يركض ماهر بأقصى سرعته في أحد الأزقة .... وكان مرعوباً من الجثة التي تعثر بها .. ويقول في نفسه : يا إلهي ... إنها جثة .......................... إنه رجل ميت ............... يجب أن أعود إلى البيت فوراً .... فوراً ............................
ويواصل ركضه بأقصى سرعة ..
وفي شارع قريب تتوقف مجموعة من سيارات الشرطة ويخرج من إحداها السيد نضال ومعه مجموعة من أتباعه .. ويركض داخلاً أحد الأزقة المظلمة وهو يقول لهم : من هنا .. إتبعوني ..........
وفي مكان قريب كان عصام واقفاً أمام تلك المرأة بهدوء يأخذ منها أشياء كثيرة ويدخلها في جيبه .. لكنه سمع صوت سيارات الشرطة فانتبه وهرب مسرعاً .................
وبمجرد هروبه سقطت المرأة على ركبتيها وهي تلهث من شدة الخوف وتضع كفها على صدرها والرعب يملأ وجهها ...........
*********
في الزقاق الموجودة فيه الجثة .. كان السيد نضال جاثياً على ركبته أمامها يتفحصها ويقلبها بين يديه بنظرات جادة ... بينما مجموعة من رجال الشرطة مجتمعون حوله وبعضهم يلتقط صوراً من مختلف الزوايا والبعض الآخر يتحدث هاتفياً والبعض الآخر يسجل ملاحظات في مذكرته ..
وبينما هم كذلك يقول السيد نضال : عامل في شركة .. والأرجح أنه كان خارجاً من الحانة القريبة .. لقد تعرض لطعنات عدة في مناطق مختلفة من جسمه .. وإحداها اخترقت قلبه .. وكانت السبب في موته ....................................
وفي هذه اللحظة يتحدث إليه أحد رجال الشرطة والذي كان يتحدث هاتفياً : سيدي .. لقد تم العثور على جثة أخرى في الحي المقابل ! وبقية المجموعات في بحث متواصل ..
السيد نضال : هاه ؟! جثة أخرى ....... لو كان القاتل يريد السرقة فقط لما اضطر لقتل ضحاياه بهذه الوحشية ! .. شيء غريب أن تنتشر هذه الجرائم العشوائية مؤخراً .. ............................................
ثم التفت إلى أحد الرجال وخاطبه : أنت ..
الشرطي : سيدي ...
نضال : إرفعوا كل البصمات الموجودة في المكان
الشرطي : أمرك
ثم يعيد السيد نضال النظر إلى الجثة بتعمق شديد .. ويقول : .................. يا إلهي ...... هذه الأحداث ستزيد من رعب السكان ............... يجب أن نضع حداً !! ........
ـــــــــــــــــــــ
في ليل مظلم وموحش .. كان اللون الأسود غالباً على كل شيء .. وكان يعلو المدينة ضباب أحمر كثيف ............ وفي أحد الشوارع المظلمة كان جواد يتمشى ببطء شديد ويسمع أصوات بعيدة لصرخات أشخاص يتعذبون ......... لم يعرف مصدر الصوت ...... لكن الصوت بدأ يزداد وضوحاً ..... ويزداد رعب جواد كلما اقترب الصوت من أذنيه .. كانت صرخات ألم مرعبة لأشخاص يتعذبون .. بدأ جواد يركض بأقصى سرعته .......................... لكن المدينة كانت مهجورة تماماً .......... سوى من الضباب الأحمر الذي اختلط مع سواد الليل ............ وبينما هو في ركضه سمع صوت خطوات قريبة منه .. وصوت شيء معدني وكأن شخصاً يحمل سطلاً حديدياً .... وفعلاً .. إستدار ليجد توأمه الوحيد .......... كان يتمشى ببطء ... ويحمل سطلاً حديدياً مملوءاً بالدماء .... وكانت الدماء تقطر من السطل على الأرض ... بينما أخ جواد يمشي ببطء ورأسه مرفوع إلى السماء قليلاً ............ وكان بؤبؤ عينيه أحمراً قانياً مشعاً ....
وقف جواد من شدة الدهشة ........ ومر توأمه بجانبه لكنه لم يعره أي اهتمام .. فناداه جواد : أخي .. أخي ماذا تفعل هنا ؟؟؟؟؟؟ كيف عدت إلى الحياة من جديد أخي ؟؟؟؟ أجبني يا أخي ؟؟؟؟؟؟؟؟ أرجوك أجبني
توقف شقيق جواد .. واستدار نحوه ببطء شديد .. وكانت نظراته حاقدة جداً وماكرة .. فابتسم جواد وقال : أخي أخي
لكن أخاه مد أصابه يده نحو وجه جواد ببطء وكأنه يريد أن يفقأ عينيه .. إرتعب جواد وحاول التحرك من مكانه لكنه لم يستطع ..... وكأن قدماه كانتا مثبتتين على الأرض .. إقتربت أصابع أخيه من عينيه .. وجواد يصرخ بأعلى صوته : لااااااا ماذا تفعل يا أخي ......... لااااااا .. لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااا
إستيقظ جواد من نومه فزعاً وهو يتصبب عرقاً ... ويلهث بشدة .... نظر إلى النافذة فإذا هو الصباح الباكر .. كان الجو خارج النافذة لطيفاً للغاية والعصافير تزقزق بكل سعادة .. والشمس في بداية شروقها .......
إندهش جواد من ذلك الحلم وقال : ماذا ؟ كان حلماً .... .......
ثم أخفض رأسه وظهرت على ملامحه علامات الحزن الشديد وقال : تباً متى ستتوقف هذه الكوابيس عن اللحاق بي ؟!!! .. لقد سئمت منها ................. أخي ........ أرجوك .. أرحني من ظهورك
ثم استوى جالساً على حافة فراشه ووضع كفيه على رأسه ....................
في الثانوية ... وداخل الفصل .. وكما هي العادة ترتفع أصوات الطلاب وثرثراتهم .. لكن هذه المرة كان الموضوع الرئيسي حول الجثث الكثيرة التي تم الإعلان على العثور عليها في الليلة السابقة ........ وبينما الجميع يتناقشون إذا ماهر يصرخ : لكن لماذا لا تصدقني يا سامي ؟ لقد رأيت الجثة بأم عيني حتى انني تعثرت فيها وسقطت أرضاً ... ما بك يا هذا هل سبق وكذبت عليك ؟
يرد سامي ساخراً : لا على العكس أنت الوحيد بيننا الذي لم يكذب أبداً
فيتدخل حسان قائلاً : إهدآ أرجوكما لا أظن أن ماهر يكذب هذه المرة .. هيا أخبرنا بالذي حدث لك في الأمس ... ^_^
ماهر : كنت أتمشى في الحي ليلاً فسمعت صرخة رجل من بعيد .. وعندما حاولت استكشاف الأمر تعثرت في جثة رجل ميت وكانت مغطاة بالدماء .. !!!!! لكنني تمكنت من الهرب بعد أن سمعت صوت سيارات الشرطة ..
سامي : أنت محظوظ إذن .. من حسن حظك أن رجال الشرطة لم يقبضوا عليك ! ^_^
فتتدخل وئام قائلة : تتحدثون عن ليلة الأمس صحيح ؟ لقد حدث لخالتي أمر مشابه >_< .. فبعد أن كانت عائدة من حفلة عائلية .. تعرض لها شاب أمام بيتها وسرق كل ما كان عندها .. لكنه هرب بعد أن سمع صوت سيارات الشرطة ..
فانتبه عصام لكلامها ثم أدار وجهه بسرعة متظاهراً بعدم السماع .. وظهرت في مؤخرة رأسه قطرة ماء ضخمة كدلالة على الارتباك
لكن جواد كان يقف إلى نافذة الفصل ويطل من خلالها إلى الخارج وهو شارد الذهن .. وإذا برامي يضع كفه على كتف جواد قائلاً بلهجة جادة : ما الأمر يا جواد ؟ لماذا تبدو شارداً هكذا ؟!!
يلتفت جواد إليه ويقول : رامي .. هل للأموات عالم آخر يعيشون فيه ؟
يندهش رامي ويقول : ماذا ؟ ولماذا هذا السؤال الغريب ؟!! آه نعم .. هل عاودك ذلك الحلم مرة أخرى ؟
جواد : أجل .. >_< .. أخي التوأم مات منذ زمن طويل >_< .. لكن إحساساً قوياً يخبرني بأنه مازال حياً .. وأيضاً .............. ذلك الحلم ..............................
رامي : إسمع يا جواد .. الأحلام هي عبارة عن تصورات ذهنية تظل عالقة في مخيلة الشخص النائم .. فتتراءى له على شكل حلم تمتزج فيه كثير من الصور التي شاهدها في يومه السابق ... هذا كل ما في الأمر ^_^
جواد : لكنها كوابيس مرعبة جداً .. فأحياناً أراه غارقاً في بحر من الدم .. وأحياناً أرى نسخاً كثيرة منه تحوم حولي .. وأحياناً أراه يحمل سطلاً مملوءاً بالدم ...... لقد مر زمن طويل على استمتاعي بنوم هنيء ..
رامي : هاهاهاهاها لا داعي لكل هذا القلق يا عزيزي .. لا بد أنك تابعت كثيراً من أفلام الرعب في الليلة السابقة أليس كذلك ؟ ^_^
ينظر جواد إليه بعيون هادئة ويقول بلهجة لطيفة : هل يمكن للأحلام أن تتحقق يا رامي ؟ لقد قرأت عن أشخاص تحققت أحلامهم !!!
رامي : أعتقد أنها مجرد تهيؤات لا أكثر ^_^ .. كثيراً ما نمر بمواقف نحس وكأنها مرت بنا من قبل وطبعاً هناك كثير من التفسيرات المقنعة وغير المقنعة لهذه الظاهرة الغريبة .. إلا أن الحقيقة الثابتة هي أن لا أحد يمكنه معرفة ذلك وكل ما نسمعه من تفسيرات هي مجرد تخمينات لا تقوم على أساس ^_^ ... إذن يا صديقي حاول ألا تشغل نفسك كثيراً قبل النوم واستمتع بوقتك ليلاً عبر قراءة الكتب المفيدة أو متابعة فيلم كوميدي مثلاً .................................
واستمر رامي محاولاً التخفيف عن جواد .. بينما جواد يحاول إقناع نفسه بما يقوله رامي ..
المفضلات