تعتبر السنة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، من أجل ذلك اهتمَّ الصحابة بنقل السنة النبوية، واهتمت الأمة بعدهم بذلك النقل حتى أنشأوا علوما خاصة بها تمحورت حول الحديث النبوي وتوثيقه كعلم مصطلح الحديث، وعلم الجرح والتعديل وعلم الرجال..
1 - السنة النبوية في عهد الرسالة
2 - السنة النبوية في عهد الصحابة
3 - تدوين السنة في عهد التابعين
4 - تدوين السنة في القرن الثاني الهجري
5 - تدوين السنة في القرن الثالث الهجري
6 - السنة من القرن الرابع إلى أوائل القرن السابع
7 - السنة النبوية من القرن السابع إلى القرن العاشر
8 - السنة النبوية بعد القرن العاشر إلى عصرنا الحالي
1 - السنة النبوية في عهد الرسالة
لم تكن السنة في العهد النبوي جميعها مدونة تدويناً رسمياً، ولم يأمر النبي- صلى الله عليه وسلم- أصحابه بذلك؛ لأن الظروف آنذاك لم تدع إلى ذلك. وقد ذكر العلماء أسباباً عديدة لعدم تدوين السنة في العهد النبوي ومن ذلك:
*- أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نُهوا عن الكتابة خشية أن يختلط شيء من ذلك بالقرآن الكريم. أمّا رواية الحديث ونشره فقد أمر بها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمراً صريحاً ومكرّراً..
*- ومنها سعة حفظهم وقوة ذاكرتهم فاستغنوا بذلك عن الكتابة..
*- كما أن أكثر الصحابة لم يكونوا يعرفون الكتابة ابتداء..
*- إضافة إلى أن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة أصلاً..
كل ذلك وغيره - مما أسهب العلماء في توضيحه- كان من أسرار عدم تدوين السنة في العهد النبوي. ضمن هذا الإطار يمكن أن نفهم النهي عن الكتابة في الحديث الوارد في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري عندما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه.."(1).
ولكن هذا النهي النبوي لا يعني بأي حال من الأحوال أن السنة لم يدون منها شيء في العهد النبوي، إذ وردت آثار صحيحة تدل على أنه قد وقع كتابة شيء من السنة في العصر النبوي على المستوى الفردي. فعن أبي هريرة (ض) قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا مني إلا ما كان من ابن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" (2) وعن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "اكتبوا لأبي شاة" وذلك لما سمع أبو شاه الخطبة التي ألقاها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فقال أبو شاه اكتبوا لي يا رسول الله"(3) .
كما ثبت أن بعض الصحابة كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص التي كان يسميها بالصادقة، وكانت عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها أحكام الدية وفكاك الأسير. كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كتب لبعض أمرائه وعمَّاله كتبًا حددَّ لهم فيها الأنصبة ومقادير الزكاة والجزية والديات، إلى غير ذلك من القضايا المتعددة التي تدل على وقوع الكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام.
2 - السنة النبوية في عهد الصحابة
توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والسنة لم تدون تدويناً كاملاً كما دون القرآن، وذلك سدا لذريعة أن يتخذها الناس مصاحف يضاهون بها صحف القرآن. وكان عمر أول الأمر قد فكر في جمع السنة فاستفتى أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: " إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني- والله - لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً".
واقتفى الخلفاء سنة عمر رضي الله عنه، فلم يعرف عنهم أنهم دونوا السنن أو أمروا الناس بذلك. وإنما بلغوا الحديث النبوي عن طريق الرواية مما سمعوه وحفظوه من النبي عليه السلام مباشرة. وكان ممن تلقى الرواية عن الصحابة التابعون. ومن أهم القوانين والقواعد التي التزم بها الصحابة في رواية الحديث:
أ ولاً: تقليل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خشية أن تزل أقدام المكثرين بسبب الخطأ أو النسيان..
ثانيًا: التثبت في الرواية عند أخذها وعند أدائها..
ثالثًا: نقد الروايات وذلك بعرضها على النصوص والقواعد الشرعية ، فإن وجد مخالفًا لشيء منها تركوا العمل به.. (4)
وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يُدَوَّن من السنة إلا القليل، حتى جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز فأمر بجمع الحديث لأسباب اقتضت ذلك وأمور استجدت في الدولة الإسلامية..
يتبع.......
المفضلات