بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد،
وعلى آله وصحبه أجمعين.
محاضرة بعنوان(وسائل الثبات على دين الله )
للشيخ\سعيد بن مسفر
لقد انتشر بين المجتمعات الاسلامية ظاهرة خطيرة الا وهي (ظاهرة التذبذب في دين الله وعدم الثبات )
ما معنى ذلك يا ترى ؟
إن ظاهرة التذبذب وعدم الثبات والاستقرار عند حد معين من الالتزام بالدين،
والبقاء في صعود وهبوط، وفي ارتفاع وانخفاض، وفي مد وجزر،
ظاهرةٌ ملاحَظَةٌ في هذا الزمان،
إذْ نرى البعض من الناس يهتدي وتُلاحَظ عليه علامات الهداية من حرصه على الفرائض،
وتمسكه بالسنة، وابتعاده عن قرناء السوء،
وعن مقارفة الآثام، ثم ما يلبث أن تمر عليه فترة طالت أو قصُرت حتى يبرد في إيمانه،
وينهزم في استقامته، ويعود إلى ما كان عليه،
بل يعود بعضهم إلى أسوأ مما كان عليه.
هذه الظاهرة هي ظاهرة مَرَضية، وهي خطيرة جداً، ينبغي للإنسان أن يحذرها، وأن يتجنب الوقوع فيها لعدة أسباب: ......
السبب الاول:
تعلق ظاهرة التذبذب بحسن الخاتمة
فإن الإنسان لا يدري متى يموت، وقد يهتدي ويلتزم ثم ينهزم، فيموت في ساعة الانهزام، قد يعيش طول حياته متمسكاً بطاعة الله، ثم في لحظة من لحظات السيطرة النفسية والغلبة الشيطانية يرجع -والعياذ بالله- فتأتيه مَنِيَّته في هذه اللحظة فيُخْتم له بسوء الخاتمة فيخسر دنياه وآخرته، وهذه خطيرة جداً،
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة).
يقول فيه عليه الصلاة والسلام: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذارع، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) وفي روايات كثيرة: (فيسبق عليه الكتاب) وفي رواية: (فيما يظهر للناس)
. هذا الحديث فيه حث وتحفيز شديد من النبي صلى الله عليه وسلم لمن يعمل بعمل أهل الجنة أن يتمسك، وأن يثبت عليه حتى يموت، إذ ربما تركه وعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، ولا ينتفع بما عمل من عمل صالح طول حياته. وفيه حث لمن يعمل بعمل أهل النار، أن يسارع في التوبة والرجوع إلى الله عز وجل؛ إذْ ربما يتوب هذه اللحظة ويرجع إلى الله في هذه الساعة، فيموت بعد أن عمل بعمل أهل الجنة، فيدخل الجنة. هذا هو المفهوم الصحيح لهذا الحديث.
السبب الثاني:
تعلق ظاهرة التذبذب بالقلوب التي هي ميدان السباق
والقلوب أمرها بيد الله، وهي حساسة وكثيرة التأثُّر، وسريعة التغيُّر، بحسب العوامل والمؤثرات التي ترد عليها.
وما سُمِّي الإنسـانُ إلا لنسيهِ ولا القلبُ إلا أنه يتقلبُ
فالقلب ينتابه حالات كثيرة جداً من التغيرات، فالإنسان الميدان الحقيقي وحَلَبة الصراع هي داخل قلبه وليس شيئاً مادياً ينفقه.
فلو كانت القضية معلقة بالعين لكان في إمكان الإنسان أن يغمضها،
أو في اليد لكان في إمكانه أن يكفها،
أو في الأذن لكان في إمكانه أن يحفظها،
أو في الرِّجل، أو في أي جارحة،
لكن القضية في القلب، والقلب كيف تدخل عليه؟
صعب، فالقضية معلقة بالقلب؛
ولصعوبة الأمر ولأن الجوارح كلها تنطلق بتصرفاتها من توجيهات القلب -إما بالإيجاب أو بالسلب وإما بالخير أو بالشر- كان من الضروريات أن تحرص باستمرار على ثبات قلبك على دين الله.
فمتى ثبت القلب على الدين ثبتت كل الجوارح،
ومتى انصرف القلب وزاغ عن الدين انصرفت كل الجوارح؛
لأنها تابعة له وهو الموجه والمسيِّر لها، إما بالحسن أو بالسيئ.
السبب الثالث:
كثرة الثقافات والأفكار الغربية الهدامة
أننا نعيش في زمن زالت فيه الحواجز بين الأمم وبين الشعوب واختلطت الثقافات، وأصبح العالم مكشوفاً كأنه في غرفة أو في شاشة، يستطيع الإنسان وهو في غرفته وعلى سرير نومه أن يجول ويصول حول العالم،
فأصبح الإنسان الآن بين مؤثرات متعددة متناقضة ومتضاربة ومتصارعة، مما يجعل مهمة الثبات عنده صعبة جداً.
كان الناس في الماضي الأثر فقط للأم والأب، وللإمام في المسجد، والمدرس في المدرسة، والزميل في الشارع، بل بعضهم يحيا ويموت وهو لا يعرف القرية المجاورة له،
وهذا تحقيقٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان -أي: في آخر الزمان- يصبح الرجل من أمتي مؤمناً، ويمسي كافراً، ويصبح كافراً، ويمسي مؤمناً)
أي: يسهل عملية تغيير العقائد؛
لأن العقائد ليست ملابس تغيرها، وليست بدلة، ولا زِي، وإنما العقيدة شيء تعقِّد القلب عليه،
ولا يمكن أن تبدله،
ولكن مع المؤثرات القوية والخلخلة الإيمانية التي تحصل في قلوب الناس يحصل التساهل؛ حتى ينقلب المسلم كافراً، والكافر مسلماً بجلسة واحدة.
والان ماهي الوسيلة للثبات على الدين ؟
المفضلات