السلام عليكم ورحمة الله و بركاته......
هذه القصة منقولة من منتدى ثاني ....الكاتب : العضو ( lionheart01 )
تعويضاً عما فاتني , سأضع لكم هذه الملحمة الطويلة
ملحمة تقع أحداثها على أرض و في فضاء الخيال
معارك و أحداث تحبس الأنفاس
أبطال يعيشون لحظات غنية بكل ما هو مفاجئ
أتمنى أن تعيشوا معي هذه الملحمة كما عشت أنا في كتابتها
===============
سأحكي لكم قصة غريبة
قد لا تكون كذلك بالنسبة لكم
و لكنها كذلك بالنسبة لي
قصة عجيبة
قصتي
أحداثها غيرت مجرى حياتي
بدلت معالم مصيري
كلما أتذكر تلك الأحداث و المواقف , يقشعر بدني
تلتهب أنفاسي
أحس بخوف مبهم
كأنها ستعود مرة أخرى
أرى فضول بعضكم قد أشتعل
و لا أرى الفضول في أعين الآخرين
لا يهم
فليستمع المهتمين بمشاهد قصتي
في معمل الحياة
+=+=+=+=+=+=+=+=+=+
" لقد ارتفع الضغط إلى4500 PSI ( رطل لكل بوصة مربعة)
يمكنك فتح الصمام "
تلقى ساري هذه الكلمات من جهاز الاتصال في مقصورة القيادة
فأجاب : سأفتحه بمقدار ضئيل .
أتاه صوت محدثه يقول : تأكد من أنك ستفعل ذلك
لا نريد مصيبة كالتي تسببت بحدوثها في السابق .
ضحك الشاب ذو الخمس و عشرون عاماً بمرح
ثم قال : لا تقلقي يا كايدي
فلست أهوى جمع المذكرات
فملفي يكاد ينفجر بسببها .
أمسك بمقبضي القيادة و ضغط على الدواستين تحت قدميه
فتحرك الرجل الآلي الذي يقوده ببطء
تقدم نحو صمام كبير و أمسكه بيديه المعدنيتين
ثم أداره بعكس اتجاه عقارب الساعة
فبدأت مجساته السمعية بالتقاط صوت عبور الغاز في الصمام
قالت كايدي : توقف يا ساري
و لا تتحرك من مكانك .
قال الشاب : ماذا الآن ؟
يمكنني الاستمرار ماذا بك الآن ؟
قالت الفتاة بصوت متوتر : أرى تغيراً غريباً في خزان الزيت
فالضغط ينخفض بسرعة لا معنى لها
هل تأكدت من أوضاع جميع الصمامات ؟
قال الشاب بضيق لقد فعلت للمرة الألف
كل صمامات التصريف مغلقة
ما عدى الصمام الرئيسي .
قالت الفتاة : و ماذا أرى أمامي ؟
الضغط ينخفض بسرعة
ابحث حول الخزان
قد تجد مصدر تسرب الضغط .
قال الشاب بغضب : هذا المعمل اللعين سيقتلني .
قالت الفتاة : لا وقت للتذمر
و إلا سيصبح كل ما فعلناه بلا طائل .
ترك الشاب الصمام و تراجع
ثم استدار ليعدل وضع الآلي
تحرك بعد ذلك حول الخزان الهائل ببطء و عينيه تمسحان الصمامات الخارجة منه
سار حتى عاد إلى الصمام العلوي ذاته
فقال بتوتر : لا أرى شيئاً يا كايدي .
قالت الفتاة بصوت هادئ : أخيراً تحركت .
قال : ما الذي تعنيه ؟
قالت الفتاة و كأنها تكتم ضحكاتها : كم أنت غبي .
قال الشاب بغضب : لا أحب المزاح السخيف هذا
أنا أعمل في الخارج هنا , و أنت تستخفين بذلك
يكفي أنني أكاد أموت بسبب الحرارة الرهيبة داخل المقصورة
أريد أن أعود بسرعة .
أخرجت الفتاة ضحكة قصيرة , ثم قالت : لا تغضب هكذا
سنخرجك من ذلك المكان
افتح الصمام ببطء حتى النهاية
ثم عد إلينا .
قال ساري و هو يمسك بالصمام : أنت سخيفة في كثير من الأحيان يا كايدي .
قالت الفتاة : لا تقل هذا
فلولا معزتك الخاصة لما تجرأت بالمزاح معك .
رسم على شفتيه ابتسامة بسيطة و قال : ها قد عدنا إلى عاطفتك الغير مقنعة .
ضحكت الفتاة و قالت : أنت متحجر القلب .
انتهى من فتح الصمام و ترك المكان
تقدم نحو مبنى التحكم الضخم بين أنابيب الزيت و الغاز
دخل المبنى عبر البوابة الكبيرة التي أغلقت خلفه
ثم توجه نحو منصة مخصصة للآلي الذي تميز بلونه الشاحب
خلع ساري خوذته و تركها على لوحة المفاتيح
ثم غادر المقصورة من الأعلى
قفز بعد ذلك من الآلي الذي لا يتجاوز ارتفاعه الستة أمتار بعد انحنائه
أقترب منه أحد عمال الصيانة و قال : حمداً لله على سلامتك .
قال الشاب : هذه الشركة ستتسبب في مقتلي .
قال الرجل : لماذا ؟
ألست تقبض في نهاية كل شهر راتباً و قدره , بالإضافة إلى بدل الخطر الذي يمثل ثلاثون بالمائة من راتبك ؟
ألست تقبض في نهاية كل سنة بدل السكن الذي يبلغ أربعة رواتب ؟
هل أتابع ؟
قال الشاب بعصبية : لا أنكر هذا
و لكن أنظر إلى هذه الخردة .
نطق بهذه العبارة و هو يشير إلى الآلي
ثم تابع : هذا الشيء يعمل منذ أكثر من ثلاثين عاماً
يجب أن يستبدلون بشيء حديث
الآليين الجدد يغزون المعامل في جميع أنحاء العالم
أما نحن , أكبر شركة إنتاج بترول في العالم , نفضل استخدام الخردة
و ذلك حتى لا تخسر الشركة بضعة مئات الآلاف من أجل سلامة موظفيها
أرباحنا تتجاوز المليارات في الشهر الواحد
ما الذي يمكنهم أن يخسروه لو أنهم أحضروا لنا آلات جديدة ؟
سيصبح العمل أكثر سهولة و سرعة .
قال الرجل و هو يشير له بيديه : هون عليك يا رجل
هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه الآلة .
قال الشاب و هو يمرر أصابعه في شعره الناعم : إنني أمر بمرحلة صعبة يا صديقي
أم سالم تطلب ما لا يمكنني تلبيته من حاجيات
لست ألومها
فالمعيشة تزداد غلاءً
و الحياة أصبحت صعبة بمرتباتنا
من كان يظن أن المشغلين كانوا يستلمون ربع ما نستلمه في الماضي .
قال العامل : كان ذلك عندما كانت المعيشة أبسط يا ساري .
قال الأخير : غريب أمر هذه الحياة
فكلما أعطتنا , أخذت منا .
قال الرجل : الدنيا أخذ و عطاء .
قال الشاب و هو ينتزع قفازيه : هذا ما يبدو .
ثم بدأ يبتعد
فقال الرجل : سأعمل على تزويده بالزيوت اللازمة .
قال ساري : سأكون لك من الشاكرين .
توجه نحو مجموعة من السلالم صعدها حتى وصل إلى الدور الثالث
سار في الممر المليء بالأبواب حتى وصل باب في نهايته
عبره إلى قاعة التحكم المليئة بشاشات الحواسيب الخاصة بالتحكم
التفتت إليه فتاة شقراء
فقال الشاب بعصبية : أخبرتك من قبل أنني لا أحب هذا المزاح .
قالت الفتاة ضحكة قصيرة : هون عليك يا رجل
لم يكن الأمر بهذا السوء .
قال الشاب : أنت تعلمين أن ذلك الآلي الحقير كالفرن من الداخل
هل تستمتعين بتعذيبي
قالت : بالطبع لا .
مسح العرق عن جبينه و قال بعد أن هدأ : أرجوك يا كايدي
لا تكرري هذا .
قالت : لن أعدك .
توجه إليها و قال : أين حسان و ياسر ؟
قالت الفتاة : لقد أرسلتهم لتفحص المضخة رقم 13
سيعودون بعد قليل
جلس الشاب على كرسي بجوارها و قال : ماذا حدث بشأن العشاء ؟
إنها السابعة و النصف .
قالت الفتاة : سلمى تحضره
أعتقد أنها على وشك الانتهاء .
أسند ساري رأسه على مسند الظهر و قال : أنا متعب .
قالت الفتاة و هي تلتفت إلى إحدى شاشات التحكم : لم أعرفك كثير التذمر .
قال الشاب : لأنني متعب بالفعل .
قالت الفتاة : من ماذا ؟
قال : من كل شيء
أحوالي لا تسير كما يجب
أشعر و كأن نهايتي ستكون الانتحار .
قالت و هي تلتفت إليه بقلق : يا إلهي
لهذه الدرجة ؟
قال : نعم
أشعر و كأن دوري في هذه الحياة قد انتهى
لا أعرف ماذا أفعل ؟
قالت الفتاة : لا أعتقد أن دورك قد انتهى
فلديك سالم الصغير لترعاه .
قال : أنت تعرفين أن أخواله يرفضون فكرة رؤيته
كل ما يريدونه مني هو أن أصرف عليه .
قالت الفتاة بضيق : يا لها من وقاحة .
قال الشاب : أستحق هذا
فأنا من طلقها .
قالت الفتاة : أنت تستحق بالفعل .
" يبدو أنك عدت "
التفت الاثنين إلى مصدر الكلمات ليريا فتاة بشعر بني تقترب منهما
فقال ساري : ماذا حدث للعشاء
قالت الفتاة بصوت خافت و هي تتجنب النظر إلى عينيه : سيكون جاهزاً بعد خمس دقائق .
قالت كايدي بمرح : يبدو أنها لم تتخلص من عاداتها بعد
أنظر إليها متوردة الوجنتين .
خفضت الفتاة عينيها و قالت بارتباك : توقفي يا كايدي .
ثم التفتت إلى الشاب و قالت بقلق : هل أنت بخير ؟
تبدو مجهداً .
قال ساري : أبدو كذلك بفضل هذه الحمقاء هنا .
قالت كايدي : أنت مدلل .
قال الشاب : أنت لم تجربي قيادة إحدى تلك الآلات
و لكن عندما تفعلين , أطلعيني على مشاعرك .
قالت سلمى : لقد فعلت ذلك من قبل
كانت تجربة لا أريد تكرارها .
قال ساري من حسن حظكن أنتن الفتيات , أن عملكن يقتصر على التحكم .
قالت كايدي : أنت لم تجرب الجلوس على هذا المقعد لاثنتي عشر ساعة متواصلة .
قال الشاب و هو ينهض : لا مجال للمقارنة بين عملي و عملك
سأذهب لفحص بريدي الإلكتروني .
لاحقته الفتاتين و هو يبتعد
قالت سلمى بعد ذلك : ما به ؟
قالت كايدي : أنت تعلمين ما به
ينفق كل ما يملك على الفتاة التي طلقها من أجل سالم ابنه .
قالت سلمى : حياته صعبة .
قالت كايدي و هي تبتسم بأسف : أتعلمين بماذا أفكر عندما أنظر إليه ؟
قالت سلمى بماذا ؟
أجابت : بالجوع .
عقدت سلمى حاجبيها و قالت : أنا الحمقاء التي وقفت هنا للاستماع إليك .
أستقر ساري على مقعد أمام شاشة الحاسوب
فتح بريده الإلكتروني
فوجد ثلاثة رسائل
اثنتين كانتا من رئيس الشركة
يهنئهم في الأولى بحسن سير العمل
و الثانية كانت من أجل حثهم على التطور
قال بسخرية : أنت لم تعمل هنا أيها الأرعن .
خفض عينيه إلى الرسالة الثالثة ليراها باسم شقيق زوجته
عقد حاجبيه و قال بضيق : ماذا يريد الآن ؟
فتح الرسالة و قرأ فيها ....
( السلام عليكم
كيف أحوالك يا ساري ؟
أتمنى أن تكون بخير
سالم بخير و هو مشتاق إليك
و يتمنى رؤيتك في أقرب وقت
حاول زيارته عندما تأتي إلى المدينة
أعرف أن ذلك لن يتم إلا الشهر القادم
و لكن تذكر
كما أريدك أن تتذكر أنه قد حان وقت تسديد مصاريف المدرسة
و كذلك مصاريف إيجار البيت و السيارة
لا تتأخر في تحويل المال
أراك لاحقاً )
حرك ساري الفارة ليضع المؤشر على أيقونة الحذف
ثم ضغط الزر الأيمن
و قال بعد ذلك : أيها المنافق .
أغلق الحاسوب و نهض عن كرسيه
توجه نحو حجرة الاستراحة و استرخى على أحد المقاعد
بدأ بمشاهدة ما تعرضه شاشة التلفاز
و قرأ في شريط الأخبار : ازدياد عدد ضحايا المعركة بين قوات التحالف الأطلسي و قوات المجهولين
قال : حرب على مدار السنة
يا له من عالم .
أعاد رأسه إلى الوراء و أغمض عينيه
ثم قال : سأنام لبعض الوقت .
أغمض عينيه ....... ثم فتحهما
و فعل ذلك بسبب الانفجار المروع الذي هز المبنى من أساساته
+=+=+=+=+=+=+=+=+
خلص الفصل الاول وانتظر رايكم في القصة
المفضلات