((آه000لا طبعاً لا))
كان سيمون ناجحاً كمدرس ، وليس خطأه أن تأخذ والدته من وقته الكثير ، فهي أرملة متقدمة في السن ، وكانت كاترين تفكر بما يمكن أن يحدث لهذه المرأة ، لو أن سيمون قرر الزواج وأراد أن يستقل عنها في حياته ، لعلها تريد من زوجته أن تسكن معها ، ولكنها هي ، كاترين لا يمكن أن تشاطر والدة سيمون منزلها ، فالسيدة ترافس ستقف بلا شك في طريقها ، ولن تسمح لأي امرأة أياً كانت أن تغتصب مكانتها من عواطف ولدها 0
وتابع سيمون حديثه وهو يقود السيارة :
((أنت تعرفين الأمهات ، فهي تكره أن ترى البيت تعمه الفوضى ، وكان علي أن أساعدها في ترتيبه وتنظيفه ، وقد استغرق ذلك وقتاً طويلاً ، أما الآن وقد انتهيت من ذلك كله سيكون لدينا متسع من الوقت لنقضي أمسياتنا معاً ،))
حاولت كاترين أن تخفي ما بها خلال حديث سيمون ، فلم يكن لديها أي استعداد لتفضي إليه بشيء الآن ، يجب عليها أن تفكر ملياً بالأمر وتقلبه من جميع جهاته أولاً 0
ذهبا إلى أحد المطاعم ، وكان الطعام الصيني الذي قَدم لهما أحب الأطعمة إلى كاترين ، ولكن في هذا المساء لم تأكل إلا قليلاً ، وقد لاحظت أن سيمون انتبه إلى ذلك ، وجميع محاولاتها لتخف اضطرابها عنه ذهبت سدى 0
وعندما صارا في طريق العودة إلى منزلها ، نظر إليها سيمون نظرة مليئة بالشك وقال :
(( هل أنت متأكدة يا عزيزتي ، أنك لست مستاءة مني ؟ أرجوك ، صارحيني فأنا لا أحب أن تضمري شيئاً من جهتي في نفسك))
رفع سيمون يده عن المقود ، وربت على يدها بحنان ورقة ، وتابع :
(( بالحقيقة ، حان الوقت الذي يجب أن نفكر فيه بالمستقبل ، بمستقبلنا يا 0000))
شعرت كاترين بارتباك ، وقاطعته :
((ليس الليلة ، سيمون إني متعبة جداً ، وأظن أنني سأبقى في الفراش حتى ظهر الغد ))
أوقف سيمون السيارة أمام البناء الذي تشغل كاترين إحدى شققه ، وقال :
((لن ألح عليك الليلة ، ولكن لا تتوقعي ذلك مني في الغد))
تصنعت كاترين ابتسامة باهتة :
((شكراً سيمون ))
((ألا تدعينني إلى فنجان قهوة ؟ ))
((لا ، ليس الليلة ))
ربت على كتفها بحنان قبل أن تنزل من السيارة ، وقال :
(( إذن سوف أوصلك إلى باب الشقة ))
((ليس هذا ضرورياً ، فالساعة ما زالت العاشرة والنصف ، والناس ما زالت تغص بهم الطرقات ))
((لا بأس أريد أن أتأكد بنفسي من وصولك سالمة إلى البيت ، هيا أسرعي فقد تغير الطقس وأصبح بارداً ))
لم يكن مظهر المبنى من الخارج جميلاً ، ولكن الشقة من الداخل كانت مقبولة ومرتبة في تناسق جميل ، وهي مؤلفة من غرفتي نوم وغرفة جلوس وأخرى للمكتبة وبقية المرافق من مطبخ وحمام ، كانت فالنتينا تشاركها غرفة النوم عندما كان والدهما يعيش معهما ، ولكن بعد رحيله إلى جنوب أفريقيا ، حلت الصغرى محله ، ونقلت جميع حاجياتها إلى غرفته 0
دخلا المصعد ، فارتفع إلى الطابق السادس ، وكان باب شقتها مواجهاً لباب المصعد ، لا يبعد عنه إلا بضع ياردات ، قالت كاترين :
((سيمون ، حتى هنا يكفي ، لا تتعب نفسك ، ليس هناك ضرورة لذلك ، سوف أراك غداً ))
(( لا بأس ))
أجاب سيمون وفي صوته نبرة أسى ، وكأنه يتوقع أن تغير رأيها وتدعوه لتناول فنجان من القهوة في اللحظة الأخيرة ، لكن هذا لم يحدث 0فكاترين كانت بحاجة لأن تكون بمفردها قالت :
((أسعدت مساءاً ، سوف أراك غداً ))
شد على أصابعها قبل أن يتركها وقال :
(( مساء سعيد ، احبك))
إلى جانب قلقها على أختها ، لم تكن كاترين متأكدة من مشاعرها نحو سيمون ، أنه بالنسبة لها ليس أكثر من صديق ، أما الحب بحد ذاته ، فهو شعور تعلمت خلال حياتها كيف تعيش من دونه ، أحبت أبويها ، أحبتهما بعمق ، ولكنهما وضعاها في مدرسة داخلية بعيدة عن عنايتهما ، بعيدة عن الشعور بالاطمئنان في ظلهما ، وبعدما توفيت والدتها ، ظنت أن أباها سيعيش معهما ويرعاهما ، ولكنه آثر أن يسافر إلى جنوب افريقيا ويبتعد عنهما ، أما الآن فإن فكرة منح رجل حبها غير واردة في ذهنها 0
سارت نحو باب شقتها ، ويدها في حقيبتها تبحث عن المفتاح :
((آنسة مالوري ؟))
المفضلات