كيفكم يا اعضاء ان شاء الله بخير
اقدم لكم قصتي
<<<<<ســــــــ التاكسي ـــائق>>>>>
كانت الحادثة الاولى محض صدفة. فقد لمحت الطفل في منتصف الشارع كأنه انبثق من باطن الارض فجأة... و كنت مسرعا، فاصطدم هو بمقدمة السارة و انقذف بعيدا بشدة و حدة، طار أولا باتجاه الاشجار النائمة على جانبي الطريق، ثم سقط على الارض مهشما نازفا ميتا.
تجمع الناس حوله و حولي، بدا علي قلق و حزن شديدان، اظهرت تالما و ذهولا و اسفا و ذرفت دموعا ساخنة و حوقلت وولولت و طأطأت راسي مثلما فعل اغلب الناس المحتشدين للتفرج على الحادثة. كان كلام الناس مضاربا موزعا ما بين متهم اياني بالرعونة و اللامبالاة و بين متهم الطفل بالتسكع و عدم الانتباه و انعدام التربية
قال واحد:
السائقون مجرمون، يظنون انهم يقودون طائرات في الشوارع المكتظة، لا مسؤولية و لا ضمير.
ثم قال اخر:
الاولاد يتسببون في الحوادث، يتركون الارصفة و يلعبون في طريق السيارات، لا اهل لهم و لا تربية و لا انتباه، و بعد ذلك تقع المسؤولية على السائقين المساكين الذين يطاردون لقمة الخبز.
ثم علق اخر:
التساهل في عقاب مرتبكي الحوادث يزيد من وقوعها، لا بد من تشديد العقاب لردع المجرمين المستهترين.
و ارتفع صوت:
اولاد حرام .. يرمون بانفسهم على السيارات فيورطون و يتورطون.
و جاء رجال الشرطة، اخذت للتحقيق بينما نقلت جثة الطفل للمستشفى، رثى والد الطفل و اهله حالي الحزينة و قالوا باستسلام: هذا قضاء الله و قدره، ليس بيننا و بين السائق من عداوة لنعاديه، لا بد ان ابننا هو المخطئ و لا بد انه فاجأ السائق في الطريق المخصص للسيارات.
ثم حدث صلح عشائري و ارضيت الخواطر و عدت الحادثة قضاء و قدرا و طوي ملف القضية.
اما الحادثة الثانية فهي ان بدت مصادفة أيضا لم تكن تخلو من رغبة كامنه في النفس في اعادة التجربة. فقد كان الامر سهلا في اول الامر، و لا بد انه اسهل في اخره. و في هذه المرة عجنت امراه مسنة كانت تعبر الشارع ببطء و تثاقل و فارقت الحياة على الفور، ثم دافع عني المدافعون و تغاضى عني المتغاضون و مرة اخرى سجلت القضية قضاء و قدرا.
بعد ذلك ما عدت اسال او اكترث بالحوادث، كنت اقود سيارتي طائرا من شارع الى شارع و من محطة الى محطة سواء كانت الطرق خالية ام مكتظة، لا فرق. و راح الناس ينفضون من طريقي و يهربون اذا لمحوا سيارتي قادمة من بعيد و هم يضربون كفا بكف و يرسمون علامات الدهشة و الخوف و العجز بايديهم و شفاههم و رؤوسهم.
و كانت الحادثة الثالثة استهتارا او استفزازا او تحديا او جريمة، فقد قصدت قصدا التخلص من سائق ينافسني في العمل و القيادة باستمرار. انتهزت فرصه تعطل سيارته في الشارع الرئيسي و هجمت عليه كقذيفة حاقدة و كان يطلب المساعدة من السيارات المارة الى جانب سيارته فمزقت جسده و طار من شدة الصدمة عشرات الامتار بعيدا عن سيارته و سيارتي.
و لما اعلنت براءتي كما هو متوقع استمرأت اللعبة و سرت في الشوط الى اخره ابطش بمن يعاندني و افتك كل من يقف في طريقي و ادوس على من يرفع عينيه بعيني و اسحق بعجلاتي المتورمة كل من يخالف هواي او يعكر مزاجي او يقف عقبة في طريق ما اريد، اي شئ اريد.
كانت جثث كثيرة تتساقط في الشوارع دامية مكسرة معجنة ممزقة، و كان الناس يفرون من طريقي و يحاولون النجاة بارواحهم من شري و شر سيارتي المميتة. كان بعضهم يسترضيني و يستعطفني سرا و علانية لاتجنب سحقهم او اسحق ابناءهم او تدمير بيوتهم او مزروعاتهم. و كان آخرون قد رحلوا الى مدن و قرى مجاورة او هاجروا بعيدا بلا عودة تجنبا للموت و بحثا عن السلامة و الامان.
و طلبت دوائر السير و المرور من المواطنين ضرورة التقيد بقوانين المشاة و تجنب السير في طريق السيارات حفاظا على السلامة العامة، و انها لن ترحم كل من يخالف التعليمات. كما طلب اولو الامر، الاباء و الامهات و الاجداد و الاخوال و الاعمام، من ابناءهم و بناتهم و ذويهم ان يلتزموا النظام و يتحملوا المسؤولية و يكفوا عن الاستهتار و العبث في الطرقات العامة حفاظا على ارواحهم.
لكني، و قد اخذتني العزة بالقوة، و القوه بالبطش و البطش بالقتل و القتل بالقتل، لم اترك رصيفا او سوقا او مسجدا او طريقا او مدرسة او مزرعه او برا او بحرا دون ان ابلله بدماء من فيه. أعجن هذا و اصدم ذاك. ادوس على عظام النائمين و الشائرين و الجالسين و البائعين و الشارين و الساكتين و الصارخين استند على حائط براءتي و هلع الاخرين و قوانين المرور
في الختام ارجو ان تعجبكم القصه و ردودكم تسعدنا
المفضلات