مشاهدة النتائج 1 الى 11 من 11
  1. #1

    تــــــرام ( قصة من زمان )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ترام

    الجزء الأول......

    كنت أعبر الميدان حين شاهدت شابة ترتدي تايير أزرق قصير ... تتطلع حولها في حيرة بالغة ثم تستوقف شاب فوضوي وسيم المظهر بدا أنها تسأله عن عنوان معين ، بدا هذا العنوان خلف التمثال.

    أوشكت على أن أتقدم عارضا المساعدة لكنه أصطحبها ومضيا معا ، غير أن التمثال أخذ انتباهي ، خمسون عاما من المرور به حتى إنني لم أكن اشعر بأنه موجود.

    لم يكن مثل تماثيل الميادين الصغيرة ، تمثال نصفي لزعيم مشهور أو كتلة من الجرانيت غامضة المعالم ، بل كان نحتا مصبوبا لفتى نحيل في قميص و بنطال ، بيده حزمة من الورد أقيم على قاعدة صغيرة.

    أتذكر في طفولتي هذه الحديقة الواسعة المترامية كانت مليئة بالأشجار العتيقة و الدكك و فوانيس الغاز الأثرية.

    و قبل أن تقطع مساحة منها تلو المساحة لشق الشوارع و أقامة الابنية و بحيث لم يبق منها سوى المربع ، و في وسطه هذا التمــثال.
    أزيلت نافورة المياه التي بنيت من الرخام الأبيض محفور بالنقوش و كانت تطلق المياه من رؤوس سبع سباع ضخمة و صار مكانها كشك لبيع الوجبات السريعة ، اما في خلف التمثال فكانت توجد برجولا دائرية ضخمة كنا نطلع لها بسلالم خشب ، ولها سقف مخروطي مغطى بالنباتات ، يصطف عازفو فرقة الموسيقى البلدية بأدواتهم النحاسية اللامعة يعزفون لرواد الحديقة. لم يعد البرجولا موجودا و أقيم بدل منه مرحاض عمومي للرجال يجلس على عتبة مدخله رجل كبير السن رث الثياب يسأل الداخلين قرش من أجل الخديوي.

    لم يكن لي أن أفوت فرصة لاستمع إليه – و قد كان رئيس الحديقة فيما مضى- لأعرف منه حكاية ذلك التمثال العجيب. تدفق الرجل في أسى بالغ : " لهذا التمثال لعنة و الله لعنة كل حاكم جديد – رئيس البلدية – يبدأ عهده بمحاولة لهدم التمثال أو استبداله بتمثال لأحد الرؤساء أو لشخصية سياسية بالغة الشهرة و يبدأ العمال حتى تحدث الكارثة فيتوقف العمال ... اللعنة تسكن هنا في أسفله أنظر أنها صرة بها عظام أدمية "

    و انطلق العجوز يحكى و هو يصب الشاي ، عن قصة ذلك القصر الذي كان مقاماً هنا.

    جرت فيه أحداث ذلك التمثال. لم يعد القصر موجود ، و كان يسكنه ملك باطش. يفتك بمن يشك في ولائه أو يتوجس منه طمعا في أمواله أو مملكته . و كان قد اتخذ أعوانا لنفسه لإنزال العقاب بخصومه ، أعوان من بينهم أصحاب علم أو أصحاب قوة أو أصحاب مكر ودهاء. و كان يجاء بالمذنب وما إن يدخلوه سراديب هذا المكان حتى تسمع صراخا خارج القصر ، كل ذلك كي يبقى الملك على حكمه.

    و يظل أبناء العامة على خوفهم منه . بل لم يتورع على التخلص من زوجته الجميلة حين ذكرته بأن العدل و الرحمة يضمنان له حكما و خلود فماذا فعل بها ؟؟ قال : " إجلالا لك كملكة لن تموتن كما يموت الناس . إنما بطريقة لم يحظ بها أحد قبلك و لن استخدمها إلا معك. ميته ليس فيها صراخ ولا الم....

    و سممها ، من أنجبت له قدرا من الجمال و الرقة في هيئة فتاه تدعى ترام . و كانت هي نقطة ضعفه لا يملك أمامها شئ حتى لو طلبت منه ألا يقتل أمها لفعل لكن هيهات فقد كانت صغيرة لا تعي ما يفعله أبوها.

    أما نقطة ضعفها فهي حبها الطاغي للناس و الشوارع و الأسواق لذلك طلبت ترام من أبيها بعد ان كبرت قليلا وطرق خراط الصبايا بابها ان يسمح لها بأن تتجول في المدينة فأذن لها على ان تكون في عربة تجرها الجياد. بالطبع يعرفها الناس فيحونها كلما مرت بهم بل يهدونها من أشائهم المتواضعة فيروق لها ذلك و تقول لنفسها " أـنهم طيبون و كرماء" .

    سارت أمور ترام على هذا النحو من تجوال كل يوم و تلقى المزيد من الهدايا حتى فاضت غرفتها فكانت الرباط الذي لا يذوب بين الملك و شعبه. إلى ان اثر انتباهها شاب وسيم كانت تراه كل يوم كأنما ينتظر مرورها.

    فكانت تطلب من السائق ان يبطئ قليلا.

    و في يوم من الأيام اتصلت بينهم لغة من البسمات وإشارة التحية . مما شجع الفتى ان يناولها خطابا ما و ما ان خلت بنفسها و فضت الرسالة حتى وجدتها فارغة الا من بقعة حمراء و يوم فيوم لم تعد تحار في فهم مغزى الرسالة ، ثم قامت فحفظتها في صندوق خاص من البونسيان بحديقة القصر. كان الملك كلما اطلع على هدايا العامة قال لها: " إن شئت أمر الصناع يصنعوا لك مثلها ذهبا.

    إلا ان علم بقصة صندوق البونسيان تحت الشجرة فأمر الرجال بأن يأتوه بهذا الشاب قائلاً : " لا تعذبوه ما هكذا يمكن إبعاد هذا الطامع في أموال ابنتي.
    و جئ بالفتى الذي جرى بينه و بين الملك حوار بدأه الملك بنبرة ودودة :
    - أنا أعرف انك شاب متعلم وطيب الخلق و تحب الأميرة. هل بوسع بابني ان تدفع لي مهرها ؟
    - أمرني يا سيدي الملك.
    كان جلالته يعرف بالطبع كم هو فقير ذلك المسكين الذي تكسب رزقه بعرق جبينه صحيح انه نال كثير من العلم لأنه ابن الحداد يعمل بالكور و المنفاخ و السندان و يتقاضى أجره أحيانا بعض من الطعام حتى وليس مال.


    البقية في الأسبوع القادم


  2. ...

  3. #2
    ماشاءالله حـلو
    اكـمل رجاءً redface

  4. #3
    البقية ان شاء الله
    الخميس القادم
    ان شاء الله تعجبكم

  5. #4
    البقية
    فقال للفتى:
    -إن مهر الامير يكون فالعادة حديقة مثمرة بالضافة الى أساور و خواتم و الماس و مهعا مقلمة اضافر و مكحلة مشغولة جميعا من الذهب الخالص المطعم بالحجر الاخضر لا يابني لا اريد ان اشق عليك.. أعطيك أبنتي مقابل خاتم واحد من ذهب على ان يكون من عمل يدك.
    فقال الفتى مبتسما مسرورا:
    -خاتم واحد؟ من الحديد الاغلى من الذهب.
    أنبرى الملك و اندهش فقال احد رجالات البلاط الملكي:
    - هذه اول مرة اسمع عن حديد اغلى من الذهب يالجهلي اذن لماذا لا تقول لابيك يطلع على محلة اسم جواهرجي أين منجم الحديد الاإلى من الذهب هذا؟!! دل جلالة الملك عليه
    هنا تدخال الملك و قال:
    - هل تقصد الالمونيا؟ انها حقا اغلى من الذهب او لعله الحجر الثقيل ؟ إن مناجم مملكتي مليئة بهذا ايضا و من الممكن ان يكون الحجر الوردي او الازرق و لدي منه الكثير دلني على هذا المنجم و لن اعطيك ابنتي فقط بل سـأجعلك قائمة على الخزنة و تكون لك حصة مما يتخرج.
    قال الفتى بنبرة ثقة:
    -أمهلني بعض الوقت لاصنع لك ذلك الخاتم
    - و كم من الوقت تريد؟
    -3 أشهر يا سيدي
    هنا تدخل كبير العسكر قائلا:
    -و هل تعرف جزاء من ينقض عهد الملك؟
    -نعم يا سيدي
    أنهى الملك المقابلة.
    عاد الفتى مسرورا من المقابلة غير ان التعطش للحب يجعله يخطئ الحساب فذلك المنجم يحتاج لسنوات و تلك الخامة تحتاخ لوقت فم يكن مثل هذا المنجم غير دمائه.
    ظل الفتى يجرح نفسه يوميا في الصباح و في المساء و يجمع الدم النازف ليتركه يجف و يجعل منه بطريقة او باخرى حديد.حتى بلغ ما جمعه في المدة جرامين بلغت كتفهما نصف دمه حتى انه فكر ان يستخرج الباقي من دم النباتات و الزهور وفاء للوعد لكنه عدل عن الخيانة.
    و ارسل الملك للفتى رسولا يذكره بالموعد و عاد الرسول ليقص على الملك ما حدث للفتى من ضعف فقد رأه مسكينا على الكرسي لا حول به و لا قوة.و امامه بعض النقاط الحمراء من الدم و قد خفت في قوارير.
    كان اهل المدينة يدعون للشاب اي يوفي بوعده.
    كان يعرف مدى حب الناس لابنته و عندما نقض الفتى عهده مع الملك ارسل مذيعا في الناس قائلا:
    ان الملك قد وهب الفتى الحياة و قد صفح عنه.
    أما ترام فقد ضعفت بعدما علمت بما حدث لحبيبها من الوعد

    و ماذال للحديث بقية ما دام في العمر بقية
    اخر تعديل كان بواسطة » طبيب النيل في يوم » 09-04-2007 عند الساعة » 23:30

  6. #5
    الله
    بجد حلوة اوى اوى اوى
    بس كلها حزن والم مش عرفه ليه كده
    بس هى حلوة اوى
    وانا هنتظر ان شاء الله البقيه

  7. #6

  8. #7
    فكانت الأميرة تتسلل إلى شجرة البونسيان و تعود بالصندوق لتخاطب بقعة الدم الصامتة.ثم تعيده بعد أن حفظت به الآلة الموسيقية ذات الزنبرك...و هكذا إلى أن أعياها التعب و أصابها الحزن بتوابعه من هزل و شحوب و العزوف عن ما اعتادت عليه من مباهج الحياة. و أخيرا لزمت غرفتها لا تغادرها.
    مرت الأيام تلو الأيام إلى أن ذبلت و اصفر لونها و عجز حكماء القصر عن شفائها قالوا: يا مولاي لقد أصابها ما اصاب الفتى و هو نقص الحديد فانفجر الملك غاضبا: أيصح ان يكون لدى ابنتي فقر في شئ و في ماذا ... في الحديد؟ أتوها به لا لا تحقن ابنتي بالحديد مثل عامة الناس بل الذهب فدماؤها ليست كابنة الحداد او الخادمة أحقنوها بالذهب بل اخلطوا لها الذهب مع الطعام بل اخلطوا لها الذهب و الإسفنج الملكي الأبيض الفاخر. في الشراب.


    أريدها تعود كما كانت نضرة و جميلة هيا .....
    قال كبير الوراقين في القصر و أذكى أعوانه: لا ذهب و لا بلاتين بل نحقنها بوجه من أحبت كل يوم الى ان تشفى ثم تدبر الامر بحكمتك.
    أستحسن الملك الفكرة التي تشير عليه من طرف خفي و حلول كل المشاكل... فمن اعتادت القصور لا تزرع و تقلع في الحقل و تقضى عمرها توقد النار للطعام و يتلطغ وجهها بالدخان و تظل تنظف و تغسل و تكنس و تقول طيلة النهار.... بس يا ولد بس يا بنت – هكذا ظن جلالته – سوف تشفى الفتاه و يبدو في هيئة الرعية الملك الرحيم ثم يتخلص من الفتى بشكل أو بأخر ويقول قضاء الله و قدره.... ثم يزوجها من أمير.
    لم يمانع الفتى الذي استحسن الفكرة و تحسنت في ذلك صحته فيما طلب منه الملك لكنه قال لجلالة الملك: العلاج نصف عندي و نصفه عندك يا مولاي.
    رد الملك قائلا: ماذا تقصد؟
    قال الفتى: أمهلني ثلاثة أشهر قمرية يتوضح كل شئ
    زفر الملك لكنه وافق.
    صار الحراس يذهبون كل صباح و يعدون بالشاب ليجالس الأميرة في حديقة القصر. و قبل ان يوشك النهار على الانتهاء يناولها وردة حمراء تصحبها معها لتضعها على شفتيها و تلامس وجهها بعد ذلك يستأذن أن يقطف الورد البلدي البيضاء ليأخذها معه ثم يعود في اليوم التالي بوردة حمراء قانية.
    بمرور الأيام تحسنت الأميرة و طلب الملك ان يأتوها بباقات الورد من كل صنف و لون من حديقة القصر بل يستوردون بعضها من بلاد الفرنجة و يملأوا بها غرفتها بعد ان يلقوا بورد الفتى بعيدا غير ان ترام بدأت تعود الى حالة الضعف و الذبول ثانية فأمر جلالة الملك بان يعود كل شئ الى ما كان مضى شهر ... شهرين .... و هل الشهر الثالث و عادت بدرا كما عودتنا ترام. حتى ان الملك اقام لها حفل بمناسبة شفاءها.
    كان جلالته قد طلب من العسكر ان يراقبوا الفتى و يرفوا سر الوردة التى تشفي الأميرة فماذا ابلغوه؟
    كان الفتى يبرئ عنقود الوردة البيضاء التي يقطفها حتى يصبح رفيعا كالدبوس ثم يرشقها في وريده إلى ان تصبح حمراء. عارفا بان اللون الذي انتقل من دمائه اليها سينتقل الى خدي حبيبته.
    عمت الفرحة و انتهى الحفل الذي اقيم بالقصر لثلاثة ايام.
    تعاظمت خشية الملك من جديد فما دام الفتى حي يرزق فستمضى أمور الأميرة على ما لا يردونه قال كاتب القصر:
    يا سيدي لاغير الزنزانة الملكية و هي لم تستخدم منذ دهر من الزمان و هذه الميتة تليق بمن احب سمو الأميرة.
    قال: نعم و ليكن هذا اخر استخدام للزنزانة.
    كانت الزنزانة تشبه بئرا جافة ان رفع الواقف به يده لا يلامس حافته .. و كان يقع في الممشى الذي يفيض الى غرفة الملك يسده غطاء به فتحة يراقب منها السجين و فوقه بساط ممتد يزاح حتى تستطع رؤية عظام من سبق حرقه بالنار او بالحامض او تجريعه السم و هناك في البئر هاهو اليوم تضاف اليها عظام جديدة لا شان لها بالمطالبة بالعدل او بالحرية. و في هذا الجب و ضع الفتى الذي حين ارسل الملك في طلبه. لبس أجمل الثياب وجاء حاملا احلى الزهور مفكر ان سعادته قد حان اوانها لكنهم كانوا أعدوا له كميات كبيرة من الرصاص المهصور في أوان أسمنتية كبيرة.
    انزل الفتى الى البئر و من فتحة الغطاء صبوا عليه الرصاص المصهور حتى غطى تماما بالرصاص المتجمد ومرت السنون و بدا امر الفتى قد نسي مع الوقت.
    غير ان الفتى الذي تحللت جثته و بقيت منه عظام سوداء داخل كتله الرصاص كان قد ترك فيها فراغا بحجمه و هيئته و بمرور الأعوام و زوال القصر آلت قطعة الرصاص التى كالبرميل الى اهل المدينة الذين أشفقوا عليها ليقوموا بدفن العظام السوداء مع العظام الأخرى التي كانت في قاع البئر ثم صار لديهم قالب يمكن صب تمثال للفتى المحب الممسك بباقة الورد على اخر هيئته و هكذا بقيامها في ذات مكان الحديقة تمثال من البرونز مقام مدفنه الصغير مختلطة الى يومنا هذا ...... أتريد ان ترى هذا التمثال اذهب لمدينة المنصورة بدلتا النيل و ابحث عنه !!!!
    الى اللقاء

  9. #8
    hالقصة مررررررررررررررررررررة رووووووووووووووووعة
    وننتظر كل جديد منك
    وشكرا
    7a6d49ca38f7aeabecde9a7f05dbbac0


  10. #9
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عشيقة كيلوامووت مشاهدة المشاركة
    hالقصة مررررررررررررررررررررة رووووووووووووووووعة
    وننتظر كل جديد منك
    وشكرا
    شكرا

  11. #10
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

    قصة مدهشة أخي طبيب النيل ,, قرأت نصفها وساكمل قراءتها قريبا ,,

    تقبل خالص تحياتي ,,

    ^_^

  12. #11
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة mostafa882000 مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

    قصة مدهشة أخي طبيب النيل ,, قرأت نصفها وساكمل قراءتها قريبا ,,

    تقبل خالص تحياتي ,,

    ^_^
    في الانتظار

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter