمله .. وهو على كرسي متحرك؟
    فهزت بروك رأسها: في عمل والدي جانب ميداني لابد منه كالذهاب الى المكتبات وزيارة المتاحف والمشاركة في فحص المخطوطات القديمة دون ذكر السفر الى الخارج، ولذلك استقال من وظيفته وقررنا الانتقال الى ضواحي تورنتو وهو مكان إن كان فيه قد شل والدي .. الا انني احبه لقربه من اماكن سياحية، خاصة شلالات نياغارا..
    تنهدت ثم راحت تنظر الى الحقول المترامية أمامها دون أن تراها وتابعت: إنه الآن يؤلف كتاباً عن رحلاته السابقة حول العالم وأنا اساعده وثمة ناشر ينتظر الكتاب لحسن الحظ، لكن والدي دقيق في عمله الى حد جعله يقضي وقتاً طويلاً لإنهاءه.
    انحنى آنـدي ليعيد كل شئ الى الخزانة الصغيرة دون أن يحاول في هذه المرة لمسها وكأنه كان مشغولاً بأشياء أخرى، ونظر خلفه ثم الى جانبه، ويد فوق يد ثم ذراع فوق ذراع نـاور بالسيارة الضخمة ليخرج بها الى الطريق ثانية فعلقت بروك:
    - انت تقود وكأنك تفعل هذا منذ سنوات طويلة!
    - لقد قلت لك انني اقود منذ ان سمح لي القانون بقياده السيارات .. هل قلت لك انني رتبت امر سحب سيارتك وتصليحها؟
    - شكراً لك .. هل سيكلفني تصليحها الكثير ؟؟
    - من يدري .. سيعطوننا تقدير
    - احتاج السيارة من اجل والدي الذي قد يجن إن لم يخرج من المنزل، وبما انني لا استطيع شراء اخرى فسأضطر لتدبير المبلغ المتوجب علي من اي مكان.
    تابع رفيقها القياده بثبات دون تعليق .. وتساءلت بعجب، لما تتسارع نبضات قلبها عند رؤيته أو عند التفكير فيه حتى! لم تقابله الا منذ ساعتين ومع ذلك فقد أثر فيها بطريقة لن تنساها ابداً. وليس ذلك فحسب بل هي الآن بدأت تثق فيه. قالت وهى ترفع صوتها فوق صوت المحرك: كنت لطيفاً جداً معي يا آنـدي وساعدتني كثيراً ولا أدري كيف السيبل الى شكرك؟
    - هل اتوقف في مكان آخر لأظهر لك كيف السبيل الى شكري؟ الامر بسيط!
    غير سرعة السيارة ليتسلق مرتفعاً وأكمل وهو يضع إصبعه على فمه قائلاً: يلتقي هذا بهذا وأشار الى ثغرها وأكمل : أم أنك ضنينة جداً بقبلاتك ولذلك فسخ الخطيب الخطبة!
    قالت بغضب: أنا التي فسختها !
    - أتريدين معرفة سبب لطفي؟ منذ زمن دعي سائقو الشاحنات القديمو الطراز بفرسان الطرقات إذ كانوا يمدون يد العون لكل من يقع في مشكلة .. وأنا احد هؤلاء.
    - أووه !
    لا ريب في أنه قد لاحظ الفتور في ضحكتها المصطنعة لأنه بعد أن ضحك امتنع عن الكلام ليتركها تواجه وحدها غرورها وكبرياؤها الجريح. لقد ترقبت ثناءاً ومديحاً لها من قبل هذا الرجل وهو ثناء ذو قيمة.. هذه الفكرة أطلقت في نفسها سلسلة من الإثارة .. لكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ سيرحل هو الى غير عوده وهذا يعني انها لن تراه ثانية. آلمها ذلك دون أن تفهم فلاذت بالصمت أميالاً عده..
    وعندما تكلم أخيراً سألها: كم غبت عن المنزل؟
    - أسبوعاً.
    - بقيت أسبوعاً كاملاً من أجل فسخ خطبة؟
    - لم يستغرقني ذلك سوى بضعة أيام.. أتعلم أن الخطبة شئ لا أشجع عليه .. هل كنت يوماً ..
    - لا .. لم أكن أبداً
    - بعد أن فسخت الخطوبة وبعد أن وقعت أوراق البيع زرت أصدقائي لأودعهم ..
    - لا يظهر أنك استمتعت بهذا الاسبوع، هل عشت طويلاً في ذلك المنزل؟
    - لقد ولدت هناك، وعاش والداي فيه خمساً وعشرين سنة، ففيه توفيت والدتي منذ ست سنوات، وكان لي من العمر ثمانية عشر عاماً.
    تأملت التلال التي بدأت تظهر على جانبي الطريق وتنهدت: ما أروع العوده!
    - إذن أنت تحبين منطقتنا هذه؟
    - كثيراً .. أحببتها منذ أن كنت أمضي فيها إجازات التخييم على ضفاف بحيرة أونتاريو، يومها قرر والدي أنه خير مكان له عند تقاعده، منذ ثلاث سنوات اشترى منزلاً صيفياً ليستخدمه في العطل الصيفية لكن الريح جرت بما لا تشتهي السفن وبتنا نعيش فيه طول العام.
    - يوم الحادثة ، كنتما تقضيان عطله الميلاد هنا؟
    - كنا نأتي متى استطعنا، بغض النظر عن الفصل أو الطقس.
    عندما سألها أين تقطن، فأجابته .. فقال: هذا لا يبعد سوى أميال عن مركز الشركة وهذا يعني ان انزلك امام منزلك بالضبط.
    هدر محرك السيارة بين منازل القرية الصغيرة على ضفاف نهر الهمير، تمنت في هذه اللحظة لو تطلب منه عدم الوقوف أمام منزلها، فهي لا تعلم ما ستكون رده فعل والدها إذا ما رآها تصل بشاحنة لوكربي. وتساءلت عما إذا كان قد قرأ افكارها، فعندما قالت:
    - أرجوك أنزلني هنا.
    أجابها وعضلات فكه تشتد: سأوصلك الى باب المنزل.
    لم تفهم سبب الاستماتة في دفاعه عن أرباب عمله! أشارت بيدها الى منزل ريفي حجري ذو سطح قرميدي مثلث: هناك.. يبدو متداعياً من الخارج لكنه جميل من الداخل وليس ..
    أوقف الشاحنة وقاطعها بابتسامة: أنا لا اقطن في قصر، لذلك توقفي عن التلعثم والاعتذار!
    شئ ما في لهجته، وتلك الغطرسة واللهجه الآمرة التي سمعتها عندما تحدث هاتفياً، جعلها تحمر بسرعة، توقفت عن الاعتذار: لا داع للتكبر يا هذا فليس والدي من يلام إن لم يكن قادراً على شراء منزل أفضل!
    بدت عليه الدهشة من هجومها : ومن تكبر! أو عاملك باستعلاء؟!
    وعندما فكرت في سؤاله جيداً ادركت انه محق فقالت: آسفــة..
    وجمعت حاجياتها، وحاولت فتح الباب، أما هو فنزل الدرجات ثم التف حول الشاحنة فوصل الى جانبها قبل أن تنزل.. اخذ منها الحقيبة والمعطف ووضعهما على الارض، ثم ارتفعت يداه لتمسكا خصرها ولتحملاها من الدرجة العليا حتى الارض ثم أدارها لتواجهه، فرفعت وجهها إليه بابتسامة مضطربة.. ظنته ينتظر شكرها لكن كل ما قالته: شكــراً ..
    قال ويداه على خصرها: لقد تمتعت بصحبتك ..
    - هل صحبتي أفضل من الاستماع الى الاهداءات ورسائل الحب والموسيقى من الراديـو ؟؟
    - انها افضل بكثير بكثير .. لا مقارنه بين ذلك وبين جلوس فتاه جميلة حقاً قربي.. فتاه شقراء ذات عينين زرقاوين ضاحكتين، وانف بارز وشفتين مغريتيـــن ..
    فأخفضت عينيها الى صدره، وأحست بتوق لضغط أصابعها على قساوة عضلاته، لتصل الى ما وراء مظهره القاسي .. وقال لها: هل نترجم الشكر الى فعل؟؟
    حدقت فيه : أتعني.. ان اعطيك..
    عيناه القادرتان على الانقلاب من البروده الى الاشتعال في لحظات .. كانتا تضحكان لها: انا لن اسرقها .. فليس لديك خطيب يلكمني لأنني سرقت ما له.
    وقبل أن تحتج ضمها إليه .. وكانت شفتاه على خدها رغم برودتهما، ثابتتين تنمان عن مشاعر عميقة كالمحيــط تعتمل في نفس الرجل ذي المظهر الهادئ .. ولم تدم قبلته طويلاً، لكنها بقيت ما يكفي لتجعل يدها ترتفع بسرعة الى خدها وكأن النار لسعته .. تركها قائلاً: ما بك؟ هل انت خائفة من ان يرى أحدهم سائقاً يقبلك؟ هل هذا سيخفض من مركزك الاجتماعي امام الجيران؟
    سخريته آلمتها : انا لست متكبره ولكن إذا شاهدنا والدي فبما تظنه سيشعر خاصة عندما يرى الشاحنة التابعة للشركة التي كانت سبباً في شقاءه تقف أمام منزله؟
    تسلق الدرجات الى مقصورة القياده، وأدار المحرك وصاح: سأدعك تعرفين أخبار سيارتك .. وانطلق في طريقه !


    تابعونـــي مع الحلقـــ 3 ــــة غداً
    0

  17. #216
    رواية رائعه وأنا من الأول صوتت لها بأنتظار الأجزاء القادمه وسلمت يداك
    0

  18. #217

    رائع s1a7s1a9

    goooodسلاموا عليكم انا عضوة جديدة لهزا المنتدى
    ومن عشاق رويات عبيرو احلام
    لكن كمان فى قلوب عبير هل يوجد اعداد منها
    ولكم جزيل الشكر
    0

  19. #218
    عينــــاه تأســــرانــها

    3d300c1b9a

    استخدمت بروك مفاتيحها لتدخل المنزل الذي بني في القرت الثامن عشر والذي لم يغير فيه إلا القليل، فمنذ اشتراه والدها قبل الحادث المشؤوم، عندما كان إيراده جيداً، استخدم بعض البنائيـن لصيانته ضد تقلبات الطقس. النوافذ استبدلت بأخرى حديثة لا تفسد مظهر بناءه الحجري، اما الباب الرئيسي فأصبح الان من زجاج بدل الخشب الثقيل. كانت الردهة صغيرة تقود الى غرفة الجلوس التي تحتوي سجاد يمتد من الحائط الى الحائط إضافة الى مقاعد مريحة مغطاه بقماش زهري ثقيل وطاولة خشبية متينة ومصقولة.
    استقبلها والدها ببسمة ترحيب دافئة، كانت نظارته على عينيه وشعره ولحيته الرماديتان ممشطين ومرتبين، بدا وكأن لا شئ يعتريه.. كأنه سيهب عن كرسيه مت شاء ليجتاز هذه الغرفة ولعل ما كان يحطم قلب ابنته هو علمها بأنه عاجز عن فعل ذلك دون عكازين ..
    انتظر والدها الى ان غرقت في مقعد قريب منه: تبدين مشرقة جداً عزيزتي .. هل أكملت سيارتك معروفها فنقلتك تلك الاميال وصولاً الى هنا..
    أيبدو عليها الاشراق حقاً كما يقول !! فإذا كان هذا صحيحاً، فلماذا يا ترى؟ الجواب واضح وإن رفضت الاعتراف به .. لن تقابله ثانية بعد الان .. لقد وعدها بإبلاغها عن السيارة .. على الارجح عبر الميكانيكي .. هزت رأسها لتجيب عن سؤال والدها:
    لا .. لقد تركتها وحيده على كتف الطريق، وما كنت أدري ما افعل لولا ان سائقاً توقف لنجدتي.
    - سائق سيارة! لا بد أن وجهك الجميل ونظراتك العاجزة هي التي أوقفته.
    أخذت تعبث بأغطية المقعد التي صنعتها والدتها منذ سنوات بعيده .. وقالت بحذر:
    لم يكن سائق سيارة يا أبي .. بل سائق شاحنة .. القى نظره على المحرك ولكنه لم يستطع إصلاحه لذا جاء بي الى هنا.
    - كم هو لطيف هذا السائق.. لكن اليس المكان بعيد عن طريقه؟
    فهزت رأسها وتابعت الكلام آ مله في ابعاده عن الموضوع .. اتصل بالمرآب ورتب أمر سحب سيارتي لأصلاحها وقد وعدوا بفحصها كما وعدني بإبلاغي بالتكاليف.
    وضحك والدها مرحاً: إنه فارس من الطراز الحديث يعتلي مقصورة آله لها أربعة دواليب لا صهوة جواد ذا أربعة قوائم.
    - أربعة دواليب؟ كان عليك أن تشاهد الوحش الذي كان يقوده! اربعة عشر دولاباً .. و .. لقد قال إن سائقي الشاحنات كانوا معروفين بإسم فرسان الطرقات، لأنهم يساعدن الناس .. خاصة الفتيات الجميلات.
    سرقت نظرة الى وجه أبيها المبتسم .. إنه في حالة طيبة مكنته من تلقي الخبر بسهولة وأكملت: كان يقود شاحنة لوكربي.
    فقد وجه ستانلي ستون مرحه: وهل قبلت أن توصلك مركبة لوكربي بعد كل ما فعلوه بي!!
    - لم يكن أمامي خيار آخر! فلولاها لبقيت ربما الى الان في عرض الطريق حيث كان الناس يمرون بي دون أن يأبهوا لوجودي، أما الرجل الذي ساعدني فهو موظف لديهم، ولا اعتقد أن له يد فيما أصابك، فقد يكون المسؤول عن حادثك زميلاً له وهو الى ذلك أوصلني سالمة الى البيت.
    لم تغادر تقطيبة الاستنكار وجه ابيها فتابعت: لقد خدمني كثيراً يا أبي إذ قام بكل الاجراءات لتصليح السيارة وقدم لي طعاماً عندما عرف أنني لم أتناول ما يكفي للغداء.
    بدأت كلماتها تسُكن غضب الوالد. فقال: علي أن أعترف أنه يبدو متفهماً، لذا اخالني معجباً بسائقي الشاحنات، ولا احسدهم على عملها في نقل الاحمال الثقيلة الخطره من مكان الى مكان عبر البلاد.
    أراحها رد والدها دون أن تعرف سبب هذه الراحة. أهو ميلها الى الدفاع عن هذا السائق بالتحديد أم ماذا؟ وقالت وهي تحاول تغيير مسار الموضوع: لست ادري إذا كنت قد لاحظت .. ولكن .. لقد فسخت خطبتي.
    ظهر الاهتمام الفوري على الوالد: بروك عزيزتي .. أرجو الا اكون السبب؟؟
    أكدت له العكس ثم تابعت: كنت انا المخطئة، احسست بأن هناك خطأ ما عندما لم أشعر بالشوق إليه، فقد حلتني سأفكر فيه ليل نهار، لكن العكس هو الذي حدث.
    - هل ظهر عليه التكدر ؟
    - في البداية نعم .. لكنه عاد وتمالك نفسه، واتفقنا على البقاء صديقين.
    سمع على الباب طرقة مألوفة دخلت بعدها الجارة التي رحبت ببروك بحرارة وقد استمعت لبروك باهتمام عندما أخبرتها عما حدث معها وقد رأت السيدة أن الشاب الذي أزعج نفسه من أجلها لا يجب ان يلام على حادثة والدها، أما ستانلي فقد أقنع نفسه بعض الشئ بوجهة نظرهما. سألتها السيده هاملتون: هل سيطول وقت تصليح السيارة يا عزيزتي ؟ لقد كان زوجي بارعاً في إصلاح السيارة يا عزيزتي؟ لقد كان زوجي بارعاً في إصلاح السيارات لكنه الآن غداً طاعناً في السن ولم يعد يليق به النوم على الارض ووجهه الى قعر السيارة بينما نصف جسده ملقى تحت السيارة !
    ضحك الجميع، وقال الاستاذ ستون متنهداً: نحن مضطرون لإصلاح هذه السيارة التي قد تصرف كل مدخراتنا لكننا نحتاجها بشده ولن نستطيع شراء أخرى.
    ومر اليوم التالي دون أن تسمع كلمة عن السيارة أو عن آنـدي وعندما حل اليوم الثالث لم تعد تطيق صبراً، فقالت لوالدها: سأتصل بشركة لوكربي، وسأرى إذا كنت استطيع الكلام مع آنـ .. الرجل نفسه..
    - مستحيل يا بروك .. فقد يكون على بعد مئات الاميال فربما هو على شواطئ الاطلسي او الهادئ أو ربما في أواسط اميركـا !
    وافقت بصمت، لكن مشاعرها كانت محيطة بشأن الرجل المسمى آنـدي الذي ربما نسى وجودها ووجود سيارتها، بل ربما نسى وعده بالاتصال بها، كـم اصابتها تلك الفكرة بخيبة الامل حتى باتت لا تصبر يوماً دون ان تعرف الخبر اليقين عن الامر.
    كانت تحفظ رقم المقر الرئيسي لشركة لوكربي عن ظهر قلب وذلك منذ أن تعاملت معهم وقت الحادثة ولكنها بسبب عدم معرفة السبيل الى الاتصال به فقد قررت الاتصال بالمكتب الرئيسي أولاً .. وعندما أجيب على مكالمتها بكلمات: لوكربي .. هل استطيع مساعدتك؟
    ابتلعت بروك حرجها وقالت: هل يمكن .. ان اتكلم مع احد سائقيكم رجاءاً .. اسمه آنـدي.
    - اسفة .. هل لك ان تكرري ما قلته؟
    - لقد قلت ان اسمـه آنـدي .. واتساءل ما إذا كان
    تغير صوت ولهجة الفتاه: اعذريني سيدتي .. هل قلت ان اسمه آنـدي ؟ آسفـة ولكن يجب أن اسألك هل انت احدى صديقات السيد .. صديقة له ؟

    ردت بروك بجفاء: لا لست كذلك .. اريد فقط معرفة ما جرى بشأن ..
    - لا حاجة للشرح سيدتي .. سأرى إذا كان موجوداً.
    غاص قلبها وهي تغوص في المقعد .. هل خدعها الرجل بسحره وقبلته وترتيباته لتصليح السيارة !! وهل هذا آخر عهدها بسيارتها الثمينة؟؟
    الصوت الوقور على الطرف الاخر من الهاتف اجفلها: من المتكلم؟؟
    هذه المرة كانت السلطة تتكلم، ولا مجال للمزاح او السخرية .. من أين اتته هذه السلطة! وما الذي يعطيه الحق في أن يتكلم بهذا الاسلوب ؟
    تنحنحت وتماسكت ثم قالت: انا .. انا بروك .. بروك ستون
    مرت لحظات دون ان يرد عندئذ شعرت وكأنه رجل يختلف عن ذاك الذي تعرفه.
    - آه الفتاه التي كانت في ورطة والتي انقذتها من بين فكي وحوش الطريق ! أتصور أنك تحاولين السؤال عن حالة سيارتك ؟
    ارتبكت للتغير في الشخصية خلال ثوانٍ، فأجابت وكأنها طفلة: اجل ارجــوك !
    بدا وكأنه يبتســم: حسناً لقد أعلمت بتكاليف إصلاح السيارة.
    - قلت إنك ستتصل بي!
    - صحيح .. لكن ثمة اسباب عديدة منعتي .. منها أن السيارة ستكلفك ثروة صغيرة
    فصاحت: ولكن يا آنـدي .. ليس لدي هذا القدر من المال !! لقد قلت لك
    - لم انس .. هل انت حرة هذا المساء؟
    - انا حرة كل مساء .. عندما يستغني عني والدي
    - إذن تعالي الى محطة تصليح لوكربي حوالي السابعة مساء لنتكلم بهذا الشأن
    - وهل هناك ما يجب أن نتكلم به؟ من الافضل أن أبيعها بالقدر الذي استطيع الحصول عليه للكسر ..
    - قلت لك تعالي هذا المساء .. هل آتي لآقلك ؟
    - وهل سيكون هذا في شاحنة؟
    - ماذا تفضلين المرسيدس؟
    - ومن لا يفضلها! .. لا اريدك أن تأتي يا آنـدي لأن والدي قد اغتاظ عندما حدثته عن إيصالك إياي بعربة للوكربي، وقد أقنعته بعد جهد في النهاية بأن لا شأن لك فيما حصل ، ورغم اقتناعه النسبي لا احسبه سيرحب برؤية شاحنه لهم أمام منزله تهم ُ ابنته بركوبها!
    طال الرد .. فقالت: أما زلت معي؟
    - لا زلت معك .. في هذه الحالة ستضطرين للمجئ الى الكاراج وحدك! أراك عند السابعة إذن ..
    و اقفل الخط قبل أن تشكره حتى !
    عندما سارت بروك عبر باحـة محطة لوكربي، كانت متردده .. رأت الغرفة الزجاجية التي يصطف أمامها أصحاب السيارات من أجل دفع فواتيرها، وعندما جاء دورها نظرت إليها الفتاه في الداخل، فقالت بروك: ارجو المعذرة، لكن أيمكنك إخباري عن مكان وجود رجل .. أعني سائق يعمل لديكم يدعى آنــدي ؟
    نظرت اليها الفتاه باهتمام وتابعت: هل اسمك بروك؟
    - نعم .. كيف عرفت؟
    نظرت اليها الفتاه باستغراب وقالت مشيرة بيدها : اذهبي من هنا الى الخلف، ثم سيري الى الامام مباشرة ولن تخطئي مركز التصليح.
    شكرتها بروك وسارت بالاتجاه الذي وصفته لها الفتاه، كانت الامسية دافئة لكن النسيم البارد القادم من التلال أنذرها بدنو غروب الشمس، وعند نهاية محطة الخدمات رأت مقهى خلفه مساحة كبيره تمتد الى حيث تقف شاحنات في صفوف منتظمة مدموغة كلها بأحرف بارزة باسم لوكربي كما رأت. وهنا وهناك سيارات صغيرة تنتظر أصحابها.
    كان الى يسارها فسحة مغظاه بسقف من التنك وجدت فيه سيارتها التي يبرز من تحتها ساقان طويلتان، تقدمت منها وقالت: أرجو المعذرةّ!
    انطوت الساقان الطويلتان عند الركبة، وبعد لحظات وقف الرجل المدعو آنـدي أمامها، لم تتوقع أن تسر الى هذا الحد عند رؤيته!
    - آنسة ستون .. من الخير لنا تحديد معرفتنا الصغيرة.
    تعلقت عيناها في كل قسمات وجهه بحثاً عن السخرية .. أجل .. ها هي تطل من عينيه كما من صوته. مدت يدها آلياً لتضعها في يده, فهزها بقوه ثم تركها وهو يضحك!
    نظرت الى يدها ثم صاحت: أوه انظر الآن ..
    اظهرت له يدها ملطخة بالشحم وتابعت: لقد فعلت هذا متعمداً !!
    - نعم ليتسنى لي متعة تنظيفها !
    وأحضر خرفة بللها من زجاجة فيها سائل قوي الرائحة ثم شرع في إزالة الشحم الاسود عن يدها وعيناه تأسران عينيها، وابتسامته تشير الى أفكار جعلت قلبها يضرب متألماً.
    وعندما انتهى شكرته، ثم أخذت تفتش عن مغسلة فقال: سأريك فيما بعد أين تغسلين يدك.
    أخذ يمسح يديه بالخرقة المبلله، ثم مد إصبعه الى خصلة من شعرها فتراجعت بسرعة وقالت: ليس ويداك مليئتان بالشحم !
    - وهل هذا يعني أن علي الانتظار الى ان انظفهما !
    - لم أقصد ذلك !!
    ارتد رأسه ضاحكاً فنظرت الى سيارتها: من الرائع ان اراها ثانية ! لماذا كنت تحتها ؟
    كنت اضع اللمسات الاخيرة على التصليح
    اللمسات الاخيرة؟ لكن آنـدي .. لقد قلت لك أنني لن استطيع دفع الكثير ! كيف مضيت قدماَ بالتصليح وأنت تعرف ..
    مد يديه الملطختين امامه: قلت إنني كنت اضع اللمسات الاخيرة على التصليح.
    - ومن قام بالتصليح ؟ أنت ؟
    - لا تدهشي .. أما ذكرت لك أنني ولدت ومفتاح براغي فضي في يدي ، او في فمي ؟ أنا اصلح العربات، السيارات، الدراجات وشاحنات المؤسسة عندما يكون لدي الوقت .. ثمة ميكانيكيون طبعاً، لكنني اساعدهم في الحالات الطارئة، انها هوايتي
    - ولكن ألست سائقاً ؟؟
    - ماذا يفعل بحسب رأيك السائق عندما تتعطل شاحنته على بعد أميال ، حيث لا عامل يصلح الخطأ.. هل تظنيه قادراً على هجر مركبته التي كلفت المؤسسة الآلاف من الاموال دون ذكر الحمولة الثمينه التي هي ملك لشركة اخرى؟
    - هذا يعني أن على السائق القيام بالتصليح بنفسه!
    - وإذا لم يستطع عليه الوصول الى اقرب هاتف، أما إذا كان يجتاز الصحراء فعليه اعتلاء ظهر أول جمل يراه وصولاً الى هاتف.
    اخر تعديل كان بواسطة » !SO في يوم » 12-01-2008 عند الساعة » 10:24
    0

  20. #219
    ضحكت بروك فتأملت عيناه عينيها الزرقاوين ووجهها المصطبغ باحمرار جميل. قالت: إذن أصلحت سيارتي ؟ هذا لطف منك.
    فهز رأسه ورفع حاجبيه: صحيح ؟
    - الان .. ارجو منك أن تبعث الفاتورة لي .. لا الى والدي .. كما ارجو .. اعني آمـل ..
    - تأملين الا تكون مرتفعة سعراً
    - لا .. كنت اريد القول أنني آمل الا تمانع لو تأخرت قليلاً بالدفع .. وإن كنت بحاجة للمال فقد أجد وسيلة ما لتأمين المبلغ لك .. و
    فابتسم: لعلك سترحبين الان بالاغتسال وبفنجان من الشاي؟
    فتنفست الصعداء وهزت رأسها بالموافقة، فمد يديه الى رأسها وهزه الى الوراء والى الامام.
    - دائماً تهزين رأسك .. ودائماً تقولين نعم !
    فضحكت: لا أرجوك .. أبعد يديك الملوثتين بالشحم عن شعري ..
    فانحنى فوق رأسها: يبدو نظيفاً ورائحتــه .. مم زكية ..هل يقدر مطلق رجل مقاومة اغراء وضع أول قدم على ثلج لم يمس بعد ؟ أو على ارض عذراء لم تمس ؟
    - لكنني لست .. وصمتت ..
    فسارع يقول مصطنعاً الدهشة: أو لست .. آه، لقد نسيت أنك مخطوبة.
    - هل اضطررت الى شراء قطع جديدة لإصلاح السيارة؟
    تغيير الموضوع فجأه أبهجها: وجدت كل ما أردته في مخازننا.
    - وهذا يعني أنك دفعت ثمنها وأنني مدينة لك.
    - لا تنسي الحسم الخاص بالموظفين.
    - لا مانع إن لم تحسب لي الحسم .. سأكون شاكره لك كل ما قمت به من أجلي.
    لمعت عيناه وهو يرد: سأرسل إليك الفاتورة.
    - أرجوك أرسلها. متى ستنتهي سيارتي ؟
    - غداً .. سأوصلها إليك بنفسي .. شكراً
    بينما كانت تهم بالابتعاد شامخة الرأس أتاها صوته ناعماً خفيضاً:
    - انزلي من عليائك قليلاً يا آنسة ستون!
    تذكرت كل ما قام به لها .. فقالت وقد تغيرت تصرفاتها: متى ستأتي؟
    ابتسامته، أخفاها عند استدارته نحو باب يقود الى غرفة صغيرة، وقال: في المساء عند الثامنة؟
    تبعته موافقة فرأت في زواية الغرفة المليئة بالفوضى مغسلة، فسألته وهي تنظر الى يديها: هل لي أن اغسل يدي هنا؟
    فابتسم وأخذ يشير الى ما تحتويه الغرفة: مغسلة، منشفة وسخة، صنبور ماء لا ماء ساخن فيه إذن لا .. إنها ليست بالمكان المناسب لتغسل سيدة يديها فيه.
    خلع ثوب العمل وعلقه على مشجب فارغ، فبان عندئذ قميصه مفتوح عند العنق وجينزه ملطخاً ببقع الزيت. ابتسم لها وهو يمسك يدها: هل حللت شخصيتي جيداً ، تعالي معي يا فتاتي.
    ابتسمت له فأمسكت يده المتسخة بالشحم يدها المتسخة أيضاً ثم سار بها عبر باحة تقف فيها شاحنات الى مقهى يقبع خلف محلات البيع، عندما وصلا مد يده الى جيبه فأخرج منه كومة من المفاتيح اختار منها مفتاحاً فتح به الباب الرئيسي، عندئذ نظرت اليه دهشة: هل تقدم الشركة الى كل سائقي شاحناتها مجموعة مفاتيح كاملة؟؟
    - لا هذا يصعب حدوثه ولكن بما انني مضطر الى البقاء في أماكن متعدده في الشركة فقد أذن لي بحمل مفاتيح عده.
    لم يشفي غليلها جوابه في معرفة الحقيقة لكنه لم يهتم بذلك بل جرها وراءه الى المطبخ الواقع في آخر المقهى ومنه الى غرفة صغيرة ذات بابين فتحهما بمفاتيحه:
    - اغتسلي هنا .. كما تشير اللوحة ، وانا اغتسل هنا ..
    عندما خرجت من الغرفة، نظيفة، منتعشة مسرحة الشعر، كان الابريق يغلي على النار وكان هو يضع فنجانين. بدا أنيقاً مسرح الشعر وقد استبدل الجينز الوسخ بسروال بني رائع وقميص العمل بقميص آخر نظيف.
    وضع آنـدي الشاي في الوعاء, ثم صب الماء المغلي فوقه .. وارخى جنبه الى الطاولة فازدادت تعجباً من تصرفاته المستبده فنظر اليها ساخراً وقال:
    - ابحثي جيداً .. تصلي في النهاية آنسة ستون.
    - اصل الى أين؟
    ولم يرد بالكلمات بل بابتسامة. أحرجتها وجعلتها تشيح بنظرها عن نظرته الممعنه المحملقة فيها .. فسألها: هل انت متأثرة؟
    - بالنظافة، المعدات الحديثة ؟ نعم كثيراً.
    - عظيم .. فهدفنا إرضاء القوانين كلها والوصول الى الأفضل.
    - نحن؟
    - أنت شديدة الملاحظة .. أعني لوكربي بالطبع. حتى وإن كنت لا أعدو سائقاً إلا أنني أملك ما يفتقده الناس في هذه الايام وهو الولاء.
    كان تفسيراً لم تجد سبيلاً الى عدم القبول به. قالت: الشاي .. هل أصبه؟
    سمح لها بإشارة من يده بالقيام بالمهمة. فصبت له فنجاناً لم تضع فيه سكراً بناءاً على طلبه ثم قدمته إليه. بعد أن استلم الفنجان منها دعاها للجلوس الى احدى الطاولات. وساد صمت مطبق دقائق معدوده حاولت خلالها إشاحة نظرها بعيداً عنه لأنها شعرت به يرمقها بنظرات ممعنة. وصب لنفسه بعض الشاي ، أما هي فرفضت المزيد منه وسألته: أنـدي .. هل يعيش أهلك في هذه المنطقة؟
    - نعم ..
    كان رده قاطعاً وكأنه يحذرها بألا تتمادى .. فغيرت أسلوبها:
    - لقد قلت لي أنك غير متزوج .. ولست أفهم .. هل أنت مطلق؟
    - لا لم يحدث قط أن ارتبطت بامرأه.
    - آه .. هذا يعني ان هناك نساء .. لكن ..
    كان يمكن أن يكون الصوت الخفيض تنهيده معاناه أو سخطاً: الا تطئين أرضاً خطره؟ فماذا يفترض بي أن افهم من أسئلتك؟
    توترت وانزعجت من نفسها لأنها تسبر أغوار حياته بقدر ما انزعجت من تحذيره الفظ. وتابع هو : ربما كنت تتساءلين عن مدى نشاطي .. استطيع إثبات هذا لك .
    وأقفل المسافة بينهما، وأحست بضغط جسده الخفيف عليها. بقيت لحظات جامده مكانها مع العلم انه افسح لها مجالاً للهرب لكنها وقعت في الفخ، فخ مشاعرها.. فخ قربه منها هذا القرب الذي كشف لها أدق التفاصيل في وجهه، آه لو تجرؤ على رفع يدها لتلامس هذا الوجه أو لتشعر بخشونه بشرته! ومع أنه بقي حيث هو .. ويداه على خصره .. فقد أحست به وكأنه يغلفها بذراعيه وبذاتها تنجذب إليه دون أن يتحرك.. فهمست: آنـدي ..
    وعبثت اصابعها بقماش قميصه ، فمد يده ليفرد أصابعه على ظهرها .. كان في عينيها الباحثتين عن عينيه سؤال أجاب عنه بيسر : بروك .. هل سبق ان قلت لك بأنني اجدك آسـره..
    أخذت تدفعه عنها بلطف: لكن هذا لا يعطيك المفتاح لتصل إليً !
    - ألا يعطينيه؟ حسناً، إن لم استطع بشفتاي الوصول .. فلربما استطعت بهذا ..
    وضمها اليه ضاماً رأسها بشده الى صدره.. ليرسل رعشات من القشعريرة في جسدها.. وأخذ يضغط باليد الاخرى على خصرها لتلتصق به أكثر .. فتسارعت أنفاسها وهي تقول:
    لا .. لا ..لا !
    اخذت راحتاها تدفعانه عبثاً وقال: إذن هكذا يجب أن يكون ما بيننا..
    في البداية قاومت، محاولة جهدها التهرب منه.. لكن عندما اشتد عناقه، وجدت مشاعرها وأحاسيسها قد بدأت تخونها فكان أن استسلمت راضية بمتطلبات ذراعيه ويديه. وتصاعد في داخلها شعور بأن ما يجري كله خطأ.. وأن مثل هذا الامر الحميم يجب ألا يجري بينهما .. فلا شئ بينهما حقيقي .. ولا صداقة أو مشاعر .. فمعرفتها به قصيرة الأمد ومعرفته بها أقصر بكثير .. فليس بينهما إلا انجذاب من طرفه و .. نعم .. عليها الاعتراف .. ومن طرفها أيضاً ..
    وبينما كانت تفكر شعرت بأنها تطير فوق السحاب.. دائخة وإلحاح مشاعرها يتعالى ويزداد مهدداً بتدمير دفاعاتها كلها .. لتبقى مكشوفة أمامه وتحت رحمة ذراعيه .
    عندما شعرت بجسدها يضطرم تحت يديه اللتين تلمسانها وجدت أن عليها المقاومة .. وأجبرت نفسها على الاسترخاء التام دون أن تتجاوب معه ولما أحس بها فوراً تجمد بين ذراعيه تركها وهو يقول بتوتر: كما ظننتك تماماً .. رغم خطوبتك .. ما زلت أرضاً محظورة.
    فقالت غاضبة: إذا كنت تحاول إغرائي لقول نعم او لا فلن تنجح فليس لك الحق في أن تفعل ما فعلته!
    - الا يحق لي إطلاقاً ؟
    - على كل .. لقد قلت لك .. لقد فسخت خطوبتي منذ فترة وجيزة لأتحرر ولا أريد الوقوع في شرك آخـر.
    - من يتكلم عن الوقوع في شرك!
    غضبت من نفسها لإفساحها المجال له في أن يضعها عند حدها:
    - إذا كنت تظنني صيداً ثميناً عابراً ..
    توقف عن الكلام قليلاً ثم أردف: إذن رغم تصريحك فأنت تسعين وراء علاقة دائمة؟ ألم أقل لك .. ليس لدي إراده لمقاومة أمور كهذه؟
    أرسلت عيناها الشرر .. وتصاعد صدرها وهبط وقد وقعت في شرك الغضب.. قالت مقطوعة الانفاس: أنت .. أنت ! إنك مغرور حقاً فكيف تعتقد ولو للحظة أنني أريدك شريكاً دائماً!!
    - بعد تجاوبك معي واستمتاعك بعناقي استطيع القول ان غروري قد أرضي كل الإرضاء !
    - انت تراوغ وتلتف حول الامور ثانية.. أتذكر عندما اتهمتني بأني كنت ألعب لعبة القط والفأر على الطريق ..في وقت ما كنت أسعى فيه إلا للبتعاد عن طريق سائق شاحنة مجنون يتبعني كظلي.. أتذكر أيضاً كيف فسرت وقوفي على الشارع خطأً إذ خلتني أريد مطارحتك الغرام في مقعد سيارتي الخلفي!
    فابتسم للذكرى وتابعت هي بصوتٍ عاصف: وكنت في كل مره مخطئاً وانت مخطى الآن.
    وسمعت صوتاً رفيعاً داخل نفسها يقول: أنت كـاذبـــة ! أنت منجذبة إليه حد الجنون .. هذا الرجل سحرك وانت تخافين من اللحظة التي ستحرمين فيها من رؤيته للأبد !
    تقدم منها بكل عفوية وأخذ يعيد ترتيب ياقة فستانها ثم شعرها .. فقالت بصوت مضطرب : اتمنى لو تحظر السيارة الى منزل والدي غداً لأدفع لك الفاتورة .. وشكراً لك على كل ما فعلت ..
    ارتدت على عقبيها بسرعة لتخرد من المقهى، مجتازة الباحة أمام محطة بيع الوقود، وهى تأمل أملاً ضئيلاً بأن يناديها ويعرض عليها إيصالها .. فهنا وهناك باصات صغيرة تابعة لشركة لوكربي، ولن يضيره أن يستخدم إحداها ..
    حتى وهي تدخل المنزل كان الغضب الغريب لا يزال يعتمر في نفسها : وبما أن من الضروري إخفاء انزعاجها عن والدها، كي لا يطلب تفسيراً تعجز عن إخفاء الحقيقة عنه، زجرت نفسها لتتوقف عن هذا السخف وتعود الى طبيعتها. طوال اليوم التالي لازمها الترقب والانتظار حتى وهي تتسوف في محلات القرية الصغيرة على ضفاف النهر. وهي تعمل في طباعة ملاحظات أبيها، تهتم بحاجاته .. تطبخ طعامه.. كان ذلك الشعور يلفها وكأنه الساري الشرقي الملون. وعندما طرق الباب كانت تجلس مع والدها في غرفة الجلوس فأسرعت الى النافذه التي تطل على الشارع فشاهدت سيارتها تقف عند المنعطف وعلى مسافة قصيرة منها تقبع سيارة أخرى، لها ضعف حجم سيارتها وقوتها دون أدنى شك.. قال لها والدها: هلا فتحت الباب يا عزيزتي لترى من هو الزائر..
    وفتحت الباب فطالعها رجل طويل نحيل يرتدي ثوب عمل مطبوع عليه بالاحمر اسم لوكربي .. ولكنه لم يكن الرجل الذي توقعت .. فقد كان وجهها يبتسم لآنـدي .. وتنورتها الكحلية المزررة وبلوزتها الزرقاء المفتوحة الياقة .. كانت لآنـدي .. شعرها مغسول ومصفف خصيصاً كالحرير .. لآنـدي .. ومع ذلك .. لم يأتي !
    وقال الرجل : لقد جئت لك بسيارتك يا آنسة. مع تحيات شركة لوكربي .
    ولم تخرج منها كلمات الشكر .. تقطيبتها كانت لخيبة الامل .. لكن الرجل ظن أن هذا بسبب حيرتها فأضاف: لن تدفعي شيئاً .. أنها تسير كالطير الان .
    واخيراً وجدت صوتها: شكراً جزيلاً لك .. لكن يجب أن ادفع .. لا يمكن أن اسمح .. وتلاشى صوتها .. كانت تفكر وهي تتكلم .. وتملكها عدم التصديق .. لقد قال أنه سيوصلها بنفسه .. واتفقا على الساعة الثامنة .. ثم سمعت صوت باب سيارة يصفق ورأت رجلاً بدأ يسير نحو المنزل بخطوات لينة فوق ممر الحديقة .. قال الواقد الجديد: تــوم .. حسناً ..
    وأشار برأسه الى السيارة الكبيرة المتوقفة خلف سيارتها: انتظرني .. اتسمح ؟ سأوصلك بنفسي.
    وهز الرجل رأسه، وتوجه ماراً بالوافد باتجاه السيارة.
    - أنــدي ؟!
    - ومن غيره ( اجاب مبتسماً )
    على الاقل ابتسامته لم تتغير .. بالرغم من تغير كل شئ !
    - السيارة .. الرجل .. انت ؟؟
    ونظرت اليه صعوداً وهبوطاً وهي تلاحظ بعينين جاحظتين نوعية بذلته وتفصيلها الرائـع .. وطريقته في حمل نفسه وكأنه الآمر الناهي .. ومع ذلك ينام تحت السيارات .. ويلوث يديه بالشحم .. ويقود شاحنة الشركة .. وينقذ فتاة على الطريق .. ويطعمها السندويتشات والقهوة .. يتناول الغذاء بسهولة ويسر في مطعم جيد ومن طراز مرتفع ويدير ظهره للمقهى البسيط المخصص لسائقي الشاحنات.. ولم تكن تعلم اسم عائلته .. ومع ذلك فقد عانقها وقبلها على خدها .. فمن يكــون هذا الرجــل !!


    الى الغـــد مع الحلقــ 4 ـــة
    تحياتـــي
    0

  21. #220
    َ/ِ

    ننتــــــــــــــــــــظرٍكـ يآلغلآ بوٍكرٍهـ

    َ/ِ
    0

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter