السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا بالأعضاء الكرام : من خلال العنوان لا شك أن محور موضوعي يتركز على كلمة الجاسوسية ، هذه الكلمة كل واحد وله مفهوم يعرف به هذه الكلمة انطلاقا مما درسه أو سمعه . وربما هناك من يجهل حتما معاني هذه الكلمة ، لهذا يسرني أن أفيدكم أصدقائي الكرام بهذه الدراسة والبحث النفسي الذي قمتُ به لمحاولة تسليط الضوء على هذه الكلمة التي لا بد أن يطلع عليها أبناء جيلي .
أصدقائي الأعضاء : بعد أن أصبح علم النفس علما صارت له كغيره من العلوم تطبيقاته المختلفة وغزا ميادين متنوعة منها التعليم والجريمة والمرض والحرب . وبما أن موضوعي له صلة بالحرب فلا بد أن نلقي اطلالة سريعة عليها .
أصدقائي الكرام : لا بد لنا أن نلاحظ أن الحرب اليوم تنقسم إلى أنواع وكلها معترف بها ، فثمة حرب باردة وحرب ساخنة ( ان صح التعبير ) وثمة حرب نفسية وغير ذلك من أنواع الحروب التي أوجدها العلم . وطبعا تنوعت الأسلحة واختلفت باختلاف الحروب ومن بين الأسلحة التي أفادت الكثير من الحروب هي " الجاسوسية " .
اعلموا أصدقائي أن الجاسوسية سلاح قديم استخدمه المحاربون وأفادهم في كشف العدو والتعرف على مكامن قوته وضعفه ، والجاسوس كان دوما من أهم معالم الحرب ومظاهرها ، وهنا دعوني أتوقف عند الجاسوس نفسه ، وأطرح تساؤلات : من هو ؟ ما شخصيته ؟ كيف يصبح جاسوسا ؟ وسأحاول أن أشرح لكم أصدقائي الأعضاء هذه الأمور ببساطة قدر الإمكان . وانتبهوا أن هذه دراسة نفسية .
نستطيع أن نقسم الجواسيس إلى ثلاث فرق أو فئات :
*** الفئة الأولى فهي التي تتجسس لوطنها ، وأما الثانية فهي التي تتجسس عليه ، ثم هناك فئة الذين يحترفون التجسس حبا به أو سعيا وراء المال أو مطامع أو حبا للمغامرة .
ـ فالذي يتجسس لوطنه فهو محارب بطل اختار أن يخدم وطنه في هذا الميدان الخطر جدا بدلا من أن يختار خدمته في ميدان أسهل هو ميدان المحارب العادي .
ـ أما الذي يتجسس على وطنه فعلماء النفس يسموه انسان طماع منحرف جبان مصاب بالتثبيط ( درجات الإحباط ) .
ـ وأما الذي يتجسس للتجسس فهو انسان مغامر خائب مصاب أيضا بالتثبيط وقد يكون جبانا أو محبا للإنتقام .
ويجمع بين هذه الفئات قاسم مشترك وهو حب المغامرة والذكاء والميل إلى الغموض وغير ذلك من الصفات . وسأحاول الوقوف قليلا عند هذه الصفات .
*** حب المغامرة ضروري للجاسوس فهذا الأخير يُعرضُ نفسه لمخاطر شديدة أقلها التعذيب ، لهذا فصاحب هذه المهنة مغامر والفرق كل الفرق أن تكون المغامرة للوطن أو المغامرة لذاتها .
*** أما الذكاء فبدونه لن ينجح الجاسوس في مهمته ، بل ان ضرر الجاسوس الغبي أشد من نفعه . ومن هنا كان اعتقاد بعض العلماء بأن الذي يتجسس على وطنه وقومه هو غبي أكثر منه ذكيا ، ومن هنا أيضا كانت سهولة الايقاع به .
*** وأما القدرة على التخفي والتمثيل فلازمة لنجاح الجاسوس . فالجاسوس العاجز عن كتم انفعالاته واخفاء عواطفه وحسن التمثيل جاسوس خائب يسهُل كشفه .
أما الغموض والإنطوائية فصفات أصيلة في طبع الجاسوس وإن كان يحاول أحيانا الظهور بمظهر مخالف مثل الإنبساط والمرح .
وهنا يجدر بي التساؤل عن النوع الخاص من الجواسيس الذين يجعلون من الجاسوسية مهنة يبيعون من خلالها الأسرار لهؤلاء وأولئك ولا يفرقون بين جهة أو أخرى ، لا سيَما وأن في هؤلاء فريقا يكونون عميلا مزدوجا أي أنه يعمل مع فريق من المتحاربين وفي الوقت نفسه يعمل ضده . إنهم محترفون باردو العاطفة جامدو الأحاسيس خطرون لا يهمهم إلا المال وهم أخطر أنواع الجواسيس وأحطها .
هذا في حين أن الذين يتجسسون على أوطانهم هم منحرفون جبناء يجرون جريا لهذا العمل الخسيس إما باستغلال حاجاتهم وهو الأغلب أو باستغلال ضعفهم النفسي وانحرافهم .
وأخيرا فإن الذين يتجسسون لأوطانهم هم أشرف الجواسيس . إنهم شجعان وإن كانوا مغامرين ، فرسان وإن كانوا راجلين ، وطنيون وإن لبسوا زيا غير وطني ، إنهم صراحة محاربون ، وفي الحرب يجوز كل شيء على أن لا يتنافى مع المبادئ الأخلاقية والمثل الإنسانية .
ـ بقي أصدقائي أن أشير إلى كيفية تحضير الجاسوس العصري وتدريبه وكيف يستخدم علم النفس في ذلك كله ؟
*** يتطلب هذا الأمر شرحا طويلا ومعقدا وسأحاول أن أختصر بسرعة :
ـ إن من التدريبات التي يُدرّبها الجاسوس هي تمرينات الذاكرة اذ يتعلم كيفية حفظ الأسماء والأمكنة والوجوه والأشياء وغير ذلك .
وهناك أيضا التمييز أي يتعلم كيف يميزُ الوجوه والوثائق والظروف إلى غير ذلك .
والجاسوس يدرس نفسية الجماهير خاصة ونفسية الإنسان عامة ويتعلم كيف يبث الإشاعة وكيف يراوغ المحققين وكيف يتخفى .
والخلاصة فإن علم النفس الحديث يخدم اليوم تحضير الجواسيس كما يُستخدم في سبيل كشفهم ، والمهارة كل المهارة في إعداد الوسائل والمهارات التي تحارب جواسيس الأعداء .
أرجو أن تكونو قد استفدتم قليلا أصدقائي الأعضاء من طرحي المتواضع
المفضلات