اهلا بكم أعزائي القراء
حينما نقرأ قصة تتجلى فيها صور الظلم والقسوة والحرمان بكل معانيه بعضنا يشعر بالأسى ويظهر ذلك التأثر على ملامح وجهنا والبعض منا تدمع عيناه ..فلا يدري كيف يوقف هذه الدموع أويحبسها عن التدفق..
بل ولايدري أين يُخفي وجهه ويوليه عن الأنظار حتى لايرى الآخرون انكساره وتأثره ثم ضعفه في دموعه ..
كما الحال حين ترى طفلاً يتيماً يبكي بحرقة ويجوب الدار بحثاً عن والده
وعيناه تنظران نحوك و تسألانك قائلة : أين والدي .. ؟؟!!
ويتطلع إليك وإلى غيرك منتظراً أن تجيبه ولو بكلمة
لكن الكلمات تتوقف على لسانك فهو معقود عن النطق من شدة التأثر بهذه الصورة..
فتحاول..
في النهاية لا تستطيع أن تجيبه..
فتكتفي بالدمعة لتكون وسيلة كفيلة باخباره
فماهي قيمة الدموع في هذه اللحظة؟؟؟
هذا إن كانت لها قيمة لدينا نحن البشر..
فالبعض لايتأثر بموقف كهذا ولايهزه منظر مؤلم ولا دمعة يتيم..
حينما قرأت معلمتي قصة الخنساء وبكائها على أخيها صخر ..كانت تشرح القصة بتأثر شديد لا أعلم من أين جاءت بكل تلك الطاقة في التعبير ..وكأنها تريد القول : أن صورة بكاء الخنساء على أخيها كانت انسانية بقدر ماهي تاريخية ..لقد أثرت بي حقاً ..حتى تخيلت الموقف وكدت ُ أبكي
إن الكُّتاب أكثر الناس تأثراً وحساسية ..
بدليل كل كاتب يتأثر حين يذكر أبيات الخنساء
كذا المؤرخين
يتأثرون بكل الاحداث التاريخية المحزنة فتعلق في ذاكرتهم تلك القضايا والابيات الرثائية
ونحن....
ولكن من نحن؟؟؟
ومتى نتأثر..؟؟؟
أتعجب..حين يأخذنا الكبرياء فلا نبكي..
ونستخسر الدمعة..
في حين لو شعرنا بالظلم..
أو بالمرض لتأثرنا بحالنا..
وبكينا ..
فلم لا يبكي الظالم من ظلمه و هو يعلم بأن هناك من هو أقوى منه..؟؟؟
ولم لايتأثر بدمعة المظلوم وشقائه..؟؟
ولم لا يتأثر القاسي عند النظر إلى مشهد مبكي أو حين يعلم مدى ماعليه قلبه من قسوة؟؟
أم لماذا لايبكي الأبن بعد أن يفكر في أن يلقي بوالديه في دار للعجزة؟؟؟
أو أقلها لما لايتأثر حين يرى صمت والده وبكائه وهو يتركه في نهاية المطاف في ذاك المكان وبعد كل ذاك التعب في التربية..؟؟؟
ولما لا نتأثر حين نرى أطفالاً قساة يضربون حيواناً ويقومون بقدفه مثل الكرة بين أرجهلم ؟؟؟
ولما لا يتأثر الزوج القاسي عند ضربه لزوجته وتخويفه لأولاده بأقسى اشكال التعذيب وهو دمها الملقى ؟؟؟
يقال: إن من قسوة القلب ألا يتأثر قلبك أو تبكي عيناك بــإنسانية..عند النظر الى مشهد انساني مبكي يستحق درف الدموع..
وماالصور والمشاهد التي نراها ونسمع عنها في حياتنا اليومية وتمر أمام أعيننا والتي تعبر عن الألم والجوع و الفقر والظلم والعصيان والموت إختبار لهذه القلوب..؟؟ وإلى أي درجة هي قاسية أم رحيمة..؟؟؟
هل من العيب أن تدمع عيناك عندما تقرأ قصة واقعية أو تاريخية حزينة ؟؟؟أو أقلها أن تتأثر بمشاهدها..؟؟؟
هل تخجل أن يراك الآخرون متأثراً ..تبكي لموقف إنساني..أم إن البكاء هو سمة النساء ..أو انه دليل ضعف..؟؟؟
قال عز وجل في محكم كتابه: ( وإنه هو أضحك وأبكى)43 النجم
وقال عز وجل من باب الوعيد لأهل المعاصي:
( أفمن هذا الحديث تعجبون -59-وتضحكون ولا تبكون – 60- ) النجم
ومدح القرآن البكائين من معرفة الله وخشيته فقال: ( ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا)109 الإسراء
وقال الكتّاب وأهل العلم والدين بأن البكاء فطرة إنسانية ومظهر من مظاهر انفعال وتأثر النفس البشرية..بل هو دليل على إن هذا الإنسان يمتلك صفة الرحمة
فدموعه وتأثره أمر لايقاس بثمن..
وصور التأثر والبكاء في الحياة كثيرة:
انظر هنا تأثير الكلمات..
فهناك من قرأ الآية القرآنية التالية وفهم معناها وما تقصد.. في قوله تعالى
( كلا إذا بلغت التراقى -26- وقيل من راق -27- وظن أنه الفراق -28- والتفت الساق بالساق -29- إلى ربك يومئذٍ المساق -30- )
فأخذ يتصور هول المشهد ، مشهد يوم القيامة ،فتأثر ولم يستطع أن يكمل قراة السورة ثم أخذ يبكي ويبكي ولا يدري كيف يوقف جريان تلك الدموع..
وذلك رأى أطفال مجزرين من لاذنب لهم ولا جرم فتأثر وبكى وكأنه قد فقد عزيز بينهم..فلم يعلم كيف يكفكف دموعه
وذاك مؤرخ تاريخي كالعقاد قرأ قصة الطفلة المأسورة التي طلبت من الظالم ان ترى أباها ..فجعلها ترى رأسه، مقطوع فأخذت تبكي لتسقط في النهاية مغشياً عليها لتموت..
فتأثر تأثراً كبيراً وبكى
حتى الأنبياء يبكون ..
فهذا يعقوب نبي الله عليه السلام قد بكى على إبنه يوسف حتى إبيضت عيناه ..
فهل من العيب أن نتأثر و نبكي..؟
ومتى نبكي؟
ومتى نتأثر..؟
وما أكثر قصة أثرت فيك أو دفعتك للبكاء ..؟
وهل للتأثر والبكاء دور في تغيير الإنسان..؟
المفضلات