لا يدخل فى أسماء الله تعالى ما كان من أفعاله
أو صفات أسمائه
وفى ذلك مثل شديد العقاب ، وسريع العقاب ، وسريع العقاب ، وسريع الحساب ، وشديد المحال ، ورفيع الدرجات ، لأنه الشديد والسريع من صفات أفعاله ، فلا فرق فى المعنى بين قوله : إن الله شديد العقاب ، وسريع العقاب ، وشديد المحال ، وسريع الحساب ، وبين قولنا : إن عقاب الله شديد ، وعقابه سريع ، ومحاله شديد ، وحسابه سريع ودرجاته رفيعة (1) .
الفرق بين أسماء الله وصفاته
أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به مثل القادر ، العليم ، الحكيم ، السميع ، البصير ، فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر أما الصفات فهى نعوت الكمال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر فالاسم دل على أمرين والصفة دلت على أمر واحد ، ويقال الاسم متضمن للصفة والصفة مستلزمة للاسم (2).
ما هو اسم الله الأعظم
قال الشيخ محمد أمان الجامى : استطرد الحافظ ابن حجر إلى ذكر ( الاسم الأعظم ) الذى إذا دعى به لا يرد وذكر اختلاف أهل العلم فيه منهم من أنكره مثل أبى جعفر الطبرى ، وأبى الحسن الأشعرى وجماعة بعدهما كأبى حاتم بن حبان والقاضى أبى بكر الباقلانى . فقالوا : لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض ونسب ذلك بعضهم لمالك لكراهته أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها من السور ( لئلا يظن أن بعض القرآن أفضل من بعض ) . فيشعر ذلك باعتقاد نقصان المفضول . وحملوا ما ورد من ذلك على أن ال المراد بالأعظم العظيم ( وجعلوا اسم التفضيل على غير بابه ) ( وهو أسلوب معروف عند علماء العربية ) وأن أسماء الله كلها عظيمة .
وقال ابن حبان : الأعظمية الواردة فى الأخبار إنما يراد بها مزيد ثواب الداعى بذلك . كما إذا أطلق ذلك فى القرآن ، المراد به مزيد ثواب القارئ وقيل : المراد بالاسم الأعظم كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون فى فكرة حالتئذ غير الله تعالى ، فإن من تأتى له ذلك استجيب له . ونُقل معنى هذا عن جعفر الصادق ، وعن الجنيد وعن غيرهما .
وقال آخرون : استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ، ولم يُطْلعْ عليه أحداً من خلقه وأثبته آخرون . واضطربوا فى ذلك (1) .أهـ
ثم ذكر أربعة عشر قولاً فرأيت أن أقتصر على أحد عشر قولاً (1) .
1) عن الاسم الأعظم ( الله ) لأنه لم يطلق على غيره سبحانه ولأنه الأصل فى الأسماء الحسنى ، ومن ثم أضيفت إليه .
2) ( الله الرحمن الرحيم ) ولعل مستند هذا القول ما أخرجه ابن ماجة عان عائشة رضى الله عنها ( أنها سألت النبى أن يعلمها الاسم الأعظم فلم يفعل ، فصلت ودعت ( اللهم إنى أدعوك الله ، وأدعوك الرحمن وأدعوك الرحيم بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم ) الحديث . وفيه أنه قال لها : إنه فى الأسماء التى دعوت بها ، قال الحافظ ابن حجر سنده ضعيف . وفى الاستدلال به نظر لا يخفى (2) . أهـ
ولعل ذلك النظر الذى أشار إليه الحافظ رحمه الله : أن عائشة إنما دعت بالله والرحمن والرحيم وجميع الأسماء الحسنى ما علمت منه وما لم أعلم . فالاستدلال بالحديث على بعض ما دعت به دون بقية الأسماء وارد . والله أعلم .
3) ( الرحمن الرحيم ، الحى القيوم ) لما أخرج الترمذى من حديث أسماء بنت يزيد أن النبى قال : اسم الله الأعظم فى هاتين الآيتين ( وإلهكم إله واحد لا إله هو الرحمن الرحيم) ( وفاتحة سورة آل عمران ) ( الله لا إله إلا هو الحى القيوم ). أخرجه أصحاب السنن إلا النسائى وحسنه الترمذى بل قد ( صححه ) وفيه نظر لأنه من رواية شهر بن حوشب .
4) ( الحى القيوم ) اخرجه ابن ماجه من حديث أبى أمامة : ( إن الاسم الأعظم فى ثلاث سور : البقرة ، وآل عمران ، وطه ) قال القاسم الراوى عن أبى أمامة : التسمت منها فعرفت أنه ( الحى القيوم ) وقواه الفخر الرازى واحتج بأنهما يدلان على صفة العظمة بالربوبية ما لا يدل على ذلك غيرهما كدلالتهما .
5) ( الحنان ن المنان ، بديع السماوات والأرض ، ذو الجلال والإكرام الحى القيوم ) ورد ذلك مجموعاً فى حديث أنس عند أحمد والحاكم ، وأصله عند أبى داود والنسائى وصححه ابن حبان .
6) ( ذو الجلال والإكرام ) أخرجه الترمذى من حديث معاذ بن جبل قال : سمعت النبى رجلا يقول : ( يا ذا الجلال والإكرام ) فقال ( قد استجيب لك فسل ) واحتج له الفخر الرازى بأنه يشمل جميع الصفات المعتبرة فى الإلهية ، لأن فى الجلال وإشارة إلى جميع السلوب . وفى الإكرام إشارة إلى جميع الإضافات .
7) ( الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً ) (1) . أخرجه أبو داود والترمذى ، وابن ماجه وابن حبان والحاكم ، من حديث بريدة وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد فى ذلك .
8) ( رب رب ) أخرجه الحاكم من حديث أبى الدرداء وابن عياض بلفظ ( اسم الله الأكبر رب ) وأخرجه ابن أبى الدنيا عن عائشة : إذا قال العبد يارب يارب قال الله تعالى : ( لبيك عبدى سل تعط ) رواه مرفوعاً وموقوفاً .
9) دعوة ذى ( النون ) أخرجه النسائى والحاكم عن فضالة بن عبيد رفعه دعوة ذى النون فى بطن الحوت : ( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ) ولم يدع بها رجل مسلم قط إلاستجاب الله له .
01) هو مخفى فى الأسماء الحسنى ويؤيده حديث عائشة المتقدم لها دعت ببعض الأسماء الحسنى فقال لها النبى أنه لفى الأسماء الحسنى التى دعوتى بها .
11) كلمة نقله عياض (2) . أهـ .
قال الدكتور عمر الأشقر : والذى رجحه شيخ الإسلام أن اسم الله الأعظم هو : الحى ، فالحى مستلزم لجميع الصفات وهو أصلها ، ولهذا كان أعظم آية فى كتاب الله ) الله لا إله إلا هو الحى القيوم( (1) وما من حى إلا وهو شاعر مريد ، فاستلزم جميع الصفات ، فلو اكتفى بالتلازم لاكتفى بالحى (2) .
والذى نرجحه أن اسم الله الأعظم هو " الله " لأمور :
الأول : دلالة الأحاديث الواردة فى تعيين هذا السم ، فعندما نظرنا فى الأسماء التى ورددت فى الأحاديث التى أخبر الرسول أن اسم الله الأعظم موجود فيها ، وجدنا هذا الاسم هو الاسم الوحيد الموجود فيها جميعا .
الثانى : أن هذا الاسم تكرر فى كتاب الله عددا يفوق كثيرا أى اسم آخر ، فقد تكرر فى كتاب الله ( 2602 ) مرة ، منها ( 980 ) مرة مرفوعا ، و ( 592 ) مرة منصوباً ، و( 1125 ) مرة مجروراً، وخمس مرات بلفظ ) اللهم( (3) .
بينما ورد اسم الرحمن فى كتاب الله ( 57 ) مرة (4) .
وورد اسم الرحيم مطلقاً على الله فى كتاب الله ( 114 ) مرة .
وورد اسم الحى مطلقاً على الرب – تبارك وتعالى – فى خمس آيات من كتاب الله فحسب .
الثالث : أن هذا الاسم أكبر أسماء الله وأجمعها ، وكل الأسماء ترجع ويضاف إلى تفسيره كل معنى ، وحقيقة اسم الله : المنفرد فى ذاته وصفاته وأفعاله عن نظير ، وهذه هى حقيقة الألوهية ، ومن كان كذلك فهو الله (1) .
الرابع : أن هذا الاسم لم يطلق على غير الله تبارك وتعالى بحال ، ولا يتجرأ أحد على ادعائه إلا ما كان من قادة الضلال الكبار أمثال فرعون الذين هو أرذل الناس وأضلهم (2) .
يقول الشيخ أحمد الشرباصى : " الله هو الاسم الذى تفرد به الحق سبحانه وخص به نفسه ، وجعله أول أسمائه ، و أضافها كلها إليه ، ولم يضفه إلى اسم منها فكل ما يرد بعده يكون نعتا له وصفته .
وهو اسم يدل دلالة العلم على الإله الحق ، وهو يدل عليه جامعة لجميع الأسماء الحسنى الإلهية الأحدية .
ويقال : " الأسماء الحسنى من أسماء الله ، ويقال : الأسماء الحسنى من أسماء الرحيم أو الغفور " (3) .
شرح أسماء الله الحسنى
الله
الذى تألهه الخلائق محبة وتعظيماً وخضوعاً ، وفزعاً فى الحوائج والنوائب وهو( الله ) هو المألوه المعبود المستحق الإفراد بالعبادة لما اتصف به من صفات الألوهية ونعوت الكمال والجمال ، وما أفاضه من سوابغ النعم والأفضال .
وهذا الاسم هو ( لفظ الجلالة ) وهو علمُُ على الرب تبارك وتعالى ، ويقال إنه الاسم الأعظم لأنه يوصف بجميع الصفات كما قال تعالى ) هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السماوات وما فى الأرض وهو العزيز الحكيم ( . [ الحشر : 22 – 24 ) فأجرى سبحانه وتعالى الأسماء الباقية كلها صفات لإسمه ( الله ) وقال تعالى ) قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّضامَّا تدعوا فله الأسماء الحسنى ( . [ الإسراء : 110 ] .
المفضلات