مشاهدة النتائج 1 الى 2 من 2

المواضيع: حسرات

  1. #1

    حسرات

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حسرات

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه
    ، أما بعد:
    قل الاهتمامُ والعنايةُ بركيزةِ الوعظِ والتذكير، كركيزةٍ تربويةٍ مؤثرةٍ مفيدة، فصرت تسمعُ من يقللُ من أهمية كتابٍ أو خطبةٍ أو محاضرةٍ، أو درسُ يركزُ على هذا الجانبِ.
    فيقالُ هذا كتابُ وعظي، ومحاضرةُ وعظيه، ومقالٌ عاطفي وكبرت من كلمة:
    إن صحَ أن الوعظَ أصبحَ فضلة……..فالموتُ أرحمُ للنفوسِ وأنفعُ
    فلولا رياحُ الوعظِ ما خاض زورقُ………ولا عبرت بالمبحرين البواخرُ
    عندها عُطلت طاقاتُنا الإيمانية،
    وكيفَ يعيشُ في البستان غرس…….إذا ما عُطلت عنه السواقيَ

    هبت رياحُ المعصيةِ فأطفأت شموعَ الخشيةِ من قلوبِنا.
    وطال علينا الأمدُ فعلى القلوبَ قسوةً، كما قست قلوبُ أهلِ الكتاب فهيَ كالحجارةِ أو أشدُ قسوة.
    أسأنا فهم الدينِ الذي هو سرُ تميُزَنا وبقاؤنا فشُغِلنا بالشكلِ عن الجوهر، وبالقالبِ عن القلب، وبالمبنى عن المعنى، بذكرياتُ مجيدةُ وتواريخَ تليدةُ نحتفلُ غالباً مبتدعين غير متبعين.
    وأحيانا نهتمُ بطبعِ الكتب الشرعيةِ مفتخرين، ثم نتمردُ على مضمونِها هازئين.
    حالُنا كالذي يقبلُ يدَ والدهِ ولا يسمعُ نصحه، إن هذا لهو البلاء المبين.
    وإننا نخشى أن نصبحَ في زمرةِ من قال اللهُ فيهم:
    ( الذين اتخذوا دينَهم لهواً ولعبا، وغرتُهم الحياةُ الدنيا)
    وأسوءُ ما تمرُ به أمةُ وأتعسُ ما تمرُ به أمة أن يصبحَ اللهوُ فيها دينا، والدينُ فيها لهواً ثم لا تسمعُ نصحا:
    بُح المنادي والمسامعُ تشتكي صمماً……. وأصبحتَ الضمائرُ تشترى
    تاهت سفائنُها بحراً ولا……………… هيَ في الشواطئ تظهرُ

    لهذا كله كان لابد من الوقوفِ بعضِ مشاهدِ الحسرةِ في الأخرى لعل النفوسَ تستيقظُ وتخشعُ وتذلُ فتبادر إلى الحسنى، فما هناك من أمر هو أشد دفعا للنفوس إلى فعل الخير من أمر الآخرة، والوقوف بين يدي من له الأولى والآخرة، فكل ضعف من أسبابه الغفلة عن الآخرة، في ذكر اليوم الآخر سعادة وطمأنينة وسد منيع دون الهم والحزن وعدم السكينة، وعلى ما يحزن طالب الآخرة؟
    على أمر حقير يفنى عما قريب؟
    كلا، فالآخرة خير وأبقى.
    المؤمن باليوم الآخر لا تؤثر فيه المصائب لأنه موقن أن المصائب إن لم تزل عنه زال عنها بالموت لا محالة، فلا تذهب نفسه على الدنيا حسرات.
    ذكر اليوم الآخر يطهر القلوب من الحسد والفرقة والاختلاف.
    ذكره يهدد الظلمة ليرعووا، ويعزي المظلومين ليسكنوا فكل سيأخذ حقه لا محالة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، فلا ظلم ولا هضم:
    والوزن بالقسط فلا ظلم ولا…….يأخذ عبد بسوى ما عملا
    ذكر اليوم الآخر يمسح على قلوب المستضعفين والمضطهدين والمظلومين مسحة يقين تسكن معه قلوبهم، ثم تثبت شماء وهي تتطلع لما أعده الله للصابرين من نعيم يُنسى معه كل ضر وبلاء وسوء وعناء.
    وتتطلع لما أعده للظالمين من بؤس يُنسى معه كل هناء.
    فهيا معي يا عباد الله إلى مشاهد من الحسرة أسأل الله أن لا تكونوا من أهل الحسرة.
    عل ذلك أن تصلح معه القلوب، وتتجه إلى علام الغيوب وتنقاد الجوارح إلى العمل الصالح.
    إنه يوم الحسرة:
    ومما أدراك ما يومُ الحسرة، يومٍ انذرَ به وخوفَ، وتوعدَ بهِ وهدد، قال الله عز وجل :
    (و أنذرهم يومَ الحسرةِ إذ قضيَ الأمرُ وهم في غفلةٍ وهم لا يؤمنون)
    إنذارُ و إخبار في تخويفٍ وترهيبٍ بيومِ الحسرةِ حين يقضى الأمر، يوم يجمعُ الأولون والأخرون في موقفٍ واحد، يسألون عن أعمالهم.
    فمن آمنَ و أتبع سعِدَ سعادةً لا يشقى بعدها أبدا.
    ومن تمردَ وعصى شقي شقاءً لا يسعدُ بعده أبدا، وخسرَ نفسَهُ وأهلَهُ وتحسرَ وندِمَ ندامةً تتقطعُ منها القلوبُ وتتصدعُ منه الأفئدةُ أسفا.
    وأيُ حسرةٍ أعظمُ من فواتِ رضاء الله وجنته واستحقاقِ سخطهِ وناره على وجهٍ لا يمكنُ معه الرجوعُ ليُستأنف العملُ، ولا سبيلَ له إلى تغييرِ حالهِ ولا أمل.
    وقد كان الحالُ في الدنيا أنهم كانوا في غفلةٍ عن هذا الأمرِ العظيم، فلم يخطر بقلوبِهم إلا على سبيلِ الغفلةِ حتى واجهوا مصيرَهم فيا للندمِ والحسرة، حيثُ لا ينفعُ ندمُ ولا حسرة.
    وأنذرهُم يومَ الحسرة، ( يوم يجاءُ بالموت كما في صحيح البخاري كأنه كبشُ أملح فيوقفُ بين الجنةِ والنار فيقال: يا أهلَ الجنةِ هل تعرفون هذا؟
    فيشرأبون وينظرونَ ويقولون نعم هذا الموت.
    ثم يقالُ يا أهل النارِ هل تعرفون هذا؟
    فيشرأبون وينظرونَ ويقولون نعم هذا الموت.
    قال، فيأمرُ به فيذبحُ، ثم يقال يا أهلَ الجنةِ خلودُ فلا موت، ويا أهلَ النارِ خلودُ فلا موت).
    (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون).
    آه من تأوه حين إذٍ لا ينفع، ومن عيونٍ صارت كالعيون مما تدمع.
    إنها حسرةُ بل حسرات، أنباءٌ مهولات، نداماتٌ وتأسفاتٌ ورد ذكرها في غير ما آية من الآيات تصدرُ عن معرضين عن الآيات ولاهين ولاهيات عن يومُ الحسرة والحسرات.
    نذكر بعض منها في هذه الخطبة من رسالة (قل هو نبأ عظيم) بتصرف يسير.
    إنها تذكرةٌ وعظات، علنا أن نحاسبَ أنفسِنا ما دمنا في مهلةٍ من أعمارٍ وأوقات وقبلَ أن نندمَ حيث لا ينفعُ ندمُ ولا حسرات.
    فمن هذه الحسرات "أجاركم الله من الحسرات":

    الحسرةُ على أعمالٍ صالحةٍ:
    شابتها الشوائبُ وكدرتها مُبطلاتُ الأعمالِ من رياءٍ وعُجبٍ ومنةٍ، فضاعت وصارت هباءً منثورا، في وقتٍ الإنسانُ فيهِ أشدُ ما يكونُ إلى حسنةٍ واحدةٍ:
    (وبدا لهم من اللهِ ما لم يكونوا يحتسبون)
    (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاط بهم ما كانوا به يستهزئون)
    فكيفَ تقيكَ من بردٍ خيامٌ………إذا كانت ممزقةَ الرواقِ
    الفضل عند الله ليس بصورة الأعمال بل بحقائق الإيمان.
    القصد وجه الله بالأقوال والطاعات والشكران.
    بذاك ينجو العبد من حسراته ،ويصير حقا عابد الرحمن.

    الحسرةُ على التفريطِ في طاعةِ الله:
    وتصرمِ العمرِ القصيرِ في اللهثِ وراء الدنيا حلالِها وحرامِها، والاغترارِ بزيفِها مع نسيانِ الآخرةِ وأهوالِها:
    ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين)
    ( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين)
    ( أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين)
    ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين)
    يا ضيعة العمرِ لا الماضي انتفعتُ به…….ولا حصلتُ على علمٍ من الباقي
    بلى علمتُ وقد أيقنتُ وا أسفا……..أني لكلِ الذي قدمتُه لا قي
    attachment


    "اللهم اغفر لوالدي وارحمه انك انت الغفور الرحيم " اللهم انزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وجازه بالاحسان احسانا" وبالسيئات عفوا وغفرانا♡


  2. ...

  3. #2

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter