تعبت من الكـتابة ، حتّى بدت لي أمـام عيني سحابة ، سحابـة من الدموع الحقيقية فجّرها في وجهي ضباب كثيف ،
إنّـه الـــواقــع
واقـع الحياة الإنسانية التي تعرف أخطر محطّاتها الزمنية ، لم تعرف أبداً هدوءاً مؤقتاً ، أو سلماً نعيش معه لحظة فرح ، حين أستسلم للقلم أكتب حتّى أملّ الكتابـة ،
في مواضيع شتّى أغضبت أحاسيسي ، حينها شعرت بخيبة عارمة ، تدوس قلبي الضعيف ، إن العالم مجنون حقّاً في نظري ، و لن يهدأ أبداً ،
و هذه علامة من علامات الفناء
في كل لحظـة ، نرى زلزالاً هناكـ و نسمع قطاراً زاغ عن السكـة ، و نقرأ عن مجموعة خطفت طائرة ، و أخرى شخصية بارزة ، و آخر يقوم بإرهاب فردي ، إغتيــال و خطف ،
لا الطبيعـة ترحم ، و لا الإنسـان يشفق على حالـة الإنسان المترديّـة ، التي من شأنها أن تؤدي بالبشر إلى الزوال ، سوف يبرر هؤلاء مواقفهم ، حين يقولون بأنهم مظلومون
و دوافعهم العدوانيّـة أدت إلى الرد العدواني انطلاقاً من فكرة الإنتقام أو الإنفجار بعد ضغط طويـل ، كتم خلاله أنفاسـه ،حـتّى آخر لحظة ، و إشفاقاً على روحـه ،
تنفس الصـعداء ، لأنّـه يحب البـقاء ، فثار على نفسـه و قــام بتمثيـل أشـرطـة تكرس العنـف في أغـلب أدوارهـا ، في الحقـــيقــة ،
العوامـل الأســاسيّـة ، و الأرضيـة الواقعيـة موجودة ، و هي موّاد خـام يستطـيع بها أصحـاب السينما و المؤلفون و الصحافيون و أنصار المسلسلاتـ التلفزيونية
أن يكونوا قصصاً مثيرة ، دون الالتجـاء إلى الخيـال و الإبداع و الإبتكـار لأن ذلكـ يمكن أن يحدث بعد جهد فكري ، و لكن من دون تعب ، فكل شيء جـاهـز
هنــــا ،
في خـــضم هذا الواقــــع ، تصير عقليات الكتاب خاملة ، حيـن تأخذ كل شيء من الواقـع المرعـب ، و لا تحاول أن تَــكُـونَ دواء للعـلاج ،
سـألت نفسي مرّة : لماذا أنا أعيش في هذا العالم المملوء بالصخب ، بالدم ، بالكراهيـة و الحـسد ، بالصراع اللامحدود ؟ و لم أعيش ؟ أجبـت نفسي توّاً : فعلاً ،
أنـا شخص مجنون ، أسمع ، أرى ، أقرأ ، و لا أفيـد أي طرف في الصراعات الكثيـرة ، و ليست لي قدرة على ذلكـ ، لأن عوامل المشاركـة غير متوفرة لدي ،
و ما هي إذن الإستفادة البعيـدة النظر من تعليمي القراءة و الكـتابة ؟ هل لأقرأ مشاكل الآخرين و أضيف همومهم إلى همومي ، و أنا لا أستطيع أن أقوم بما يجب فعلـه ،
و لماذا يتشاجر هؤلاء ، و يتخاصم أولـئكـ ؟ كلهم من أجـل أن يـتناولهم الأجيـال من خلال كتابة أسمائهم في الكـتب ، و من أجل مصلحـيتهم الشخصيـة ،
و ما الفائـدة في ذلـكـ ؟ إنها الحمـاقـة و الجنون .....
أرجو عدم الرد ،،
المفضلات