السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ^^"
القصـــــة..
بدأت الإجازة الصيفية في مدينة طوكيو الكبيرة, بعد سنةٍ شاقة من الدراسة والعمل...
إزدحمت المدينة والشوارع بالسياح من كل مكان, والأسواق والمحلات مليئة بالناس.
كانت "ماريكو" تسير مع صديقتها "لونا" في السوق لشراء بعض الملابس الجديدة للإستمتاع
بهذه الإجازة.
"ماريكو" فتاةٌ في ربيعها السابع عشر, أكملت دراستها الثانوية وتتطلع لدخول الجامعة مع
بداية الفصل الدراسي القادم, تعيش مع والديها في فيلا ضخمة في ضواحي المدينة, شعرها يلتمع باللون الأشقر الجميل ويصل إلى كتفيها, وعيناها تتألق بلون السماء الأزرق الصافي.. فتاةٌ هادئة
وقلبها طيب وتحب الجميع.
"لونا" صديقتها المقربة وحافظة أسرارها, وهي في نفس عمرها, فتاة خجولة يستقر شعرٌ بني على رأسها وعيناها تلمعان باللون العشبي, وتسكن في منزلٍ مقابل لمنزل "ماريكو", وستدخل معها
إلى الجامعة أيضاً.
***********************************
توجهت "ماريكو" مع "لونا" إلى الحديقة وجلست على المقعد الأبيض المستطيل في وسط الحديقة
وهي تحمل 3 أكياس من الملابس في يدها, تنهدت بعمقٍ شديد وقالت في إرهاق:
ـ أنا متعبةٌ جداً.
جلست "لونا" بجانبها وأبتسمت في مرح وهي تقول:
ـ هذا لأنك رفضتي أن يأخذنا السائق... أليس كذلك؟
أجابتها بضجرٍ وإستياء:
ـ لا أحب هذا... إذا جاء السائق فسيظل يراقبنا ويوصل كل التفاصيل لوالدتي.
وأرجعت ظهرها للخلف ورفعت بصرها للسماء وتابعت:
ـ وأنتي تعلمين بأنني أرغب برؤية "ريك" بعد الإنتهاء من هذا.
ثم هبت واقفة بسرعة ورمقة "لونا" بإبتسامة مشرقة قائلة:
ـ لنكمل طريقنا.
هزت رأسها مجيبة:
ـ حسناً.
**************************************
في منزلٍ بعيد عن ضجيج المدينة, وأصوات الناس, وقف "ريك" في الشرفة المقابلة لحديقة
منزله, وأستنشق نسيم الهواء العليل.. ثم جلس على كرسي الطاولة وظهرت إبتسامة رقيقة
على شفتيه وقال بإرتياح وهو يمد يده اليمنى على الطاولة:
ـ أتمنى البقاء هنا دائماً.
وفجأة, سمع صوت أحدهم يدق الباب فطلب منه الدخول, دخلت الخادمة ووقفت بإحترام وأنحنت
أمامه قائلة بكل تهذيب:
ـ الآنسة "ماريكو"... جاءت إلى هنا لرؤيتك يا سيدي, وهي تنتظرك في غرفة الضيوف.
شعر "ريك" بسعادةٍ كبيرة ونهض بسرعة, وخرج من الغرفة راكضاً, ونزل عبر سلالم الدرج
ثم توقف حين وصل إلى باب غرفة الضيوف... ووضع يده على مقبض الباب وشعر أن نبضات
قلبه تدق بسرعة جنونية لأنه كان يركض.
"ريك" فتى طيب ومحبوبٌ بين الجميع, وهو في ربيعيه السابع عشر... شابٌ متهور قليلاً ويحب
"ماريكو" كثيراً, لكن عائلتهما غير متفقتين لهذا قطعوا كل شيءٍ بينهم.
حرك "ريك" مقبض الباب وفتحه ودخل ببطىءٍ شديد, وسقط بصره مباشرةً على "ماريكو" الجالسة
على الأريكة بإنتظاره, فوقف صامتاً من دون حراك وحدق فيها ثم إلتفتت إليه ووقفت قائلة في هدوء:
ـ مرحباً.. "ريك"!
إرتبك قليلاً ثم إبتسم قائلاً:
ـ أهلاً بك.
وتقدم بإتجاهها وطلب منها الجلوس وجلس بجانبها, ثم صمت لبرهة وبعدها قال في لهفة:
ـ "ماريكو"......؟
أجابته بإستغراب من ردة فعله المفاجئة:
ـ نعم.
وأمسك بكفها الأيمن وقال لها وهو يحدق في عينيها:
ـ هل تودين الخروج معي اليوم؟
إبتسمت في خجل وأخفضت رأسها قائلة بصوتٍ باهت:
ـ لا بأس... سأخرج معك.
وتحدثت قائلة في اعماقها:
ـ من الجيد أنني لم أسمح لـ "لونا" بالقدوم معي إلى هنا, كم أنا محظوظة.
*******************************
خرج كُلاً من "ريك" و"ماريكو" من المنزل, وركبا سيارةً سوداء, وبدؤوا بالتنزه في أرجاء المدينة
ذهبوا لتناول طعام الغداء سويةً في أحد المطاعم الفخمة, ثم توجهوا نحو متحفٍ جميل وألتقطوا الصور
الجميلة.. وأستمتعوا كثيراً بتلك اللحظات التي تمنوا ألا تنتهي مطلقاً.
وفي المساء, جلسا على شاطىء البحر ليراقبا غروب الشمس الجميل, وبدأ لون السماء يميل
إلى اللون الأحمر الممزوج باللون البرتقالي.
وهمست "ماريكو" بصوتٍ بريء وناعم وهي تشاهد غروب الشمس:
ـ "ريك" أشكرك على اليوم, لقد إستمتعت كثيراً.
تغطت السماء بالقليل من السحب فرفع "ريك" رأسه وقال بهدوء:
ـ سأفعل أي شيءٍ من أجلك يا "ماريكو".
إحمر وجهها خجلاً من كلماته العذبة وأبعدت نظرها عنه وقالت:
ـ شكراً لك.
غمرت السعادة قلب "ماريكو" في تلك اللحظة وشعرت بأنها أسعد إنسانةٍ على وجه الأرض..
ولا تعلم ما الذي يخبأه لها الزمن.....!
***************************************
هبط الليل, وأشتعلت الأنوار في شوارع طوكيو, وبدأ الهدوء يعم أرجاء المدينة تدريجياً...
وعاد الناس لمنازلهم.
فتحت "ماريكو" باب المنزل للدخول, وقابلت الخادمة في وجهها, فتغيرت ملامحها بسرعة..
وأحتارت حتى سمعت الخادمة تقول لها في توتر:
ـ والداك ينتظرانك في غرفة المعيشة يا آنسة "ماريكو".
إزدادت حيرتها وهي تقول بإندهاش:
ـ والداي؟..
أعطت الأغراض التي كانت تحملها للخادمة, وتوجهت ببطىء نحو الغرفة وهي تتسائل في أعماقها
عن السبب الذي جعل والديها يرجعان إلى البيت باكراً.. فلقد إعتادت على الوحدة في البيت لأن
والديها يعملان في شركةٍ ضخمة ولا يرجعان إلا في منتصف الليل.
دقت باب الغرفة وسمعت والدها يطلب منها الدخول, ففتحت الباب ودخلت ورأت والديها جالسين
بإنتظارها, فجلست على الأريكة المقابلة لهما في تلك الغرفة المليئة بالأضواء الذهبية والمليئة
بالأزهار في كل ركن.. ثم رمقة والديها في حيرة وسألت:
ـ ما الأمر؟ ما سبب هذا الإجتماع المفاجىء؟
إرتبك والدها وهو ينظر إلى عينيها الجادة, فأدار عنقه لينظر إلى زوجته التي تجلس بجواره,
فهزت رأسها له إيجاباً وهي مبتسمة وتقول لـ "ماريكو":
ـ سنخبرك بأمرٍ في غاية الأهمية, يتعلق بوالدك.
ثم صمتت قليلاً, وأخفضت رأسها وتابعت:
ـ الشركة التي نعمل فيها نقلت والدك للعمل في بريطانيا, وحين عرفنا بهذا الأمر فكرنا
ملياً ولم نجد سوى حلٍ واحد.
أخفضت "ماريكو" حاجبيها وسألت:
ـ وما هو هذا الحل؟
أجابتها والدتها في سرعة ومن دون تردد:
ـ سننتقل جميعاً إلى بريطانيا.
هذه الكلمة جعلت كل شيء يظلم في عيني "ماريكو", وظهرت آثار هذه الصدمة المفاجآة على ملامح وجهها, فهبت واقفةً بسرعة وقالت في إرتباكٍ شديد:
ـ لماذا؟... لماذا علينا الإنتقال أيضاً؟
أجابها والدها بإحباطٍ شديد:
ـ لم نجد خياراً آخر, ولا يمكنني ترككم هنا.
ضربت "ماريكو" بيدها على حافة الأريكة, وقالت بإستياءٍ وضيق:
ـ لا يمكنني تصديق هذا.
وأذرفت الدموع من عينيها, وأحمر خذها.. ثم دارت أشياء كثيرة في عقلها وأسئلة محيرة
لم تجد لها أية إجابة.. وبقيت تردد ي اعماقها بحسرةٍ وألم
ما الذي سأفعله؟؟؟
كيف يمكنني أن أعيش بعيداً عن أصدقائي؟؟؟؟
هذا ظلــم!!!
*************************************
التكملة بعد 3 ردود
المفضلات