هذه قصة ألفتها وعمري 12 سنة وبعد سنتين كشفنني زميلاتي في الصف أمام معلمة اللغة العربية
فعرفت عن القصة وقرأتها ثم ارسلت القصة الى مسابقة في الامارات كمشاركة من البحرين وللآن لم أسمع أي خبر عنها
أرجو منكم أن تخبروني برأيكم بصراحة عن القصة
وردة بلون الثلوج
ككل صباح.. تغرد العصافير بأنغام الحب، ومن بين ستائر غرفة مظلمة، يدخل شعاع الشمس، ليداعب خدًا أحمر، ويضيء وجهًا أبيض بأشعته الذهبية...
تستيقظ (إليزابيث ميتشل) البالغة من العمر أربعة وعشرون، وكالعادة تنظر للساعة وتصرخ: تأخرت ! وكأن الأمر جديد عليها، فتقفز من سريرها برشاقة، لتغسل وجهها، وترتدي ملابس أنيقة، وتحمل حقيبة عملها.. تركض نازلة الدرج الطويل، منزل بطابقين، سيارة فخمة، مال كثير، ومع هذا كله (إليزابيث) لا تهتم، لأنه رغم هذا الغنى هي تعيش وحدها في المنزل الكبير لا عائلة، لا جيران، في بيتٍ صامتٍ بارد، بيتٌ كبيرٌ كبير، لا أحد غيرها، ورثته بعد وفاة عائلتها كلها في حادث مأساوي.. والديها، وأخيها الأكبر، وأختها الصغرى، والشيء الوحيد الذي بقي لها....
" تأخرت كالعادة (إلي) " قال المدير بدون أي اهتمام.. فردت (إليزابيث): "آسفة.." لم يعد المدير يغضب لتأخرها، ولم يعد الموظفون يشتكون لذلك، فقد اعتادوا على هذا، لأنها لا تستعمل منبهًا يوقظها صباحًا، بل تعتمد على أشعة الشمس عند شروقها، الكل يعرف (إليزابيث) على أنها شعلة من النشاط والحيوية، أنها موهوبة في عملها، كما أنها مرحة وطيبة، تمازح الجميع، وتلطف الجو بروح الدعابة لديها، ولا تحقد على أي من زملائها.. لكن في هذا اليوم، كان الهدوء يعم المكان، دخلت (إليزابيث) غرفتها لتشق الهدوء بصراخ عالي!
تجمع الموظفون حولها وهي تبكي فسألها المدير عن سبب بكائها.. فأجابت والدموع على خديها:" الوردة.. الوردة " وأشارت بيدٍ مرتجفة إلى طاولتها، مرتبة كالعادة، لكن ينقصها شيء... نعم.. نعم.. (الوردة البيضاء) لقد اختفت الوردة البيضاء، التي كانت تسميها (إلي) (وردة بلون الثلوج)، تلك الوردة الغالية على (إليزابيث) فهي ما تبقى لتذكر عائلتها، الجميع شاهدون على أنها تحبها وتحدثها دائمًا، ولا تسمح لأحد بلمسها...
على غير العادة، أمضى الجميع يومهم بكآبة لأن روح الدعابة اختفى، ظلت (إلي) في غرفتها تعيسة باكية طوال اليوم، لقد اختفت تلك الابتسامة البراقة عن ذلك الوجه البشوش، الذي أعتاد الجميع على أنه مصدر الفرح في العمل، بعد ساعات بدت طويلة جدًا للموظفين، الذين أثر بهم حزن (إليزابيث)، حان موعد الانصراف فخرجت عكس دخولها، حزينة، شاحبة الوجه. وصلت المنزل، وصعدت الدرج، أحست (إلي) بأنها تصعد على درج طويلٍ طويل، نهايته بعيدة جدًا.. لكنها وصلت فدخلت غرفتها ورمت بجسدها المنهك على سريرها، وشرعت بالبكاء حتى نامت....
"حلم جميل يراودني، زهور كثيرة من حولي، حمراء، صفراء، وردية و.... وتوجد وردة مميزة وسط هذه الورود الكثيرة، لقد لفتت انتباهي بجمالها وبريقها، أنها الوردة البيضاء، أنها حقًا وردة بلون الثلوج! سوف آخذها بدل وردتي الضائعة.. لكن.. لا يمكنني الوصول إليها! كلما اقتربت منها ابتعدت عني، آه.. لماذا تعرقلني الورود، وكأنها تريد أبعادي عنها.. لا، أتركوني أمسك بها.. عودي.. عودي أيتها الوردة البيضاء.. لا تبتعدي.. أرجوك!
أفاقت (إليزابيث) من حلمها، أنها الساعة الرابعة عصرًا، قامت ونزلت على الدرج ببطأ، وكأنها مريضة غير قادرة على الوقوف، وجلست في زاوية من زوايا منزلهم الكبير، وضمت رجليها بيديها وأنزلت رأسها، وأطرقت تفكر، أفكار كثيرة تدور حول رأسها الشاحب، كانت الوردة البيضاء مرسومة في خيالها بدقة، أرادت أن تنساها ولو قليلا.. لذا قررت الخروج لمكانها المعتاد، (المتنزه الوردي) حيث الهواء العليل، والأطفال يلعبون، ويضحكون بسعادة.. لطالما ذهبت (إلي) إلى المتنزه لتلعب مع الأطفال وتضحكهم، كانت تبتسم طوال الوقت وهي تمشي بين العشب الأخضر، وتنظر للسماء بلونها الأزرق، ثم تجلس بالقرب من شجرة (جو)، هكذا تسميها، فقط كانت هذه الشجرة المفضلة لذا أخيها (جو)، كان يجلسان معًا تحت ظلها ويتحدثان طوال اليوم.. بالنسبة لها (جو) لم يكن مجرد أخ كبير، كان صديقًا لها، وحافظ أسرارها- كما أنه هو من أهداها الوردة البيضاء- لكنه الآن رحل ورحلت معه كل الأسرار....
وصلت (إلي) للمتنزه واتجهت مباشرة لشجرة (جو)، أسندت رأسها للشجرة وأغمضت عينيها، وأبعدت أصوات الأطفال وزقزقة العصافير وسرحت بخيالها بعيدًا عن الواقع، أخذت تفكر والهواء البارد يلفح وجهها، إن ما تفعله خطأ، صحيح أن تلك الوردة عزيزة عليها، إلا أنها تبالغ بحزنها هذا، فجأة قطع تفكيرها صوت بكاء طفلة، فتحت (إلي) عينيها وبحثت يمينًا ويسارًا، وإذا بفتاة صغيرة تبكي، نظرت (إليزابيث) في وجه تلك الفتاة الصغير الأحمر لكثرة بكائها، تأملته لبعض الوقت، ثم قامت واتجهت نحوها وقالت بهدوء:" ماذا يبكيك يا صغيرة؟ " نظرت الطفلة لـ(إلي) وأطالت النظر في وجهها الشاحب قليلا وابتسامتها اللطيفة، كأنها تتأكد من سلامة الحديث معها، فردت قائلة:" لقد أضعت والدتي ولا أعرف ماذا أفعل " أمسكت (إليزابيث) بيد الطفلة وقالت لها:" ما أسمك يا عزيزتي؟ " فأجابت:" (آنا) " فقالت (إلي) بلطف:" حسنًا يا (آنا) ما رأيك أن نبحث عن والدتك معًا؟ " فهزت (آنا) رأسها موافقة وعلى وجهها ابتسامة أمل.. بدأت الاثنتان تمشيان في المنتزه وتنظران في كل اتجاه بحثًا عن والدة (آنا).. وبعد فترة قصيرة، لاحت لـ(آنا) والدتها من بعيد فأفلتت يد (إلي) وركضت وهي تصرخ: أمي.. أمي!! وقفت (إلي) بعيدًا عن الأم وأبنتها تراقبهما، تراقب الأم وهي تقبل أبنتها بخوفٍ وشوقٍ وفرح، تراقب (آنا) وهي بين أحضان الدفء والحنان... وأقفلت راجعة للمنزل، وهي في السيارة سالت الدموع على وجنتيها وأخذت تحدث نفسها:" لا تحاولي أن تنسيني تلك الذكريات السعيدة.. لا تحاولي أبدًا.." وصلت للمنزل واتجهت لغرفتها، وندست في سريرها، وأمسكت بالمخدة بقوة، وأجهشت بالبكاء من جديد حتى نامت.....
أنه يوم جديد، أتى بعد يوم تعيس بالنسبة لـ(إلي)، أٍتيقظت مبكرًا هذه المرة، بقيت في فراشها بعض الوقت، ثم قامت بهدوء وارتدت ملابسها واتجهت للعمل، أستغرب الجميع وصولها مبكرًا، وبالأخص صديقها العزيز (داني) دخلت غرفتها دون أن ترحب بأحد، فذهب لها (داني) وقال:" مرحبًا "
-" أهلا (داني)"
-" اشتريت منبهًا لك؟ "
ابتسمت (إلي) ابتسامة خفيفة جدًا وردت:" لا، لكنني استيقظت ولم أستطع النوم مجددًا "
-" هل أنتِ بخير؟ "
-" نعم.. لكنني.. أسمع.. بالأمس ظللت أفكر وأفكر، و.. لا أعرف.. شعرت بأني بحاجة للحديث معك.. "
اقترب (داني) من أذنها وهمس:" عقلي وسمعي لك في أي وقت "
-" شكرًا.. أنت أفضل صديق عرفته في حياتي يا (داني)"
تركها وعاد لعمله، وانشغلت هي بعملها وعلى وجهها ابتسامة عجيبة..
بينما كانت (إلي) تمشي في الممر المؤدي للمطبعة، وإذا بشابٍ حسن المظهر يسألها عن مكتب المدير، نظرت (إليزابيث) في وجه الشاب وأطالت النظر، فأعاد عليها السؤال نفسه، لكنها لازالت تنظر له، بقي الاثنان ينظران لبعضهما البعض فترة، حتى قدم المدير واصطحب الشاب الغريب لغرفته، أثارت (إلي) فضول الشاب فسأل المدير عنها، وعرف عنها الكثير بشأن غناها وعيشها وحدها، وفقدانها وردتها البيضاء. في وقت الانصراف، خرجت (إلي) من المبنى وكان يقف في الخارج ذلك الشاب الغريب.. تقدمت أمامه من دون أن تنظر له، فجأة أمسك بيدها، فقال لها:" أيمكنني التحدث معكِ قليلا؟ "
سحبت يدها وقالت:" لكنني لا أعرفك "
-" أسمي (آندي) "
-" وماذا تريد مني؟ "
-" أنا أعمل هنا الآن.. أردت التعرف عليكِ... بالمناسبة لماذا كنت تنظرين إلي بتلك النظرة؟ "
قالت بارتباك وخجل:" لقد لاحظت أنك تشبه أخي المتوفى "
-" أنا آسف حقًا "
-" لا، لا بأس فأنا سعيدة..."
سكتت بسرعة وتلون وجهها بالأحمر من شدة الخجل، فأسرعت لسيارتها متجاهلة ندائه لها.. ولكنها توقفت.....
في المنزل.. أخذت (إليزابيث) تفكر في (آندي) وتقربه منها ولم تعرف هل تتقبل الأمر أم ترفضه؟ فاتصلت بصديقها العزيز (داني).. (داني) صديق (إلي) منذ الصغر، وهي تثق به كثيرًا فهو يستمع لها دائمًا ويساعدها في حل مشاكلها، ولهذا هي تعمل معه في الصحيفة..
-"ألو (داني)؟ "
-" نعم.. ماذا هناك(إلي)؟ "
-" أود الالتقاء بك للتحدث معك "
-" كما تريدين.. تعرفين المكان "
-" نعم.. تمامًا أراك هناك "
-"حسنًا.. إلى اللقاء "
بعد فترة تجهزت (إليزابيث) وذهبت للمتنزه حيث اللقاء، ورأت (داني) ينتظرها قرب شجرة (جو)، قالت :" مرحبًا (داني) "
-" أهلا (إلي) ما هذه الابتسامة ؟ "
-" أجلس وأستمع.. هل تعرف (آندي)؟ "
-" نعم.. أنه عامل الطباعة الجديد"
-" آه.. نعم.. حسنًا.. "
-" ما بكِ؟ "
-" لقد دعاني للعشاء "
-"دعاك ماذا؟!!"
-" دعاني للعشاء "
-" لكن كيف حصل هذا؟ "
-" لقد رأيته اليوم بعد خروجي من العمل وأراد لقائي ليتعرف علي "
-" بهذه السرعة؟!"
-" نعم.. لكنني قلقة.. لا أعرف هل أوافق أم لا؟ "
-" أنا لا أعرف (آندي) لذا لا أستطيع نصحك سوى بالذهاب والتعرف.. أ.. نعم التعرف عليه"
-" أوه.. شكرًا (داني).. لا تعرف كم هذا يعني لي الكثير"
فكر (داني) وهو يخرج من المتنزه:" التعرف عليه؟ كيف لم أخبرها الحقيقة؟ (آندي) من محبي الأموال.. بالتأكيد هو يريد التقرب منها لمالها.. لكني لا أستطيع منعها.. فهي... سعيدة.. "
لم يستطع (داني) النوم ليلا وهو يفكر أن صديقته تلتقي بشخص قد يقتلها لأجل المال، بينما كانت هي تستمتع بأمسيتها في مطعم راقي، وهي تتحدث عن نفسها وتسمع (آندي) يتحدث عن نفسه..
المفضلات