الكثير منكم رآني ناقدا و لم يرني منقودا !
حسنا هذه هي الفرصة مع اولى كتاباتي المنشورة هنا !
على ضفاف الشاطئ الرملي الواقع في جزيرة نائية و في يوم مصيف تتدفق فيه حرارة الشمس عبر شرايين الكون كان بطلنا ( سيفروث ) يجمع بعض الأصداف المتناثرة هنا و هناك ليصنع منها عقدا كهدية يهديها لأخته الصغيرة ( ريكو ) التي لم تتجاوز الثامنة من العمر بينما هو قد تجاوز العشرين من عمره و ما زال أعزبا مما أثار حفيظة القرويين القاطنين في وسط الجزيرة! لم يكن يهتم لهم كثيرا و لم يعرهم أي التفات فكل همه هو إسعاد أخته بكل ما إمكاناته المتاحة ...
- أعتقد ان هذا العدد كافي لصنع العقد ..... هكذا نطق سيفروث بعد صمت طويل و اتبع قائلا : بقي أن أجد الوردة المناسبة لتكون قلبا لهذا العقد .... علي أن اذهب لوسط الجزيرة مرة أخرى ! و لكن لا بأس.
وضع سيفروث جميع الأصداف التي جمعها في كيس منقط صغير كان يحمله حول خصره و احكم إغلاقه بخيط وردي قبل أن يتوجه إلى وسط الجزيرة حيث بدأت كثافة الأشجار تزداد تدريجيا و حيث أن الخضرة تزداد خطوة بعد خطوة ... توجه نحو المستنقع الصغير الذي لم يكن يجرؤ أحد على الاقتراب منه حيث حيكت العديد من القصص التي ألهبها الخيال فأضافت بريقا مربعا لكل قصة ! و لكونه من غير المصدقين لمثل هذه الخرافات تقدم بكل ثقة إلى حيث توجد الزنبقة السفرجلية ! مد يده برفق و اقتلعها مع جزء بسيط من تربتها حتى تحتفظ الزهرة بنضارتها إلى حين انتهاءه من صنع العقد حيث أن الحفلة ستقام ليلا و وضعها في أصيص صغير كان قد جلبه معه ... كان النهار قد تجاوز منتصفه حينما خرج من المنطقة المحرمة و حين خروجه لمحه عدة قرويين اخذوا يتهامسون فيما بينهم و هم يطلقون نظرات الريبة و الشك نحوه ...
- لا جديد ... كالعادة . هكذا نطق سيفروث إذ اعتاد القيل و القال منهم في كل حركة و في كل سكنه منه و كأنه شغلهم الشاغل ! .
عاد سيفروث إلى كوخه الواقع في وسط الطريق الموصل بين القرية و الشاطئ و كانت أخته في انتظاره فما أن رأته من النافذة حتى أسرعت خارجة إليه و ترتمي في حضن و هو يستقبلها بكل فرح و سرور و هو يمسح على رأسها و يقبل وجهها و يحملها على كتفه و هو يهم بالدخول إلى الكوخ.
ريكو : ماذا ستحضر لي هدية في عيد ميلادي يا أخي ؟
سيفروث : مفاجأة ...... ستعرفينها هذه الليلة.
ريكو: و لكني أريد أن اعرفها الآن أرجوك.
سيفروث : لا تكوني لجوجة يا ريكو و إلا أفسدت المفاجأة.
هنا أيقنت ريكو أنها لن تستطيع أن تغير من الواقع شيئا فأخوها دائما ما كان يصر على مواقفه التي يتخذها مسبقا .
دخل سيفروث الكوخ الخشبي المكون من 4 غرف و جلس على المائدة الدائرية الواقعة في وسطه و لم يكن حولها سوى كرسيين إذ لم يأتهم أي ضيف طوال حياتهم ! جلس ينظر عبر النافذة المطلة نحو الشاطئ ..لمحته أخته و علمت أن القرويين قد أزعجوه مرة أخرى فأرادت أن تنفس عنه فأخرجت مكعباتها الخشبية و طلبت منه أن يلاعبها بهم ... لم يجد سيفروث أي مانع في أن يشارك أخته اللعب طالما انه أراد تحقيق السعادة لها و لكنه توقف لوهلة و أعتذر عن اللعب لأول مرة في حياته ! و توجه سيفروث إلى غرفته و فتح باب الغرفة المليء بالمسامير و أطل بوجهه نحو أخته هو يرسم ابتسامة عريضة على محياه : سوف أصنع هديتك الآن فلا تختلسي النظر ..اتفقنا؟
هنا عادة الابتسامة إلى ريكو و هي تجهر بصوتها : حاضر.
أغلق سيفروث الباب و اخرج الأصيص من بين ثيابه كما انتزع الكيس المنقط من حول خصره و فك الخيط الوردي بسلاسة و نشر الأصداف على طاولته الصغيرة و بدأ العمل على صنع العقد .
غربت الشمس و حل الليل و كانت المصابيح الزيتية تضيء الكوخ و أخيرا انتهى سيفروث من صنع العقد و وضعه في كيس وردي مخملي مغلق بخيط أحمر فاقع و وضعه في أحد جيوبه و خرج من غرفته و كانت أخته ما تزال تلهو بمكعباتها فقال لها : أحضري الكعكة التي قمت بصنعها هذا الصباح.
قفزت ريكو مسرعة نحو الغرفة المجاورة والتي كان يطلق عليها المطبخ مع أن الغرفة كانت خالية من جميع أدوات المطبخ! التقطت الكعكة المكعبة و التي كانت تقف فوقها ثمان شمعات مدللة على عدد السنين التي عاشتها على سطح الأرض .. وضعتها على الطاولة الدائرية و ما أن وضعتها حتى تقدم سيفروث و سحب كرسي ريكو طالبا منها الجلوس .. تحمرت وجنتي ريكو و هي تنظر إلى اخيها فابتسم سيفروث و كان مصرا على موقفه ... جلست ريكو على الكرسي فقام بدفع الكرسي نحو الطاولة مرة أخرى و اتخذ مقعده .. أخرج سيفروث عود ثقاب قديم و أشعل الشمعات الثمان و بدأ ينشد الاناشيد مع أخته و هم في فرح و سعادة و ما أن انتهوا من أناشيدهم حتى قال لها : الآن حان دورك يا ريكو لتتمني أمنية و تطفئين الشموع .
صمتت هنا ريكو لفترة و بدأت توزع نظراتها حول البيت ثم أغمضت عينيها و مدت رأسها نحو الشموع الثمانية و أطفأتهم... هنا أخرج سيفروث الكيس الوردي و ناوله أخته بابتسامة عريضة التقطت ريكو الكيس و حلت الخيط الرفيع ليظهر عقد لامع متلألئ اخذت تقفز فرحا و هي على كرسيها من شدة الفرح و قامت من كرسيها و توجهت نحو أخيها لتطبع قبلة على وجهه كعربون محبة دائم و مستمر و أشارت له أن يساعدها في لبس العقد فأشار لها أن تستدير و التقط العقد و البسها إياه ...
استمرت الحفلة طوال ساعتين و قد تعبت ريكو من فرط الجهد الذي بذلته طوال اليوم فحملها من على كرسيها إلى غرفتها الصغيرة و المطلة نافذتها نحو وسط الجزرة . و ما أن وضعها على سريرها و هم بالخروج فإذا بيد تمسكه فالتفت خلفه فوجد أخته متمسكة به و تشير بيدها الأخرى نحو جبينها ! فهم سيفروث ما ترمي له ريكو و عاتب نفسه على هذا النسيان ! قبل جبينها و دلف خارج الكوخ .
جلس سيفروث على عتبة الكوخ المكونة من 3 درجات و أخذ يتأمل القمر في ليلة مليئة بالنجوم و أخذ يحدث نفسه : إنها الليلة ........ لا شك.
حمل سيفروث نفسه و توجه نحو الجزء الآخر من الجزيرة حيث كان ذاك الجزء مهجورا بعد فناء الجيش المكلف بحماية الجزيرة بأكمله في ظروف غامضة !
وقف سيفروث عند الحد الفاصل و اتخذ إحدى الأشجار ليتخذها مسندا له و أخذ يراقب المكان فيما حوله .. كانت الأشجار يابسة و الأعشاب متكسرة رغم وفرة الماء و صفاءه الموجود المتوفر من خلال النهر الذي يشق الجزيرة طولا بطول ! كان كل شيء غريبا فصوت الحياة فيها أشبه الصرخة المحبوسة في زجاجة ملقاة في غياهب بئر عميق !
ما هي إلا لحظات حتى تحول لون الماء إلى الأحمر و انقلبت الأشجار إلى هياكل عظمية عددها مكافئ تماما للجيش البائد !
بدأت زوبعة في وسط النهر الأحمر و أخذت تكبر و تكبر و بدأ الماء يغور فجأة و حين بدأ الماء في الانحسار انتكست جميع الهياكل العظمية و ظهر من وسط الماء جسد بشري الهيئة و ما أن ظهر جسده كاملا حتى عاد لون الماء طبيعيا و عادت حركة النهر طبيعية و اخذ ذلك الجسد يشق طريقه من وسط النهر ليخرج إلى الضفة .
سيفروث : لم أكن أتوقع عودتك بهذه السرعة يا أبي؟
جمع سكوال يديه نحو صدره بشكل متقاطع و أبعد نظره عن سيفروث قائلا : و هل هذا هو الترحيب اللائق بي؟
انقبضت يدا سيفروث و وجه نظره إلى الأرض راسما علامات السخط في وجهه.. وجه سكوال نظره نحو سيفروث قائلا : يبدو أنك تود الدخول في القتال مباشرة؟
هنا رفع سيفروث نظره نحو سكوال صارخا : لا أود القتال !أود العيش بأمان !
لم يعر سكوال أي انتباه لكلام ابنه فهذا يتناقض مع أهدافه التي رسمها منذ مئة عام ! إشارة واحدة من إصبع سكوال كانت كافيه لتزحف جميع الهياكل العظمية نحو سيفروث و انقضوا عليه و شلوا حركته و غاب في غياهب الهياكل العظمية .. مرت لحظات و لحظات و استمرت إلى دقائق و لم تزل الهياكل العظمية منقضة على سيفروث و لم تظهر أي حركة تدل على مقاومة أو ما شابه مما أثار حفيظة سكوال العالم بقدرات ابنه التي تتجاوز قدراته في العديد من الجوانب إن لم يكن كلها ! إشارة أخرى من سكوال أعادت الهياكل العظمية إلى أماكنها الطبيعية ..
أصيب سكوال بصعقة قوية و ظل عاجزا عن الكلام للحظات حينما راى سيفروث واقفا في نفس مكانه لم يتزحزح بمقدار شعره ! كما أنه لم يصب بأي خدش !
سيفروث : يبدو أنك بدأت تفقد مهارتك يا أبي ؟
استشاط سكوال غيضا : أيها الحقير...
أستل سكوال سيفه و أنطلق مهاجما على سيفروث الذي لم يحرك ساكنا و كان مغمضا عينيه في أمان و رفع سكوال سيفه و وجه ضربة مباشرة نحو قلب سيفروث ! ... اخترق السيف جسد سيفروث بالكامل و لم يفتح سيفروث عينيه كما أنه لا وجود لقطرات دم خارجة من جسد سيفروث !
هنا ضحك سيفروث ضحكة مبكية : يبدو يا أبي أنك نسيت أنك قد قتلتني قبل سنوات و ما أنا الآن إلا ظله !
سحب سكوال سيفه و زرعه في غمده : يبدوا يا ولدي أني قد أخطأت مرارا في تقديرك و لكن أعلم أني لست نادما على قتلك ! فميولك السلطوية جعلتني أنهي حياتك فلو لم أكتشف بنفسي أنك من أفنى الجيش لما علمنا الآن في حال سنكون عليه !
نظر سيفروث إلى القمر معطيا ظهره لسكوال : ربما كنت على حق و لكن الجيش الذي تتحدث عنه لم يكن إلا جيش الاستعمار الذي أرسله لنا إمبراطور الجزيرة المجاورة !
فتح سكوال فاه اندهاشا : كـ ....كـ ...كيف؟
سيفروث : الجيش الذي تتكلم عنه لم يكن جيشا لحماية مصالح الجزيرة ! يبدو أنك يا أبي قد فقدت حدسك منذ وفاة والدتي ! و ها أنت هنا ترى خسارة ابنك ..... بالمناسبة إلى متى سيستمر هذا العرض السنوي الرتيب ؟
سكوال : إلى أن تفقد قدرتك على ابتكار المزيد من الخدع و المهارات و الأكاذيب طبعا !
اطلق سيفروث ابتسامة عريضة و استدار نحو أبيه : يبدو انك اكتشفت إنها كذبة مبالغ فيها أليس كذلك ؟
سكوال : بالتأكيد.
وانقبضت فجأة ملامح سيفروث و هو ينظر إلى أبيه : أنت هنا لتتأكد أني لم ارجع إلى الحياة ..أليس كذلك ؟
انطلقت أسارير سكوال راسما علامات الرضا : يبدو أنك تفهم أسرار هذه اللعبة جيدا ؟!
استدار سيفروث مرة أخرى و انطلق مبتعدا عن المكان بخطى ثابتة و هو يقول : لن تستطيع منعي من أي شيء أرغب فيه و سأتأكد إنني حينما أعود للحياة انه لن يكون هناك سكوال أخرق يضايقني ؟
ابتسم سكوال و نظر نحو ابنه : أعتني جيدا بريكو ...
القصة مكونة من 3 أجزاء منفصلة و تم كتابت جزئين أما الثالث فقد تم إلغاءه ! و سيعرف السبب حين نشر الجزء الثاني و الذي لم تحدد إمكانية نشره فحمسونا ^_^
المفضلات